المكملات الغذائية.. بناء للأجسام محفوف بمخاطر صحية

ت + ت - الحجم الطبيعي

يتطلع الرياضيون، خاصة الشباب، بشكل عام إلى بناء أجسامهم، والحصول على نتائج سريعة عن طريق استخدام الهرمونات وأحياناً المكملات الغذائية والعقاقير والمنشطات، دون إدراك للمخاطر الصحية، خصوصاً أن ترويج هذه المكملات في كثير من الأحيان يتم عبر بعض المواقع الإلكترونية.

وأكدت الدكتورة آمنة الحضري استشارية ورئيسة قسم أمراض الكلى في مستشفى دبي أن القسم يعالج شباباً في العشرينيات من العمر أصيبوا بالفشل نتيجة إدمانهم تناول كميات كبيرة من البروتينات والمنشطات، خاصة لاعبي كمال الأجسام، أو الممارسين لرياضات الأوزان والحديد، واللاعبين في صالات الألعاب الرياضية.

وقالت الدكتورة الحضري: هناك شباب في العشرينيات أصيبوا بفشل كلوي تام نتيجة إدمانهم تناول كميات كبيرة من البروتينات، وبينت أن الكثير من الأدلة والدراسات العالمية أكدت أن استهلاك قدر عال من البروتين له آثاره السلبية على الصحة، منها فقدان العظام حيث تعمل المستويات العالية من البروتين على إنتاج كمية كبيرة من الأحماض، بسبب الكبريتات والفوسفات، وعدم قدرة الكلى على إحداث توازن لتلك الأحماض، وفي نفس الوقت يطلق الهيكل العظمي، المخزون الموجود من الكالسيوم، ما يعرّض اللاعب لخطورة هشاشة العظام، كما أن تناول الكثير من البروتين يؤدي لزيادة الضغط على الكلى، ويسهم في انخفاض وظائف الكلى السليمة.

وأوضحت أن إضافة البروتين إلى النظام الغذائي يضيف الكثير من السعرات الحرارية الزائدة، لأن البروتين الزائد لا يمكن تخزينه بالجسم، في حالة عدم حرق تلك السعرات الحرارية، عن طريق النشاط البدني الكافي، ما يحول تلك السعرات الحرارية إلى دهون زائدة، ويترتب عليه في النهاية، الحصول على كميات متساوية من العضل والدهون.

استخدام عشوائي

من جانبه، حذر الدكتور علي السيد، مدير إدارة الصيدلة في هيئة الصحة بدبي، من الاستخدام العشوائي لمنتجات كمال الأجسام، بعد صدور التحذير من إدارة الغذاء والدواء الأمريكية بهذا الخصوص، حيث وجد أن العديد منها قد تحتوي على سموم منشطة أو مواد شبيهة للستيرويد أو هرمونات صناعية مرتبطة بهرمونات الذكورة، علماً بأن هذه المواد قد تكون خطرة وتتسبب بحدوث مخاطر صحية جسيمة، تشمل إصابات خطيرة في الكبد مهددةً حياة الأشخاص الذين يداومون على تعاطيها.

وذكر أنه إلى جانب خطر إصابات الكبد، فإن امتصاص الجسم للستيرويد (وهي الهرمونات البنائية) قد يسبب آثاراً جانبية إضافية خطرة مثل حب الشباب الشديد، فقدان الشعر، زيادة النزعة العدوانية والاكتئاب، كما يتسبب في تفاعلات مهددة للحياة مثل تلف الكليتين، النوبات القلبية، السكتة الدماغية والانصمام الرئوي (وهو انسداد أحد الأوعية الدموية المركزية في الرئتين) وتخثر في الأوردة العميقة، ويجب دائماً أن تتم استشارة الأطباء المختصين قبل استخدام مثل هذه المواد.

وأوضح أن إقبال البعض على تناول المنشطات والهرمونات دون استشارة الأطباء تعتبر ظاهرة عالمية بين أوساط الشباب لزيادة حجم العضلات وبناء جسم جذاب، ويعد تنامي هذه الظاهرة مفزعاً ونتائجها كارثية على صحة متعاطيها إلا إذا تمت تحت إشراف طبي متخصص، ويجب إجراء الفحوص الطبية خاصة للكبد والكلى بشكل دوري لتجنب المضاعفات لاسيما مع شيوع تناول منشطات هرمونية سراً بدون مراجعة طبية أو ذوي الاختصاص، لتحقيق أوهام البناء العضلي بصورة سريعة وبأقل جهد.

وعن الفرق بين البروتينات والمنشطات الهرمونية، ونسبة الضرر بينهما، قال الدكتور علي السيد: البروتينات المستعملة في بناء الأجسام هي منتجات تحتوي على تركيز عالٍ من منتجات الأحماض الأمينية اللازمة لبناء العضلات وتعويض الخلايا العضلية التالفة، أما الهرمونات المستعملة من قبل بعض الرياضيين فهي هرمونات تنتمي إلى مجموعة السترويد، وهي تزيد النشاط وتسرع نمو العضلات بشكل غير طبيعي وتأثيرها على ضغط الدم، القلب، وبقية أجهزة الجسم، والإفراط في استعمال البروتينات يمكن أن يزيد العبء على الكلى والكبد مع زيادة ناتج تبادل البروتينات والبروتينات بكميات مدروسة لا تضر، أما الهرمونات فهي ضارة بأي نسبة.

وأضاف: كما أنه يوجد مكملات غذائية خاصة تستخدم في أوقات معينة مثل، مكملات ما قبل التمرين، ومكملات ما بعد التمرين وبعض أنواع المكملات كالتي يجب التوقف عنها كل ستة أسابيع أو أسبوعين على الأقل لأن الإكثار منها قد يسبب بعض الأضرار في الجسم.

وأوضح الدكتور علي السيد أن أكثر الفئات العمرية استجابة وتأثراً بهذه المنتجات التي تكون في مرحلة النمو، المراهقة، والشباب، وعلى الشباب الاستعانة بالغذاء الصحي المتوازن عوضاً عن هذه المكملات، كما أن ممارسة الرياضة بشكل عادي سيؤدي إلى نمو العضلات دون الحاجة إلى استعمال البروتينات أو الهرمونات، وإذا كان لابد من ممارسة كمال الأجسام فليكن تحت إشراف رياضي طبي متخصص.

نتائج سريعة

من جهته، قال الدكتور عبدالحليم فضل، استشاري جراحة عظام والمدير الطبي لنادي النصر: هناك الكثير من الخداع في الصالات الرياضية عن المكملات الغذائية الرياضية، والتي شاع انتشارها بين الرياضيين بهدف الحصول على نتيجة سريعة وفعالة تحقق لهم الشكل الذي يحلمون به، وجميع هؤلاء هم ضحايا أوهام كاذبة، كما أن من يبيعها من الرياضيين المسؤولين في الصالات الرياضية لا يتمتعون بالخبرة الكافية التي تؤهلهم لوصفها، كما أن المعلومات التي يروجون بها هذه المنتجات معلومات خاطئة بعيدة عن سلامة الرياضي.

وأضاف: الكثير من هذه المنتجات تباع في الأندية من دون أن تكون مرخصة، ولا نعرف نحن الأندية مصدر هذه المنتجات، والتي قد تكون مغشوشة، وثبت في الدول المتقدمة أنها منشطات مضرّة بالصحة، ونشهد نحن مضاعفاتها في مستشفياتنا من خلال الحالات التي تأتينا، حيث هناك الكثير ممن ينساق وراءها تحت مسميات غير صحيحة، ولهذا على الرياضيين الابتعاد عنها واقتنائها من الصيدليات تحت وصفات طبية.

خطورة الكورتيزون

وعن الأعراض التي قد تتسبب بها بعض المنتجات تباع في الأندية، قال الدكتور عبدالحليم فضل: إن تناول كميات كبيرة منها يضر بالأعصاب والعضلات والعظام، كما أن هناك الكثير من الحالات التي تم استقبالها تعرضت للنخر بالعظام، ما قلل من حركتهم، وحالات تعرضت لضرر كبير في العضلات، ومنها من يتناول الكورتيزون وهو إحدى الفئات المنشطة التي يكثر الرياضيون استخدامها، فتؤدي بهم في النهاية إلى ترك الرياضة، وبعضهم من توفي باعتقاده أنه يأخذ مكملات غذائية في حين أنه تم الاكتشاف في الفحوص أنها منشطات.

تأثيرات جانبية

بدورها، أكدت وفاء حلمي عايش، مديرة إدارة التغذية السريرية في الهيئة، أن السنوات الأخيرة شهدت زيادة في ظاهرة تعاطي شباب يرغبون في تكبير حجم عضلاتهم بالهرمونات والمنشطات في النوادي والمعاهد الصحية، غير مبالين بالمخاطر التي تترتب على تناول تلك المواد الخطرة.

وذكرت أن دراسة طبية حديثة حذرت من استخدام الهرمونات البانية للجسم بعيداً عن الإشراف الطبي، إذ ينتج عنها كثير من التأثيرات الجانبية بعضها قابل للعلاج والآخر تأثيره مزمن، مثل الضعف الجنسي العام، وعدم القدرة على الإنجاب، وظهور حب الشباب، والصلع المبكر، وكبر حجم ثدي الرجل، مشيرة إلى أن هذه الأعراض يتأخر ظهورها عند البعض.

وأوضحت عايش أن المنشطات عبارة عن هرمونات تدخل الجسم بكميات غير اعتيادية لزيادة نشاط العضلات أو الكفاءة البدنية، مؤكدة أن لها أضراراً صحية مع استمرار تعاطيها، لأنها تعمل على تحفيز وظائف الجسم وتنشيطها مثل المخ والجهاز العصبي المركزي، وتظهر نشاطاً زائفاً، ومع كثرة تعاطيها تسبب ضمور العضلات ولا يسترد اللاعب قوته ويصاب بالجفاف وظهور حب الشباب، وسرطان الكبد، وفي الغالب يمكن أن تختفي الأعراض مع توقف التعاطي، إلا أن بعضها دائم، وتوضح الأبحاث أن أكثر من 85٪ من المتعاطين يعانون هذه الأعراض الجانبية والتي تشمل ضمور الخصيتين الذي يصيب 50٪ من المتعاطين، وارتفاع ضغط الدم الذي يصيب 34٪ منهم.

Email