الأسواق العالمية تتماسك وتستجيب لخطط التحفيز

ت + ت - الحجم الطبيعي

صعدت أسواق الأسهم الأمريكية والأوروبية، أمس، وارتفعت أسعار النفط بنسبة 25 % عما كانت عليه أول من أمس، بعد تحركات من الاحتياطي الفيدرالي لجلب شيء من الاستقرار للسوق، بالتزامن مع تحركات من البنوك المركزية على مستوى العالم، لتهدئة الأسواق المالية المتوترة،.

ووقّع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خطّة طارئة بقيمة 100 مليار دولار أقرّها الكونغرس، وتهدف خصوصاً لضمان حصول العمال الأمريكيين الذين يصابون بفيروس كورونا المستجدّ على إجازة مرضية مدفوعة الأجر.

وذلك بانتظار انتهاء المفاوضات بين البيت الأبيض والكونغرس على خطة ضخمة لإنعاش الاقتصاد يمكن أن تصل قيمتها إلى 1.3 تريليون دولار، في حين يرى أحد الخبراء أن العالم يحتاج إلى 26 تريليون دولار لتحفيز الاقتصاد.

كما أعلن المصرف المركزي الأوروبي إطلاق برنامج بقيمة 750 مليار يورو لشراء قروض عامة وخاصة، في خطوة مفاجئة يسعى من خلالها للحدّ من التداعيات الاقتصادية لجائحة فيروس كورونا المستجدّ.

وخصص البنك 115 مليار يورو (124 مليار دولار) ضمن تسهيل إقراض طويل الأجل مدته ثلاث سنوات، أمس، في أول عطاء يطرحه منذ تخفيف الشروط لتشجيع البنوك التجارية على الاقتراض.

وفي مواجهة ركود عميق وانهيار بالأسواق، قرر البنك المركزي الأسبوع الماضي توفير مزيد من السيولة للبنوك وخفض أسعار الفائدة إلى سالب 0.75 %، مما يعني دفع الأموال إلى المقرضين إذا أقرضوا المال بدورهم إلى الاقتصاد الحقيقي.

وأعرب وزير الاقتصاد الألماني بيتر التماير عن أمله في أن تستقبل الأسواق والبورصات برنامج المساعدات الطارئ للبنك المركزي الأوروبي بشكل إيجابي.

وفي حديث لإذاعة «دويتشلاند فونك»، قال الوزير المنتمي إلى حزب المستشارة أنجيلا ميركل المسيحي الديمقراطي، أمس، إن هذا البرنامج يمثل إجراءً واسع النطاق للغاية يستهدف تعزيز ثقة الأسواق المالية الدولية.

وطالب الوزير الألماني بالعمل على منع اختلال وضع منطقة اليورو بشكل عام، وأعرب عن اعتقاده بضرورة عدم ارتكاب خطأ أن يعمل كل بلد من أجل نفسه، وطالب بأن يتم نقاش المشكلات على الصعيد الأوروبي.

كان البنك المركزي الأوروبي قد أعلن في ساعة مبكرة من صباح اليوم عن إطلاق برنامج طارئ لشراء سندات بقيمة 750 مليار يورو (820 مليار دولار) في أحدث محاولة لتهدئة الأسواق وحماية اقتصاد منطقة اليورو الذي يكافح من أجل مواجهة وباء كورونا. وقالت كريستين لاجارد، رئيسة البنك في تغريدة: «الأوقات غير العادية تتطلب إجراءات استثنائية..

لا توجد حدود لالتزامنا باليورو». ويعد هذا الإجراء الأحدث ضمن استجابة عالمية متصاعدة لتفشي الفيروس، ويهدف البنك من خلاله إلى منع حدوث المزيد من الاضطرابات في الأسواق المالية بسبب أزمة كورونا بحيث يتم تفادي المزيد من الأعباء على الاقتصاد. ويتوقع خبراء حدوث انكماش اقتصادي في ظل هذا الوباء.

وأقرت الحكومة الألمانية حزمة مساعدات تصل قيمتها إلى 50 مليار يورو لدعم الأفراد أصحاب المشاريع التجارية والشركات متناهية الصغر بسبب التداعيات الاقتصادية الناجمة عن أزمة كورونا.

وطلب ماركوس زودر، رئيس حكومة ولاية بافاريا الألمانية، من الحكومة الاتحادية في برلين حزمة مساعدات لا تقل قيمتها عن 100 مليار يورو للتخفيف من التداعيات الناجمة عن أزمة كورونا على الاقتصاد. كما تعهد رئيس كوريا الجنوبية مون جيه-إن أمس بتقديم 50 تريليون وون (39 مليار دولار) في شكل تمويل طارئ للشركات الصغيرة وإجراءات تحفيز أخرى لدعم الاقتصاد المتضرر من تفشي فيروس كورونا.

الحزمة هي الأحدث في سلسلة خطوات اتخذتها سول في الأيام القليلة الماضية لتخفيف الضغط على رابع أكبر اقتصاد في آسيا وشملت خفضاً لأسعار الفائدة وميزانية إضافية بقيمة 11.7 تريليون وون (9.12 مليارات دولار) وتوفير المزيد من معروض الدولار.

التمويل المطلوب

ويرى أحد أفضل صناديق الاستثمار في أستراليا من حيث الأداء أن التمويل المطلوب لتحفيز الاقتصاد العالمي في مواجهة تداعيات انتشار فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) قد يعادل حوالي 30% من إجمالي الناتج المحلي للعالم بما يعادل حوالي 26 تريليون دولار وفقاً لتقديرات صندوق النقد الدولي في العام الماضي. ويزيد هذا الرقم عن حجم سوق سندات الخزانة الأمريكية الذي بلغ أقل من 17 تريليون دولار بنهاية فبراير الماضي.

وبحسب هاميش دوجلاس رئيس مجلس الإدارة ومدير الاستثمار في شركة ماجلان فاينانشال جروب الأسترالية للاستثمار، فإن النتيجة الأقرب احتمالاً للجهود الرامية إلى احتواء الفيروس هي إصابة الاقتصاد العالمي بحالة شلل خلال الفترة من شهرين إلى ستة أشهر مقبلة، وهو ما سيؤدي على الأرجح إلى انهيار الطلب بالنسبة للكثير من الشركات والأعمال خلال هذه الفترة.

ونقلت وكالة بلومبرغ للأنباء عن دوجلاس الذي تدير شركته استثمارات بقيمة 58 مليار دولار القول «لا نستطيع تقييم النتيجة الأكثر احتمالا في هذه المرحلة لأننا لا نستطيع تحديد مدى وفاعلية الإجراءات المالية والنقدية المحتملة التي ستتخذها الحكومات والبنوك المركزية» للتعامل مع تداعيات الأزمة.

ارتفاعات الأسهم

وسجلت الأسهم الأوروبية ارتفاعات قوية بنهاية تداولات أمس من أدنى مستوى في سبع سنوات تقريباً إذ بعثت مجموعة جديدة من إجراءات التحفيز القوية من جانب البنك المركزي الأوروبي بصيصاً من الأمل بشأن استعداده للتعامل مع الأزمة الصحية الكبيرة التي تواجهها القارة. وبعد تداولات متقلبة للعقود الآجلة للمؤشر يورو ستوكس 50 بنسبة 2.86%، مع صعود جميع مؤشرات الدول الرئيسية.

وارتفع مؤشر داكس 30 الألماني بنسبة 2%. و صعد مؤشر كاك 40 الفرنسي بنسبة 2.64%. كما ارتفع مؤشر فوتسي 100 البريطاني بنسبة 1.83%. ومؤشر إيبكس 35 الإسباني بنسبة 1.95%. وارتفع مؤشر مؤشر بورصة ميلانو 40 الإيطالي يصعد بنسبة 2.2%.

وصعدت الأسهم الأمريكية، بعد تحركات من الاحتياطي الفيدرالي لجلب شيء من الاستقرار للسوق، بالتزامن مع تحركات من البنوك المركزية على مستوى العالم، لتهدئة الأسواق المالية المتوترة. وصعد مؤشر داو جونز الصناعي مقدار 284.91 نقطة، بنسبة 1.43%، وستاندرد آند بورز 500 سجل 1.8%، وناسداك 100 سجل 1.7%.

وقرّرت بورصة نيويورك إغلاق قاعة المداولات اعتباراً من الاثنين المقبل بسبب فيروس كورونا المستجدّ والإبقاء على التداولات الإلكترونية، وفق ما أعلنت الأربعاء إدارتها.

وأعلنت «إنتركونتيننتال إكستشينج» مالكة بورصة نيويورك أنّ التدبير الذي يدخل الاثنين حيّز التنفيذ هو «خطوة احترازية للحفاظ على صحّة الموظفين والعاملين في القاعة». ويعارض مسؤولو البورصة الوقف التام للتداول على الرّغم من الهبوط الحادّ في الأسواق، وقد اعتبروا في بيان أن إغلاق قاعات التداول لن يعيق عمل البورصة.

هبوط الآسيوية

سجلت مؤشرات الأسهم الآسيوية تراجعات حادة أمس، بعد تراجعات شبيهة في وول ستريت، وذلك بضغط من استمرار تفشي فيروس كورونا حول العالم. وأغلق مؤشر كوسبي للأسهم الكورية الجنوبية متراجعاً بصورة حادة بـ 39. 8% في ظل تسجيل ارتفاع في أعداد المصابين لليوم الثالث على التوالي. وتراجع مؤشر نيكي 225 القياسي للأسهم اليابانية بمقدار بـ 04. 1% بعدما كان ارتفع بـ 6 .2% في بداية التداولات.

وتراجع مؤشر شنغهاي المجمع للأسهم الصينية بنسبة 98. 0%، ومؤشر هانج سينج لأسهم هونج كونج بنسبة 61. 2%.

وشهدت وول ستريت المزيد من الخسائر الثقيلة يوم أمس رغم التدابير الجديدة التي أعلنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للتعامل مع تبعات وباء كورونا.

ركود الأسواق الناشئة

وحذر بنك الاستثمار الأمريكي جيه.بي مورجان من أن التأثير الاقتصادي المعرقل لفيروس كورونا سيدفع الدول الأفقر في العالم باستثناء الصين إلى ركود بحلول منتصف العام. وقال البنك «نتوقع الآن ركوداً في النصف الأول من 2020 في الأسواق الناشئة باستثناء الصين مع تعزيز الاحتواء وانكماش الأسواق المتقدمة».

ومن المتوقع أن يسجل التأثير على أمريكا اللاتينية (-12 %) وأوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا (-13 %) أكبر تراجع في فصل واحد في هذه المناطق منذ 2008-2009 خلال الشهور المقبلة.

أسعار النفط ترتفع 25 %

صعد النفط الأمريكي بنسبة 25 % أمس غداة قرار المصرف المركزي الأوروبي، وغداة خسارته 24 % من قيمته، قفز سعر خام غرب تكساس الوسيط بنسبة 17,2 % ليصل سعر البرميل إلى حوالي 25.80 دولاراً، في حين ارتفع سعر خام برنت المرجعي بنسبة 15.27 % ليصل إلى 28.79 دولاراً للبرميل، وذلك بعدما أغلق على تراجع بنسبة 14 %.


وقال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أمس، إنه سينخرط في حرب أسعار النفط الدائرة بين السعودية وروسيا في الوقت المناسب، مضيفاً أن أسعار البنزين المنخفضة جيدة للمستهلكين الأمريكيين حتى لو كانت تضر بالقطاع.

وأبلغ ترامب الصحافيين خلال مؤتمر صحافي في البيت الأبيض «نحاول العثور على حل وسط من نوع ما،» موضحاً أنه تحدث إلى عدة أشخاص بخصوص النزاع.

وقال «إنه أمر مدمر للغاية بالنسبة لروسيا، فاقتصادهم بأسره معتمد على ذلك وأسعار النفط أصبحت الأدنى خلال عقود، لذا الأمر مدمر للغاية لروسيا. قد أقول إنه سيئ جداً للسعودية لكنهم يخوضون معركة، معركة على الأسعار، معركة على الإنتاج. سأتدخل في الوقت المناسب.

Email