بوشكين و«نهوض روسيا من سباتها»

ت + ت - الحجم الطبيعي

قبل قرن من وقتنا هذا، حاول الشاعر ألكسندر بوشكين رفع معنويات صديقه الفيلسوف بيوتر تشادايف، الذي اعتُبر مجنوناً لانتقاده القيصر نيكولاي الأول، فتنبأ بقدوم عصور أفضل عندما «تنهض روسيا من سباتها»، وكتب عبارته الشهيرة «ستُحفر أسماؤنا على أنقاض الاستبداد».

وبعد مائتي عام تقريباً وثورات ثلاث، ومن فوق القاعدة المنصوبة في قلب الميدان الذي يحمل اسمه، أخذ تمثال بوشكين البرونزي يحدق في حشود المتظاهرين من بني جلدته المعاصرين وقد اعتمروا تيجاناً ورقية صورية، وهم ما زالوا يحاولون إيقاظ روسيا من «سباتها الأزلي»، أمام محتقريهم الملوحين بالسياط في زي القوازق (الشرطة). ربما حُفر اسم بوشكين على عدد كبير من النصب التذكارية، لكن نبوءته لم تتحقق بعد.

ورغم كون الرئيس الروسي فلاديمير بوتين نتاجاً للاتحاد السوفييتي، حيث كان يُنظر فعلاً إلى كلمة «قيصر» على أنها كلمة مهينة مسيئة، نجد أنه يُظهر ولعاً شديداً بالحكام القدماء. واستطاع بدعم قوي من الكنيسة الروسية الأرثوذكسية أن يعزز بشدة مفهوم قداسة سلطة الدولة، وخطيئة ودنس مقاومتها. وقد اعتلى عرش الأباطرة البيزنطيين فوق جبل أثوس المقدس في اليونان، وصوّر رئاسته المؤبدة على أنها عبء يتعين عليه أن يحمله، في سبيل بلده وشعبه.

وبينما حطم قادة الثورة البلشفية آثار القياصرة، شيد بوتين تمثالاً ضخماً لفلاديمير العظيم في موسكو وآخر لألكسندر الثالث في شبه جزيرة القرم. وقبل أربعة أعوام من تجاهله الصريح لمئوية الثورة الروسية في 2017، رعى بوتين احتفالات بالذكرى الأربعمائة لآل رومانوف اتسمت بالبذخ الشديد.

* مؤلفة كتاب روسيا: ملعب بوتين: الإمبراطورية والثورة والقيصر الجديد

Email