«أنشودة» التقشّف

جيه. برادفورد ديلونج - نائب مساعد وزير الخزانة الأمريكي سابقاً، وأستاذ علوم الاقتصاد بجامعة كاليفورنيا في بيركلي.

ت + ت - الحجم الطبيعي

قبل عشر سنوات وعشرة أشهر، أعلن الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما في خطاب حالة الاتحاد لعام 2010 أن الوقت حان للتقشف. كان الاحتياج المتصور إلى التقشف كبيراً إلى الحد الذي جعل أوباما يتعهد «بفرض هذا الانضباط باستخدام حق النقض»، فقط في حالة ما إذا كان الديمقراطيون في الكونغرس لديهم تصور آخر.

بعد هذه التصريحات مباشرة، والتي بدت وكأنها تتعارض تماماً مع المنطق الاقتصادي السليم، حاول بعض المسؤولين في إدارة أوباما إقناعي بأن الرئيس كان يقدم استعراضاً سياسياً مسرحياً على غرار مسرح الكابوكي الياباني وحسب.

كان المغزى الضمني أن الإدارة ستواصل بالطبع استخدام السياسة المالية للحد من البطالة من خلال التخفيضات الضريبية والإنفاق على بنود أعفيت من التجميد: «الأمن القومي، وبرنامج الرعاية الطبية للمسنين (Medicare).

لكن المسرح السياسي من الممكن أن يخلّف تأثيراً قوياً على الحوار بشأن السياسات، فيحدد أي الحجج قد تحظى أو لا تحظى بموافقة واسعة النطاق في المجال العام.

بعد الأزمة المالية في عام 2008، زعمت أنا وآخرون أن تكلفة استمرار الحكومة في الاقتراض والإنفاق، في بيئة لا تزال تتسم بمعدلات بطالة مرتفعة وأسعار فائدة منخفضة للغاية، ستكون تافهة مقارنة بالفوائد المترتبة على ذلك. ومع هذا، أضفى خطاب أوباما على التقشف البريق الثنائي الحزبية اللازم لتمكينه.

ناهيك عن أن معدل تشغيل العمالة بين الأمريكيين في مقتبل العمر في الولايات المتحدة كان كئيباً حتى ذلك الوقت عند مستوى %75.1، بعد أن انخفض من 80% في أوائل عام 2007 (ومن ما يقرب من %82 في عام 2005). وبسبب تبني تدابير التقشف، كان معدل تشغيل العمالة %75.6 فقط عندما ألقى أوباما خطاب تنصيبه الثاني في يناير 2013.

بعد نحو ثلاث سنوات، ظل المعدل عند مستوى %77.4 ــ وهو ما يمثل أقل من نصف الخسارة منذ عام 2007، وثلث الخسارة فقط منذ عام 2000. ومع ذلك، أعلنت رئيسة مجلس الاحتياطي الفيدرالي آنذاك جانيت يلين في ديسمبر 2015 أن الاقتصاد سينطلق قريباً «بحرارة شديدة» ما لم تُـرفَـع أسعار الفائدة.

على هذا، بدأ بنك الاحتياطي الفيدرالي يرفع سعر الفائدة القياسي للمرة الأولى منذ عشر سنوات.

في عام 2012، حَـذَّرَ لورنس سمرز، مدير المجلس الاقتصادي الوطني في عهد أوباما حتى يناير 2011، وأنا معه، من أن تشغيل العمالة في مقتبل العمر، والإنتاجية، والدخول الحقيقية، لن تتعافى أبداً إلى اتجاهات ما قبل 2007 بدون تجديد الحوافز المالية القوية.

وكنا على حق بشأن الإنتاجية والدخول الحقيقية، بينما لم يتعافَ معدل التوظيف بين المواطنين في مقتبل العمر في النهاية إلا بعد 12 عاماً (أطول بثلاث مرات مما حدث في دورات العمل السابقة في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية).

اعتبرت الأمر أنا وسمرز مسألة حسابية أولية.

بسبب جائحة كوفيد-19، عاد معدل تشغيل العمالة بين الأمريكيين في مقتبل العمر في الولايات المتحدة إلى الانخفاض إلى %76، وهذا أعلى قليلاً مما كان عليه في عام 2010.

ينبغي لنا أن نتذكر أن %20 من الأمريكيين في مقتبل العمر كانوا في الأوقات الطبيعية (قبل الفترة 2007 ـ 2008) لا يعملون ولا يبحثون عن عمل، أما الآن فقد أضيف نحو %5 أخرى من السكان إلى هذه المجموعة. وهذا يعني ملايين الأشخاص القادرين على أداء أي عدد من المهام المفيدة المدفوعة الأجر المتروكة حالياً دون أن يقوم بها أحد.

في ظل سياسة وطنية متعقلة، كانت الحكومة الفيدرالية، لتنفق أي قدر لازم من المال لتوليد الطلب الضروري، لجعل عودة أصحاب الأعمال إلى استئجار العمالة من السكان في سن العمل ممارسة مجدية.

كما لاحظ جون ماينارد كينز أثناء الحرب العالمية الثانية: «كل ما يمكننا القيام به، يمكننا أن نتحمله». اليوم أصبحت هذه النقطة أشد وضوحاً. وليس علينا أن نبحث حتى في كيفية تمويل الاستجابة للأزمة الحالية؛ فقد اكتمل هذا القسم من المعادلة تلقائياً.

 

 

Email