القطاع الأفضل إقليمياً والأقل تأثراً بـ«كورونا»

الشحن الإماراتي.. مرونة تضمن تواصل الإمدادات

ت + ت - الحجم الطبيعي

أظهر قطاع الشحن في الإمارات بأقسامه الثلاثة، البحري والجوي والبري، قدرة كبيرة ومرونة عالية في التعامل مع الظروف الراهنة الناجمة عن فيروس «كورونا» بدعم 5 عوامل أساسية: الموقع الجغرافي للدولة الذي يتوسط بين الشرق والغرب، وتطور البنية التحتية فيما يتعلق بشبكة الطيران التي تربط الإمارات بمعظم المدن الرئيسية في العالم مع شبكة الموانئ القادرة على استقطاب مختلف أحجام وأنواع السفن في العالم عوضاً عن التطور في المواصلات البرية، وتطور البنية التشريعية التي تواكب تطور ونمو القطاع عالمياً، ودعم الجهات الحكومية والخاصة لهذا القطاع الذي يسهم بنحو 27 % من الاقتصاد الوطني غير النفطي، إضافة إلى مواصلة الاستثمار في التكنولوجيا والخدمات الذكية التي أسهمت في تسهيل إجراء عمليات مناولة البضائع. كما أثبت قطاع الشحن أنه الأفضل إقليمياً والأقل تأثراً بـ«كورونا».

وقال مسؤولون وخبراء استطلعت «البيان الاقتصادي» آراءهم، إن أهم أسباب تميز الشحن البحري وجود 12 منفذاً و310 مراسٍ بحمولة 80 مليون طن بضائع، وتسعير تنافسي ودقة المواعيد وتميز التقنيات وجودة الخدمات، وترابط وثيق مع الشحن الجوي والبري لخدمة 3.5 مليارات نسمة، وإجراءات مبتكرة حالت تماماً دون توقف حركة الشحن رغم الفيروس.

أما للشحن الجوي فقد أطلق مبادرات بشأن تصميم جدول شحن نموذجي لموسم الصيف لمواكبة احتياجات العملاء، كما قامت الناقلات بإضافة رحلات أسبوعية تناسب الاحتياجات الرئيسية. وبالتسبة لنقاط قوة الشحن البري فتتمثل في أن الدولة تتمتع بشبكة واسعة من الطرق فائقة التطور والجودة، فضلاً عن الاستمرار في تدشين مشروعات عملاقة تخدم البنية التحتية.

وأفادت دراسة صادرة عن شركة «تارسوس إف آند أي» أن كلاً من شركتي «طيران الإمارات» و«الاتحاد للطيران»، أطلقت مرافق لشحن المنتجات الطازجة والمستحضرات الصيدلانية، موضحة أن واحدة من أسرع القطاعات الفرعية نمواً في سوق الشحن الجوي هي سلسلة التبريد، إذ تشير تقارير الصناعة إلى معدل نمو سنوي مركب بلغ 7.8%.

ففي عام 2019، تعاملت محطتا سكاي سنترال في دبي مع ما معدله أربع شحنات في كل ثانية على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع. وتعامل أكثر من 700 موظف في الخدمة في أي وقت من اليوم مع نحو 360 ألف رزمة يومياً، ما أتاح لأسطول طيران الإمارات الذي يضم أكثر من 270 طائرة، نقل حوالي 7000 طن من الشحنات يومياً، أي ما يعادل حمولة أكثر من 60 طائرة شحن كاملة من طراز بوينج 777 بين دبي ومختلف مناطق العالم.

ونفّذ أسطول مكون من 49 شاحنة، بما في ذلك 12 شاحنة مبردة، ما معدله 175 رحلة يومياً في 2019 لربط محطتي الشحن (سكاي سنترال) في مطار دبي ورلد سنترال ومطار دبي الدولي. وساعد نظام النقل بالشاحنات، الذي يُعدّ بمثابة حزام نقل سلس بين محطتي الشحن، على توصيل البضائع التي تصل إلى أحد المطارين للإقلاع من مطار آخر والعكس بالعكس في أقل من خمس ساعات. وجرى نقل أكثر من 307 آلاف طن من البضائع بين المطارين في 2019 وأكثر من 1.6 مليون طن من البضائع في السنوات الخمس الماضية منذ بدء عمليات النقل بالشاحنات في 2014.

نمو اقتصادي

وتعد الموانئ البحرية في الإمارات مراكز دولية وإقليمية، وأداة مهمة لدفع عجلة النمو الاقتصادي، ويشهد قطاع النقل البحري في الدولة نمواً مطرداً من حيث الموانئ، وتشغيل السفن، وبناء وصيانة أحواض السفن، وتستحوذ الموانئ البحرية في الإمارات على نحو 60 % من إجمالي حجم مناولة الحاويات والبضائع والمتجهة إلى دول مجلس التعاون الخليجي. وتضم الدولة 12 منفذاً بحرياً تجارياً، عدا عن الموانئ النفطية، بالإضافة إلى 310 مراسٍ بحرية، بحمولة تصل إلى 80 مليون طن من البضائع.

وقال المهندس إبراهيم البحيري، المدير التنفيذي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لشركة «ون جي دي» الدولية، إن القطاع البحري بالإمارات يتسم بخصوصية استثنائية، فالبنية التحتية للقطاع تشمل الموانئ ومحطات تشغيل الحاويات ومستودعات البضائع وكافة عمليات الاستيراد والتصدير التي تجري في موانئ الدولة، إضافة إلى ترابطها الوثيق مع قطاع الشحن الجوي والبري، بما يخدم أقاليم عديدة يصل تعداد سكانها إلى 3.5 مليارات نسمة، وبذلك من الأصح أن نسمي قطاع الملاحة في الإمارات بقطاع الملاحة الإقليمي.

خدمات إلكترونية

وقال المهندس حسين الباجوري، المدير التنفيذي لمجموعة «دولفين مارين» الشرق الأوسط، إن الجهات المعنية بالقطاع البحري في الإمارات وفرت بنية تحتية إلكترونية ذكية ومتطورة بشكل كبير، وتعتمد في كثير من مرافقها على العمليات الآلية المؤتمتة، والخدمات الإلكترونية الذكية التي يقوم بها المتعاملون عن بُعد، كما أن كافة موانئ ومرافق الدولة البحرية حاصلة على شهادات عالمية في السلامة والجودة وتلتزم بلوائح هيئات التصنيف المحلية والعالمية، الأمر الذي يجعل الأرضية التي يقوم عليها هذا القطاع مهيأة لكافة الإجراءات الاحترازية وتبني أفضل ممارسات الصحة والسلامة بسهولة ويسر.

وقال باسل الدباغ، المدير الإقليمي للخدمات اللوجستية لقطاع الكيماويات في شركة «أجيليتي»، إن قطاع الشحن تأثر بشكل كبير نتيجة الظروف التي أوجدها فيروس «كورونا»، وإن التأثير الأكبر على حركة الشحن يرجع إلى تأثر حركة الإنتاج، خاصة وأن العديد من دول العالم اتخذت إجراءات احترازية للحد من التجمعات البشرية، بما يشمل المصانع والمرافق الإنتاجية، الأمر الذي سيؤثر بالضرورة على حجم الإنتاج والتصدير إلى خارج هذه الدول.

سلاسل التوريد

وقالت كابتن سحر راستي، الرئيس التنفيذي والمؤسس لمجموعة «أس جي آر»: إن رواد الأعمال في القطاع البحري يعتبرون الخطة التحفيزية التي أطلقها البنك المركزي في غاية الأهمية، لأنها تنهض بسلسلة التوريد بشكل شامل، وهذا الأمر سيدعم قطاع الملاحة بشكل كبير باعتباره جزءاً لا يتجزأ من هذه السلسلة، وما من شك أن انتشار فيروس «كورونا» قد شكّل صدمة لكافة القطاعات والمؤسسات، بل وحتى الأفراد.

وأضافت أن الدعم الحكومي وخطط التحفيز يجعل القطاع البحري في الإمارات أكثر قدرة على تجاوز المرحلة، ويشكل طوق نجاة يساعد قطاعات الأعمال بكافة مستوياتها وتخصصاتها في مواجهة هذا التحدي والصمود والاستمرار.

تعاون القطاعين

وقال المهندس محمد مطاوع، المدير التجاري لشركة «علي وأولاده» لأعمال الهندسة البحرية ومنشآت النفط والغاز: إن قطاع الشحن البحري يعد تجمعاً متكاملاً من القطاعات الحكومية والخاصة والمرافق البحرية التي تتنوع بين الموانئ وأحواض بناء السفن والأحواض الجافة والأسطول المملوك للدولة، سواء من السفن التي تحمل العلم الإماراتي، أو تلك المسجلة تحت أعلام أخرى، إضافة إلى هيئات التصنيف وشركات إدارة السفن والوكالات البحرية وغيرها.

وقال عبدالله محمد شديد، المدير الإداري لشؤون الشحن والخدمات اللوجستية في مجموعة «الاتحاد للطيران»: إن ما يشهده الطيران التجاري في العديد من الأسواق العالمية يفرض على بيئة الشحن الجوي أن تتطور بشكل دائم، مشيراً إلى أنه بعد التواصل المستمر مع السلطات المحلية والدولية، تم تصميم جدول شحن نموذجي لموسم الصيف، لمواكبة احتياجات العملاء في أسواق الشحن الرئيسية حول العالم.

وأوضح شديد أن «الاتحاد للشحن»، ذراع عمليات الشحن والخدمات اللوجستية التابعة للمجموعة، أعلنت أخيراً عن توسيع شبكتها استراتيجياً لتشمل الأسواق المحدودة القدرات والتي تصارع انخفاض عمليات الركاب أو حظر السفر المؤقت في ضوء حالة الطوارئ الصحية العامة الناجمة عن انتشار فيروس «كورونا» لتشجيع وتحفيز التجارة العالمية في ظل الظروف الحالية.

وذكر شديد أن جدول الاتحاد للشحن خلال موسم الصيف يتميز بمرونة تتماشى مع تطلعات العملاء، حيث شهد إضافة عدد من رحلات الشحن الأسبوعية إلى أمستردام، وميلان، وباريس، فضلاً عن زيادة وتيرة الرحلات عبر بوابات الشحن الآسيوية والأفريقية الرئيسية.

موقع مميز

من جانبه، قال صبري عمر، مدير العمليات في شركة «شرق الدلتا» للشحن: إن جميع أعمال قطاع الشحن البري في الإمارات مستمرة على الرغم من الظروف الراهنة الناجمة عن وباء «كورونا»، مشيراً إلى أن الموقع الجغرافي المميز للإمارات كحلقة ربط بين الشرق والغرب يعزز من قدرة القطاع على تجاوز أي تحديات مستقبلية.
 

Email