سائقو سيارات الأجرة والتحديات الجديدة

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

في مايو الماضي، قبيل عرض «أوبر» الأولي بقيمة 82.4 مليار دولار (وهي أفضل خدمة لطلب سيارات الأجرة عبر الهاتف في العالم)، شارك سائقو الشركة - إلى جانب السائقين في شركة «ليفت»، وهي ثاني أكبر شركة لطلب سيارات الأجرة عبر الهاتف الذكي، في اليوم العالمي للعمل الاحتجاجي، ونظموا تظاهرات في 24 مدينة - من لندن إلى ملبورن إلى مدينة نيويورك - للمطالبة بأجور أعلى وظروف عمل أفضل. قد تواجه الاقتصادات غير الغنية أيضاً تحديات بسبب شركات طلب سيارات الأجرة عبر الهاتف الذكي التي تتقاضى أجراً منخفضاً من الرُكاب وتحصل على عمولات ضخمة من السائقين.

في يوليو، حثت جمعيات السائقين في نيروبي (كينيا) على التوقف عن العمل بسبب العاملين في خدمات طلب سيارات الأجرة عبر تطبيقات الهاتف -الشركة الأستونية «Bolt» ( Taxifyسابقًا)، و «Little Cab» المملوكة محليًا - وذلك بسبب هذه الشكاوى على وجه التحديد. على الرغم من أن الشركات وافقت على مجموعة من مبادئ الدفع في العام الماضي، لكن لم يطرأ أي تغيير يذكر على أرض الواقع.

وأدى ارتفاع تقديم الخدمات عبر تقنيات رقمية إلى تحديات جديدة. فمن ناحية، يستفيد المستهلكون من هذه المنصات من خلال توفير خدمات منخفضة التكلفة عند الطلب، ويمكن أن يستفيد العمال من خلال منحهم إمكانية الوصول إلى هؤلاء المستهلكين. في كينيا، يعمل ما لا يقل عن 6000 شخص كسائقين باستخدام تطبيقات خدمات سيارات الأجرة تحت الطلب.

من ناحية أخرى، لا تزال نوعية فرص العمل الجديدة هذه غير واضحة. في حين أن العمال يُقدرون مرونة الجدولة التي توفرها المنصات غالبًا، يتم تحديد الأسعار بواسطة خوارزميات مُبهمة واستراتيجيات الشركات. الشركات ليست موضوع مساءلة أمام عمالها. من الصعب معرفة عدد السائقين على وجه التحديد، ناهيك عن ما يكسبونه بالفعل - على الرغم من أن أبحاثنا المبكرة في كينيا تشير إلى أن هناك سببًا للاعتقاد بأنها ليست كافية.

عندما ظهرت شركات طلب سيارات الأجرة عبر الهاتف الذكي لأول مرة، منحت السائقين أجوراً عالية. ولكن في محاولة لرفع عدد الركاب، عملت على خفض الأسعار تدريجياً. نظرًا لأن معدل الركوب الإضافي لم يعد كافيًا للتعويض عن انخفاض معدلات الميل، فقد انخفضت أرباح السائقين بعد ذلك.

كانت هذه الممارسة واضحة في كل مكان، لكنها كانت تشكل تحدياً كبيراً بالنسبة للسائقين في المجتمعات ذات الدخل المنخفض على وجه التحديد، على عكس الولايات المتحدة أو كندا، يشترون عادةً سيارة خصيصًا للوظيفة، باستخدام مدخراتهم أو الحصول على قروض. يمكنهم أيضًا استئجار سيارات من ما يُطلق عليهم «شركاء»، بشروط أسبوعية ثابتة.

بعد انخفاض أرباحهم، واجه السائقون صعوبة كبيرة لتغطية نفقاتهم اليومية. فقد أجبروا على العمل لساعات أطول، وتعرض بعضهم لحوادث متعلقة بالتعب، وفقاً لكل من السائقين وشركات التأمين المحلية. رداً على ذلك، فرضت خدمة «أوبر» قيودًا جديدة على السائقين: حيث يمكنهم العمل لمدة لا تزيد على 12 ساعة في كل مرة، مع استراحة لمدة ست ساعات على الأقل.

بالنسبة للعديد من السائقين في كينيا، فإن التخلي عن هذه الوظيفة ليس خيارًا صائباً، بسبب الديون المستحقة وانخفاض قيمة الأصول الإنتاجية ونقص الخيارات البديلة المدرة للدخل في بلد يعمل فيه 16٪ فقط من العمال بوظائف رسمية. نظراً لحالة اليأس التي يعيشونها بسبب عدم القدرة على تغطية نفقاتهم، فقد اضطر العديد منهم إلى زيادة ساعات العمل باستخدام تطبيقات متعددة. تُشير أبحاثنا المبكرة في كينيا إلى أن السائق العادي يعمل لمدة 12 ساعة، ستة أيام في الأسبوع.

ومع ذلك، لا يشارك كل السائقين في الإضرابات. البعض - وخاصة أولئك الذين اشتروا سياراتهم أو لديهم بعض العملاء غير المتصلين بالإنترنت - هم راضون نسبياً عن المنصات. في حين أنهم يفضلون ممارسات أكثر عدلاً لتحديد الأسعار، إلا أنهم يزعمون أن الإضرابات المتكررة لا تساوي الإيرادات المفقودة. ويطلبون تدخل الحكومة نيابة عنهم. ويعتقد بعض السائقين الذين قابلناهم أن قادة اتحاد السائقين يُنظمون الإضرابات لأسباب ذاتية.

لكن اختيار عدم المشاركة في الإضراب ينطوي على مخاطر كبيرة. خلال إضرابات مايو، استخدم المشاركون تطبيق «الواتساب» لتقسيم أنفسهم إلى مجموعات، مع تغطية كل منطقة جغرافية. كانت مهمتهم هي اعتراض السائقين الذين، في نظرهم، يقوضون حركة الإضراب. في بعض الأحيان، كانوا يقومون بإتلاف أو تخريب سيارات السائقين غير المضربين أو يصادرون هواتفهم المحمولة. وكما أخبرنا بينسون، أحد أوائل المشاركين في شركة سيارات الأجرة عبر الإنترنت، «معظم السائقين لا يعملون أثناء الإضرابات من أجل سلامتهم وسلامة سياراتهم، وليس لأنهم مُضربون أيضًا».

هناك طريقة واحدة فقط للتأكد من أن منصات طلب سيارات الأجرة تقدم لكل خدمة جيدة لكل من الركاب والسائقين: التنظيم حكومي المحكم. تحقيقاً لهذه الغاية، يجب على الحكومات أولاً توضيح من لديه السلطة التنظيمية ذات الصلة.

في كينيا، يتم منح السائقين تصاريح من الإدارة الوطنية لسلامة النقل. لكن المنصات مثل أوبر، المسجلة كشركات تكنولوجيا، لا تخضع لسلطة الإدارة الوطنية لسلامة النقل. صرح أمين مجلس الوزراء للعمال والمدير العام لهيئة المنافسة في كينيا أيضًا بأن التدخل في برنامج الدفع كان خارج صلاحيات كل منهما. وهذا لا يترك للسائقين أي مكان يلجأون إليه عندما يتم تجاهل مصالحهم، مما يُعرض المنصات لخطر تدخل الدولة الأكثر تطرفًا في المستقبل.

بمجرد تثبيت سلطة تنظيمية، ستحتاج إلى تصميم سياسات فعالة تتطلب بيانات. في الوقت الحالي، لا تتحكم المنصات في التسعير فحسب، بل تتحكم أيضًا في أعداد كبيرة من بيانات السائقين والرُكاب، مما يخلق عدم تناسق كبير في المعلومات بين المنصات والسائقين، وبين المنصات وصناع السياسات. يجب أن يُصر المنظمون للقطاع على الوصول إلى المعلومات التي يحتاجون إليها لإصدار أحكام سياسية سليمة.

يجب أن تعمل المنصات التي تدعي أنها أسواق تجارية بشكل يشبه الأسواق التنافسية وليس الاحتكارية. يمكن للإضرابات أن تلفت الانتباه إلى المشكلة. لكن اللوائح الجيدة هي فقط التي يمكنها إصلاح هذا الوضع.

 

Email