التقنيات المتطورة نافذة أمل لمرضى السكتات الدماغية

ت + ت - الحجم الطبيعي

يرتبط حدوث السكتات الدماغية بالأنماط الحياتية والعديد من الأمراض، وباتت مخاطرها تصل إلى أعمار الشباب، فالوعي الصحي بالمرض يجنب الكثير من حدوثها، فيما حقق التطور في القطاع الصحي عبر توظيف أحدث التقنيات قفزة نوعية في تشخيص وعلاج الحالات.

ومن جانبها، استقطبت هيئة الصحة في دبي أحدث الأجهزة العالمية للتعامل مع السكتات الدماغية، وأدخلت جهازي «سولتير رتريفر» و«كادمبرا» الحديثين، بالإضافة إلى الأشعة التداخلية في مستشفى راشد، والتي يمكن من خلالها إجراء عمليات القسطرة الدماغية بدقة متناهية.

ويشكل نحو 40% من حالات الجلطات الدماغية في الدولة لمن هم أقل من 50 عاماً، وما زالت تصيب بين 8000 إلى 10000 شخص سنوياً في الدولة، وغالباً ما ينتج عنها إعاقات دائمة، وفي حال كانت الإصابة متوسطة الشدة يحتاج الشخص المصاب إلى فترة طويلة من العلاج الطبيعي في مراكز إعادة التأهيل.

وقال الدكتور سهيل عبد الله الركن، استشاري المخ والأعصاب في مستشفى راشد ورئيس شعبة طب الأعصاب في جمعية الإمارات الطبية: الجلطات الدماغية تعد السبب الثاني للوفيات والمسبب الأول للعجز والإعاقة، ويصل عدد الأشخاص الذين يصابون بالجلطة الدماغية لحوالي 15 مليون شخص في العالم، فيما يقدر عدد الأشخاص الذين يصابون بالجلطة الدماغية في الدولة سنوياً بين 8000 إلى 10000، وبنسبة تتراوح بين 150- 200 لكل 100 ألف، فيما تظهر الإحصاءات إصابة شخص إلى شخصين في الدولة بجلطات دماغية كل ساعة منهم 50% في عمر أقل من 46 عاماً، مقابل 70 عاماً عالمياً.

وأوضح الدكتور الركن أن عدد مراكز الجلطات الدماغية في الدولة ارتفع من 3 عام 2013 إلى 8 مراكز حالياً.

أنواع

وأضاف أن هناك نوعين من الجلطات الدماغية الأول الجلطة اللافقارية أو الانسدادية، وتشكل حوالي 80% والنزيفية وتشكل 20% منها، لافتاً إلى أن دماغ الإنسان البالغ يحتوي على 8 مليارات خلية عصبية وفي أول 3 دقائق من الإصابة بالجلطة يتوقف سريان الدم والأوكسجين والمواد المغذية إلى منطقة معينة في الدماغ بسبب النزيف أو الانفجار الشرياني، مما يؤدي إلى بداية موت الأنسجة الدماغية والتي لا تتجدد وتحدث خللاً دائماً للشخص مدى الحياة.

الساعة الذهبية

وأوضح الدكتور الركن أن أعراض الجلطة الدماغية تبدأ بخدر أو ضعف في الوجه أو الذراع أو الساق، خاصة في جانب واحد من الجسم، مع صعوبة في التحدث أو الفهم، وصعوبة في الرؤية في كلا العينين أو إحداهما، وصعوبة في المشي، والدوخة، وفقدان التوازن، وصداع شديد ومفاجئ وقد يصاحبه غثيان، لافتاً إلى أن كل دقيقة يتأخر فيها الشخص من الذهاب إلى المستشفى يفقد 2 مليون خلية عصبية، أي ما يعادل 120 مليون خلية عصبية في الساعة الأولى من حدوث الجلطة الدماغية، وهناك مصطلح يطلق عليه الساعة الذهبية وهي أول أربع ساعات من حدوث الجلطة، حيث تلعب دوراً حاسماً في التشخيص والعلاج.

وشدد الدكتور الركن على ضرورة عدم إعطاء المريض المصاب بالجلطة الدماغية أي مميع للدم مثل الأسبرين أو البلافكس، لأن في حال الجلطة النزفية تؤدي هذه الأدوية إلى تفاقم الحالة لأنها ترفع وتسرع من وتيرة تدفق الدم، لذلك يجب الإسراع في نقل المصاب لأقرب مستشفى لإجراء التشخيص الدقيق للحالة ومن ثم إعطاء العلاج المناسب.

وأضاف أنه مع تطور الطب وارتفاع نسبة الإصابة بالجلطة الدماغية خصصت بعض الدول مثل ألمانيا وأمريكا سيارات إسعاف يطلق عليها إسعاف الجلطة الدماغية تضم كافة الأجهزة التشخيصية مثل جهاز الأشعة المقطعية مع طبيب متخصص على مدار الساعة للتعامل الفوري مع المصابين لتجنب الآثار المدمرة للجلطات، سواء من ناحية العجز الكلي أو الجزئي للمصاب أو من ناحية تكاليف العلاج.

وقال الدكتور الركن إن وزارة الصحة ووقاية المجتمع وهيئة الصحة في دبي قامتا باستقطاب أحدث الأجهزة العالمية للتعامل مع الجلطات الدماغية مثل جهاز يطلق عليه «سولتير رتريفر» والجهاز الثاني ويطلق عليه «كادمبرا»، ويعتبران من أحدث الأجهزة العالمية، إضافة إلى إدخال الأشعة التداخلية التي يمكن من خلالها إجراء عمليات القسطرة الدماغية بدقة متناهية.

أسباب

وحول أسباب الإصابة بالجلطة الدماغية، أكد أن هناك عدة أسباب للجلطة من أهمها ارتفاع ضغط الدم وهو المسبب الأول بحوالي أربعة أضعاف من المعدل الطبيعي وارتفاع نسبة استهلاك الملح في الدولة بشكل خاص والمنطقة العربية بشكل عام، والسبب الثاني مرض السكري وعدم التحكم به والتدخين والسمنة وعدم ممارسة الأنشطة الرياضية.

وقال الدكتور سهيل الركن: لاحظنا في السنوات الأخيرة وبفضل حملات التوعية إن هناك ارتفاعاً في نسبة الوعي بالساعة الذهبية، حيث نلاحظ لجوء الأشخاص للمستشفيات من أول حدوث الجلطة وهذا شيء إيجابي جداً نشكر وسائل الإعلام عليه.

ذكاء اصطناعي

وأوضح أن إدخال الذكاء الاصطناعي في معاجلة الجلطات الدماغية ساهم في اختصار وقت التدخل الجراحي من 56 دقيقة إلى دقيقتين فقط، الأمر الذي جنّب المرضى مضاعفات خطيرة مثل الشلل الكلي أو النصفي، والعجز الكامل والتوقف عن العمل، شريطة وصول المريض للمستشفى خلال 8-15 دقيقة، لافتاً إلى أن معظم بلاغات «إسعاف دبي» يتم التعامل معها خلال 4 دقائق لـ 40% منها، و60% خلال 8 دقائق.

وتشير المؤشرات العالمية إلى تضاعف حالات الوفاة الناجمة عنه مع حلول عام 2030، لتصبح السكتات الدماغية تدريجياً مشكلة صحية خطيرة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

وشرح الركن أن مرض السكتة الدماغية، ينشأ نتيجة خلل مفاجئ في تدفق الدم إلى جزء من الدماغ، ما يساهم في إحداث خلل في مهام الجسد، ويستغرق هذا الخلل سنوات قبل أن تكون نتيجته انسداد أوعية دموية في الدماغ، أو حصول تخثر للدم نتيجة تراكم الدهون والكوليسترول.

وأضاف: يمكن أن تحصل تلك الإعاقة الدموية، بفعل جلطة دموية تصل إلى الدماغ من جزء آخر من الجسد، ومن أسبابها أيضاً ضعف جدران الأوعية الدموية الذي هو نتيجة تسارع أو ارتفاع ضغط الدم عادة ما يخرج عن السيطرة، ويمكن أن يسبب ذلك الضعف انفجاراً في الجدار الضعيف لذلك الوعاء الدموي، وعندها يحصل نزيف ويتسرب الدم إلى خارج الأوعية الدموية في الدماغ.

عامل حاسم

وأكد الدكتور الركن أن الوقت يعتبر عاملاً حاسماً في المحافظة على الدماغ، وعدم التعرض لسلبيات أكثر وهذا ما يطلق عليه الأطباء (الساعة الذهبية)، وفيها يتم تدارك الأعراض الأولية، وفي حالة تأخر الإسعافات يؤدي ذلك إلى تلف جزء كبير من خلايا الدماغ، تصل في بعض الأحيان لموت مليوني خلية دماغية كل دقيقة في حالة السكتة الحادة.

كما لفت إلى أن الفحص السريري الإكلينيكي وتأكيد التشخيص بالتصوير الطبقي للمخ يعتبر أحد الإجراءات الصحيحة والسريعة لتجنب المضاعفات، مشدداً على أنه يجب أن يحضر المريض إلى المستشفى في خلال 10-15 دقيقة ويفحص في مدة لا تزيد على ساعة ليتمكن الطبيب من تحديد العلاج المناسب في أقل من ثلاث ساعات من ظهور الأعراض.

علامات

وبين أن السكتة الدماغية، تبدأ عادة بالصداع والدوخة، وتغيرات في قدرة الوعي الذهني، مع صعوبة في النطق والبلع وضعف أو شلل في أحد أطراف الجسم، وكلها علامات إنذار، ويمكن أن تختفي في أقل من 24 ساعة، كما يمكن أن يشعر المريض بالوهن والضعف في الوجه، أو إحدى الذراعين، أو بصعوبة في الكلام، أو فقدان التوازن والسقوط على الأرض دون سبب واضح، إضافة إلى عدم القدرة على الرؤية أو ظهور غشاوة مفاجئة عليها أو ضعفها في إحدى العينين أو كلتيهما.

ونصح الدكتور الركن بأنه في حال ظهور أحد هذه الأعراض، فيجب على الشخص حينها التوجه فوراً إلى أقرب مستشفى، وغالباً ما تكون هناك علامات إنذار قبل حصول السكتة الدماغية، يجب أن ينتبه المريض إليها، وبما أن علامات الإنذار قد تختفي بسرعة، فهذا لا يعني أن المشكلة المرضية المسببة قد زالت، لذلك فإن هذه العلامات يجب أن يكتشف سببها ويعالج لمنع حصول إعاقة دائمة.

أشعة تداخلية

قال الدكتور أسامة البستكي، استشاري ورئيس قسم الأشعة والأشعة التداخلية في مستشفى راشد: إن الهيئة قامت مؤخراً بتوسعة قسم الأشعة وتزويده بأحدث الأجهزة العالمية في مجال الأشعة التداخلية ليصبح المركز الأول من نوعه على مستوى الدولة في علاج الجلطات الدماغية، إلى جانب عمليات القسطرة الدقيقة للشرايين.

وأشار الدكتور البستكي إلى أن قسم الأشعة أنجز أكثر من 177 ألف أشعة في العام 2019، فيما ارتفع معدل إنجاز الأشعة التداخلية للعمليات الكبرى والدقيقة الخاصة بعلاج الجلطات وجميع مشاكل الشرايين، من 50 مريضاً منذ افتتاح القسم في العام 2010، إلى 660 مريضاً في العام الجاري.

بالأرقام

50

تشكل الفئة العمرية الأقل من 50 عاماً نحو 40 % من إصابات الجلطات الدماغية في الدولة

10000

تصيب الجلطات الدماغية بين 8000 إلى 10000 شخص سنوياً في الدولة وغالباً ما ينتج عنها إعاقات دائمة

08

ارتفع عدد مراكز الجلطات الدماغية في الإمارات من 3 مراكز في العام 2013 إلى 8 حالياً

80 %

تبلغ نسبة الجلطات الدماغية اللافقارية أو الانسدادية 80 % من الحالات فيما تشكل «النزيفية» نحو 20 % منها

Email