د. مريم مطر: نساعد الإماراتيين على إعادة تدوير الجينات

ت + ت - الحجم الطبيعي

المجتمع الإماراتي يقدر مشاريع الوقاية والمحافظة على أجيال المستقبل، وقد بدأت مبادراتي منذ العام 2004 بمبادرة الوقاية من الأمراض الوراثية، وهذا كان شيئاً جديداً على المجتمع، بالتعاون مع الجهات المعنية ودعم المجتمع بشكل مباشر، واستطعنا تحقيق أهداف كبيرة، حيث صار الفحص إلزامياً، واستهدفنا وقتها فئةً كبيرةً في المجتمع، وهم طلبة الكليات والجامعات، وقد استطعنا رفع مستوى المعرفة الوقائية من الأمراض الوراثية من 6% إلى 79.6% في ثمان سنوات.

الجيل الذي بدأنا معه في 2007 هم الآن أكثر الداعمين لنا، ولمثل هذه المشاريع، وهذا الشيء بدأت الأجيال القادمة تدرك أهميته وخطورته على صحتها.

هناك دول عمرها ثلاثة أضعاف دولة الإمارات، لكنها لم تحقق ما حققناه في رفع نسبة الوعي بهذه الأمراض. نحن حققنا أهدافنا مع أعلى مستوى من الجودة، التي أصبحت أسلوب حياة، وسلوكاً إلزامياً ومكتسباً وعادةً في سلوكيات أفراد المجتمع في دولة الإمارات. اليوم نركز على جودة أجيال المستقبل؛ جودة الإماراتيين.
لنكن واقعيين، أعلم أنه من الصعب أن نزيد أعداد الإماراتيين، وخصوصاً أن المرأة اليوم تتجه نحو الثقافة والعلم والدراسة والعمل، ولا يوجد وقت كاف لأن تنجب 5 أو 6 أفراد، مثل أمهاتنا.

لا نزال نعطي المرأة فسحةً من حرية الاختيار، لتحقيق أهدافها الشخصية والمجتمعية، ولكن في الوقت نفسه علينا إيجاد بدائل؛ فإذا لم نستطع أن نزيد تعداد سكان دولة الإمارات إلى 3 أضعاف؛ فعلى الأقل نضمن جودة الأجيال الثلاثة القادمة، خاصةً من ناحية التكوين الجسدي والبعد الجيني الأفضل من ناحية الأم والأب، حتى تكون هذه الأجيال ذخيرةً للمستقبل.

في مشاريعنا وجمعيتنا وفرق العمل الموجودة معنا نعكف على إعادة تدوير جينات الإماراتيين، وهذا مفهوم جديد نساعد به الإماراتيين على كيفية إعادة التدوير، وهنا أتكلم من خلال جمعية الإمارات للأمراض الجينية التي أسستها في العام 2004 وترأست مجلس إدارتها، وتضم مواطنين إماراتيين و17 جنسية من المقيمين، ونعمل خلالها على زيادة الإدراك المعرفي بجيناتنا ومكوناتنا الأساسية، وهذا الأمر متوافر للجميع؛ المقيمين والإماراتيين، ولكننا نركز على الأجيال القادمة.

اليوم دولة الإمارات معروف عنها أنها تساعد دائماً في الخير؛ لمن أصابه زلزال أو مأساة إنسانية وهي دولة معطاءة، وخصوصاً في الجانب الإنساني، وكلها تأتي بتوجيهات من شيوخنا الكرام، ويوجد في الدولة أناس يساعدون في بناء وطننا اختاروا الإمارات للعيش فيها، ويكملون فيها مشوار حياتهم، وهم كما يساعدونا في بناء وطننا نعمل معهم، قدر الإمكان، على رفع درجة الوعي لديهم بمفهوم حضاري جداً، فإذا أرادوا العودة إلى وطنهم فسيكونون متميزين بين أهلهم وأصدقائهم جراء اكتساب البعد الإنساني والمعرفة التي اكتسبوها من وجودهم في الإمارات.

إعادة تدوير الزمن بالنسبة لي لا يتم إلا من خلال الرياضة والقراءة، وهذا يعني إعادة استخدامه إلى الأفضل أو استخدامه أكثر من مرة، أو تختار الأفضل من هذا المنتج وتعيد تصنيعه أو تكراره.

الله سبحانه وتعالى أعطانا المعرفة، واليوم يستطيع المرء معرفة إن كان يحمل طفرةً جينية أم لا، وإذا أردنا أن يستمر هذا المنتج؛ الفرد؛ سواء أكان أحمد أم راشد أم إبراهيم.. أياً كان، نحاول أن يكون بجودة أعلى وأفضل.

منذ الأزل توجد إعادة تدوير في الجينات، وأثبت العلم اليوم أننا أفضل مخرج من ثلاثة أجيال سابقة، انظر إلى الدول التي فيها ملاريا، من رحمة الله عليها، أن الجيل الخامس والسادس اكتسبت كرات دمه الحمراء مناعةً ضد هذه الأمراض، ولذلك هذه الدول تنتشر فيها طفرات جينية في كريات الدم الحمراء «الأنيميا المنجلية، وأنواع التلاسيميا»، لضمان استمرار الإنسان في هذه الأماكن.

في مثل هذه الدول إذا أجريت فيها فحصا جينياً ستجد فيها أمراضاً معينة؛ أنيميا الفول، الثلاثيميا، فعندهم هذه الأمراض بكثرة، ولكن من رحمة الله علينا أن الجينات غيرت نفسها، حيث تجد كرات الدم الحمراء تتغير جينياً حتى إذا لدغت البعوضة هذا الشخص فأن اليرقات لا تستطيع أن تعيش على كرات الدم الحمراء، وهذا كان السبب وراء كل هذه كل هذه الوفيات التي كانت تقضي على شعوب وسلالات.

نحن في دولة الإمارات عندما نقوم ببحث يعنى بصحة الإنسان لن تكون النقطة الأولى للتجربة، أو النقطة الأولى لبداية هذا التدخل، أو بداية تعديل كامل، نحن نبني تجاربنا على تجارب ناجحة معتمدة دولياً وضمن الأخلاقيات الطبية المعتمدة، ولا يوجد فيها تدخل مباشر في الاختيار؛ فلا يزال هناك فرصة للشخص أن يختار إن كان سيتزوج هذا الشخص أم لا.

بدورنا نعطيه خيارات، فمن قبل كان الزواج يعتمد على الأخلاق والنسب، اليوم الدولة تدخلت، وهذا التدخل من حب الوطن لأجياله، وتفحصه فحصاً إجبارياً، ولكن تركت له الخيار إذا كان يريد أن يستمر مع الطرف الثاني مع زيادة احتمال انتقال هذا الموروث الجيني إلى الأجيال القادمة.

يوجد العديد من الأمراض الوراثية في دولة الإمارات التي من الممكن الوقاية منها مثل «أمراض الدم الوراثية وارتفاع الكولسترول الوراثي وأنواع معينة من السرطانات»، ويمكن الكشف عن هذه الطفرات الجنينة وضمان وقاية الأجيال الجديدة لوراثة هذه الصفات من خلال التقنيات العلمية الجديدة المتوفرة في الدولة للفئة المستهدفة.
 
نحن نتكلم عن إعادة تدوير أو بيئة أفضل، ومثال على الأمراض الوراثية هو طفرة (G6pd) أو «أنيميا الفول»، وهذه الطفرة الجينية ناتجة عن الكروموزوم X ولذلك يصاب بها الرجال أكثر حيث يأخذ الولد x من أمه، وy من أبيه ليتشكل ذكراً، أما البنت فتأخذ X من أبيها وأمها لتتكون أنثى، وهنا الخلل يأتي من طفرة الاكسموروسيوم وهي طفرة جينية، فالبنت إذا أخذت واحدة من هذا الإكس فالثانية السليمة تغطي المهام، أما الولد فالمتاح عنده فقط الإكس وبالتالي يكون مصاباً.
 
بفضل من الله أنا موفقة جداً في حياتي العلمية والاجتماعية، وأنا موجودة في العصر الذهبي لدولة الإمارات، ووجودي وتواصلي الدائم مع المجتمع الياباني أكسبني الكثير فيما يتعلق بالبيئة، حيث أن مفهوم البيئة ليس إعادة تدوير الورق أو استعمال القارورة، وإنما تتمثل في تدوير الوقت بالقراءة والرياضة، حيث أن كثرة القراءة تدفع بالخلايا لتستخدم نفسها وتنشط بدل من أن تفنى نتيجة عدم استخدامها، وهذا الذي تعلمته في اليابان.

هذا المفهوم فيه بُعد فكري وأخلاقي، شأنه شأن الرياضة التي توقف عداد الزمن لتعمل العضلات بشكل صحي من خلال المحافظة على الرشاقة والشباب، حيث أحب القفز بالحبل يومياً لمدة لا تقل عن 20 دقيقة ولا أحتاج للذهاب إلى صالة التدريب، حتى أن الحبل لا يفارقني في أسفاري، فرياضة الحبل أو القفز فيه فوائد كثيرة تشبه إلى حد كبير رياضة الأيروبيك.

مؤسسة ورئيسة جمعية الإمارات للأمراض الجينية

 

أنت أيضاً بوسعك أن تكون من #وجوه_مضيئة.
شاركنا على الإنستغرام بصور تعكس اهتمامك بالبيئة في حياتك اليومية. جوائز صديقة للبيئة بانتظارك

Email