الأسواق العالمية تتهاوى تحت ضغوط كورونا وقيود السفر

ت + ت - الحجم الطبيعي


شهدت الأسواق العالمية أمس تدهوراً يبدو وكأن لا نهاية له، بعد أن أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تعليق جميع الرحلات الجوية من أوروبا إلى الولايات المتحدة لمدة 30 يوماً بسبب فيروس كورونا المستجد الذي رفعته منظمة الصحة العالمية إلى مستوى الجائحة.

وافتتحت أسهم أمريكا على تراجع 1600 نقطة، أي أكثر من 7%، الأمر الذي أدى إلى إيقاف تداول الأسهم في وول ستريت ربع ساعة نتيجة الخسائر الحادة.

وتراجع مؤشرا ستاندرد آند بورز 500 وناسداك أمس 20% عن الذروة المسجلة لهما في إغلاق 19 فبراير، ما يدخلهما في نطاق المراهنة على انخفاض الأسعار بعد قرار الرئيس دونالد ترامب الصادم بتعليق جميع الرحلات القادمة من أوروبا.

وهبط مؤشر داو جونز الصناعي 1902.94 نقطة بما يعادل 8.08 % ، ونزل ستاندرد آند بورز 193 نقاط أو 7 % ليسجل 2,557.38 نقطة، وانخفض ناسداك المجمع 553.47 نقطة أو 6.96% إلى 7398.58 نقطة.

وكان لإعلان منظمة الصحة العالمية وقع شديد نشر الهلع في وول ستريت أول من أمس، فهوى مؤشر داو جونز الصناعي، بنسبة 5.86% إلى 23553.22 نقطة عند الإغلاق.

وتراجعت البورصات الأوروبية بعد قرار ترامب وبعد أن جاءت قرارات البنك المركزي الأوروبي بشأن مواجهة تداعيات انتشار فيروس كورونا المستجد (كوفيد 19) أقل دون توقعات المستثمرين.

وتراجع مؤشر يوروستوكس 50 للأسهم الأوروبية الممتازة بنسبة 9.54 % إلى 2632.19 نقطة، في الوقت الذي عرضت فيه كريستين لاجارد رئيسة البنك المركزي الأوروبي خطة البنك لمواجهة تداعيات الأزمة. كما تراجع اليورو أمام الدولار بنسبة 0.94 % إلى 1.1161 دولار لكل يورو.

و سجل المؤشر الرئيسي لبورصة ميلانو للأوراق المالية في إيطاليا أكبر تراجع يومي له منذ إطلاقه في 1998.

وتراجع مؤشر "إف.تي.إس.إي إم.آي.بي" الرئيسي لبورصة ميلانو بنسبة 16.9% في ختام تعاملات أمس.

وشهدت بورصة باريس أسوأ تراجع لها في تاريخها، حيث أغلقت على انخفاض بنسبة 12,28% وخسر مؤشر "كاك 40" 565 نقطة، لينتهي عند 4044,26 نقطة، علماً بأنّ هذا المؤشر كان خسر 7,3% عند الإغلاق يوم هجمات 11 سبتمبر 2001، و7,7% في 10 أكتوبر 2008 في ظلّ الأزمة المالية العالمية.

وسجّلت بورصة لندن تراجعاً حاداً بلغ أكثر من 10% قبل ساعة من الإغلاق، بسبب الهلع المسيطر جراء فيروس كورونا المستجدّ والإحباط من تدابير البنك المركزي الأوروبي.

وبنهاية تداولات الأسواق الآسيوية، تراجعت أسواق اليابان والصين وأستراليا خلال تداولات أمس، وهبط مؤشر نيكي 225 الياباني بنسبة 4.4% إلى 18559.63 نقطة. وتراجع مؤشر توبكس في بورصة طوكيو بنسبة 4% إلى 1327 نقطة.

وفي الصين، تراجع مؤشر هانج سينج بنسبة 3.66% إلى 24309 نقاط، كما تراجع مؤشر سي إس أي 300 بنسبة 1.92% ليغلق عند 3950.91 نقطة.

وفي أستراليا، تراجع مؤشر ستاندرد أند بورز 200 بنسبة 7.36% ليصل إلى 5304.6 نقاط. وتراجعت العقود المستقبلية لمؤشر ستاندرد أند بورز 500 بنسبة 3.47% إلى 2645.25 نقطة، كما تراجعت العقود المستقبلية لمؤشر ناسداك بنسبة 3.65% إلى 7711.75 نقطة.

وارتفع الين، الذي يعد ملاذاً آمناً للمستثمرين، بشكل كبير مقابل الدولار واليورو، وهي حركة غير مواتية للغاية للمجموعات المصدرة اليابانية. وكان الدولار يساوي 103.65 ين، مقابل 104.42 ين الأربعاء بعد إغلاق بورصة طوكيو.

وجرى تبادل اليورو مقابل 1.1270 دولار قريباً من سعر صرفه في اليوم السابق (1.1279 دولار يوم الأربعاء). وفي سوق المعادن النفيسة هوى البلاديوم أكثر من 11% أمس، متجهاً صوب أكبر انخفاض يومي له منذ 2008، في حين فقد الذهب أكثر من 4.2%، ما دفع المستثمرين القلقين لتسييل شتى الأصول.

وكان السعر الفوري للذهب منخفضاً 3.4% إلى 1578.99 دولاراً للأوقية (الأونصة). ونزلت عقود الذهب الأمريكية الآجلة 3.7% لتسجل 1581.30 دولاراً.

صندوق النقد

وحث صندوق النقد الدولي الدول على العمل سوياً في مواجهة تفشي فيروس كورونا سريع الانتشار، ودعا إلى مزيد من التبرعات لمساعدة البلدان الأشد فقراً على التعامل مع الجائحة المتصاعدة.

وقال جيري رايس المتحدث باسم الصندوق: إن من السابق لأوانه تقييم أثر التراجع الحاد في أسعار النفط على الاقتصاد العالمي، لكن صندوق النقد سيصدر توقعات أدق فيما يتعلق بذلك التطور والجائحة الفيروسية خلال الشهر المقبل.

وأضاف أن الصندوق يتعامل على وجه السرعة مع جميع طلبات المساعدة المقدمة من الدول الأعضاء فيما يتعلق بفيروس كورونا، بما في ذلك تلك القادمة من إيران.

ويعزو جون غرينوود، كبير الاقتصاديين في إنفسكو، تفاعل الأسواق بشدة مع هذه الأحداث إلى حالة عدم اليقين وعدم القدرة على التنبؤ بهذا الفيروس. ويقول في ذلك: «أنا أرى أنه من غير الممكن فهم ردود الفعل هذه إلا على المدى القصير، في ظلّ عدم قدرة أحد على التنبؤ بدقة بمسار هذا الفيروس. وكلنا يعلم أن الأسواق تكره عدم اليقين».

«بيع بيع بيع»

قال فينسنت بوي، محلل الأسواق لدى شركة «إي جيه فرانس» إن إعلان ترامب «فاجأ المستثمرين» فيما كانت الأسواق تنتظر دعماً كبيراً للاقتصاد الأمريكي. وتوقع أن تواصل الأسواق «تقهقرها» على المديين القصير والمتوسط.

ولخص المحلل لدى «أكسيكورب» ستيفين إينيس الحالة المزاجية في قاعات التداول بعد إعلان ترامب بقوله «بيع بيع بيع»، لأن «قيود السفر تعني مزيداً من التباطؤ في النشاط الاقتصادي العالمي».

وكتب ترامب في تغريدة لاحقة: «من المهم للغاية أن تعرف الدول والشركات أن التجارة لن تتأثر بأي شكل من الأشكال» بسبب القيود المفروضة على السفر من أوروبا، لكن ذلك لم يقنع الأسواق.

استياء أوروبي

وأعلن الرئيس الأمريكي تعليق جميع الرحلات من أوروبا إلى الولايات المتحدة (باستثناء المملكة المتحدة) ابتداءً من أمس في محاولة لوقف انتشار فيروس كوفيد-19 على الأراضي الأمريكية.

وقال ترامب: إن إدارته لم تبلغ الدول الأوروبية بشكل كامل بحظر السفر على خلفية تقشي فيروس كورونا المستجد الذي تم فرضه الأسبوع الجاري على القادمين للولايات المتحدة من دول منطقة شنجن لأن الأمر كان بحاجة إلى قرار فوري.

وقال ترامب في البيت الأبيض: "كان علينا أن نتحرك بسرعة"، مضيفا أن بريطانيا مستبعدة من الحظر، حيث إنه يرى أن حكومتها تؤدي على نحو جيد في مواجهة انتشار الفيروس.

وكانت رئيسة المفوضية الأوروبية أورزولا فون دير لاين ورئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل قالا في بيان مشترك: «الاتحاد الأوروبي لا يوافق على اتخاذ القرار بصورة أحادية ودون تشاور».

كما أعلن البنك المركزي الأوروبي أمس عن حزمة إجراءات شاملة لمواجهة تداعيات أزمة كورونا، وتتضمن هذه الحزمة تخصيص 120 مليار يورو لتوفير قروض طارئة جديدة للبنوك وزيادة شراء السندات، لكنه أبقى على أسعار الفائدة دون تغيير في خطوة قد تحبط الأسواق المالية.

وأعلنت كريستين لاجارد، رئيسة البنك المركزي الأوروبي، أمس، تخفيض البنك توقعاته الخاصة بنمو اقتصاد منطقة اليورو للعام الحالي وللعام المقبل بسبب أزمة فيروس كورونا.

ويتوقّع البنك أن يحقق اقتصاد منطقة اليورو معدل نمو بنسبة 0.8% هذا العام، مقابل توقعات في ديسمبر الماضي بتحقيق 1.1%. كما توقع البنك أن يصل معدل النمو إلى 1.3% العام المقبل، مقابل توقعات سابقة بتحقيق 1.4% قبل لعامي 2021 و2022.

وأبقت لاجارد على توقعات البنك الخاصة بمعدلات التضخم في منطقة اليورو للعام الحالي عند 1.1%، مشيرة إلى وجود «قدر كبير من عدم اليقين» في هذه النسبة بسبب تراجع الطلب وانهيار أسعار النفط. كما أبقت رئيسة البنك المركزي الأوروبي على التوقعات الخاصة بمعدلات التضخم للعامين القادمين، عند 1.4% لعام 2021، وعند 1.6% لعام 2022.

Email