تحفيز الطلبة على أنماط الحياة الصحية نحو مجتمع أكثر سعادة

«صحة دبي» تطبق أفضل الممارسات العالمية في خدمات الصحّة المدرسية

ت + ت - الحجم الطبيعي

لمشاهدة الغرافيك بالحجم الطبيعي اضغط هنا

 

تعد الصحة الجيدة لطلبة المدارس والأطفال استثماراً للمستقبل وعنصراً أساسياً في النسيج الاجتماعي والاقتصادي للمجتمع، لذا لجأت معظم الجهات الصحية لتعزيز الصحة المدرسية، وتغطي شريحة واسعة من البرامج والأنشطة والخدمات التي تقدم في المدارس والمجتمعات المحيطة بها، بدورها تساهم «صحة دبي» من خلال استراتيجيتها الطموحة 2018 – 2021، في تعزيز الصحة المدرسية والتشجيع على تبني الطلبة لأنماط الحياة الصحية للوصول إلى مجتمع أكثر صحة وسعادة، وتطبق أفضل الممارسات العالمية في خدمات الصحّة المدرسية.

وقد تم تصميم الخدمات والبرامج ليس من أجل التأثير في صحة الطلاب فقط، بل أيضاً بغرض تعزيز صحة البيئة التي يعيشون ويتعلمون فيها، وهو أحد توجهات هيئة الصحة التي تتضمن تغييراً في البرامج الصحية من خدمات علاجية في برامج ذات قاعدة مجتمعية تعتمد على الصحة الوقائية وتعزيز الصحة، كما أن المدرسة هي المؤسسة الاجتماعية الرسمية التي تقوم بوظيفة التربية ونقل الثقافة المتطورة وتوفير الظروف المناسبة للنمو جسمياً وعقلياً واجتماعياً وانفعالياً، وعندما يبدأ الطفل تعليمه في الأسرة يكون قد قطع شوطاً لا بأس به في التنشئة الاجتماعية في الأسرة وبالتالي يدخل المدرسة وهو مزود بالكثير من المعايير الاجتماعية والقيم والاتجاهات وما تقوم به المدرسة هو توسيع الدائرة الاجتماعية للطفل، حيث يلتقي بمجموعة من الرفاق وكذلك يتعلم الطفل الكثير من المعايير الاجتماعية بشكل منظم.

صحة وسعادة

وقد قامت هيئة الصحة بدبي بإعداد استراتيجية طموحة للسنوات المقبلة تبدأ من العام الحالي 2018 لغاية 2021 وتم اعتمادها من سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي، رئيس المجلس التنفيذي، أخيراً، ضمن الجهود المستمرة التي تقوم بها الإمارة لتعزيز الصحة المدرسية والتشجيع على تبني الطلبة لأنماط الحياة الصحية للوصول إلى مجتمع أكثر صحة وسعادة.

وقالت الدكتورة ناهد منصف، مدير إدارة الشؤون الصحية بهيئة الصحة بدبي: إن الهيئة قامت بدراسة السياسات المتبعة في العديد من الدول والمواثيق العالمية وخرجت بالتالي باستراتيجية طموحة تتضمن 12 برنامجاً شاملاً وتستند إلى 3 محاور رئيسة تتعلق بتعزيز أنماط الحياة الصحية، والوقاية من الأمراض والكشف المبكر، وتطوير نظم المعلومات والبحوث الصحية.

وأوضحت أن السياسة الجديدة تعتبر الإطار العام والشامل لتوحيد الجهود والرؤى والمبادرات بين مختلف الجهات الحكومية والخاصة ذات العلاقة لتطوير وبناء خدمات صحة مدرسية ذات كفاءة تستجيب للحاجات وتتعاطى مع المشكلات الصحية بمرونة عالية.

وبينت الدكتورة منصف أن سياسة الصحة المدرسية بدبي استندت بصورة جوهرية إلى تحليل دقيق ومتأنٍ لمعطيات الواقع الحالي والتعرف إلى مكامن الضعف والفجوات والتحديات في النظام المتاح حالياً في محاولة لتجسيرها وتعزيز مخرجات النظام الصحي المدرسي في دبي لتمكينه من الاستجابة لمتطلبات العمل الحكومي والأجندة الحكومية وفقاً لأولوياتها واهتماماتها في التنمية والتقدم.

مؤشرات

وأشارت إلى أن السياسة الجديدة تعتمد على مؤشرات أداء متعددة مرتبطة بالأهداف ومستندة إلى مراحل وفصول زمنية محددة، وفق آليات ومسارات شديدة الوضوح لبلوغ المستهدفات بشكل دقيق. خاصة وأن المؤشرات الحالية تعكس نسبة عالية من الطلبة والطالبات الذين يعانون من السمنة وزيادة الوزن، وقلة ممارسة النشاط البدني مما يزيد من الأعباء الاقتصادية، إضافة إلى الأعباء الاجتماعية والنفسية وغيرها من الأعباء.

وأوضحت أن سياسة دبي للصحة المدرسية تستثمر كثيراً في تقنيات تطوير نظم المعلومات الصحية والتطبيقات الإلكترونية المتعلقة بها لبناء نظام صحي مدرسي يستند إلى المعلومات والأدلة والتحاليل الإحصائية والمؤشرات الصحية، حيث شددت السياسة الجديدة على أهمية بحوث النظم الصحية المرتبطة بالصحة المدرسية كخيار استراتيجي لتحديد حجم وماهية المشكلات الصحية، وأكدت حيوية خدمات الصحة المدرسية وأثرها العميق على مستوى صحة المجتمع من حيث الجودة والحجم خاصة وأنها تستهدف جمهوراً يمثل الفئات العمرية اليافعة الشابة والتي يعول عليها كثيراً في المستقبل.

برامج فاعلة

واستعرضت الدكتورة ناهد منصف، البرامج المتعددة التي ستتبناها هيئة الصحة بالتعاون مع شركائها الاستراتيجيين لتطبيق هذه السياسة لتحقيق الأهداف الاستراتيجية بحلول عام 2021. مشيرة إلى البرامج المختلفة التي تندرج تحت محور تعزيز أنماط الحياة الصحية كبرنامج التشجيع على تناول القدر الكافي من الخضراوات والفواكه ليكون أكثر من 5 حصص يومياً، وبرنامج تعزيز النشاط البدني ليكون أكثر من (150) دقيقة في الأسبوع.

وقالت: إن محور الوقاية من الأمراض والكشف المبكر يتضمن العديد من البرامج الفاعلة المتعلقة ببرنامج التحصين باللقاحات الأساسية، وبرنامج التوعية الشامل حول الأمراض السارية وغير السارية، وبرنامج الكشف المبكر لأمراض ضعف النظر والأسنان والسمنة.

كما يتضمن محور تطوير نظم المعلومات والبحوث الصحية حزمة من البرامج المتعلقة ببرنامج الإشراف الصحي وفقاً لمعايير هيئة الصحة بدبي، وبناء قاعدة بيانات ونظام معلومات صحية متكامل للطلاب من خلال تطبيق برنامج حصانة والملف الطبي الإلكتروني للطالب، وبرنامج البحوث والدراسات للصحة النفسية، وبرنامج تطوير وتوحيد البنية التحتية للمدارس وفق معايير موحدة ومعتمدة، وبرنامج توحيد وتعميم خطط الدعم والإرشاد النفسي.

وأوضحت أن هيئة الصحة بدبي تقدم ضمن برامجها الحالية أنشطة متعددة للكشف المبكر عن الأمراض مثل أمراض العيون وأخطاء الانكسار «بعد النظر وقصر النظر والاستجماتزم وغيرها»، والكشف المبكر عن أمراض اللثة والأسنان بهدف علاجها وتفادي حدوث تدهور مستمر في صحة الفم والأسنان، والإشراف على الكشف عن الأمراض غير السارية كمرض السكري والربو القصبي وغيرهما.

وأكدت أهمية تعزيز دور أولياء الأمور، ومختلف الدوائر والهيئات والمؤسسات المعنية في القطاعين العام والخاص لتطبيق هذه السياسة، مشيرة إلى الدور الذي ستقوم به هيئة الصحة بدبي لتوعية وتثقيف أولياء أمور الطلبة بأهمية تناول الأبناء للقدر الكافي من الغذاء الصحي وممارسة النشاط البدني المنتظم، للوقاية من الأمراض غير السارية، وأهمية الالتزام باللقاحات المعتمدة للوقاية من الأمراض السارية، والالتزام بالكشف المبكر عن الأمراض في المراحل المختلفة ومكافحتها مثل السمنة وفقر الدم، واضطرابات الصحة النفسية، وضعف البصر وضعف القدرة السمعية، ومشكلات الفم والأسنان والإصابات بشكل عام، إضافة إلى تعزيز دور أولياء الأمور لمتابعة برامج التحصين الخاصة بأبنائهم وملفاتهم الصحية من خلال الربط ببرنامج حصانة.

كما أوضحت الدور الملقى على المدارس والقطاع الخاص في هذه السياسة من خلال المشاركة في بناء قاعدة بيانات ونظام معلومات صحية، وأكدت السياسة على تعزيز دور الشركاء الاستراتيجيين في تعزيز برامج تشجيع النشاط البدني وتناول الغذاء الصحي وتنفيذ ومتابعة برامج التحصين والكشف المبكر عن الأمراض، وتعزيز دور المدارس في برامج توعية الطلبة وأولياء الأمور والمعلمين فيما يتعلق بالأمراض السارية وغير السارية وسبل الوقاية منها.

جهود مستمرة

من جانبها، استعرضت الدكتورة عائشة الذيب أخصائي صحة عامة وطب المجتمع في شعبة صحة المدارس والمراكز التعليمية: الجهود التي تقوم بها هيئة الصحة بدبي ممثلة بقطاع خدمات الرعاية الصحية الأولية لتطبيق سياسة الصحة المدرسية استناداً إلى أفضل الممارسات العالمية وإلى توصيات منظمة الصحة العالمية التي تتضمن خدمات التثقيف الصحي المتعلقة بالتغذية الصحية والنشاط الحركي، وخدمات التغذية المدرسية وتعزيز ممارسة الأنشطة البدنية كإحدى أهم الاستراتيجيات الصحية لتعزيز الصحة، وتقييم معدلات الإصابة بأمراض السمنة وزيادة الوزن ووضع برامج تداخلية مبتكرة بغرض التقليل من معدلات انتشارها باعتبارها من أهم عوامل الخطورة لأمراض السكري وارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب والشرايين.

كما تقدم الهيئة الخدمات الوقائية المتعلقة باللقاحات وتنفيذ زيارات ميدانية للمدارس بغرض التخطيط وتقدير الحاجة الفعلية للقاحات، وتحديد الطلبة المستحقين للتلقيح وتحضيرهم وأخذ موافقة الوالدين.

وقالت إن الهيئة تقوم حالياً بالإشراف على تقديم الخدمات العلاجية لأمراض الجهاز التنفسي العلوي مثل الزكام وارتفاع درجات الحرارة والسعال والتقيؤ وآلام البطن وغيرها.

كما تقوم الهيئة بالإشراف على تقديم الخدمات التأهيلية الخاصة بمدارس أصحاب الهمم مثل العلاج المهني والعلاج الفيزيائي.

حالات

تشمل برامج الصحة المدرسية الإشراف على الإسعافات الأولية والحالات الطارئة والتعامل معها وإحالتها إلى المستشفيات المختصة، والإشراف على صرف الأدوية داخل عيادة الصحة المدرسية وعلاج الطلبة المصابين بالسكري والربو وغيرهما.

 

التعاون في أداء «الصحة المدرسية» لمستقبل آمن للأجيال

أكد أولياء أمور ممن استطلع «البيان الصحي» آراءهم أهمية الصحة المدرسية كونها تتعامل مباشرة مع الشريحة الأكثر حيوية، والأكثر حاجة للرعاية والتوجيه والاهتمام بفعل العامل العمري، ألا وهي شريحة التلاميذ الصغار والطلبة في مراحل التعليم المتتالية الابتدائية والإعدادية والثانوية، لافتين إلى ضرورة التعاون بين الجميع وتوفير كل الدعم لتعزيز نجاحها، لضمان مستقبل آمن للأجيال.

 

وقال عماد حمدي إنه يجب التركيز على الجوانب الوقائية لحماية أجيال الغد من الأمراض على تنوّعها وتفاوت درجات خطورتها، وللوصول إلى القاعدة السليمة التي تركز على الوقاية من الأمراض، بدلاً من انتظار الإصابة بها ثم علاجها مع ما يكلف ذلك من عناء معنوي، وما يشكّل من أعباء تتطلب نفقات إضافية نحن في غنى عنها لاحقاً.

وأشار إلى أن إدارات الصحة المدرسية بحاجة إلى إمكانيات بشرية ومعدات طبية ومساعدة، تمكنها من أداء دورها بكفاءة عالية مطلوبة، ويجب أن تتكاتف الجهود الحريصة على تحقيقها لارتباطها بالأبناء، ثروة المجتمع وكل بيت.

جهود

من جانبها، قالت نهى الكسواني إنه يجب أن تتضافر الجهود للتأكد من احتواء كل مدرسة على عيادة طبية مجهزة، لدى انطلاق العملية التربوية التعليمية مطلع كل عام دراسي، إذ لا يعقل أن يبدأ وهناك مدارس تفتقر لعيادات طبية مصغرة ضرورية للتعامل مع مئات الطلبة يومياً.

وأشارت إلى أن المرض لا ينتظر، وآلامه لا ترحم الصغار، والعلاج يتطلب أن يكون المعالج موجوداً حتى يقوم بعمله في الوقت المناسب لتجنب أي مضاعفات قد تحدث لهم، ولا يمكن تقديم العلاج عبر الهاتف بناءً على وصفة من خلال قيام معلمة أو اختصاصية بالاتصال بالطبيب، فربما لا تتمكن من وصف حالة الطفل بشكل دقيق، على الأقل بسبب عجز الصغير عن التعبير عما يشعر به، فالتشخيص يجب أن يكون من الطبيب مباشرة.

بدوره، أشاد الدكتور فتحي سلامة، من قسم الإدارة الصحية بجامعة الفلاح، بدور الصحة المدرسية وبرامجها وخططها السنوية في مكافحة السمنة وتسوّس الأسنان وفقر الدم والسكري وغيرها الكثير، ضمن سياج من السلوكيات الصحية السليمة لدى الطلبة، في الحفاظ على صحتهم ودرء الإصابة بالأمراض، من خلال الرياضة والمشي وهجر العادات الغذائية التي تضر بالإنسان.

 

برامج

وأضاف أن الدور الأكبر لإدارات الصحة المدرسية يتطلب أن تكون مؤهلة لأداء مهني عالي المستوى، يُعنى بالتركيز على الوقاية قبل العلاج، ويعلّم الصغار والكبار في المدارس سبل الوصول إلى الوضع الصحي الأمثل، ما يستوجب توفير كل الدعم لها لتؤدي رسالتها على الوجه الأكمل.

وركز على أهمية برامج الوقاية من الأمراض المعدية من خلال الخطة الوطنية لتحصين الطلبة ضد الأمراض المعدية، والوقاية من الحوادث، ومراعاة قواعد السلامة بالمدرسة، فضلاً عن ضرورة توفير تأمين صحي لطلبة المدارس وعدم وجود أطباء وممرضين وعيادات طبية في مدارس الوزارة، وهو ما يخالف قانون التربية والتعليم.

وقال عباس فرض الله إنه ينبغي أن تكون الخدمات الصحية المدرسية في المقام الأول وقائية وتشمل الفحوص الصحية والرعاية البسيطة، وإجراء فحوص طبية لجميع الطلاب ثلاث مرات على الأقل في المرحلة الابتدائیة.

ودعا إلى تفعيل نظام ترخيص المدارس الخاصة وربط تجديد الترخيص بالالتزام بتعيين أطباء في هذه المدارس، مؤكداً ضرورة استحداث جهة معنية بالصحة المدرسية ضمن هيكلية وزارة التربية والتعليم، وتعيين معلم صحة مدرسية متخصص في المدارس.

 

Email