أسعار العقارات تبدأ رحلة الصعود التدريجي

اليوم.. «سوق المشتري»

ت + ت - الحجم الطبيعي

لمشاهدة الملف ...PDF اضغط هنا

رصد «البيان الاقتصادي» تغيراً تصاعدياً طفيفاً في حركة أسعار العقارات بدبي منذ بداية العام الجاري. وعلى الرغم من أن الزيادة في الأسعار متواضعة ولا تتعدى 3%، إلا أنها توحي بأن السوق العقاري بدأ بمغادرة القاع في طريقه إلى استعادة المستويات السعرية التي غادرها في نهاية 2013.

ويؤكد خبراء أن مدينة دبي هي الأفضل حالياً للاستثمار العقاري بفعل تراجع معدل التضخم وزيادة قوة الدرهم وارتفاع القدرة الشرائية للسكان حسب أحدث المؤشرات.ويمكن الجزم بأن سوق العقارات في دبي اليوم اصبح فعليا ما يمكن ان نطلق عليه «سوق المشتري» حيث يتمتع المستثمرون أو المشترون بفرصة الشراء بأفضل الأسعار وتحقيق استثمارات طويلة الأجل.

وفي رأي «البيان الاقتصادي» فإن هناك حجماً كبيراً من «الطلب المؤجل» على شراء العقارات، وقد بدأ هذا «الطلب» بالتحرك على المعروض. إذ شهد عامي 2017 و2018 وجود أعداد كبيرة من الراغبين بالتملك فعلياً، والجادين في اختيار مدينة دبي مكاناً نموذجياً للعيش والعمل، إلا أن أولئك المستثمرين فضلوا انتظار المزيد من العروض والمزيد من التصحيح السعري الذي شهده السوق في الأعوام الثلاثة الماضية.

ويرى «البيان الاقتصادي» أن من بين الأسباب التي حركت الطلب من جانب أولئك المستثمرين هو خشيتهم من تكرار سيناريو الانتظار الذي أطاح بأحلام الكثيرين في عام 2004 إذ لم يكن متوقعاً حدوث قفزة هائلة في الأسعار ما أدى إلى ضياع فرصة الكثيرين بالتملك.

أداء متميز

لقد شهد العام الماضي 2018 أداءً مميزاً لسوق عقارات دبي رغم التحديات التي أحاطت بمحركات العرض والطلب، وقد سجلت العقارات قيد الإنجاز مستويات أداء جيدة مقابل العقارات الجاهزة، إذ سجلت بيع 26722 شقة وفيلا جاهزة وقيد الإنجاز بـ 36.3 مليار درهم في دبي. وأفادت دائرة الأراضي والأملاك في دبي، أنه حتى سبتمبر 2018 تم تسجيل 39802 صفقة بيع، باستثمارات 162 مليار درهم.

ويرى مراقبون أن التنوع الذي يتميز به السوق العقاري في الإمارة سمح بدخول مستثمرين من كل الشرائح، وهو هدف سعت الإمارة إلى بلوغه حرصاً منها على أن تكون مدينة للجميع، وليست حكراً على الراغبين بتملك العقارات الفاخرة حصراً.

وأجمع خبراء دوليون يرأسون مؤسسات وشركات شهيرة متخصصة بمراقبة الاستثمار العقاري عالمياً على أن شركات التطوير العقاري المحلية تخوض تنافساً محتدماً للفوز بالمشترين الجادين الطموحين لشراء منزل ثانٍ بهدف قضاء العطلات أو الاستثمار.

وطبقاً لاستطلاع ورصد «البيان الاقتصادي» فإن حظوظ عقارات المشاريع المتكاملة التي تنتمي إلى مناطق دبي الجديدة هي الأوفر حظاً مع احتفاظ بعض المناطق القديمة بحصتها رغم اقتصارها على تملك المواطن الخليجي.

وطبقاً للرصد فإن عقارات دبي عموماً باتت نداً لفرنسا وبريطانيا لكنها تتفوق في تفضيلات المستثمرين على عقارات في مدن عدة تتوزع على الصين وسنغافورة وسويسرا وإيطاليا.

توقيت

قالت «أسبين وولف» البريطانية في تقرير عقاري أصدرته أخيراً إنه ليس هناك وقت أفضل من الآن لشراء عقار في دبي، وطرحت الشركة أسباب عدة لشراء عقار في دبي الآن، تتمثل في: وجود طيف واسع من الخيارات العقارية، التي تتمتع ببنى تحتية ممتازة ومرافق وطرق ومدارس ومستشفيات. مع وفرة المنازل ذات الأسعار المعقولة التي من شأنها زيادة تنافسية دبي وجذب المدينة لمزيد من الأشخاص.

ورأت الشركة في تقريرها أن البيع على المخطط يظهر بوضوح الثقة الاستثمارية العالية بدبي. وكذلك العائد المرتفع المتوقع، حيث توفر سوق دبي عوائد إيجارية جذابة، حتى لو أخذنا في الاعتبار هدوء السوق، فإن المستثمرين يتوقعون عائداً يتراوح بين 6-10%، وذكر التقرير أن أحداثاً كبيرة مثل إكسبو 2020 ورؤية 2021 سلطت الأضواء أكثر على سوق دبي العقاري.

وهذا من شأنه زيادة الطلب من شركات تتطلع إلى الاستقرار أو إعادة التمركز في المنطقة. وفي المقابل سيشكل عامل جذب لمزيد من الأشخاص الراغبين في العيش أو العمل في دبي.

جاذبية

ويعد المدير العام لدائرة أراضي وأملاك دبي سلطان بطي بن مجرن تراجع أسعار العقارات في الإمارة خلال الفترة الماضية بالأمر الطبيعي، لأن السوق العقاري يتحرك وفق معطيات العرض والطلب، وهو أمر محمود ومفرح في سوق صعدت فيه الأسعار بنحو 300% قبل 2007. ويرى بن مجرن أن التصحيح السعري يعكس النضج الذي بلغته السوق العقارية في دبي ومتانته ومضيه قدماً في الحفاظ على الأهداف المطلوب تحقيقها لإضفاء الجاذبية الاستثمارية في مناخاته، ليجعل من المدينة الوجهة الاستثمارية العقارية الأولى في العالم.

تحول

يقول علي راشد لوتاه رئيس مجلس إدارة نخيل العقارية إن شريحة المقيمين المغتربين في دبي تشهد بصورة متزايدة تحول العديد منهم من مستأجرين للعقارات إلى مُلاك، وهو ما يتضح في حجم صفقات البيع على الخريطة إلى جانب نمو معدلات صفقات الرهون العقارية في العدد والحجم.

وأوضح أن بعض التقارير العقارية تقول إن معدل ملكية الوحدة الآن إلى واحد من بين كل 4 من شاغلي الوحدات تقريباً، بنسبة تزيد على 100% في السنوات الأربع الأخيرة في مشاريع معينة لاسيما التي تقع في مناطق تتميز بتكامل الخدمات.

أفضلية

من جهته يقول أحمد المطروشي العضو المنتدب لشركة إعمار العقارية إن تحليل النسبة المئوية للإمداد الإجمالي للعقارات يعكس وجود أفضلية قوية للعقارات المملوكة أو المطورة من جانب شركات حكومية أو شبه حكومية.

وأضاف إن هذا الأمر الذي يشير إلى معدلات ملكية عالية وأكثر استقراراً تتراوح ما بين 30% إلى 40% في مناطق مثل وسط المدينة ومرسى دبي، فيما تحقق المشاريع المطورة من قبل مطورين فرعيين نسب تصل إلى 30%.

أما المهندس محمد بن غاطي الرئيس التنفيذي ورئيس قسم الهندسة في «بن غاطي للتطوير»، فيقول إنه وعلى الرغم من أن المستخدم النهائي ذا الدخل المتوسط والمرتفع يفضل دائماً مجتمعات الفيلات، إلا أن الشقق السكنية لا تزال متفوقة في حجم المبيعات لأسباب عدة لا تغيب عن ذهن المستثمر أو المراقب.

ويقول بن غاطي خير دليل على ما ذهبنا إليه هو الإحصاءات الرسمية التي وثقت بيع 14676 شقة قيد الإنجاز بـ 18.5 مليار درهم خلال العام الماضي مقابل 1303 فيلات قيد الإنجاز بـ 2.7 مليار درهم.

وأوضح بن غاطي هناك تحول أساسي في سلوك المستثمرين الجادين باتجاه الجمع بين السعر المناسب والجودة العالية، وقد لمسنا ذلك بعد طرحنا مشاريع سكنية خلال العام الماضي. وأكد بن غاطي أن طلب المستهلك النهائي أصبح غير مرتبط بدرجة كبيرة بتقلبات الأسعار، إذ يجعل المستثمر المعيشة دافعه الأساس في تملك العقار مرتبطاً بوجود العقار في مبانٍ عالية الجودة، وهذا السلوك يظهر حرص المستثمر على نوعية المعيشة بعدما كان مهتماً في السابق بالسعر على حساب الجودة في بناء العقار وتشطيباته.

جودة

وبالحديث عن جودة العقار تبرز شركة «الشعفار للمقاولات العامة» كواحدة من أبرز شركات الإنشاءات في الدولة والمعروفة بريادتها على صعيد تسليم المشاريع بمواصفات عالمية، إذ يقول المهندس عماد عزمي رئيس الشركة إن جودة العقار وموقعه عنصران أساسيان في تحديد قيمة العقار من جهة وتحدد نوعية المطور العقاري ومكانته في السوق، وبالتالي تحدد نوعية المستثمرين وملاءتهم المالية وحتى مكانتهم الاجتماعية.

وأوضح أن المشاريع التي نفذتها شركته وتنفذها في الوقت الراهن كلها ترتبط بأسماء كبيرة في صناعة التطوير العقاري وعددها يقارب الـ 300 مشروع من بينها مشاريع استراتيجية تلتقي جميعها تحت عنوان واحد هو الجودة في أعمال التشييد والتشطيبات ضمن الإطار الزمني المحدد لبدء تشييد المشروع حتى استخدامه من قبل مالك العقار.

مرونة

أجمع رؤساء شركات عقارية وخبراء في شركات استشارات على أن مقدرة دبي ومرونتها في التعامل مع المتغيرات والتقلبات الاقتصادية الإقليمية والعالمية فضلاً عن خروجها الدائم على المألوف وابتكار برامج اقتصادية تحفيزية تجعل من سوق العقارات أول المستفيدين بوصفه محركاً أساسياً في ديمومة نمو اقتصاد المدينة.

3

قال ليم بيلي رئيس قسم البحوث المشروعات السكنية في مؤشر نايت فرانك البريطاني العالمي، إن الأثرياء يبحثون عن الخيارات المتاحة أمامهم، وفي مقدمتها شراء العقارات واستثمار ثرواتها، لكن مجموعة من الأسباب يمكن أن تشكل ثلاثية تتحكم بقراراتهم النهائية، وفي مقدمتها أن يكون العقار في بلد آمن ومستقر سياسياً واقتصادياً.

13

تجاوز حجم التمويلات التي ضختها مؤسسات وبنوك وطنية وأجنبية في السوق العقاري بدبي في 2018 أكثر من 13 مليار درهم، ما يعكس مستوى الثقة بالقطاع العقاري، ويرسم على نحو دقيق ملامح صورة مستقبلية قريبة يستعيد فيها القطاع قيادة سوق التمويل مجدداً، ومن غير المستبعد حدوث ذلك خلال العامين المقبلين، بحسب مراقبين. ونجحت السوق العقاري في كسر القيود التي فرضتها بعض البنوك والمصارف، بعدما زادت من مقدرتها على ترسيخ ثقة المستثمرين، واستقطابهم من مختلف دول العالم ليبرموا مئات صفقات البيع والشراء.

20

ضخ مستثمرون أكثر من 20 مليار درهم في صفقات شراء 14444 عقاراً متنوعاً، بين الشقق والفلل، لا تزال قيد التصميم أو الإنجاز في مختلف مناطق إمارة دبي، منذ بداية العام الجاري، طبقاً لرصد «البيان الاقتصادي».

ووثقت دائرة الأراضي والأملاك في دبي، تلك الصفقات، التي تعكس تزايد الحراك العقاري في السوق العقاري منذ بداية العام الجاري، لا سيما في سوق العقارات قيد الإنجاز، بوصفها الأعلى طلباً بين صفوف المستثمرين الجدد، الراغبين بالتملك العقاري.

وأظهر تحليل لـ «البيان الاقتصادي»، تفوق وصدارة الخليج التجاري ومرسى دبي ومنطقة برج خليفة والمركاض، على باقي المناطق، لجهة الأعلى في القيمة الإجمالية، والأعلى في إجمالي مبيعات الشقق السكنية.

120

لم تكن القفزات الهائلة في أسعار العقارات بدبي بحدود 300% ما بين 2004 و2008 مصدراً لسعادة إمارة دبي ولا للسلطات المختصة التي رأت في تداعيات الأزمة المالية العالمية عام 2009 فرصة نموذجية ينبغي اقتناصها لتنظيم السوق وتحويل مساره إلى مزيد من النضج والشفافية لضمان كبح جماح الصعود الصاروخي للقيم الرأسمالية للعقارات والوصول إلى محركات حقيقية للأسعار وتدعيم مناخ التنافسية والجاذبية في السوق الذي طاله الضرر بسبب تضخم الأسعار.

أصدرت السلطات حزمة تشريعات رسخت الإطار القانوني للتعاملات العقارية وأقصت المضاربين خارج السوق وفتحت الباب على مصراعيه أمام حركة تصحيح سري أثلجت صدور المستثمر (المستخدم النهائي).

وحصدت السوق العقاري العام الماضي ثماراً غالية لحملات التنظيم العقاري وتوفير الحماية للمستثمرين، وباتت قائمة المستثمرين من ملاك العقارات تضم أكثر من 120 جنسية.

تراجع الأسعار في صالح المشتري

قال نايل ماكلوغلين، نائب الرئيس الأول لشركة «داماك العقارية»: ما زالت الإمارات مركزاً جاذباً لكبار رجال الأعمال، والشركات العالمية، ورواد الأعمال الجدد في المنطقة، وبالطبع المستثمرين الأجانب في مجال العقارات.

ومن حسن حظ المستثمرين المحليين، خصوصاً مشتري المنازل، يشهد سوق العقارات الإماراتي في الوقت الراهن تراجعاً دورياً، وهذا أمر طبيعي بعد فترة من النمو السريع وتماشياً مع التباطؤ الاقتصادي العالمي الذي نشهده حالياً. وهذا ما نطلق عليه عادة «سوق المشتري» حيث يتمتع المستثمرون أو المشترون بفرصة الشراء بأفضل الأسعار وتحقيق استثمارات طويلة الأجل.

وأشار إلى أهمية التوجهات الإيجابية التي تواصل قيادة الإمارات اتخاذها باستمرار، والتي أكدت للعالم أن الإمارات دولة عصرية يسودها التسامح والاحترام المتبادل بين الثقافات والديانات المختلفة، وهذا ما لمسناه من قوانين الإقامة الصادرة مؤخراً والتحسينات المستمرة التي نشهدها بشكل دوري للأنظمة في كافة القطاعات، فضلاً عن اعتماد أنظمة الحكومة الذكية. ولا يقتصر الأمر على ذلك فقط، إذ نرى في الإمارات أيضاً مؤشرات عديدة تؤسس لنجاحات محلية مستقبلية، منها:

- اقتراب اكسبو 2020 الذي من المتوقع أن يحقق نهضة اقتصادية في أكثر من مجال، أهمها قطاع العقارات السكنية والفندقية التي بدأت في جذب مستثمرين من الخارج.

- برنامج «غدا 21» في أبوظبي الذي سيزيد من ثقة المستهلك في الإمارات.

- السياسات الحكومية المرتبطة بتخفيف القيود التنظيمية في إطار أهداف رؤية 2021 الهادفة إلى دعم مجالات الاقتصاد غير النفطية، ومن بينها قطاع العقارات.

ويوضح نايل ماكلوغلين، لو سألني أحد هل هذا الوقت مناسب لشراء عقار فإن إجابتي هي نعم، فاستراتيجية الاحتواء التي تتبعها الإمارات والنمو المستمر الذي تشهده الدولة، هما محوران أساسيان في جذب المزيد من المقيمين والمستثمرين الأجانب بشكل عام. وهذا ليس جديداً على الإمارات، فهذا هو الحال منذ تأسيس الدولة، ومن الواضح أنه سيبقى كذلك لأنه أحد أهم عوامل النجاح. لهذا، إذا كنت ممن ينتظرون الوقت المناسب للاستثمار وشراء عقار بأسعار منخفضة، فعليك اغتنام الفرصة الآن، أو قضاء سنوات حياتك القادمة نادماً على ضياع فرصتك في الاستثمار بذكاء من أجل مستقبل أطفالك وأن تكون أحد مالكي العقارات في الدولة.

من يحدد الأسعار؟

اعتبر فرهاد عزيزي الرئيس التنفيذي لشركة «عزيزي للتطوير العقاري» أن الحديث عن تراجع أسعار العقارات الذي يصدر عن بعض الشركات عائم، ولا يستند إلى أدلة ملموسة لأن أسعار العقارات تتفاوت بين منطقة وأخرى تحددها جملة عوامل منها جودة البناء والمساحة والموقع والمطوّر، لافتاً إلى أن السوق أصبح محكوماً بالعرض والطلب، ويمكن الاطلاع على البيانات الرسمية التي تنشرها «البيان الاقتصادي».

وتعكس البيانات والإحصاءات التي تنشرها دائرة الأراضي والأملاك في دبي، مدى قوة السوق وثقة المستثمرين، العامل الرئيس في نمو سوق العقارات، الذي يشهد حالياً ارتفاعاً في المعنويات وقوة مستدامة في مبيعات العقارات السكنية والفندقية على وجه التحديد، مستفيدين من تراجع الأسعار مقارنة بالأعوام الماضية، إلى جانب النمو الذي يشهده اقتصاد دبي من دون الاعتماد على السوق العقاري حصراً في ذلك النمو.

تقشّف وديون

يقول طلال موفق القداح، الرئيس التنفيذي لشركة «ماج للتطوير»: تتمتع دولة الإمارات التي تتوسط ثلاث قارات هي آسيا وأوروبا وأفريقيا، بمجموعة هائلة من المميزات أبرزها ترسيخها لمكانتها العالمية كملاذ آمن للمستثمرين والمناخ الاستثماري المتفوق بحزمة من التسهيلات غير المسبوقة فضلاً عن البنية التحتية الأكثر تطوراً على المستوى العالمي وتوفيرها أسلوب حياة متفرداً للقاطنين فيها وفي مقدمتها الأمن والأمان.

وأضاف القداح إن مقارنة العقارات في الأسواق الناشئة لم تكن قادرة على منافسة نظيراتها في الأسواق التقليدية العريقة بسبب نمط الحياة في الدول المتقدمة ومزايا التعليم والرعاية الصحية لكن الصورة اليوم تبدلت لصالح عقارات الأسواق الصاعدة وأبرزها دبي لاسيما وأن الأسواق العريقة تقع تحت طائلة الأزمات الاقتصادية وخطط التقشف واحتمالات الغرق في استحقاقات الديون السيادية وتحديداً في منطقة اليورو، ما يزيد تنافسية الأسواق الناشئة.

طريق الاستثمار معبّد بدرهم قوي ومقدرة شرائية عالية

أكد خبراء أن مدينة دبي هي الأفضل حالياً للاستثمار العقاري بفعل تراجع معدل التضخم وزيادة قوة الدرهم وارتفاع القدرة الشرائية للسكان حسب أحدث المؤشرات. وقال الخبراء إن تراجع الإيجارات وتخفيض الحكومة للرسوم والغرامات على الشركات وتجميد المصروفات المدرسية، أصبحت دبي أقل تكلفة في العام الجاري مقارنة بالعام الماضي، حيث تراجعت أيضاً أسعار المواد الغذائية والإيجارات على أساس سنوي.

ويشير أحدث مؤشرات تكاليف المعيشة عن مؤسسة نمبيو التي تجمع بيانات المدن ودول العالم، ان دبي اصبحت بالمركز 217 عالمياً في 2019 مقابل 210 العام الماضي، مما يعني انخفاض التكلفة فيها.

وتعتبر دبي أقل تكلفة بنسبة 58% مقارنة بالمدن السويسرية التي تعد أعلى المدن تكلفة في العالم. وبالجمع بين مؤشر التكلفة والإيجارات، فإن مدينة دبي أقل تكلفة من أغلى مدن العالم بنسبة 45%، وبنسبة 33% من مدينة لندن.

وقالت مونيكا مالك كبيرة خبراء الاقتصاد في بنك أبوظبي التجاري إن تراجع أسعار العقارات في دبي عامل رئيس وراء اعتدال الأسواق وتراجع التضخم، إلى جانب أسباب أخرى مثل تراجع أسعار النفط.

وأرجع أحمد شيخاني مدير عام مجموعة شيخاني ارتفاع جاذبية مدينة دبي للمستثمرين إلى تراجع الإيجارات وخفض الرسوم وتراجع تكلفة الواردات والسلع المصدرة.

كما أشار شيخاني إلى انخفاض تكلفة الحصول على ترخيص استثمار في دبي من الخارج، حيث يقل عن ألف دولار، ويمكن إنشاء شركة تجارية بتكلفة ألفي دولار فقط. ما يجعل دبي تتصدر عالميا على صعيد سهولة ممارسة الأعمال. وقالت انيتا ياداف من بنك الإمارات دبي الوطني إن تراجع تكلفة المعيشة في دبي يجعلها جذابة للعمالة الأجنبية والمستثمرين الأجانب أيضاً.

عقارات الإمارات فاكهة مغرية للأثرياء

تقول مؤسسة بحثية عالمية، إن شعبية الإمارات تتزايد لدى أثرياء دول أفريقيا وآسيا الراغبين بشراء عقارات فاخرة. وأشارت في دراسة حديثة إلى أن تغير اتجاهات بوصلة اهتمام أثرياء العالم نحو عقارات الإمارات عموماً ودبي على وجه خاص، لم تكن على ما هي عليه في تسعينات القرن الماضي.

وأوضح تقرير مؤسسة نايت فرانك الدولية التي ترصد حركة أسعار العقارات الفاخرة على مستوى العالم، أن التطوّر الاقتصادي والقفزات التنموية الهائلة التي شهدتها الإمارات؛ جعلت من سوقها العقارية فاكهة مغرية للأثرياء والميسورين من مختلف الجنسيات.

يرسم كريغ بلمب رئيس قسم الأبحاث في شركة جونز لانغ لاسال الشرق الأوسط اتجاهاً آخر للاستثمار العقاري في المنطقة عموماً والإمارات على وجه التحديد، وسماه «منازل حقيقية لأناس حقيقيين» ويقول، إن 60% من المساكن وأغلبها فاخرة كانت هدفاً للمضاربين خلال السنوات التي أعقبت الطفرة العقارية في دبي. ويضيف، إلا أن السوق أعادت ترتيب أولوياتها وطبيعة محركات أسعارها منذ عام 2010 متوجهاً لتلبية احتياج المستخدمين النهائيين المتزايد في الفئة الوسطى من القطاع العقاري الإماراتي.

Email