متاعب عديدة وأوضاع مالية مترهلة تعصف بسلامة النقل الجوي

شبح الانهيار يواجه شركات الطيران النيجيرية

ت + ت - الحجم الطبيعي

تواجه شركات الطيران في نيجيريا عاصفة من الانهيارات والإفلاسات ويلوح شبح الانهيار أمامها أكثر من أي وقت مضى. وأكد خبراء أن المتاعب المالية التي تواجهها شركات الطيران في نيجيريا تلقي بظلال قاتمة على سلامة النقل الجوي في البلد الأفريقي الغني بالنفط.

وشهدت نيجيريا خلال الأشهر الأربعة الماضية حادث تحطم طائرة أودى بحياة 163 شخصا وانهيارا لإحدى شركات الطيران الرئيسية في البلاد وقرارا من البنك المركزي يمنع المقرضين من منح شركات الطيران الرئيسية مزيدا من المال قبل أن تسدد ديونها المتراكمة.

سوء إدارة

وتشير وثائق صادرة الشركة المنهارة اير نيجيريا إلى أن سوء الإدارة المالية هو أحد الأسباب الرئيسية لانهيار الشركة الشهر الماضي وإن كان مالك الشركة جيموه إبراهيم يختلف مع هذا الرأي.

وتقول مصادر مطلعة إن هناك شركات طيران أخرى تمر بضائقة مالية شديدة وهو ما قد تكون له عواقب وخيمة على سلامة الطيران في بلد لديه واحد من أسوأ السجلات في العالم في هذا المجال.

فيلم واقعي

وفيلم "الرحلة الأخيرة إلى أبوجا" الذي تدور أحداثه حول حادث تحطم طائرة بسبب خلل فني هو أكثر الأفلام عرضا في صالات السينما من إنتاج "نوليوود" المحاكاة الافريقية لهوليوود وثالث أكبر مركز لصناعة للسينما في العالم.

وكان الفيلم جاهزا للعرض قبل أيام قليلة من اصطدام طائرة لشركة دانا اير قادمة من أبوجا بمبنى سكني في لاجوس في يونيو مما أسفر عن مقتل 153 شخصا كانوا على متنها وعشرة آخرين على الأرض في أسوأ كارثة طيران في نيجيريا خلال عقدين وأول حادثة كبيرة منذ ست سنوات.

ولم يكتمل التحقيق في أسباب الحادث بعد لكن تقريرا أوليا تحدث عن عطل في محركين. ويرى البعض أن هذه مجرد حلقة في سلسلة من الأحداث البائسة في بلد يعاني بسبب مسلحين إسلاميين في الشمال وسرقات كبيرة للنفط وفضائح فساد بمليارات الدولارات.

وطالما كانت لدى الحكومة النيجيرية طموحات لتحويل لاجوس إلى مركز إقليمي للنقل. وحين أنشأ الملياردير البريطاني ريتشارد برانسون شركة فيرجن نيجيريا للطيران الداخلي والدولي عام 2000 بدا هذا الحلم سهل المنال.

غير أن برانسون انسحب عام 2010 لإحباطه مما قال إنه تدخل من قبل سياسيين فاسدين وجهات تنظيمية. لكن الجدوى الاقتصادية التي اجتذبت فيرجن إلى نيجيريا لا تزال تبدو واعدة على الورق.. فهي أكبر بلدان افريقيا من حيث عدد السكان ونموها الاقتصادي يستمر بمعدل سبعة بالمئة سنويا وفيها طبقة وسطى متنامية ونخبة صغيرة فاحشة الثراء.

وتقع لاجوس العاصمة التجارية على بعد نحو 530 كيلومترا من العاصمة السياسية أبوجا وكلاهما تبعدان مئات الكيلومترات عن المناطق المنتجة للنفط في جنوب شرق البلاد.

والطرق التي تربط بينها حالتها سيئة. ولا خيار أمام كثير من النيجيريين والعاملين الأجانب في قطاعات النفط والبنوك وغيرها سوى الطيران. وبالرغم من إيقاف ناقلتين رئيسيتين خلال الأشهر الأربعة الماضية تطير نحو 200 رحلة داخلية يوميا في الأجواء النيجيرية.

وتحقق شركات طيران دولية مثل الخطوط الجوية البريطانية وفيرجن أتلانتك أرباحا هائلة من نيجيريا. لكن بعد عامين من خروج برانسون تم إغلاق شركة الطيران التي أسسها والتي سميت لاحقا اير نيجيريا الشهر الماضي.

ويقول مدير التمويل السابق جون ننوروم إن الشركة انهارت تحت وطأة ديون بلغت نحو 35 مليار نايرا أي نحو 220 مليون دولار ولم تستطع حتى دفع رواتب العاملين. ويعتقد ننوروم أن مثل هذه المتاعب المالية منتشرة على نطاق واسع وتشكل خطرا على سلامة الطيران.

وأوضح: الطائرات الموجودة لدينا في نيجيريا هي نعوش طائرة وكثير منها قديم للغاية والطائرات الجديدة لا تتم صيانتها بشكل جيد. وأضاف أنه حاول مخاطبة وزارة الطيران بعد أن ترك اير نيجيريا.

ناقوس الخطر

وأقر جون أوبي المتحدث باسم وزيرة الطيران ستيلا أودواه بأن حادثة الطائرة دانة دقت ناقوس الخطر لكنه قال إن معايير السلامة الآن أكثر صرامة منها في أي وقت مضى. وأوضح: نعمل ليل نهار لنضمن أن الأجواء النيجيرية آمنة.

حادثة دانا كانت مأساوية لكنها تذكرنا بأنه مازال علينا أن نبذل المزيد. وتعاني شركات الطيران في أنحاء العالم من ارتفاع تكاليف الوقود وضعف الاقتصاد العالمي لكن الناقلات الوطنية الصغيرة والشركات الخاصة في افريقيا تضطر علاوة على ذلك إلى منافسة الشركات العالمية العملاقة التي تسيطر على 70 بالمئة من حركة الطيران.

القطاع الخاص

ويقول محللون إن الإدارة السيئة لشركات الطيران النيجيرية تكشف عن فشل القطاع الخاص في الاستفادة من تحرير الصناعة.

وقال انتوني جولدمان رئيس بي.إم للاستشارات إن الفشل المنهجي لشركات الطيران النيجيرية في تحقيق أرباح بالطريقة التقليدية كشركات ناجحة يبرز أمرا مهما وهو أنه لطالما كانت النظرة إلى شركات الطيران هناك على أنها مشروعات للتباهي.

وتابع: الشركات التي تسير رحلات دولية إلى نيجيريا بشكل تجاري تحقق أموالا طائلة. ووجهت انتقادات إلى وزيرة الطيران أودواه أيضا بشأن تعاملها مع الأزمات العديدة للقطاع.

Email