من المهارات المهمة في بناء العلاقات الإنسانية

الشكر ثقافة وفن وقوة جذب

ت + ت - الحجم الطبيعي

قام العلماء بتجارب كثيرة لدراسة تأثير الشكر على الدماغ ونظام المناعة والعمليات الدقيقة في العقل الباطن، ووجدوا أن للشكر تأثيراً محفزاً لطاقة الدماغ الإيجابية، مما يساعد الإنسان على مزيد من الإبداع وإنجاز الأعمال الجديدة. كما تؤكد بعض الدراسات أن الامتنان للآخرين وممارسة الشكر والإحساس الدائم بفضل الله تعالى يزيدان من قدرة النظام المناعي للجسم. وفي هذا الإطار يُعتبر الشكر فنا لا يجيده أي أحد، بل لا يتقنه كل المتعلمين، فالشكر فن وذوق وأدب وأسلوب..

هي كلمات وإن كانت عبارة تجعلك مديناً لقائلها بالامتنان، ما يدفعك لتصوغ أجمل عبارات الشكر وإن قصرت تلك العبارات يظل في النفوس وارف من ظلالها، ومن الأحاديث الصحيحة المروية عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله «من لا يشكر الناس لا يشكر الله»، وهذا الحديث يلفت نظرنا إلى أن قيمة الشكر لها منزلة كبيرة وأهمية بالغة لدرجة أنها إذا لم تتحقق في علاقات الناس بعضهم مع بعض فإنها لا تتحقق في علاقة الإنسان بالله تعالى.. «الحواس الخمس»، ومن خلال تطرقه لهذا الموضوع يؤكد أن الشكر يعتبر فنا بل ثقافة من نوع آخر:

 

رد الجميل

الإعلامي عبدالله النجار يقول إن الاعتراف بالشكر يعتبر في حد ذاته سلوكا حضاريا راقيا ينبغي أن يسود بين الناس، ولكن كثيراً ما يضن الناس حتى بكلمة الشكر التي لا تكلفهم شيئاً في مقابل ما يقدم لهم من خدمات، ويستخدمون بدلاً من ذلك كلمات لا تعبر عن الشكر والامتنان الذي يؤكد الصلات بين الناس، أو لا نسمع منهم شيئاً بالمرة، أو نسمع ما يدل على النكران وعدم الاعتراف بالجميل.

مؤكدا إذا أسدى إلينا أحد جميلاً أو قدم لنا خدمة معينة قولاً أو فعلاً فإن الواجب يقتضي أن نقدم له الشكر على ذلك أيضاً قولاً أو فعلاً، حتى لو كان ما يقدمه لنا يقع في دائرة مسؤوليته المباشرة، ولهذا تسمع كثيراً في مثل هذه المواقف رداً على كلمة الشكر عبارة «لا شكر على واجب»

 

إنسان متحضر

نجيبة الحوسني ـــ موظفة تقول: للأسف الشديد يجهل الكثير من الناس أن الشاكرين لنعمة الله يزيدهم الله من فضله كما وعد بذلك في القرآن الكريم: (لئن شكرتم لأزيدنكم)، فإن الشكر من جانب الإنسان للآخرين الذين أسدوا إليه جميلاً من شأنه أن يشجع هؤلاء ويجعلهم أكثر رغبة في فعل المزيد من الخير له ولأمثاله، والشكر لا يعني التقليل بأي حال من الأحوال من شأن الشاكر.

أو إشعاره بأنه أقل شأناً ممن يقدم لهم الشكر، إنه على العكس من ذلك يعني أن الشاكر إنسان متحضر يدرك أهمية القيم الإنسانية في حياة الناس وما لها من تأثير كبير في تقوية الروابط الإنسانية بين البشر، وبالتالي في تقدم المجتمع وازدهاره.

 

علاقات اجتماعية سوية

عاطف الرئيسي مذيع في إذاعة رأس الخيمة يقول ان الشُكر كلمة تأتي على وزنين، شُكر ثقيل الوزن وشُكر خفيف الوزن، فالإنسان الذي تنقصه كلمة الشكر في معجمه الذاتي دائما ما تكون كلمة الشكر بالنسبة له ثقيلة الوزن، ويرجع السبب في ذلك إلى أساس التنشئة الأسرية التي عاشها، وفي المقابل فإن الإنسان المُشبع بكلمات الشكر تكون هذه الكلمة بالنسبة له خفيفة الوزن، مضيفا: فكلمة شكرا تترك أثرا إيجابيا على نفسية الجميع، وتعمل على إيجاد علاقات اجتماعية سوية، وتترك شعورا بالرضا والاطمئنان.

 

مفعول السحر

ليلى عبدالله المازمي- موظفة تقول إن شكر المرأة زوجها والثناء عليه في حضوره وفي غيابه يزيده إعزازا لها، وفي كتمان الشكر جحود ودخول في كفر النعم، فالاعتراف بالجميل من المروءة والنبل ونكران الجميل من الجحود واللؤم. مضيفة ان البعض يستخف بكلمة الشكر وما لها من آثار اجتماعية كبيرة على العلاقات بين الأفراد، فكلمة شكرا من الزوج لزوجته تعني لديها الكثير، وقد لا يرى أثرها في حين إنما سيكون لها آثار تراكمية في علاقتهما كإشعارها بالرضا والطمأنينة.

كذلك الزوج الذي يكد في عمله ليوفر الحياة الكريمة لأسرته رغم صعوبة ذلك على نفسه، إلا أنه بحاجة بأن تشكره زوجته، فبامتنانها له بهذه الكلمة التي لها مفعول السحر فهي تجعله يشعر بأنه يُثاب على ما يفعله ولا يشعر وكأن ما يصنعه فرض عليه.

 

في كل لغات العالم

ويؤكد عبدالرزاق أحمد الحجي - موظف أن الشكر يعتبر ذوق الإقناع في فن الإبداع،ففي كل لغات العالم نجد كلمات الثناء والعرفان وإن اختلفت ألسنتها تعبيراً عن شعور وجداني هادر للمكافأة لقاء أي معروف أسدي، فكم من كلمات فجرت ينابيع لإرادة، وأخمدت براكين الإحباط ووارت جثث اليأس في غياهب النسيان من خلال كلمة شكرا.. مضيفا أن الشكر من إحدى أكثر المهارات أهمية في فن بناء العلاقات الإنسانية، فالشكر والامتنان يمدوننا بشعور كبير بالسعادة وبالتواصل مع الآخرين بكل مرونة وسهولة.

 

هناك من لا يأبه بها

عبير محمد الملا - طالبة دراسات عليا تقول : هناك كثيرون لا يأبهون بهذه القيمة ولا يعيرونها كبير اهتمام، ولكنه من المعروف أن العلاقات بين البشر في حاجة ماسة إلى دعم متواصل وتنشيط مستمر لتقوية أواصرها وترسيخ أركانها من أجل المزيد من التعاون والتضامن لتحقيق الخير للمجتمع الإنساني، ولا يكلف هذا الدعم والتنشيط كثيراً في معظم الأحيان، فالكلمة الطيبة لها أثرها العميق والفعال في النفوس، والكلمة الخبيثة من جانب آخر لها أثرها السلبي في إحلال النفور بين الناس محل الحب والإخاء.

Email