وزير الخارجية البريطاني: الأصولية ليست حكراً على الإسلام وموجودة بكل الأديان

ت + ت - الحجم الطبيعي

الاحد 21 شعبان 1423 هـ الموافق 27 أكتوبر 2002 أكد جاك سترو وزير الخارجية البريطانية، ان ظاهرة الأصولية والتشدد ليست حكراً فقط على الدين الإسلامي، بل هي موجودة في اليهودية والمسيحية والبوذية والسيخ. وأوضح سترو فى مقال نشرته مجلة «بروسبكت» الشهرية البريطانية فى عددها الصادر امس السبت ان هناك تناميا فى ظاهرة الاصولية اليهودية المتشددة وهناك جماعات يهودية يرفض بعضها الاعتراف بدولة اسرائيل ويصر بعضها الاخر على الاستمرار فى بناء المستعمرات على اراضى الضفة الغربية ويرفض أية حلول وسط مع الفلسطينيين. ووصف بزوغ هذه الاصولية اليهودية فى السياسة الاسرائيلية بأنه يعطل السعى باتجاه التسوية السلمية بين الاسرائيليين والفلسطينيين. وقال ان الاصولية موجودة أيضا فى المجتمع الأميركى وخصوصا فى مناطق الجنوب حيث يستمر الاصوليون فى نشر الدارونية وهم كما يؤكد الكثيرون مارسوا تأثيرات على السياسة الأميركية حيث نجحوا فى بعض الولايات فى تأييد نظرية النشوء والارتقاء فى المدارس الأميركية. وأضاف ان الاصولية موجودة أيضا فى البوذية حيث نجح بعضهم فى توجيهها فى اتجاهات اخرى رغم قيام مجموعة من الضباط اليابانيين فى السيطرة على مقدرات السياسة اليابانية فى الثلاثينات من القرن العشرين وقادوا اليابان الى انتهاج سياسة توسعية مدمرة كانت ذروتها الحرب العالمية الثانية التى انتهت فى هيروشيما وناجازاكى عام 1945. وأشار الى انه فى السنوات الاخيرة قام قادة بوذيون فى سريلانكا بالتصدى العسكرى للانفصاليين التاميل مما ساهم فى تعقيد تسوية الحرب الاهلية فى تلك الجزيرة فى جنوب أسيا والتى مزقتها الحرب منذ العام 1983. وأوضح سترو ان المتطرفين السيخ فى الهند استولوا على المعبد الذهبى فى أمريتسار فى اوائل الثمانينيات وعندما أرسلت رئيسة وزراء الهند أنذاك أنديرا غاندى الجيش للسيطرة على الموقف قاموا بتدبير عملية اغتيالها انتقاما من هذا العمل، وفى الهند أيضا قام الاصوليون الهندوس عام 1992 بهدم المسجد البابرى فى أييدهويا مما ساهم فى اندلاع أعمال عنف طائفى راح ضحيتها المئات من الارواح، ولاتزال الهند تعانى من أثار انتشار تلك الروح الطائفية والعرقية بسبب الاصوليين.. مشيرا الى أن الفترة الاخيرة شهدت عمليات عنف بشعة فى اقليم غوغارات الهندى أشعلها الاصوليون وقام رئيس الوزراء الهندى اتال بيهارى فاجبايي بادانة تلك الاعمال بقوة. وتساءل وزير الخارجية البريطانى جاك سترو عن العلاقة التى يمكن ان تقوم المجتمعات الديمقراطية باقامتها مع الاصولية وهل تمثل الاصولية فى حد ذاتها خطرا على النظم الديمقراطية. وقال ان الاجابة على هذا السؤال تبدو متناقضة، فالأصولية تمثل بالفعل خطرا على النظم الديمقراطية ولكن الديمقراطية فى ذات الوقت هى الملجأ الاخير ضد انتشار الاصولية. وأوضح ان تدعيم النظم الديمقراطية فى الهند وسريلانكا حتى فى ظل اشتداد ازمات الصراع المدنى ساهم فى تحجيم ومحاصرة تزايد التطرف الدينى وعدم التسامح الذى يمثل السمة الاساسية التى تميز الاصولية فى تلك الدول وبالمثل فان تدعيم الديمقراطية فى بلدان اسلامية مثل تركيا وماليزيا جعل تأثير الاصولية على السياسة محدودا للغاية. وعلى النقيض فان الديمقراطية التى لم تستطع غرس جذورها فى بعض مجتمعات العالم الاسلامى ساهم فى انتشار الاصولية. واضاف ان الاسلام الصحيح يمثل قوة دفع روحية تقدمية وتدعو للمساواة بين البشر والكثير من المباديء الاساسية للدين الاسلامى ترفض مفهوم الهيراركية الدينية وتجعل العلاقة مباشرة بين المسلم وربه كما ان الرسول محمد عليه الصلاة والسلام أدار المجتمع المسلم الاول باستخدام الشورى بحيث كان الاسلام قبل قرون قد سبق المجتمعات الغربية فى اعطاء الحقوق المدنية للفرد مثل الحق فى الطلاق للنساء. وقال وزير الخارجية البريطانى انه بناء على ذلك فانه يعتبر ان الاسلام لا يوجد فيه ما يتناقض مع الديمقراطية، ومن الناحية التاريخية فقد احترم الاسلام التعددية والحريات الدينية واستطاع الانتشار فى الغرب وفى اوروبا نتيجة لهذا التسامح واحترام حريات الآخرين، ومن هنا يتعين ان نتعاون مع من يحملون جوهر الاسلام للتصدى لاولئك الذين ينكرون حقوق الاخرين. وقال سترو ان الدول الاسلامية فى القرن العشرين لم تشهد زعيما وطنيا واحدا يؤمن بالاصولية وكان العديد من هؤلاء القادة مثل الرئيس المصرى الراحل جمال عبد الناصر او الرئيس الاندونيسى سوكارنو يعادون الغرب لكنهم لم يكونوا أصوليين. أ.ش.أ

Email