حركة قرنق ترفض وقف النار، الخرطوم تهدد اريتريا برد عسكري

ت + ت - الحجم الطبيعي

الاحد 29 رجب 1423 هـ الموافق 6 أكتوبر 2002 هددت السودان بالرد السياسي والدبلوماسي والعسكري على اريتريا التي اتهمتها بالوقوف وراء الهجوم الذي شنه المتمردون مؤخرا وبينما نفت اسمرا هذه الاتهامات وابدت استعدادها لاستقبال لجنة تحقيق شكلها القذافي لهذا الغرض فقد أعلنت كل من الحكومة السودانية وحركة قرنق المناهضة لها التي تقاتل في جنوب البلاد، ترحيبهما بقرار سكرتارية (ايغاد) باستئناف محادثات ماشاكوس منتصف الشهر الجاري. لكن الحركة رفضت الحديث عن اي وقف لاطلاق النار مؤكدة قبولها بـ «فترة طمأنينة مؤقتة تسري فقط ايام المفاوضات» ومجددة تمسكها بإعادة اثارة المواضيع المثيرة للجدل التي ادت إلى انسحاب الوفد الحكومي من المفاوضات في الثاني من سبتمبر الماضي واهمها قضايا الحدود والعاصمة القومية وتقسيم الثروة والسلطة. ورحبت الحكومة السودانية امس بقرار سكرتارية (ايغاد) باستئناف المفاوضات بينها ووفد حركة قرنق في الرابع عشر من اكتوبر الجاري الا انها اكدت انها لم تتلق رداً رسمياً او اشارة في هذا الشأن من قبل ايغاد حتى الآن. وقال الدكتور مصطفى عثمان وزير الخارجية بأنها تتوقع اتصالاً من المبعوث حسب الاتفاق لاتخاذ الخطوة التالية وهي التوقيع قبل بدء التفاوض مع وفد الحركة. واوضح وزير الخارجية في مؤتمر صحفي عقب اجتماع طاريء تمت الدعوة اليه امس بالقصر الجمهوري لمناقشة التطورات المتلاحقة في مسار التفاوض والعلاقة مع اريتريا بأن وقف اطلاق النار وموعد التفاوض جزء من الافكار التي تم التداول حولها والاتفاق عليها مع المبعوث الكيني لازاري سيمبويا وقال ان الحكومة طلبت في ختام مباحثاتها مع سيمبويا عرض المقترحات المعنية للطرف الآخر في اشارة لحركة قرنق لاعلان التزامه بها إلى جانب تحميله بعض المقترحات الاخرى لاعطاء اجابة كاملة حولها من قبل السكرتارية. واوضح وزير الخارجية في معرض رده على مواصلة التفاوض واشراك القوى السياسية بأن الحكومة مصممة بأن لا تترك احداً خارج مسار ماشاكوس، من الاحزاب والقوى السياسية المختلفة وقال ان اي سلام لا تشارك فيه كل القوى السياسية سيكون سلاماً ناقصاً وعلينا حكومة ومعارضة (التعلم من الماضي ووضع القضايا ا الاخرى والخلافات خلال هذه المرحلة التي يمر بها السودان جانباً. واشاد وزير الخارجية بشكل ملفت بتصريحات محمد عثمان الميرغني رئيس التجمع المعارض والصادق المهدي رئيس الوزراء السابق وزعيم حزب الامة في رفض واستنكار الهجوم الذي نفذته حركة قرنق المدعومة من اريتريا على الحدود الشرقية ومدن كسلا وهمشكوريب وقال ان مواقف الميرغني والمهدي تمثل ارتفاعاً فوق المصالح الحزبية وخطوة في اتجاه البحث عن الاجماع والوفاق والالتفاف حول قضايا الوطن. وقال ان الحكومة قررت اغلاق الحدود مع اريتريا ورفع شكوى إلى مجلس الامن كما تم ابلاغ الجامعة العربية والاتحاد الافريقي ودول (ايغاد) بتفاصيل الدور الاريتري في الهجمات الاخيرة على المواقع العسكرية وبعض المدن في شرق البلاد. وفي وقت لاحق قال اسماعيل ان بلاده هددت بالرد سياسياً ودبلوماسيا وعسكريا على اريتريا لدورها في دعم هجوم المتمردين. من جانبه قال المتحدث باسم «الحركة الشعبية لتحرير السودان»، ياسر عرمان لـ «البيان» في تصريحات أدلى بها عبر الهاتف من اسمرا. «نرحب باستئناف المفاوضات ووفدنا سيكون حاضراً في الزمان والمكان المحددين لتوقيع مذكرة تفاهم بشأن (فترة طمأنينة) في مستهل استئناف المفاوضات. والمح عرمان إلى ان الحركة ستواصل عملياتها العسكرية حتى تاريخ استئناف المحادثات يوم 14 اكتوبر. وقال: «نحن لا نتحدث مطلقاً عن وقف اطلاق النار وانما عن فترة طمأنينة رهينة بأيام المفاوضات». واضاف: «وقف اطلاق النار يمثل البند الثالث في اجندة ماشاكوس ولا سبيل لطرحه قبل الوصول إلى اتفاق حول بنود قسمة السلطة والثروة، ومعالجة قضية الحدود التي تشمل الخلاف مصير جبال النوبة وأبيي والنيل الازرق، ثم تأتي بعد ذلك الترتيبات الأمنية.. أي ان وقف النار يلي الاتفاق السياسي ولا يسبقه كما انه يحتاج الى اجراءات معقدة على رأسها الفصل بين القوات ونشر مراقبين». وقال عرمان: «المحادثات ستبدأ من حيث انتهت في الجولة السابقة وسنطرح كل القضايا وعلى رأسها اعادة هيكلة السلطة والأجهزة المركزية وليس فقط المشاركة في الحكم، وكذلك موضوع العاصمة القومية الخالية من تطبيق الشريعة، موضوع الحدود، والفترة الانتقالية وفي مقدمتها الحكومة الانتقالية القومية التي ينبغي ان تشارك فيها كل القوى السياسية لضمان الاجماع القومي وبالتالي نجاح التسوية. واكد عرمان ان افراد الوفد السابق نفسه هم الذين سيمثلون الحركة مشددا على انهم سيسعون بجدية وصدق لانجاح المفاوضات «اذ يهمنا بالفعل الوصول الى شراكة قائمة على ترتيبات جديدة وليس استيعابنا داخل النظام الحالي.. صيغة جديدة تحفظ توازن المصالح بين النظام وتحركه والقوى السياسية الاخرى. وردا على سؤال حول امد المفاوضات قال عرمان ان عوامل عديدة تدفع لوضع عامل الزمن في الحسبان خصوصا وان قوى الدفع الاقليمية والدولية حريصة على التعامل بفاعلية مع الزمن وانجاز الاتفاق في فترة معقولة. وحول الموقف العسكري في الجبهات قال عرمان ان النظام يواجه نقصا في القوات ويحاول تجميع اطرافه للدفع بقوات من مناطق مختلفة لاستعادة همشكوريب.. وفي المقابل تواصل قوات الحركة تنفيذ المرحلة الاولى بنجاح اذ وسعت المناطق «المحررة» لمسافة 200 كلم في شرق السودان وامنت همشكوريب. واضاف: اما في جبهة النيل الازرق فقد فشلت قوات النظام في الوصول الى الكرمك رغم استمرار القتال منذ ثلاثة اسابيع. واعترف عرمان في سياق حديثه بسيطرة قوات الحكومة على منطقة «النيل» في اعالي النيل. اما في منطقة توريت ـ يقول عرمان ـ فقد تكبدت القوات الحكومية خسائر فادحة وتوقف القتال منذ يومين.. واذا جدد النظام محاولاته لاستعادة المدينة فان قواتنا في كامل الجاهزية. ونفى الناطق باسم حركة قرنق بشدة اي دور لأريتريا في «انتصارات» قواته في الشرق، وقال ردا على الاتهامات التي وجهتها حكومة الخرطوم: «السودان في حالة حرب أهلية لمدة 36 عاما وهذه الحرب لا علاقة لها من قريب أو بعيد بأريتريا التي لا يربطها أي رابط بمناطق عمليات مثل توريت وجنوب النيل الازرق ومناطق البترول التي تدور فيها الحرب. واضاف عرمان في اطار نفيه للاتهامات الحكومية لاريتريا الازمة السودانية ذات جذور داخلية معروفة ولن يفيد النظام تعليق مشاكلها وفشلها على مشاجب الاخرين. ومضى يقول المعارضة والحركة خاصة لها وجود دبلوماسي من القاهرة الى جوهانسيبرغ ومن باريس الى واشنطن.. والنظام درج على توزيع الاتهام لدول الجوار حتى ان مصر لم تسلم من ذلك.. واختتم عرمان بالقول: النظام اعلن الحرب في كل الجبهات وعليه ان يتحمل نتائج اعماله. الخرطوم ـ أسمرا ـ «البيان»:

Email