تخضع للعديد من اختبارات الثقة خوفاً من أن تتحوَّل إلى جاسوسة

«لبِّيسة» الفنانين #صديق_حقيقي بدرجة مستشار

ت + ت - الحجم الطبيعي

وظيفة مستشارة الأزياء، أو ما يُطلق عليه في الوسط الفني «اللبِّيس» أو «اللبِّيسة»، تثير الحيرة في كثير من الأحيان، فهي تتعاقد مع النجمة أو النجم على أن تختار لهم الملابس اللائقة، إلا أنها ما تلبث أن تتحول بحكم ملاصقتها الطويلة والحثيثة للفنانة إلى #صديق_حقيقي، وتصبح كظل الفنانة ترافقها أينما ذهبت وارتحلت في الداخل والخارج، وبحكم هذه الملاصقة فإنها تطلع على أدق أسرارها؛ وربما تحولت في بعض الأحيان إلى إعطاء المشورة حول الأعمال والأدوار التي ستلعبها الفنانة.

من المفترض أن تتوافر صفات جيدة في من يقوم بهذه المهمة، أولها الكتمان التام فتصبح «اللبِّيسة» صندوقاً مغلقاً على خبايا الحياة الخاصة للفنانة، وهذا ما يدفع كثيراً من الفنانات إلى اختيار لبِّيسة من جنسيات أجنبية لا تُجيد اللغة العربية؛ حتى يضمنن تجنب فضول بعض الصحافيين الذين يستدرجون اللبِّيسة ليتعرفوا إلى ما يدور في كواليس حياة الفنانة.

ولعل هذه الشخصية الحيوية صارت مثيرةً للعديد من التساؤلات حول انتشارها كظاهرة؛ حيث تحارب الفنانة من أجل الحصول على راتب لبيستها من شركات الإنتاج في كل عمل، وإذا تعنَّتت الشركة تقوم بدفع تكاليف اللبِّيسة من أجرها الخاص.

تجارب مرة
ممن يقمن بالاستعانة بلبيسة من هذا النوع المحترف الفنانات صفية العمري، رغدة، إيناس الدغيدي، ونبيلة عبيد، بعد أن ذُقن مرارة كشف أسرارهن لدى الصحف على يد اللبيسة الخاصة بكل منهن؛ لذا جاءت الاستعانة بخادمات ولبيسات كأنهن إنسان آلي ينفذ مهمته في صمت تام دون التدخل في أي تفاصيل، فهي تنفذ أوامر ومبرمجة ببعض الجُمل باللغة العربية مثل «المدام عندها تصوير» أو «ليست موجودة»؛ وذلك لضمان عدم تسريب أي خبر للصحافة.

https://media.albayan.ae/inline-images/2381736.jpg

هذا لا يمنع اتصاف اللبيسة بذكاء خارق يناسب طبيعة عملها، خاصةً أنها الوحيدة التي تخترق الحياة الخاصة للفنانة؛ تدخل غرفة نومها، تبحث في ملابسها عن أي شيء، لكنها أبداً لا تطرح سؤالاً خارج حدود تخصصها.


ليلى والوصيفات
رغم هذا النجاح منقطع النظير للبيسة الفلبينية أو السريلانكية، إلا أن بعض الفنانات يفضلن المصرية التي تتميز بالثقة والعِشرة الطويلة، ومن هؤلاء النجمات ليلى علوي التي تفضل أن تصطحب معها في كل مناسبة أو تصوير عمل فني إحدى لبيساتها التي أطلقت عليهن «وصيفات»، وكأنها عادت إلى القرون الوسطى حين كانت الملكة لا تتحرك إلا بوصيفاتها.

https://media.albayan.ae/inline-images/2381729.jpg

ولم تكتفِ ليلى بواحدة مثل معظم النجمات، بالإضافة إلى أنها تُعد من أكثر الفنانات التي تدفع أجوراً للعاملات معها؛ حيث تحصل اللبيسة على 1000 دولار شهرياً، وتمنح اللبيسة 30 يوماً كل عام كإجازة سنوية، وتتكفَّل ليلى بجميع مصروفات الانتقال لهؤلاء الوصيفات، إلا أن معاملتها الطيبة لهن تجعلهن يفضلن البقاء معها عن قضاء الإجازة مع الأهل.


طوق أمني
أما لبيسة الراقصة دينا فهي من نوع خاص، فهي لا تسمح لأي شخص باختراق حياة الفنانة مهما كانت درجة قرابته، وخصوصاً الصحافيين الذين يحاولون من وقت إلى آخر البحث في أوراقها وحفلاتها وأعمالها الفنية، إلا أن لبيستها تفرض طوقاً أمنياً على كل ما يخص دينا؛ لذلك لا تستطيع الاستغناء عنها، وتصطحبها معها سواء في العمل أم الإجازات حتى لو كانت خارج مصر، بعد أن اعتبرتها من أقرب صديقاتها.

https://media.albayan.ae/inline-images/2381728.jpg

 

 فيفي والشرطة
لكن الراقصة فيفي عبده وقعت في مشكلات لا حصر لها مع لبيستها الخاصة، امتدت إلى أقسام الشرطة، بعد أن قامت اللبيسة بتسريب خبر لإحدى ناشطات حقوق الإنسان مفاده أن فيفي تحتجز بعض خادماتها الفلبينيات وتمنع عنهن جوازات سفرهن.

https://media.albayan.ae/inline-images/2381727.jpg

كما سهَّلت مهمة اختراق الناشطة للحِصن الذي فرضته فيفي على فيلتها، فكان جزاؤها أن اتهمتها الفنانة بإخفاء بعض المصوغات الذهبية، وحررت بلاغاً ضدها في قسم الشرطة، لكنها تنازلت عنه بحجة الحفاظ على مستقبلها، وكانت هذه الفتاة آخر لبيسة تدخل حياة فيفي عبده؛ لأن ابنتها أصبحت مسؤولة عن اختيار ملابسها بعد ذلك.


نكص بالوعود
كذلك تسببت اللبيسة الخاصة بالفنانة أميرة فتحي في إشعال الخلاف بينها وراوية بياض، مسؤولة شركة الإنتاج، بعد أن قررت الشركة تحمل تكاليف وأجر اللبيسة، إلا أن راوية رفضت وتنصَّلت من وعودها، فقررت أميرة عدم تصوير مشاهدها المتبقية في المسلسل، وأخيراً تم التوصل إلى حل سريع يُرضي جميع الأطراف؛ حيث تحملت الشركة أجر اللبيسة، بينما تحملت أميرة أجور الماكيير وثلاثة مساعدين.

https://media.albayan.ae/inline-images/2381725.jpg

 

بهرجة زائدة
تخرج الفنانة مي عز الدين عن القاعدة وترفض الاعتراف بمهمة اللبيسة؛ حيث تقوم باختيار ملابسها بنفسها متخذة من والدتها كاتمة أسرار وصديقة لها، كما أنها لا تقبل بأي حال من الأحوال اختراق أحد حياتها الخاصة، كما تمتنع عن مشاركة أي أحد في أجرها ممن يساعدونها؛ لأنها تعتبر ذلك بهرجة، إضافةً إلى أنها تكره التكلُّف في الملابس والإكسسوار والماكياج. 

 

https://media.albayan.ae/inline-images/2381724.jpg
 

 

أزمة ثقة
تتفق منة فضالي مع مي في عدم الاستعانة بلبيسة؛ لكونها ترفض أن يخترق أحد حياتها الشخصية أو يتعرف إلى سر من أسرارها، كونها لا تثق في أي شخص بسهولة، وتعتبر أن اختيار الملابس ووضع الماكياج ذوق خاص لا بد أن يكون نابعا من داخل الفنانة، فلا تفضل أن يجملها أحد لأنها تقتنع باختياراتها.

https://media.albayan.ae/inline-images/2381723.jpg

 

عادة مستحكمة
بينما لا تستطيع منة شلبي الاستغناء عن اللبيسة بأي حال من الأحوال على الرغم من أنها ترتدي الجينز في معظم أدوراها وحياتها الشخصية، لكنها تعوَّدت على أن يكون معها لبيسة كما كانت ترى لبيسة والدتها، الراقصة زيزي مصطفى، لا تفارقها إلا عند النوم، وترافقها في معظم حفلاتها وفي السفر خارج مصر أيضاً؛ حيث اعتمدت عليها أكثر من 15 عاما حتى أُصيبت بعدة أمراض، فاستعانت بابنتها بعد ذلك.

https://media.albayan.ae/inline-images/2381722.jpg


خبرة فائضة
نظراً إلى عمل الفنانة رجاء الجداوي كعارضة أزياء على مدار 20 عاماً، فإنها ترفض الاستعانة بلبيسة؛ حيث تعتبر نفسها أفضل واحدة تختار الذي يناسبها سواء عند التصوير أم السهرة؛ لما لها من باع طويل في هذا المجال وامتلاكها لـ«بوتيك» ملابس تقوم هي بتصميم معظم القصَّات، وتختار أنواع الأقمشة التي تناسبها.

https://media.albayan.ae/inline-images/2381721.jpg


حافية القدمين
قد يؤدي إهمال اللبيسة لأي من الأشياء الخاصة بالفنانة إلى فقدانها عملها، وهذا ما حدث بالفعل مع الفنانة نجوى فؤاد قبل بضعة أعوام، فقد وُضعت في موقف حرج أمام طاقم العمل في مسلسل «عقدة ماما عزيزة» بعد أن فقدت «فردة الحذاء» التي كان من المفترض أن تصور به مشهدها الأخير من المسلسل، ما اضطرها إلى أن تقوم بالتصوير «حافية» القدمين عكس ما كان موجوداً في السيناريو؛ حيث وضعتها اللبيسة في هذا الموقف المحرج، فكان جزاؤها الطرد قبل الانتهاء من العمل، والاستعانة بأخرى تقوم بمساعدتها في اختيار ملابسها، وتقوم ببعض الأعمال المنزلية.

https://media.albayan.ae/inline-images/2381720.jpg


لبيس حرامي
لا تقتصر مشاكل اللبيس أو اللبيسة على إفشاء الأسرار، لكن قد يتسبب في مشاكل مضاعفة كما حدث مع الفنان طارق دسوقي، الذي كان يثق ثقة عمياء في اللبيس الذي عمل معه منذ أعوام، واعتبره كشقيقه الأصغر، وكان يعطف عليه باستمرار ووعده بتأمين مستقبله، إلا أنه فوجئ باختفاء مفروشات وتحف ثمينة من شقته تُقدر بآلاف الجنيهات؛ حيث كان اللبيس يحتفظ بنسخة خاصة من مفاتيح الشقة، فقام باستدعاء أحد التجار وباع له غرفة سفرة إنجليزية، صالونا فاخراً، سجاداً من مختلف الأنواع، ثريا، كريستالاً، وعدداً من الأجهزة الكهربائية والتحف. وبعد البحث في محال التحف تم التوصل إلى المعرض الذي يقوم بعرض التحف المسروقة، وتم القبض على صاحبه الذي أدلى بأوصاف الشخص الذي باع له المنقولات والتحف، وتطابقت الأوصاف على اللبيس الذي تم القبض عليه ويقضي حاليا عقوبة الحبس.

https://media.albayan.ae/inline-images/2381717.jpg

 

الحاجة عليَّة
أشهر لبيسة في الوسط الفني هي «الحاجة عليَّة» التي قضت مع الفنانة يسرا أكثر من نصف عمرها وتعرف أدق أسرارها؛ حيث تأخذ رأيها في كل شيء، فتختار لها الموديلات التي تفضلها، وتقرأ معها أدوارها السينمائية والتلفزيونية، وتفهم ما تحتاج إليه من نظرة عين، ولم تقف وظيفتها عند حد اللبيسة، بل أصبحت مديرة لأعمالها أيضاً.

 https://media.albayan.ae/inline-images/2381737.jpg

عن سر احتفاظها بالحاجة عليَّة، تقول يسرا: «العلاقة بدأت بيننا منذ فترة طويلة عندما كنت في بداية مشواري السينمائي؛ حيث تعرفت إليها وأنا أصور دوري في فيلم (بياضة) مع الراحل رشدي أباظة، وكانت عليَّة تعمل في طاقم الأزياء في الفيلم وتختار ملابس الشخصيات مع المخرج من واقع السيناريو، فوجدت أن جميع اختياراتها موفقة؛ لذا عرضت عليها العمل معي كلبيسة خاصة، ومن وقتها لم تفارقني منذ أكثر من 30 عاماً؛ حيث حاول أكثر من زميل في الوسط الفني إغراءها بالأموال للعمل معه، إلا أنها رفضت؛ لأنها تشعر معي بالأمان، كما أنها لا تتحدث إلى أي شخص مهما كانت قرابته بأي حديث يخص حياتي الشخصية أو الفنية».
 
ثقافة عامة
عن مهنة اللبيسة تقول شيماء البهي، خبيرة الإيتيكيت وشؤون الأسرة: «مهنة اللبيسة أو مستشارة الأزياء مهنة معروفة منذ قديم الأزل؛ حيث كان الملوك يستعينون باللبيس لمساعدتهم في ارتداء ملابسهم، وتجددت مرة أخرى مع احتلال الفن مساحة كبيرة في حياتنا حتى أصبحت هذه المهنة معروفة في الوسط الفني والأوساط الاجتماعية رفيعة المستوى، كذلك لدى بعض نجوم المجتمع كالسفراء والوزراء وزوجاتهم، ولم تعد تقتصر على الفنانين فقط بعد أن أصبح هوس الظهور في أحسن صورة أملاً لكل السيدات والرجال أيضاً».

وتشير البهي إلى أن هذه المهنة يمارسها أفراد تتوافر فيهم اشتراطات مثل الثقافة العامة، والتعرّف المستمر إلى أحدث ما وصلت إليه خطوط الموضة العالمية والمحلية، ومعرفة المحال الراقية، وقبل كل هذا الأمانة وحفظ الأسرار وعدم البوح بأي كلمة لأي شخص لضمان الاستمرار، كذلك معرفة نمط شخصية التي تعمل معها وطبيعة مهنته وأسلوبه في الحياة ما إذا كان يحب الكلاسيكيات أم الرسميات، علاوة على معرفة ذوقه في الألوان، مع إلمامه بقدرات شخصية في إقناع الفنان بما يناسبه من ملبس أو ماكياج أو طريقة تعامل، كأنه عين أخرى للفنان في كل ما يخصُّ عمله وحياته.

Email