محافظ المصرف المركزي يتوقع نمواً قوياً للاقتصاد 2021

ت + ت - الحجم الطبيعي
توقع معالي عبد الحميد محمد سعيد الأحمدي، محافظ المصرف المركزي، عودة قوية للنمو في الناتج المحلي الإجمالي لدولة الإمارات في 2021 مع مواصلة الحكومة تنويع مصادر الاقتصاد وتوفير المزيد من الإنفاق على البنية التحتية وتشجيع الاستثمار الخاص كمقياس للنمو والتوظيف الخاص.
وأضاف الأحمدي، في مقالة اليوم الثلاثاء بعنوان «موجز أحداث 2020 ونظرة مستقبلية»: "مثل عام 2020 فترة مليئة بتحديات واستثناءات أقل ما يقال عنها انها غير مسبوقة تمثلت بشكل أساسي في جائحة كوفيد-19 وتداعياتها التي أثرت على الشركات والقطاع الحكومي والخاص والجميع بشكل عام. وفي حين نظر البعض إلى الوضع على انه نهاية العالم، كنا نحن في دولة الإمارات، نقوم بمباشرة الأعمال ونتطلع إلى المستقبل بالمزيد من التفاؤل لوجود العديد من الفرص المتاحة ضمن النظام العالمي المتطور."
وتابع الأحمدي: "تمت دراسة كافة الاضطرابات والآثار المترتبة على الوباء حول العالم، حيث مازال ينتشر ويتحور مما أدى إلى ظهور حالات جديدة وتحديد مناطق حمراء أخرى من العالم. وعلى الرغم من استمرار انتشار الفيروس في أجزاء مختلفة من العالم، فإن الوتيرة السريعة لعملية التطعيم بالدولة تعطي إنطباعاً جيداً حول قرب عودة الحياة إلى طبيعتها، حيث تسير هذه العملية على الطريق الصحيح للوصول إلى تطعيم أكثر من 50% من السكان بحلول مارس 2021. 
وأضاف: "في حين ننتظر الأرقام النهائية للناتج المحلي الإجمالي العالمي والناتج المحلي الإجمالي لدولة الإمارات لعام 2020 فمن المتوقع أن يكون هناك انخفاض في حدود %3.5 و6% تقريباً. لكن المبشر هو أن هناك حالة من التفاؤل والتي تشير إلى عودة النمو في عام 2021. وقد شوهدت العلامات المبكرة لهذا النمو في أواخر النصف الثاني من عام 2020 مع عودة وتيرة انتعاش التجارة العالمية وتلاشي عوائق الحماية في التنقلات. إن الأداء الإيجابي للصين والجهود المنسقة من قبل الحكومات في جميع أنحاء العالم يعني أن الأمور تسير في الطريق الصحيح نحو عودة الحياة إلى طبيعتها."
وذكر محافظ المصرف المركزي، أن البيانات المالية للبنوك والمؤسسات المالية الأخرى للسنة المنتهية في 31 ديسمبر 2020 مشجعة للغاية وتظهر المرونة التي بناها النظام المصرفي بمرور الوقت، فقد زاد إجمالي الأصول والودائع والإقراض للنظام المصرفي وإن كان ذلك بشكل طفيف، كما أن معدلات كفاية رأس المال أعلى من المستويات المطلوبة (18.2% ومعدل كفاية الشق الأول من رأس المال 17.1%)، وتبلغ السيولة 18.4%، مع وجود مستويات ملائمة وكافية من المخصصات تعني أن البنوك والمؤسسات المالية في دولة الإمارات العربية المتحدة قد أظهرت صلابة وثبات في مواجهة الأزمة. وقد شهدت أرباح بعض البنوك انخفاضاً، إلا أن ذلك نتيجة طبيعية لعام استثنائي، وانخفاض الأرباح أفضل من الرغبة في القيام بأعمال غير مدروسة تؤثر بشكل أساسي على الملاءة المالية للبنوك. 
وذكر أن المصرف المركزي كان له دور أساسي في استقرار النظام النقدي والمالي والمصرفي بالدولة خلال الأزمة عن طريق التدخل السريع في الوقت المناسب من خلال خطة الدعم الاقتصادي الشاملة الموجهة والعديد من التسهيلات التنظيمية الأخرى التي وفرت الدعم اللازم وساعدت البنوك على أداء دورها بشكل أكثر فعالية ودون ضغوطات خلال أوقات صعبة للغاية ومليئة بالتحديات. كما قامت حكومة دولة الإمارات باتخاذ العديد من التدابير الناجحة لتسهيل ممارسة الأعمال التجارية والتخفيف من الرسوم والتكاليف لضمان استمرار زخم النشاط التجاري. 
وأشار إلى أن الاستفادة من خطة الدعم الاقتصادي الشاملة الموجهة والتي انخفضت الآن إلى حوالي 50% من وقت الذروة، مؤشراً قوياً على أن البنوك تعود الآن تدريجياً وبسلاسة إلى إمكانياتها وقدرتها لإدارة محافظها الائتمانية وتحديد أهدافها المستقبلية. وبنهاية عام 2020 تسلم مصرف الإمارات المركزي طلبات من البنوك للموافقة على توزيعات أرباح بقيمة تزيد عن 15 مليار درهم، وبعد التأكد من التزام تلك البنوك بالمتطلبات الاشرافية، تمت الموافقة مباشرةً على توزيعات الأرباح مما سيوفر سيولة نقدية في السوق لأصحاب الأسهم سواء كانوا هيئات ومؤسسات حكومية وخاصة أو أفراداً، وبالتالي تحفيز المزيد من الاستثمارات وزيادة دورة الإنفاق في الدولة.
وتابع: "بنهاية شهر ديسمبر 2020، كان هناك عدد من المؤشرات الإيجابية المشجعة للغاية تمثلت في عودة أسواق الأسهم تدريجياً إلى طبيعتها، كما كان هناك عدد من إصدارات السندات والصكوك مع عودة النشاط في أسواق رأس المال. وفي حين ظل التضخم في النطاق السلبي، إلا أنه كان هناك المزيد من ثقة المستهلك وبدأ الإنفاق يعود إلى مستوياته الطبيعية. كما تم التحقق من علامات الانتعاش في الربع الرابع من عام 2020 من خلال عدد من المؤشرات والتي توضح ارتفاع مؤشر المشتريات أعلى من 50 نقطة، كذلك ارتفاع معدلات التوظيف بالدولة في شهر ديسمبر بنسبة 1.7% على أساس شهري طبقاً لمؤشر نظام حماية الأجور الصادر عن المصرف المركزي. وأظهرت أسعار مبيعات العقارات، التي كانت متوقفة بالنسبة للبعض، زيادة على أساس شهري من حيث التقييمات وعوائد الإيجار."
وقال محافظ المصرف المركزي أن دولة الإمارات تتمتع بموارد طبيعية متعددة، وحكومة راغبة وقادرة على تحفيز النشاط الاقتصادي، وتركيبة سكانية متميزة تجمع بين المواطنين والمقيمين وكلاهما يتميز بالتحدي والإصرار على مواجهة أصعب التحديات. في عام 2020، شهدنا حل العديد من القضايا الجيوسياسية وظهور فرص تجارية واستثمارية جديدة، والتي لم تكن متاحة من قبل لذا فإنني أدعو مجتمع الأعمال والمصارف للمشاركة في هذا العصر الجديد لبدء دورة الاستثمار، والعمل على زيادة القدرة الائتمانية، ودعم العملاء المتضررين، وصياغة خارطة طريق مختلفة عما سبق. تحتاج البنوك والمؤسسات المالية الأخرى للنظر إلى الوضع الحالي بفكر مختلف وإعادة صياغة أهدافها واستراتيجياتها بما يتناسب مع العالم الجديد الذي تم إعادة تحديد معالمه الجيوسياسية، وفي ظل اقتصاد عالمي يتحول بسرعة إلى استخدام التكنولوجيا الرقمية في كافة أعماله، ووجهات تجارية جديدة ومستهلكين يطالبون بأفضل الخدمات.  
وأكد إن حكومة دولة الإمارات العربية المتحدة والمصرف المركزي متواجدون دائماً لتقديم الدعم في كافة المجالات التي تتطلب ذلك وفي الوقت المناسب، وسنواصل مراقبة كافة أنشطة الأعمال لضمان استمرار نموها سواء للأعمال القائمة أو الجديدة على حد سواء.
Email