الأسواق ترسّخ التعافي بمزيد من الصعود

ت + ت - الحجم الطبيعي

واصلت البورصات العالمية أمس التحسن الذي سجلته الخميس، في تباين كبير مع مطلع الأسبوع، بعد ظهور بصيص أمل نتيجة تحرك المصارف المركزية والحكومات للتصدي لفيروس «كورونا».

ففي وول ستريت، ارتفع مؤشر داوجونز 1.3%، وصعد مؤشر إس آند بي 1.1%، وزاد مؤشر ناسداك 2.2%.

صعود أوروبي

وقفزت الأسهم الأوروبية لليوم الثاني على التوالي، إذ أغرت موجة من التحفيز المالي والنقدي المستثمرين بالشراء مجدداً بأسواق الأسهم بعد أيام من عمليات بيع بفعل مؤشرات على أن العالم يتجه صوب ركود كبير مدفوع بتفشي فيروس (كورونا).

وارتفع مؤشر ستوكس 600 الأوروبي 4.9% وتتجه صوب محو خسائر الأسبوع بالكامل.

وقفزت أسهم السفر والترفيه 7.6% في تحرك مفاجئ، لتقود المكاسب بين القطاعات الفرعية الأوروبية، بينما أضافت شركات الطاقة 7.3% على خلفية تعافي أسعار النفط.

وقفزت أسهم البنوك 4.2% من أدنى مستوياتها في ثلاثة عقود بعد أن انضم البنك المركزي في بريطانيا إلى نظرائه في أوروبا في تعليق اختبارات التحمل لعام 2020.

لكن مؤشر ستوكس 600 بصدد تسجيل أسوأ أداء في شهر منذ أكتوبر 1987 إذ يجبر فيروس (كورونا) السريع الانتشار العديد من الدول في التكتل لفرض حالة عزل.

وارتفع مؤشر فايننشال تايمز 1.17%، وصعد مؤشر داكس 3.5%، وزاد مؤشر كاك 4.2%. كما تحسنت بورصة ميلانو بمعدل 3% ومدريد بأكثر من 3%.

ارتفاع الذهب

وارتفعت أسعار الذهب إذ فاق الإقبال على شراء أصول الملاذ الآمن أثر تدافع صوب السيولة في ظل مخاوف بشأن الضرر الاقتصادي الناجم عن «كورونا»، لكن المعدن الأصفر اتجه صوب ثاني انخفاض أسبوعي في الوقت الذي باع فيه المستثمرون المعدن لتغطية مراكز شراء بالهامش في أصول أخرى.

وربح الذهب في المعاملات الفورية 2% إلى 1499.92 دولاراً للأوقية بعد أن انخفض 1% في الجلسة السابقة واتجه صوب تسجيل انخفاض في الأسبوع. وصعد الذهب في العقود الآجلة الأمريكية 0.6% إلى 1487.90 دولاراً. وقال جيفري هالي كبير محللي السوق لدى «أواندا»: «إنه شراء للتحوط من المخاطر بالتأكيد..

ماذا بمقدورك أن تشتري لكي تتحوط من مخاطر نهاية الأسبوع؟ تستطيع أن تملك إما السيولة أو المعادن النفيسة، هذا كل ما في الأمر».

وبالنسبة للمعادن النفيسة الأخرى، ارتفع البلاديوم 3% إلى 1701.53 دولار للأوقية، وقفز البلاتين 4.6% إلى 613.54 دولاراً لكنه بصدد تسجيل أكبر انخفاض أسبوعي على الإطلاق.

حركة العملات

وخسر الدولار قوة الدفع بعد صعود أدى به لأن يتجه صوب تحقيق أكبر مكسب أسبوعي منذ الأزمة المالية العالمية في 2008، إذ تسبب فيروس (كورونا) في تدافع صوب السيولة مما سحق أسواق الأصول. وارتفع الدولار 3.5% مقابل سلة من العملات خلال الأسبوع الذي قام فيه المستثمرون بتسييل كل شيء من الأسهم إلى السندات والذهب والسلع الأولية.

وقاد الدولار الأسترالي التعافي الجزئي بين العملات الكبرى المتضررة إذ ربح 3% إلى 0.5897 دولار أمريكي. وارتفع الجنيه الاسترليني 1.5% من أدنى مستوى في 35 عاماً إلى 1.1654 دولار.

وصعد الين 0.7% إلى 109.97 للدولار. وارتفع الوون الكوري الجنوبي أكثر من 3% من أدنى مستوى في 11 عاماً، في ظل مكاسب أوسع نطاقاً في أسواق الأسهم بالمنطقة.

لكن في ظل مؤشرات على استمرار ارتفاع مستوى الضغط في النظام المالي، حتى في الوقت الذي تضخ فيه البنوك المركزية في أنحاء العالم دولارات بسعر رخيص للبنوك، يتوقع القليلون ارتداداً لصعود الدولار.

وقال تانغي لو ليبو الخبير في مجموعة «أوريل بي جي سي»، إن التدابير الأخيرة التي اتخذتها المصارف المركزية والحكومات وتفوق بكثير تلك التي أعلنتها سابقاً كان لها وقع ساهم في استقرار أسواق المال وسمحت بتسجيل تحسن ملحوظ. لكن الأوضاع تبقى صعبة مع تجاوز حصيلة ضحايا الفيروس 10 آلاف وفاة.

وكانت المصارف المركزية وحكومات الدول الواحدة تلو الأخرى قد أعلنت برامج كبيرة تفادياً للانكماش الاقتصادي وانهيار البورصات. وقدم الجمهوريون في مجلس الشيوخ الأمريكي حزمة مساعدات بنحو تريليون دولار لإنقاذ الاقتصاد، في حين تم صرف 70 ألف شخص من وظائفهم في أسبوع واحد في الولايات المتحدة.

وبعد التدابير الحازمة للاحتياط الأمريكي، أعلن البنك المركزي الأوروبي الأربعاء عن خطة طوارىء بقيمة 750 مليار يورو لإعادة شراء ديون عامة وخاصة. يضاف ذلك إلى مساعدات أولى بقيمة 120 مليار يورو تم صرفها وإلى البرنامج المعهود لإعادة شراء أسهم بقيمة 20 مليار يورو يقوم به البنك المركزي.

اقتصاد الصين

من جانب آخر، قال مسؤولون بصندوق النقد الدولي في مدونة بشأن التأثير الاقتصادي لتفشي وباء فيروس «كورونا» إن اقتصاد الصين بدأ يظهر بعض المؤشرات على العودة إلى الوضع الطبيعي عقب صدمة شاملة ناجمة عن الفيروس، لكن المخاطر الأكثر بروزاً تظل قائمة.

وذكر مسؤولو صندوق النقد أن معظم الشركات الصينية الأكبر حجماً استأنفت العمل وإن الكثير من الموظفين المحليين عادوا إلى أعمالهم، لكن الإصابات قد ترتفع مجدداً مع استئناف السفر المحلي والدولي. وأضافوا أن حالات التفشي في دول أخرى واضطراب الأسواق المالية قد يؤدي إلى حذر من جانب المستهلكين والشركات تجاه السلع الصينية في الوقت الذي بدأ فيه الاقتصاد فقط يعود إلى النشاط.

نزوح قياسي

أظهرت بيانات أسبوعية لتدفقات الصناديق من «بنك أوف أمريكا» أن عمليات بيع جميع الأصول في السوق أدت إلى تراجع حاد في كل فئة من فئات الأصول تقريباً، فيما سجلت صناديق السندات نزوحاً قياسياً للتدفقات بقيمة 109 مليارات دولار.

وأدى ارتفاع حالات الإصابة والوفيات بفيروس «كورونا» خارج الصين إلى إطلاق عمليات بيع ضخمة fسوق الأسهم، وسحب المستثمرون 20.7 مليار دولار من الأسهم مع نزوح 20.2 مليار دولار في يوم واحد فقط.

كما شهد يوم الاثنين الماضي تخارجاً قياسياً قدره 4.7 مليارات دولار من صناديق سندات الأسواق الناشئة، مما قاد لنزوح أسبوعي قدره 18.8 مليار دولار. ودفعت عمليات العزل غير المسبوقة في مدن كبرى والتبعات الاقتصادية المحتملة البنوك المركزية والحكومات للإعلان عن إجراءات تحفيز ضخمة.

Email