التوجيه الأخضر لأوروبا

هانز فيرنر سين - شغل سابقاً مهام: أستاذ الاقتصاد بجامعة ميونيخ، ورئيس معهد «ايفو» للأبحاث الاقتصادية. ويعمل حالياً في المجلس الاستشاري بوزارة الاقتصاد الألمانية.

ت + ت - الحجم الطبيعي

أكدت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، في أول خطاب سنوي لها ألقته هذا الشهر بشأن «حالة الاتحاد»، أن الاتحاد الأوروبي، من خلال صفقته الخضراء، قد التزم بشكل جديد وواسع النطاق من التدخل الحكومي في الاقتصاد. وعلى ما يبدو، يعتقد البيروقراطيون في بروكسل أنهم - هم وحدهم - يعرفون المسارات التكنولوجية الأفضل لبناء مستقبل مستدام.

وهكذا، فقد وضعوا خططاً واسعة النطاق لتوجيه الاقتصاد. وستشمل آليات الإنفاذ قوانين أكثر صرامة بشأن انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من السيارات (ومن ثم توجيه ضربة قاضية لصناعة السيارات التقليدية)، والمنح المستهدفة، وتصنيف «خضرة» مشاريع الاستثمار الخاص الذي، إلى جانب الإجراءات التكميلية للبنك المركزي الأوروبي، سيفرق بصورة فعًالة بين أسعار الفائدة التي يمكن للشركات الأوروبية الاقتراض بها في سوق رأس المال. ومن خلال اعتماد هذا النهج، يزعم السياسيون في الاتحاد الأوروبي أنهم يعرفون أشياء حول تكاليف تجنب انبعاثات ثاني أكسيد الكربون التي لا يعرفون شيئاً عنها في الواقع.

وفي مقابل ذلك، يعتقد جميع علماء الاقتصاد تقريباً أنه من الأفضل بكثير إنشاء نظام شامل للاتجار بتراخيص الانبعاثات بالنسبة لجميع القطاعات، من أجل تحقيق سعر موحد لثاني أكسيد الكربون.

إن سعر ثاني أكسيد الكربون الناتج عن نظام اتجار شامل في تراخيص الانبعاثات من شأنه أن يدفع جميع الشركات للبحث عن الخيارات الأكثر مراعاة للبيئة من أجل خفض الانبعاثات. وستَظهر الابتكارات الخضراء في كل مكان.

إن نظام الاتجار بتراخيص الانبعاثات الشامل هو ببساطة الخيار الوحيد الذي سيتوافق مع المبادئ الأساسية لاقتصاد السوق.

وبالطبع، لأن هذا الحل سيلغي الحاجة إلى جميع التدخلات التوجيهية، فمن المحتمل أن يؤدي إلى فقدان العديد من بيروقراطي الصفقة الخضراء لوظائفهم - أو على الأقل لسلطتهم الإدارية الجديدة. ولن يكون لدى لوبيات أنواع معينة من الصناعات الخضراء، وكذلك قطاعي الطاقة النووية والكهرباء، أي شخص يمكنهم الضغط عليه بصورة مباشرة حتى يصوغ القوانين التي تخدم مصالحهم.

وفضلاً عن ذلك، يمكن تجنب الهدم الوشيك لصناعة السيارات، مما يوفر ملايين الوظائف في جميع أنحاء الاتحاد الأوروبي. ووفقاً لأحدث المقترحات التنظيمية للمفوضية الأوروبية، بحلول عام 2030، يجب ألا تستخدم سيارات الركاب أكثر من 1.8 لتر من معادل الديزل لكل 100 كيلومتر. ويمثل هذا زيادة كبيرة في هدف خفض الانبعاثات لعام 2030 من 37.5 % إلى 50 % (مقارنة مع الهدف الطموح لعام 2021).

ولكن حتى أكثر المهندسين موهبة لن يتمكنوا من تحقيق مثل هذا الهدف إن لم يتلاعبوا بتقارير الانبعاثات لتبدو أنها تراجعت، وذلك بمباركة السلطات. إن الفكرة القائلة إنه يمكن تحقيق الأهداف من خلال تحويل حصص كبيرة من السيارات التقليدية إلى سيارات كهربائية، لأن الأخيرة تحتوي على انبعاثات صفرية، تتعارض مع حقيقة أن الفحم يسهم في إنتاج الطاقة في جميع البلدان الأوروبية.

وفي الواقع، لم تُظهر مفوضية الاتحاد الأوروبي حتى الآن أي مؤشر على استعدادها للتخلي عن التخطيط المركزي واستبداله بنظام شامل للاتجار في تراخيص الانبعاثات.

 

 

Email