الدولة جاهزة لاقتناص الفرص ومواكبة انتعاش الطلب بعد «كورونا»

القطاع البحري الإماراتي سفينة نجاة التجارة العالمية

ت + ت - الحجم الطبيعي

نجحت الإمارات في أن تصنع لنفسها مكانة رائدة وسمعة متميّزة على خارطة القطاع البحري العالمي، مستندةً إلى مجموعة من المقومات الاستراتيجية التي تساعدها على تعزيز تنافسيتها العالمية، وتجاوز كافة التحديات، بما فيها التي فرضها فيروس «كوفيد 19» على القطاع البحري العالمي، لتصبح سفينة نجاة للتجارة الإقليمية والعالمية.

وبحسب رصد «البيان الاقتصادي»، تمثلت المقومات في 10 مرتكزات رئيسة، هي: مثالية الموقع الجغرافي، وتطور البنية التحتية، ومواكبة البنية التشريعية للتطورات في القطاع البحري، والتكامل بين القطاعين العام والخاص، وتنامي حجم الاستثمارات والمشاريع في القطاع، وتكامل سلاسل الإمداد، وتفعيل استخدام التكنولوجيا والحلول الرقمية في تسهيل وتسريع الإجراءات، وامتلاك الإمارات أعلى درجة ارتباط بشبكات التجارة البحرية العالمية على مستوى الشرق الأوسط والدول الأفريقية وجنوب وغرب آسيا، والنمو المطرد من حيث الموانئ وتشغيل السفن، وبناء وصيانة أحواض السفن، إلى جانب الالتزام بالمعايير الدولية بشأن السلامة البحرية.

دور رئيس

قال مسؤولون وخبراء في القطاع البحري، استطلعت «البيان الاقتصادي» آراءهم، أن الموانئ الإماراتية القيادية، تلعب دوراً رئيساً في صد التأثيرات السلبية والاقتصادية للجائحة على الإمارات ودول المنطقة، وتسهم في تمكين التجارة العالمية، وضمان استمرارية حركة الملاحة البحرية، مشيرين إلى أن القطاع البحري في الإمارات، نجح في تعزيز سلاسل الإمداد الرئيسة، لتوفير كافة المنتجات الضرورية لدول المنطقة، والعديد من الوجهات العالمية.

تكنولوجيا ذكية

قالت المهندسة حصة آل مالك، المدير التنفيذي لقطاع النقل البحري في الهيئة الاتحادية للمواصلات البرية والبحرية، إن قيمة الاستثمار البحري المتاح في دولة الإمارات، تصل إلى 60 مليار دولار (220 مليار درهم) سنوياً، ويعمل في الدولة أكثر من 20 ألف شركة بحرية، كما تتعامل الموانئ الإماراتية مع أكثر من 17 مليون حاوية سنوياً.

لذلك، فالمحور الأهم الذي نتوقع أن يكون ذا تأثير هائل في نمو القطاع البحري، هو الانتعاش الذي سيشهده العالم بعد التعافي من الجائحة، والرابح في تلك الفترة، سيكون من استثمر فترة الهدوء والتباطؤ، في مراجعة دورة عملياته، وتطوير أدواته التشغيلية، وبنيته التحتية، لتصبح أكثر ذكاء واعتماداً على التكنولوجيا الذكية، وأيضاً أفضل كفاءة وجدوى من الناحية الاقتصادية.

وأضافت أن القطاع البحري، يحتاج بالدرجة الأولى إلى التواؤم بشكل أكبر مع سلسلة الإمداد والتوريد، والتي تشهد اليوم تحولاً كبيراً، تبتعد فيه عن الارتهان لمصدر وحيد للإمدادات الحيوية، كما كان عليه الوضع في السابق، من خلال بناء مراكز توريد متوازية في مناطق مختلفة من العالم، بحيث يساند بعضها الآخر في الأزمات.

وعن التحديات التي تواجه القطاع، قالت إن التحدي الأكبر الذي يواجه القطاع البحري حالياً، هو تحويل نموذج العمل التقليدي القديم، الذي اعتادت الصناعة على ممارسته خلال عقود ماضية، والتوجه نحو المزيد من الاستدامة التشغيلية والبيئية، لا سيما مع اللوائح التنظيمية الجديدة للمنظمة البحرية الدولية 2020، هذا الأمر يتطلب تبني المزيد من الرقمنة، لبناء منظومة الشحن البحري الذكي، والتي ستكون جزءاً من منظومة التجارة الذكية، إضافة إلى النظر بمزيد من الجدية للبدائل المستدامة أو الخضراء في استخدامات الوقود الأقل تأثيراً، من ناحية الانبعاثات الغازية الضارة.

وأضافت أنه بعد نجاح واكتمال برامج تطوير لقاحات «كورونا»، نتوقع أن يشهد الطلب على التجارة العالمية طفرة كبيرة، وسيكون هذا الطلب مدفوعاً من استعادة العديد من الاقتصادات حول العالم عافيتها، وارتفاع طلبها على استيراد المواد الخام، وتصدير المنتجات المصنعة.

ونتوقع أن يكون القطاع ميداناً للشركات القوية التي استطاعت تخطي تحديات 2020، والتي تمتلك أنظمة إدارة أزمات وضوابط عالية للجودة والتحكم، وهذا سيخلق سوقاً أفضل، ويرفع معايير تقديم الخدمات، وستكون الصناعة مجدية بشكل أكبر، للقادرين على الاستمرار فيها.

دور حيوي في تأمين الأمن الغذائي الإقليمي

تلعب دولة الإمارات دوراً حيوياً في تأمين الأمن الغذائي الإقليمي، عبر قطاعها البحري، القادر على ضمان انسيابية حركة التجارة، وتدفق السلع الاستراتيجية من مختلف أنحاء العالم لدول المنطقة، بحيث أصبح القطاع البحري يقود بوصلة الجهود الدولية، للتخفيف من آثار فيروس «كورونا» المستجد الاقتصادية والصحية على شعوب ودول المنطقة، لا سيما عبر تأمين الواردات الغذائية والدوائية، وتأمين سلاسة الحركة التجارية.

ونجح القطاع البحري في الإمارات، في تعزيز سلاسل الإمداد الرئيسة، لتوفير المنتجات الغذائية والطبية وكافة المنتجات الضرورية لدول المنطقة، والعديد من الوجهات العالمية، إذ لعبت الدولة من خلال موانئها القيادية دوراً رئيساً في صد التأثيرات الصحية والاقتصادية للجائحة على دول المنطقة، وفي تمكين التجارة العالمية، وضمان استمرارية حركة الملاحة البحرية، رغم التحديات التي فرضتها جائحة «كورونا».

أجيت جوشي:تكتل شحن جديد لمنافسة الشركات العالمية

قال أجيت جوشي رئيس قطاع الأسواق العامة والخاصة لدى شركة «شعاع كابيتال»، إن القطاع البحري في الإمارات، يمتاز ببنية تحتية ضخمة، ذات مستوى عالمي، ويعتبر الميناء والمنطقة الحرة لجبل علي، المركز الأكبر لإعادة الشحن في منطقة الشرق الأوسط.

وأضاف أن الإمارات تشكل مقراً للعديد من شركات الشحن الصغيرة الناجحة، لكن توحيد جهود هذه الشركات للتحول إلى تكتل شحن جديد وموحد، قادر على منافسة شركات الشحن العالمية، يشكل الخطوة المنطقية والمستقبلية، التي يجب على هذه الشركات أن تخطوها، إضافةً إلى رفع مستوى مساهمة القطاع في الجهود المبذولة للحد من تداعيات الأزمة الاقتصادية.

ويمكن لهذا اللاعب الجديد على الخارطة العالمية، أن يستفيد من وفورات الحجم، وأنماط التجارة الجديدة.وأوضح أنه يمكن لعمليات الدمج، الاستفادة من إمكانات نمو السوق الإقليمية لقطاع البتروكيماويات.

«سيتريد» ينعقد افتراضياً في ديسمبر

أكد كريس هيمان رئيس مجلس إدارة «سيتريد»، أنه على مدى السنوات الماضية، رسخ «سيتريد» الشرق الأوسط للقطاع البحري، دوره كمنصة محورية لعدد كبير من الأنشطة البحرية، التي أسهمت في تضافر وتكامل جهود القطاع البحري، وربط الموردين في القطاع البحري من مختلف الصناعات، مع المعنيين وأصحاب السفن، إضافة إلى التعرف إلى أهم فرص الأعمال، وأبرز الحلول للتغلب على التحديات التي تواجه الشركات، الأمر الذي يسهم في تشكيل القطاع البحري في المنطقة التي تشهد تطورات مستمرة.

وأضاف أن فعاليات «سيتريد» الشرق الأوسط للقطاع البحري، ستنطلق افتراضياً في الفترة من 14 إلى 16 ديسمبر. وقال إنه على مدى ثلاثة أيام، ستجمع الفعالية المعنيين بالقطاع تسهل لهم فرص الحصول على أعمال جديدة، وتتيح لهم التواصل مع قادة الأعمال.

أحمد يوسف: خطط بديلة لانسيابية التجارة

قال الدكتور أحمد يوسف نائب عميد كلية النقل البحري والتكنولوجيا، الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري في الشارقة، إن اللاعبين الكبار في قطاع الشحن البحري، وحسب ما تشير العديد من الدراسات التي قام بها خبراؤنا في الأكاديمية، يعكفون على إجراء خطط بديلة، وبناء سيناريوهات احتياطية، من أجل ضمان انسيابية حركة التجارة العالمية، وتدفق السلع الاستراتيجية لمحتاجيها حول العالم، من دون توقف، وتظهر دراساتنا أن الإمارات بموانئها القيادية ومناطقها الحرة المتكاملة، سيكون لها دور كبير في تحقيق الأمن الغذائي الإقليمي، والمساعدة في صد التأثيرات الصحية والاقتصادية للجائحة.

وأضاف أن أهمية الاستدامة، تبرز في التعامل مع النشاط الاقتصادي، ويجب علينا تبني التقنيات الحديثة في كافة مراحل سلسلة الإنتاج والتوريد، لضمان تخفيف الانبعاثات الضارة بالبيئة، والتوجه إلى تبني التقنيات الخضراء، مثل محركات الوقود المزدوج، أو الغاز الطبيعي، بديلاً عن الفحم وزيت الوقود الثقيل.

ونعتقد أن القطاع سيتجه إلى المزيد من التعاون في سلاسل الإمداد والتوريد واللوجستيات، ورقمنة العمليات، كوسيلة لتحقيق التنمية المستدامة، والاعتماد بشكل أكبر على المناطق الاقتصادية المتكاملة ذات الحضور الإقليمي.وتوقع أن يزداد الاهتمام بتبني التحول الرقمي في القطاع البحري، من أجل زيادة كفاءة الأساطيل والسفن من الناحية التشغيلية، لأن ذلك هو السبيل الوحيد لمواصلة العمل في الصناعة بربحية وجدوى.

حسين الباجوري: مركز عالمي في الإمداد والتوريد

قال المهندس حسين الباجوري، المدير التنفيذي لمجموعة دولفين مارين الشرق الأوسط، إن القطاع البحري، كغيره من القطاعات، تأثر بشكل كبير بالجائحة، ونعتقد أن العنصر البشري في الصناعة، بحاجة إلى تأهيل خاص وتدريب مكثف، ليتمكن من مواصلة تقديم خدماته والمحافظة على حركة تدفق البضائع، في ذات الوقت الذي تبقى فيه سلامة الطواقم البحرية الأولوية القصوى، وبذلك، فإن التأهيل والتدريب على تبني أفضل الممارسات، هو ما تحتاجه الصناعة البحرية، من أجل تحقيق النمو، والمحافظة على الاستدامة في دورة العمل.

وذكر أنه لا بد للعالم أجمع الآن، من تصميم تكنولوجيا جديدة للبنية التحتية لسلاسل الإمداد والتوريد، تكون متعددة المراكز، وليست أحادية المركز، موضحاً أن الأمر في غاية الحساسية، لا سيما لقطاع معدات السلامة والحماية الشخصية لقطاع الملاحة، الذي نعمل به.

وأضاف: «نحن في طور دراسة تصنيع معدات السلامة البحرية بدولة الإمارات، لأننا على يقين بجاهزية الدولة، لتكون أحد المراكز الرئيسة عالمياً في سلاسل الإمداد والتوريد، بما تمتلكه من موانئ متميزة، ومناطق حرة قيادية متميزة ببنيتها التحتية الصناعية، وقدرات المستودعات والتخزين فيها، كما تمتاز الإمارات بأنها أحد الشركاء الاستراتيجيين للصين، التي تمثل مصنع العالم حالياً، وبذلك، فإن ملء الفراغ في سلاسل التوريد والإمداد، من خلال تطوير وتعزيز مكانة الإمارات، سيكون عملية سلسة وانسيابية، وتحقق مصلحة الجميع».

إبراهيم البحيري: تبنّي التكنولوجيا يخفّض التكلفة

قال المهندس إبراهيم البحيري، العضو المنتدب لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لشركة «ون جي دي» الدولية، إن المحفز الأهم الذي نعتبر أنه سيساعد القطاع البحري على النمو، هو تبني التكنولوجيا، وأفضل الحلول الرقمية، التي ستساعد القطاع على تخفيض مصاريفه التشغيلية، ورفع عوائده الربحية، من خلال استعمال السفن المرافق البحرية بأساليب ذكية.

وأضاف أن القطاع البحري يواجه تحديات كبيرة، أهمها انخفاض الطلب على العديد من السلع والمواد الخام، لا سيما إمدادات الطاقة من النفط والغاز، والتي كانت تعد من أهم المواد التي يتم شحنها عبر البحر، وقد أثر ذلك بطبيعة الحال في العديد من القطاعات التابعة، مثل قطاع خدمات الحقول البحرية، وما يرتبط بها من نشاط اقتصادي شامل، بالإضافة إلى انخفاض الطلب على السلع والبضائع بشكل عام، وقد أثر ذلك في حركة شحن السلع بالحاويات.

وأوضح أن الجميع أصبح متفقاً على أن العالم بعد الجائحة، ليس كما كان قبلها، بكل المقاييس، وهذا ما يضع القطاع الأكاديمي البحري أمام مهمة كبرى، من خلال القيام بدراسات وأبحاث مستفيضة، لتقديم الحلول والرؤى المستقبلية، القائمة على أسس علمية، لمساعدة القطاع البحري على التكيف بشكل أفضل مع متطلبات العالم الجديد، لما بعد الجائحة.

وذكر أن الإمارات ستكون إحدى الجهات الرائدة عالمياً في هذا المجال، حيث تلعب دوراً محورياً في قطاع الشحن البحري والخدمات اللوجستية من جهة، كما أنها استثمرت بشكل كبير في بناء مؤسسات أكاديمية بحرية، تضم كوكبة من الخبراء والأساتذة القادرين على تزويد الصناعة بأفضل الدراسات العلمية، التي تساعد الاقتصادات المحلية والإقليمية على التعافي، والمحافظة على التنافسية بعد الجائحة.

35 %

تستأثر الإمارات بنسبة 35 % من الاستثمارات في قطاع الشحن البحري في المنطقة، حيث استثمرت أكثر من 157 مليار درهم في تطوير وتوسيع الموانئ المحلية في الدولة، بما أسهم في تعزيز البنية التحتية البحرية، ليس فقط في الإمارات، بل في منطقة الشرق الأوسط بكاملها.

60 %

تستحوذ الموانئ البحرية في الإمارات على 60 %، من إجمالي حجم مناولة الحاويات والبضائع المتجهة إلى دول مجلس التعاون الخليجي، وتعد الموانئ البحرية في الدولة مراكز دولية وإقليمية، وأداة مهمة لدفع عجلة النمو الاقتصادي، ودعم سياسة تنويع مصادر الدخل.

3.5

يتميز الشحن البحري في الإمارات، بالعديد من المميزات، في مقدمها التسعير التنافسي، ودقة المواعيد، وتميز التقنيات وجودة الخدمات، وترابط وثيق مع الشحن الجوي والبري عالمياً، لخدمة 3.5 مليارات نسمة.

02

تمتلك دولة الإمارات، وفقاً لمجلس الشحن العالمي، اثنين من أكبر 50 ميناء حاويات في العالم، وتحتل دبي أحد المراكز العشرة الأولى عالمياً. وتشمل الموانئ البحرية الرئيسة في الدولة، ميناء زايد الواقع أبوظبي، وميناء راشد وميناء جبل علي في دبي، وميناء حاويات خورفكان في الشارقة، وميناء صقر في رأس الخيمة، وميناء الفجيرة، وميناء خليفة الواقع في منتصف الطريق الواصل بين دبي وأبوظبي.

توصيات «البيان»

01 الاهتمام بأتمتة العمليات وتعزيز الحلول الرقمية

02 خلق كيانات متخصصة في التأمين البحري

03 تفعيل الشراكات العالمية

04 الاندماجات وتكوين كيانات كبيرة

05 رفع نسب التوطين

06 زيادة مساهمة المرأة

Email