التجارة الإلكترونية أكبر الرابحين من الأزمة الصحية

«البيان» ترصد القطاعات المستفيدة من «كورونا»

ت + ت - الحجم الطبيعي

بينما يشهد العالم أزمة اقتصادية غير مسبوقة بسبب الأزمة الصحية من انتشار فيروس كورونا (كوفيد 19)، خرجت قطاعات اقتصادية في الإمارات رابحة من هذه الأزمة، وحققت حضوراً ونمواً كبيراً خلال الفترة الماضية، لنجاحها في التكيف مع الأزمة الراهنة، ولتلبيتها الطلب المتنامي خصوصاً في ظل الإجراءات الاحترازية، التي اتخذتها الحكومات للحد من انتشار الوباء.

ورسخت القطاعات الرابحة أقدامها في استراتيجيات العالم المستقبلية، وأصبحت في طليعة القطاعات الأكثر اعتمادية وتطويراً وتنمية خلال الفترة المقبلة، لما مثلته من أهمية كبرى في وقت الأزمات.

أول هذه القطاعات وأكثرها حضوراً في الأزمة التجارة الإلكترونية التي لجأت إليها الشركات في تلبية احتياجات المستهلكين، تليها الاتصالات، والتوصيل، والدفع الإلكتروني، والزراعة الحديثة، والإعلام الرقمي، وبرمجيات العمل والتعليم عن بعد، والمعدات الطبية والأدوية، ومواد التعقيم ومنتجات التنظيف والتغليف، والبيانات الضخمة، والترفيه المنزلي والكتب الإلكترونية والرقمية، والذكاء الاصطناعي، والطباعة الثلاثية، حيث تبدلت الأولويات الاقتصادية العالمية، وغيرت المفاهيم السائدة منذ عقود طويلة.

واستطلعت «البيان» آراء 19 مسؤولاً ومتخصصاً وخبيراً في أبرز القطاعات المحلية المستفيدة من تداعيات أزمة «كورونا»، ومدى التغيير الحاصل في أنماط الاستهلاك والطلب، وتوقعاتهم للقطاعات الصاعدة بعد انتهاء الوباء. ونستعرض تالياً آراء عدد منهم.

التجارة الإلكترونية

قال تيري نيكولت، نائب الرئيس الإقليمي لوحدة أعمال المؤسسات لدى «سيلزفورس»: إن (كوفيد 19) بات نقطة تحول في قطاع التجزئة، حيث سيكون قطاع التجارة الإلكترونية في الإمارات من أكبر القطاعات المستفيدة، موضحاً أن التجارة الإلكترونية في العالم شهدت نمواً بنسبة 20 % في الربع الأول، وارتفعت المشتريات الرقمية من البضائع الضرورية بنسبة 200 %، وشهدت المواقع التي تقدم خدمة الشراء عبر الإنترنت، ومن ثم استلام المشتريات في المتجر نمو إيراداتها بنسبة 27 % في الربع الأول مقارنة بنسبة 13 % لتلك المواقع التي لا تقدم الخدمة ذاتها.

وأضاف: يتوجب على شركات التجزئة في هذه الآونة تحقيق أربع نقاط أساسية بأسلوب واضح في التواصل: تعزيز مرونة ووفرة المنتجات للمستهلكين، واعتماد أسلوب الدفع بدون تلامس، وكذلك في التوصيل والاستلام، وضمان سلامة المتسوقين والموظفين، والاستجابة بتعاطف وإبداع وشفافية في ما يتعلق بسلامة وصحة العاملين.

التوصيل

وأفاد راج لي، المؤسس والرئيس التنفيذي لـ«باويك» للتوصيل، بأن طلبات التوصيل المسجلة خلال الأسابيع الماضية فقط، سجلت نمواً بنسبة 46 % عن الأيام العادية وإن العملاء المسجلين في التطبيق خلال الفترة الأخيرة سجلوا نمواً كبيراً بسب الإجراءات الاحترازية والوقائية التي تتخذها الجهات المختصة.

وأوضح أن الإمارات كانت تتصدر دول المنطقة في قطاع خدمات التوصيل قبل أزمة «كورونا»، مستفيدة من نمو التجارة الإلكترونية وتوفر البنية التحتية التقنية وارتفعت نسب النمو مؤخراً، الأمر الذي دفع الشركة لزيادة حجم الأسطول بهدف تغطية جميع المناطق من أجل دعم التوجيهات الصحية الصادرة من الحكومة بالبقاء في المنزل، وهي مستمرة في إضافة المزيد من الشركات والوكالات الحكومية والخاصة إلى قواعد بياناتها.

الكتب الصوتية

وذكر محمود ربيعي، الخبير في صناعة المحتوي الصوتي والمتخصص في صناعة الكتب الصوتية، إن الكتب الإلكترونية سواء كانت المقروءة أو المسموعة من خلال شبكة الإنترنت تشهد نمواً ملحوظاً بنسب تصل إلى 100 % خلال أزمة «كورونا»، في ظل الإقبال عليها من قبل المستخدمين للترفيه والتسلية.

وأوضح أن الكتب المسموعة حتى من قبل أزمة «كورونا» كانت تشهد نمواً بنسبة تزيد على 20 %، في مقابل 6 % نمو للكتب المقروءة من الـ«بي دي إف» عبر الإنترنت، ومقابل نحو 3 % للكتب المطبوعة، مشيراً إلى أن ذلك لا يعني اندثار صناعة الكتب المطبوعة لأنها الأساس، ولكن ذلك يعد مؤشراً على تأثير التكنولوجيا في الحياة عموماً.

ورأى أن التكنولوجيا لعبت دوراً إيجابياً بالنسبة لقراءة الكتب خلال الأزمة حيث أتاحت لرواد الإنترنت متابعة وقراءة أحدث الكتب وسماعها بشكل سريع، وهو ما رفع الإقبال عليها بشكل مطرد، مع زيادة إنتاجية المنصات المتخصصة في صناعة الكتب المسموعة وتضاعف أعداد المشتركين، متوقعاً استمرار نمو رواد الكتب المسموعة حتى بعد انتهاء الأزمة الراهنة حيث سيرى المستخدمون أن التكنولوجيا هي خيار جيد وبتكلفة أقل وبخطوات سريعة وبسيطة.

ملخصات الكتب

وأكد مصطفي خضر، الرئيس التنفيذي لشركة «بوفو» ستوديوز المتخصصة في صناعة الكتب الصوتية بالعربية، إن صناعة الكتب الصوتية من القطاعات الرابحة من أزمة «كورونا» حيث من المتوقع أن تتأثر إيجاباً مع زيادة الإنتاج وارتفاع الاشتراكات وإقبال الناس على هذه الخدمة، موضحاً أن الإقبال على الكتب الصوتية عبر الإنترنت تضاعف بنسبة كبيرة خلال أزمة «كورونا»، بنسبة تفوق 100 %، كما زاد أيضاً الإقبال على ملخصات الكتب الصوتية بنسبة 120 %.

وأضاف أنه مع تطبيق الإجراءات الاحترازية والتباعد الاجتماعي أصبح الأفراد في حاجة إلى قراءة الكتب بشكل ميسر، وبالتالي عمدوا نحو الكتب الصوتية من خلال شبكة الإنترنت والتي توفر آلاف الكتب بتكاليف بسيطة.

وقال: «لدينا منصة وتطبيق باسم «ونس» يقدم 3500 ساعة من الكتب الصوتية، ونتلقى مئات الرسائل اليومية من المستخدمين تطلب زيادة ملخصات الكتب». وذكر أن الأفراد أصبحوا في حاجة ملحة لاستثمار أوقاتهم خلال فترات الحظر للاستفادة من ساعات البقاء في المنازل، متوقعاً زيادة الإقبال خلال الفترة المقبلة حيث زادت عدد ساعات الاستماع للكتب على منصتنا من معدل ساعة واحدة سابقاً إلى أكثر من 4 ساعات حالياً.

الوظائف عبر الإنترنت

وقال أكرم عسّاف، مسؤول التكنولوجيا في «بيت.كوم»: مع اضطرار معظم الشركات لتبني سياسات العمل عن بُعد، باتت التكنولوجيا أفضل وسيلة لضمان استمرارية الأعمال، حيث لاحظنا إقبالاً كبيراً من قبل أصحاب العمل والموظفين على شبكة الإنترنت لأداء مهامهم اليومية، بالإضافة إلى لجوء العديد من الباحثين عن عمل للبحث عن الوظائف عبر الإنترنت والتقدم إليها مباشرة دون الحاجة للخروج من منازلهم، مشيراً إلى أن «بيت.كوم» شهد زيادة في استخدام خدمات الموقع بنسبة 24.46 % منذ بداية العام، مقارنة بالفترة نفسها من عام 2019، أي بما معدله 1.5 مليون مشاهدة للموقع في اليوم الواحد، وكانت العديد من الشركات في الماضي غير مقتنعة بفكرة استخدام أدوات العمل عن بعد والتقنيات الافتراضية لإتمام العمل إلكترونياً، إلا أن الظروف الحالية جعلت من العمل عن بعد الحل الوحيد أمام الكثيرين.

وتوقع أن يزداد الطلب على المهارات التقنية بالإضافة إلى البحث عن الموظفين الذين يتمتعون بمهارات انضباط دون الحاجة للرقابة المستمرة، والمهارات التنظيمية ما يجعلهم قادرين على إتمام عملهم عن بعد وبشكل مستقل، كما رجح أن تزدهر قطاعات تكنولوجيا المعلومات وتطوير البرمجيات والتجارة الإلكترونية والاتصالات، ليس في هذه الفترة التي نعيشها فقط، بل في السنوات المقبلة أيضاً، كما سيزيد الطلب أيضاً على العديد من الوظائف، بما فيها الوظائف الطبية واللوجستية والمواصلات والأمن الإلكتروني وغيرها الكثير.

وأضاف: بإمكان خبراء التوظيف والموارد البشرية الاستفادة من تقنيات التوظيف المتوفرة عبر شبكة الإنترنت، والتي تتيح لهم إمكانية توظيف الكفاءات بسرعة وسهولة دون الحاجة للخروج من المنزل، فبدلًا من البحث عن موظفين لشواغرهم الوظيفية عبر تنظيم معارض توظيف تقليدية تجمع آلاف الأشخاص في مكان واحد، يمكنهم تنظيم معارض توظيف افتراضية عبر استخدام المنصات المتوفرة حالياً على شبكة الإنترنت مثل منصة Vfairs، ومن خلال هذه المعارض يمكن لخبراء التوظيف تلقي السير الذاتية والتحدث مع الباحثين عن العمل مباشرة عبر بيئة افتراضية تشبه إلى حد كبير المعارض التقليدية، كما يمكن للباحثين عن عمل البحث عن الوظائف المتاحة وتقديم طلباتهم، والتواصل مع الشركات بسهولة عبر مقصورات «افتراضية».

وتابع: يمكن اليوم استخدام منصات التقييم عبر الفيديو Evalufy، والتي تتيح لأصحاب العمل إمكانية تقييم المرشّحين عن بُعد والتعرّف جيداً على شخصيتهم وتحديد مدى تناسبهم مع ثقافة الشركة دون الحاجة لمقابلتهم شخصياً.

الإعلام الرقمي

وقالت سوسن غانم، المؤسس الشريك، والمدير الإداري لشركة آكتيف للتسويق والتواصل الرقمي، إن قطاع الإعلام الرقمي سيكون أحد المستفيدين من أزمة «كورونا» إلا أنه من الصعب القول إن قطاع الإعلام التقليدي أو العلاقات العامة سيستفيد من هذا الوباء، خاصة عندما تكون شركات العلاقات العامة متخصصة في حملات نمط الحياة، وتجارة التجزئة، والمعارض والفعاليات، بسبب أن عملاء هذه الحملات قد خسروا الكثير من الأموال وتوقفت أعمالهم نتيجة للإجراءات، التي اتخذتها الحكومات للحد من حركة التنقل والتباعد الاجتماعي.

وأضافت: «كورونا» سيكون له تأثير سلبي بشكل عام على العلاقات العامة في هذه المنطقة خاصة حيث لا يزال فهم العلاقات العامة محدوداً إلى حد ما، وأعتقد أن أي قطاع يعمل عن بُعد، والمنصات التي تسمح لنا بالعمل من المنزل والاختلاط مثل «زووم» والأمن السيبراني في وضع جيد.

الترفيه المنزلي

وأشار سعد الدين محفوظ المدير التنفيذي لشركة «وندر كومس» الداعمة لمواقع التجارة الإلكترونية، إلى أن منصات البث الرقمي الترفيهية أحد أكبر الرابحين من أزمة «كورونا» خصوصاً بالتزامن مع إجراءات منع الخروج ليلاً وإغلاق دور السينما والمسارح.

وأضاف، قائلاً: «يزداد توجه المستهلكين نحو منصات البث الرقمي نظراً لجودة المحتوى مقابل اشتراكات زهيدة نسبياً، ولاحظنا العديد من منصات الترفيه المنزلي في الإمارات والمنطقة تسارع إلى إطلاق محتويات جديدة تضم أفلاماً ومسلسلات وبرامج ترفيهية ووثائقية علاوة على برامج الموسيقى والكوميديا، وعروض الأطفال، وتعتبر الإمارات أكبر سوق للترفيه المنزلي في منطقة الخليج، تليها السعودية، فيما تعتبر دبي السوق الرئيسية للموسيقى العالمية في الخليج، إذ تشكل 65 % من إجمالي إيرادات الشركات الصغيرة والمتوسطة».

شبكات الاتصال

وقال إيهاب كناري، نائب رئيس قطاع الأعمال الإقليمي في شركة «كومسكوب»: «في هذه الأوقات تُعد قوة وموثوقية شبكات الاتصال أمراً بالغ الأهمية، حيث إنها تبقي الأشخاص على اتصال وهم بعيدون، وقطاع الاتصال يلعب دوراً رئيسياً في مواجهة الوباء الحالي من خلال دعم تطوير تطبيقات جديدة لتتبع، وحتى علاج، انتشار الفيروس، بالإضافة إلى ربط الأشخاص الذين يعيشون في جميع أنحاء العالم».

وأضاف: «قطاع الاتصالات أحد أهم القطاعات المستفيدة لأنه أصبح مفتاح التواصل الأساسي، وذلك بدءاً من إجراء مكالمات الفيديو والاجتماعات عبر تطبيقات مثل «زووم» و«تيك توك»، حيث أصبح سرعة وموثوقية النطاق العريض والوصول إلى شبكة لاسلكية سريعة ذا أهمية عالية أكثر من أي وقتٍ مضى».

اللدائن البلاستيكية

تنتهي أبوظبي في غضون سنوات قليلة من إنشاء أول مجمع للدائن البلاستيكية (أحد الأنشطة المستفيدة من «كورونا») بمدينة خليفة الصناعية يغطي الاحتياجات المحلية والإقليمية، ويتم حاليا تطوير المجمع من خلال تعاون استراتيجي بين موانئ أبوظبي وشركة بترول أبوظبي الوطنية (أدنوك)، وتبلغ طاقته الإنتاجية 300 -400 ألف طن من المنتجات البلاستيكية سنوياً، ويوفر 7 آلاف فرصة عمل جديدة، ويسهم بنحو 2.5 مليار دولار في الناتج المحلي الإجمالي لإمارة أبوظبي بحلول عام 2025.

Email