واشنطن تخطط لفرض حظر بري في جنوب العراق: لندن تطلق حملة دولية لعزل صدام

ت + ت - الحجم الطبيعي

أطلقت لندن أمس حملة دبلوماسية لحشد تأييد دولي وعربي لعزل نظام الرئيس العراقي صدام حسين, في الوقت الذي بدأ فيه مجلس الأمن مشاورات صعبة أمس وسط انقسام حاد في صفوف أعضاءه للتوصل الى اجماع حول مشروع اعلان قدمته روسيا لاعادة تشكيل لجان التفتيش واقالة ريتشارد باتلر رئيس لجنة المفتشين . وأبقت واشنطن قواتها في الخليج في حالة تأهب, وأعلنت ان أكثر من ربع الصواريخ والقنابل الموجهة بالليزر أخطأت أهدافها خلال القصف. وكشفت مصادر دبلوماسية بريطانية ان واشنطن تخطط لاستثمار نتائج عملية (ثعلب الصحراء) عن طريق تحريك تمرد مسلح في الجنوب خلال أسابيع بعد اعلانه منطقة حظر بري. واستبقت بغداد هذه الخطط باجراءات أمنية دفاعية عند الحدود. واوضح روبن كوك وزير الخارجية البريطاني في حديث الى هيئة الاذاعة البريطانية (بي بي سي) ان لقاءه المنفرد مع نظيره الألماني جيرهارد فيشر هو الاول في سلسلة مبادرات. وقال (سأمضي القسم الاكبر من وقتي اجري اتصالات مع وزراء خارجية في العالم بأسره, في اوروبا والعالم العربي وكذلك وزراء الدول الاعضاء في مجلس الامن الدولي) . واضاف (ما سأسعى الى تحقيقه هو الحصول على اكبر قدر من الاجماع داخل الاسرة الدولية ضد صدام. سأحاول عزله قدر الامكان داخل المجتمع الدولي وفي بلاده على حد سواء) . ورد كوك على اتهام لندن بالتسرع في خوض عملية عسكرية من دون استراتيجية بعيدة المدى, هو انتقاد عكسته أمس الصحف البريطانية التي كانت حتى الآن تدعم في معظمها الغارات الجوية. وقال (ليس في وسعكم اطلاق حملة دبلوماسية عندما تخوضون حملة عسكرية. وعرضنا خلال الاشهر الثلاثة الماضية ما نعتزم القيام به اي التوصل الى اجماع لعزل (الرئيس العراقي). والتحقق من اننا نواصل مراقبة قدرات صدام حسين الذي بات يدرك الآن اننا جديون) . وفي الوقت ذاته اعرب كوك عن قناعته بأن (معظم الحكومات في العالم العربي تعرف جيدا ما يحاول صدام القيام به وانه ينوي استخدام اسلحته للدمار الشامل وآلته العسكرية ضدها) . وفي الوقت ذاته قال نائب رئيس الوزراء العراقي طارق عزيز ان العراق لايزال في حالة تأهب قصوى ويعتقد ان الهجمات الامريكية البريطانية يمكن ان تستأنف بعد شهر رمضان. وطالب في مؤتمر صحفي عقده في بغداد بان تتم محاسبة الولايات المتحدة وبريطانيا على الضربات العسكرية التي شنتاها ضد العراق طيلة اربعة ايام مؤكدا عدم الدخول في مفاوضات حتى الاستجابة لهذا الطلب. واعلن نائب رئيس الوزراء العراقي ان 62 عسكريا عراقيا قتلوا واصيب 180 اخرون بجروح نتيجة عمليات القصف الامريكي البريطانية على العراق, مؤكدا ان المناطق المدنية تكبدت اضرارا جسيمة. وقال عزيز ان اجمالي القتلى في صفوف الحرس الجمهوري العراقي ووحدات الحرس الجمهوري الخاص 38 فردا والمصابون 100. وفي اشارة الى الهجوم الذي أطلق عليه عملية (ثعلب الصحراء) , قال عزيز: ان رئيس الوزراء البريطاني توني بلير (حول بريطانيا إلى ذيل للثعلب الذي في واشنطن) . وأدان عزيز ريتشارد باتلر مؤكدا ان عملية التفتيش انتهت مع بداية قصف العراق. وحول المقترحات الفرنسية بشأن انهاء أزمة العراق تلقى عزيز اقتراحات الرئيس الفرنسي جاك شيراك ببرود. وقال: ان اقتراحات الرئيس الفرنسي (عامة وليست دقيقة) , ونصح الرئيس الفرنسي بأن يهتم بمشاكل اخرى تخص نزع الأسلحة مثل الهند أو باكستان أو اسرائيل, ورفع العقوبات عن العراق والحفاظ على العدالة, مشيرا الى الفلسطينيين. من جانبه قال الجنرال أنطوني زيني قائد القيادة المركزية الأمريكية أمس: ان الولايات المتحدة لن تهاجم منشآت نفط عراقية مستقبلا, حيث ان ذلك سيضر بالبيئة. وقال للصحفيين: (ستشاهدون بذلك حقول النفط وهي تحترق والنفط يتسرب في المياه) . وفي السياق نفسه, قالت صحيفة (التايمز) البريطانية أمس ان وزارة الدفاع الامريكية (البنتاجون) تقوم حاليا بوضع خطط لسلسلة اخرى من الضربات الجوية ضد العراق. ونقلت الصحيفة عن مسؤولين فى البنتاجون قولهم ان تلك الخطط ستنفذ بعد انتهاء شهر رمضان . ومن جانب آخر نقلت الصحيفة عن وزير الدفاع البريطانى جورج روبرتسون قوله ان صدام استخدم المدارس والمستشفيات لاخفاء معدات الانتاج واجهزة الكمبيوتر المتصلة بالبرامج السرية لانتاج اسلحة الدمار الشامل. وقال روبرتسون طبقا لما ذكرته الصحيفة (من الواضح اننا لا نستطيع استهداف المدارس والمستشفيات) . وبدأ مجلس الأمن أمس مشاوراته للتوصل الى اجماع على مشروع اعلان رئاسي تقدمت به روسيا, لاعادة تشكيل لجان التفتيش واقالة باتلر والتنديد بالقصف الامريكي البريطاني. وقال السفير الفرنسي الان دوجامي في تصريح للصحافيين قبل بدء الاجتماع المغلق (سيعتبر تبني مجلس الامن لموقف موحد بشأن المستقبل في الايام المقبلة تطورا ايجابيا) . لكن الانقسامات داخل المجلس ستبرز حول مصير لجنة الامم المتحدة الخاصة بنزع اسلحة الدمار الشامل العراقية (يونسكوم) ورئيسها باتلر. وتقترح فرنسا تشكيل هيئة جديدة لمراقبة برنامج التسلح العراقي وتؤكد على غرار موسكو وبكين على ضرورة تغيير باتلر. الأمر الذي أكده مجددا هوبير فيدرين وزير الخارجية. وقال دوجامي (نحن بحاجة الى شيء له طابع الاحتراف فعلا, يهتم حصرا بمراقبة نزع الاسلحة) . واكد الدبلوماسيون البريطانيون والامريكيون مجددا أمس (دعمهم) لريتشارد باتلر. وأبقت واشنطن على قواتها في الخليج وظلت حاملة الطائرات الامريكية بيلو وود الراسية قبالة السواحل الكويتية مثلها مثل السفن والطائرات الحربية الامريكية في الخليج في حالة تأهب أمس على الرغم من انتهاء عملية (ثعلب الصحراء) ضد العراق منذ يومين والتي اشتركت فيها طائرات أمريكية وبريطانية. ويعمل على الحاملة الفان من الجنود. فيما أكد الادميرال كتلر داوسون قائد المجموعة القتالية للحاملة انتربرايز ان 72% فقط من صواريخ توماهوك كروز خلال القصف على العراق أصابت أهدافها, الا ان فالنتين كارابيلنيكوف قائد ادارة الصواريخ برابطة دول الكومنولث المستقلة أكد ان 20% من الصواريخ أخطأت أهدافها. وكشفت معلومات سياسية بريطانية وعراقية معارضة في آن معا أمس النقاب عن ان واشنطن ـ تحت الحاح بريطاني متزايد ــ قد (تبدأ فورا بعد نهاية هذا الشهر بتسليم حركة المؤتمر الوطني العراقي المعتمدة الأساسية لدى الــ (سي.آي.ايه) والكونجرس والادارة الامريكية نفسها أخيرا, جزءا مهما من المبلغ الذي يخصص لها في مطلع نوفمبر الماضي مقداره 97 مليون دولار) , على شكل مساعدات عسكرية, تنقل الى زعيمها الدكتور احمد الجلبي من المخازن العسكرية الامريكية في الكويت, كي يباشر فورا ربما في نهاية مارس أو مطلع ابريل المقبلين في وضع اقتراحه الأخير الذي طرحه في لقاءاته في نهاية الشهر الماضي في لندن مع مسؤولين بريطانيين وأمريكيين, وهو (تحريك التمرد) في جنوب العراق, موضع التنفيذ. ويقضي هذا (التحريك) بسلخ منطقة عن أراضي السلطة المركزية العراقية في الجنوب الواقعة تحت ظل الحظر الجوي, بعد اعلانها من طرف الولايات المتحدة منطقة حظر بري أيضا لمنع علي حسن المجيد الذي كان الرئيس صدام حسين عينه الاربعاء الماضي مسؤولا عنها لقمع أي تمرد أو انتفاضة بالحديد والنار كما فعل في مرات عدة سابقة. وفي سياق استباق بغداد للتحركات الأمريكية أشار عزت ابراهيم نائب الرئيس العراقي في رسالته الى ان (المهمات الأمنية أعطيت لمختلف الشرائح من متطوعين وفدائيين وعشائر ورسمت لها مدياتها ليكون الدفاع عن كل قرية وقصبة بل وحتى عن كل زقاق في مدينة) , في اطار خطة أمنية شاملة. وجاء في الرسالة ان العراقيين (عقدوا العزم لقبر المؤامرة الامريكية الصهيونية البريطانية الغاشمة حتى يتحقق النصر الكامل باذن الله ويتحطم جدار الحصار على رؤوس الاشرار الطغاة واذنابهم) . ــ الوكالات

Email