مجموعة بورصة لندن لـ«البيان»:

الإمارات تهيمن على سفن الشحن التجارية في المنطقة

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

هيمنت دولة الإمارات بفضل إمكاناتها الهائلة في قطاع النقل البحري على الحصة الكبرى من سفن شحن الحاويات التجارية بكل أحجامها، التي استقبلتها الموانئ في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا خلال الأعوام الخمسة الماضية، ويأتي هذا النجاح في ظل التفوق الهائل والاستثنائي لميناء جبل علي في دبي، الذي يعتبر من الأكبر عالمياً، ويمثل حجر الزاوية في تجارة دبي والإمارات والمنطقة.

وفي تحليل متعمق أجرته «البيان» لسفن شحن الحاويات من منظور السوق القارية، بالاعتماد على بيانات تاريخية لمجموعة بورصة لندن في الفترة ما بين عامي 2018 و2023، تبين أن ميناء جبل علي ما زال يستحوذ على الحصة الكبرى من سفن الحاويات التي تستقبلها الموانئ الخليجية والإقليمية بفارق كبير، كما يظهر أن الإمارات استحوذت على حصة تبلغ 45.7% من إجمالي سفن الحاويات التي استقبلتها موانئ الخليج خلال 2023، مبتعدة بشكل كبير عن أقرب منافس.

هيمنة إماراتية

وأظهرت البيانات أن الإمارات هيمنت على التجارة البحرية في منطقة الخليج خلال السنوات الخمس الماضية، حيث لا تزال تسيطر على الحصة الكبرى من سفن شحن الحاويات التي استقبلتها الموانئ الخليجية خلال تلك الفترة، إذ استقبلت موانئ الإمارات 9592 سفينة شحن حاويات خلال 2023، بحصة تبلغ 45.7% من إجمالي السفن التي استقبلتها موانئ دول الخليج الست، التي تتجاوز 21 ألف سفينة.

وهذا الأمر ينسحب على 2022، حيث استقبلت موانئ الإمارات 8665 سفينة شحن حاويات، بحصة تبلغ 47.1% من إجمالي السفن التي استقبلتها دول الخليج الست، التي تتجاوز 18.6 ألف سفينة، وفي 2021 استقبلت الدولة 8099 سفينة بحصة تبلغ 45.8% من إجمالي السفن التي استقبلتها دول الخليج، والتي تتجاوز 17.6 ألف سفينة. وخلال 2020 الذي تزامن مع جائحة كورونا، هيمنت الإمارات على الحصة الكبرى من السفن التي استقبلتها موانئ الخليج، بواقع 8411 سفينة مشكلة نسبة 46% من إجمالي سفن شحن الحاويات التي استقبلتها دول الخليج، التي تجاوزت 18.2 ألف سفينة، بينما استقبلت الدولة 7852 سفينة في 2019، ما يشكل نسبة 48.3% من إجمالي السفن التي استقبلتها دول الخليج، التي تجاوزت 16.3 ألف سفينة. واستقبلت موانئ الإمارات 7770 سفينة خلال 2018، ما يشكل نسبة 50% من إجمالي سفن الشحن التي استقبلتها دول الخليج، التي تتجاوز 15.6 ألف سفينة.

كفاءة الموانئ

وحول الدور المحوري لعمليات الموانئ الفعالة، أكد رانجيث راجا، رئيس أبحاث الشحن في أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا - مجموعة بورصة لندن، في تصريحات لـ«البيان»، أن جوهر كفاءة الموانئ يكمن في مدى سرعة تحميل وتفريغ الحاويات، لافتاً إلى أن ذلك يحدد معدل دوران السفن.

وأوضح راجا أن سفن الحاويات الكبيرة تفضل الموانئ، حيث يمكنها تفريغ وتحميل أكبر عدد ممكن من الحاويات في أقصر وقت، مشيراً إلى أن الجداول الزمنية الثابتة لهذه السفن، التي غالباً ما يتم التخطيط لها لمدة تصل إلى عام مقدماً، تعني أنه حتى التأخيرات الصغيرة يمكن أن تؤثر بشكل كبير في عملياتهم خلال الأشهر اللاحقة.

ووفقاً لراجا، فإن العمليات الموثوقة والقدرة على التعامل مع حجم كبير من الحاويات أمر بالغ الأهمية للموانئ الكبرى، وأشار إلى أن البنية التحتية المتقدمة في هونغ كونغ تعد مثالاً رئيسياً على هذه القدرة، وعلق قائلاً: «لا يتعلق الأمر بالحجم فحسب، بل يتعلق أيضاً بكفاءة العمليات وموثوقيتها».

أقرب المنافسين

ويظهر تحليل البيانات أن الإمارات تبتعد بمسافة كبيرة عن أقرب المنافسين لها خلال السنوات الخمس الماضية من ناحية حجم استقبالها لسفن الشحن التجارية، بما يمثل الضعف أحياناً، وأضعافاً في أحيان أخرى، فمثلاً خلال 2023، استقبلت الإمارات 9592 سفينة، وحلت ثانياً السعودية، التي استقبلت 4905 سفن، وثالثاً الكويت، التي استقبلت 2237 سفينة، ورابعاً سلطنة عمان، التي استقبلت 2077 سفينة، وخامساً قطر، التي استقبلت 1772 سفينة، وسادساً البحرين، التي استقبلت 453 سفينة.

ميناء جبل علي

ووفقاً لبيانات مجموعة بورصة لندن، فإن ميناء جبل علي يتربع على عرش الموانئ على المستوى الإقليمي الأوسع، وبفارق كبير عن كل الموانئ المنافسة له، ما يظهر الدور الذي يقوم به الميناء من ناحية إدارة سلاسل التوريد والكفاءة العالية في إدارة العمليات، وكذلك عملية ربط التجارة العالمية مع المنطقة، وهنا نتحدث عن كفاءة بشرية في الإدارة والتشغيل وتبني التكنولوجيا المتطور جداً، وبنية تحتية ذات كفاءة عالية وثقة عالمية عالية، وسمعة استثنائية لا تضاهى.

فبحسب بيانات 2023، حل ميناء جبل علي في الصدارة من ناحية حجم استقبال سفن الحاويات، حيث استقبل 5342 سفينة، وهذا ما يمثل الضعف بالنسبة لأقرب المنافسين، وأضعافاً بالنسبة للموانئ الأخرى في المنطقة، وحل ثانياً ميناء جدة السعودي، الذي استقبل 2696 سفينة، وثالثاً ميناء خليفة بـ2073 سفينة، ورابعاً ميناء بندر عباس في إيران بـ1939 سفينة، وخامساً ميناء أم سعيد في قطر بـ1418 سفينة، وسادساً ميناء صلالة بسلطنة عمان بـ1230 سفينة، وسابعاً ميناء الأحمدي في الكويت بـ1076 سفينة، وثامناً ميناء الملك عبدالله في السعودية بـ1004 سفن، وتاسعاً ميناء صحار في سلطنة عمان بـ740 سفينة، وعاشراً ميناء الدمام في السعودية بـ681 سفينة.

وهذه الأرقام الاستثنائية لجبل علي خلال العام الماضي تنسحب أيضاً على الأعوام السابقة، حيث تربع على صدارة الموانئ في المنطقة من ناحية حجم استقباله لسفن شحن الحاويات بأرقام متقدمة وبفوارق كبيرة عن كل الموانئ المنافسة في المنطقة.

قدرة تشغيلية

وقال راجا: أثناء بحثنا في نموذج المحور والأطراف السائد في شحن الحاويات، اكتشفنا أنه عندما تفرغ سفينة كبيرة حمولتها في ميناء رئيسي، تقوم السفن الصغيرة بتوزيع هذه الحاويات على الوجهات المحلية، ويؤكد هذا النموذج، كما خلص راجا، الأهمية الاستراتيجية للكفاءة اللوجستية في كل من الموانئ المحورية والإقليمية.

وأضاف: بمراجعة اتجاهات موانئ الحاويات العالمية من 2018 إلى 2023، نلاحظ اختلافات كبيرة في حركة المرور بين الموانئ الكبرى، مشيراً إلى قدرات المناولة الرائعة لميناء جبل علي، الذي أظهر زيادة ملحوظة في حركة السفن، وهو ما يعكس ليس فقط قدرته التشغيلية، ولكن أيضاً ديناميكيات سلسلة التوريد الأوسع في المنطقة.

وعلى المستوى المحلي، يسهم ميناء جبل علي بنسبة تصل إلى الثلث في الناتج المحلي الإجمالي لإمارة دبي، وبالفعل تظهر البيانات أن ميناء جبل علي استحوذ على حصة تتجاوز 57% من إجمالي السفن التي استقبلتها الدولة خلال 2023 بواقع 5342 سفينة، يليه ميناء خليفة بـ2073 سفينة، ثم ميناء خالد في الشارقة بـ514 سفينة، يليه ميناء جبل الظنة – الرويس في أبوظبي بـ373 سفينة، ثم ميناء عجمان بـ327 سفينة، ثم ميناء صقر في رأس الخيمة بـ202 سفينة.

اتجاهات اقتصادية

وسلط راجا الضوء على الطبيعة المتنوعة للسلع التي يتم شحنها عبر هذه الموانئ، بما في ذلك مواد الرعاية الصحية الأساسية خلال جائحة «كوفيد 19»، وأشار إلى أن الجائحة سلطت الضوء على الدور الحاسم لعمليات الموانئ الفعالة في الحفاظ على سلاسل التوريد، وخاصة فيما يتعلق بإمدادات الرعاية الصحية.

وشدد راجا على أهمية العمليات البرية قائلاً: إن الإدارة الفعالة لصيانة الشاحنات وتخزين الحاويات واسترجاعها لا تقل أهمية عن العمليات البحرية، وأكد ضرورة قيام الموانئ بإدارة السفن القادمة بشكل استراتيجي لتحسين قدرتها التشغيلية.

واستعرض راجا البيانات التي تظهر أن عدد السفن التي يتم التعامل معها في منطقة الشرق الأوسط قد تضاعف من 2018 إلى 2023، وهذا لا يشير فقط إلى نمو الطلب، لكنه يشير أيضاً إلى تطور ديناميكيات سلسلة التوريد في المنطقة، وقال: بينما يظل تركيزه الأساسي على سوق النفط، فإن بيانات الشحن هذه ضرورية لفهم الاتجاهات الاقتصادية واللوجستية الأوسع.

وأكد راجا أهمية كفاءة موانئ الحاويات في سلسلة التوريد العالمية، واختتم قائلاً: بينما نواصل تتبع هذه الاتجاهات، فإن الديناميكيات المتطورة لعمليات الموانئ ستكون بلا شك عاملاً حاسماً في تشكيل المشهد الاقتصادي الإقليمي والعالمي.

 

Email