من يصمد أكثر في الحرب النفطية

ت + ت - الحجم الطبيعي

تشهد سوق النفط العالمية حرباً سعرية حقيقية تهدف في المقام الأول إلى إخراج النفط الصخري الأمريكي من المعادلة، بعد أن كان المتسبب الرئيسي في تراجع أسعار النفط العالمية منذ عام 2014، وحتى الآن.

وبحسب تحليل نشرته أمس شبكة «إس إن بي سي»، تعد الحرب السعرية الراهنة بمثابة حالة غير مسبوقة في سوق النفط العالمية.

وقال جوهان بينيني، مؤسس ورئيس شركة «جيه بي سي إينرجي» الأمريكية للنفط والغاز: «كنا في البداية نشهد صدمة في الطلب على النفط بسبب انتشار فيروس «كورونا» المُستَجَد، والآن نشهد صدمة في العرض بعد إخفاق الدول الأعضاء في منظمة الدول المصدرة للنفط «أوبك» في الاتفاق على خفض الإنتاج». ووصف بينيني ما يحدث الآن في سوق النفط بأنه حرب نفط عالمية.

وأضاف: «عندما نحاول فهم هذا الوضع، نشعر بدهشة حقيقية، إننا الآن نصنع التاريخ. يمكننا وصف هذه اللحظة بحرب نفط عالمية. الوضع ليس في حقيقة الأمر أن المملكة العربية السعودية تتحدى روسيا، كما يقول الجميع. ربما يكون في ذلك شيء من الصواب، إلا أن روسيا لطالما قالت إنها تود النيل من صناعة النفط الصخري».

وقال كريس ميدجلي، رئيس قسم التحليلات لدى منصة «إس أند بي جلوبال بلاتس» لمعلومات النفط: «الآن، بعد أن دخلت السعودية الحرب السعرية، فإنها سبقت روسيا في إعلان الحرب على النفط الصخري الأمريكي». وأضاف بقوله: «يترقب الجميع الآن في سوق النفط العالمية من سيستسلم أولاً في هذه الحرب».

وبدوره، قال كريس ويفر، الشريك في «ماكرو أدفايزوري» لاستشارت النفط: «تمتلك روسيا عملة مرنة، فيما يرتبط الريال السعودي بالدولار الأمريكي. ومن المتوقع أن تصمد روسيا فترة تتراوح بين الـ3 إلى الـ6 أشهر المقبلة.

وأضاف: «وفي المقابل، فإذا كان انخفاض الأسعار سيعرض الأرصدة المالية لدى السعودية لاختبار، فإن انخفاض الكلفة مع انخفاض الديون واللجوء إلى الاحتياطيات السيادية سيساعدان السعودية في الصمود».

من جانب آخر، ألقى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب باللوم على معركة حصص سوق النفط الدائرة حالياً وعلى «أخبار كاذبة» لم يحددها في التراجع المطرد لأسعار الأسهم الأمريكية، وسط انخفاض في الطلب على الخام بسبب فيروس كورونا.

وقال ترامب في سلسلة تغريدات إن تهاوي أسعار النفط سيعود بالنفع على الأمريكيين. وقال «جيد للمستهلك، أسعار البنزين تنزل!». وفي إشارته إلى «الأخبار الكاذبة»، بدا أن ترامب يعني التغطية الإعلامية لفيروس كورونا.

وتفيد حسابات أجرتها رويترز أنه في ظل فقد النفط أكثر من ثلث قيمته بين عشية وضحاها بعد انهيار تحالف أوبك+، تنزف الدول الأعضاء في أوبك أكثر من نصف مليار دولار يومياً بسبب فاقد الإيرادات.

ففي معظم الحالات، يتصدر النفط قائمة مصادر الدخل بالنسبة لأعضاء منظمة البلدان المصدرة للبترول وسيفرض مثل هذا النزول الحاد في الأسعار ضغطاً على اقتصاداتها، وبعضها بالفعل، مثل إيران وفنزويلا، على حافة الهاوية.

وتكبدت العقود الآجلة لخام برنت خسارة كبيرة بنحو 31% لتسجل 31.02 دولاراً، وهو أدنى مستوى منذ منتصف فبراير 2016. وعند هذا المستوى المتدني، تكون الأسعار متراجعة حوالي 20 دولاراً للبرميل عن ذروة ما قبل اجتماع أوبك وحلفائها في السادس من مارس. ووفقاً لحسابات رويترز، يعني هذا أنه في المجمل، وبناء على متوسط إنتاجهم في فبراير، فقد أعضاء أوبك إيرادات بأكثر من 500 مليون دولار.

وتتجلى الخسائر بشكل أكبر بكثير عند مقارنتها مع المستوى المرتفع الذي بلغه برنت في يناير عند 71.75 دولاراً للبرميل.من جهته، حث صندوق النقد الدولي صانعي السياسة في مختلف دول العالم على تطبيق المزيد من السياسات المالية والنقدية لمساعدة المستهلكين والشركات على التغلب على الأضرار الاقتصادية الناتجة عن فيروس «كورونا».

وقالت كبيرة الاقتصاديين لدى صندوق النقد الدولي جيتا جوبيناث في بيان: ارتفعت التكاليف المترتبة على انتشار الفيروس التاجي بدرجة كبيرة، ولذا يجب أن تتدخل الحكومات لمنع حدوث أزمات طويلة الأجل للأفراد والشركات كالإفلاس وفقدان الوظائف.

كما أشارت إلى أهمية اتخاذ عدة تدابير مثل تخصيص الحزم المالية لاحتواء الفيروس، أو تقديم إعانات الأجور والإعفاءات الضريبية، مع استعداد البنوك المركزية لتوفير السيولة للبنوك والشركات. وأكدت أن خفض أسعار الفائدة أو زيادة شراء الأصول يُمكن أن يعزز الثقة والمعنويات لدى المستثمرين مما يدعم الأسواق المالية التي تعاني من خسائر باهظة بسبب الفيروس.

وأوضحت: انخفاض الدخل مع استمرار حالة عدم اليقين في الأسواق سيؤدي إلى تراجع إنفاق المستهلكين، لافتة إلى أهمية مساعدة الدول التي لا تستطيع تجنب وقوع كارثة إنسانية.من يصمد أكثر في الحرب النفطية؟

Email