على أبواب ميناء بربرة

أرض الصومال بلد منسي ينتظر العالم

ت + ت - الحجم الطبيعي

لمشاهدة ملف"أرض الصومال" بصيغة الــ pdf اضغط هنا

 

رغم غياب الاعتراف الرسمي الدولي، وفي ظل اقتصاد ضعيف أنهكته الحرب الأهلية والمجاعة، وزيادة مستويات الفقر والبطالة، وارتفاع معدلات الأمية وسوء البنية التحتية، تعوّل أرض الصومال المعروفة باسم «صوماليلاند»، على ميناء بربرة لجعله بوابتها الرئيسية إلى العالم، يتدفق من خلاله الاستثمارات الأجنبية لتعزيز النمو الاقتصادي، وخلق الآلاف من فرص العمل في البلاد العطشى للاستثمار بكافة أنواعه.

ويشكل المشروع صدمة اقتصادية واجتماعية وثقافية لأبناء بربرة تلك المدينة الساحلية المنسية المطلة على خليج عدن، ويفتح أبواب الأحلام لأبناء الجمهورية المنسية التي يتجاوز عدد سكانها الـ 4 ملايين نسمة، وخلق الروح المفعمة بالأمل في الازدهار الاقتصادي والصناعي والزراعة، فمع بدء المشروع تغير كل شيء وارتفع سقف الطموحات وتضاعفت الرواتب وزادت أسعار الأراضي، الجميع في حالة انتظار لغد مشرق يطوي سنوات الحرمان.

ويفتح مشروع تطوير وتوسعة ميناء بربرة أكبر موانئ أرض الصومال، الذي تطوره شركة موانئ دبي العالمية، الأكبر في البنية التحتية في تاريخ البلاد، آفاقاً اقتصادية وتنموية واسعة لتتحول المنطقة إلى مركز تجاري دولي في أحد أهم مفاصل التجارة العالمية مع اقترابه من مضيق باب المندب رابع أهم المعابر البحرية العالمية، وليخدم أكثر من 500 مليون نسمة في 22 دولة في منطقة شرق أفريقيا.

 

اعتبر مسؤولون بجمهورية أرض الصومال، أن مشروع تطوير وتوسعة ميناء بربرة أكبر موانئ أرض الصومال، بمثابة فتح اقتصادي، ويؤذن بمرحلة جديدة في تاريخ هذه الجمهورية الوليدة في منطقة القرن الأفريقي، ودعم نمو الاقتصاد المحلي، ودفع عجلة التنمية إلى الأمام، علاوة على تسهيل التجارة الدولية في المنطقة ككل.

وأكدوا أن المشروع يساعد في انفتاح البلاد على العالم الخارجي، وذلك بجلب الاستثمارات الأجنبية المختلفة على أرض الواقع، ويوفر الآلاف من فرص العمل، فضلاً عن إنعاش حركة التجارة بين العديد من دول أفريقيا والعالم.

«البيان الاقتصادي» شارك في فعاليات الاحتفال بوضع حجر الأساس لأعمال المرحلة الأولى للتوسعة في «ميناء بربرة»، وتوقيع عقود الإنشاء مؤخراً، ورصد تأكيدات رسمية وشعبية على أهمية بربرة، باعتبارها بوابة البحر الأحمر للشرق الأوسط وأفريقيا، ما سيزيد من فرص التحول إلى مركز محوري للتجارة في المنطقة.

بوابة جديدة

وبينما يفتح مشروع التوسعة الجديدة آفاقاً اقتصادية وتنموية واسعة في بربرة، لتتحول إلى مركز تجاري دولي، في أحد أهم مفاصل التجارة العالمية، مع اقترابها من مضيق باب المندب، رابع أهم المعابر البحرية العالمية من حيث عدد براميل النفط التي تمر فيه يومياً، يكمل بدوره شبكة «موانئ دبي» في شرق أفريقيا خلال السنوات المقبلة، من خلال إنشاء بوابة جديدة عميقة المياه لتجارة أرض الصومال.

ويتم تنفيذ المشروع على مرحلتين، تستهدفان بنية تحتية عالمية المستوى لميناء عميق المياه، وتوفير خدمات في الميناء، مع إمكانية التوسع على المدى الطويل، بمساحة امتياز تبلغ 4.25 كيلومترات مربعة، وأكثر من 12 كيلومتراً مربعاً من الأراضي الإضافية المتوافرة لمنطقة حرة محتملة.

وتتضمن المرحلة الأولى من مشروع تطوير ميناء بربرة، بناء رصيف بحري بطول 400 متر، وساحة بمساحة 250 ألف متر، وكذلك بناء منطقة حرة، لتكون مركزاً محورياً لتجارة المنطقة، حيث سيخدم مشروع «موانئ دبي بربره» أيضاً، دول المنطقة التي لا تمتلك سواحل بحرية في القرن الأفريقي، مثل إثيوبيا، والتي تمتلك حصة 19 % من المشروع.

وتبلغ التكلفة الاستثمارية للمرحلة الأولى لعملية التوسعة نحو 101 ملايين دولار، فيما تبلغ فترة إنجازها 22 شهراً، فيما يتم التخطيط لمرحلة ثانية خلال فترات مستقبلية، علاوة على تطوير منطقة حرة للأعمال المختلفة، بمساحات مجاورة للميناء، عبر دعوة مؤسسات استثمارية مختلفة لممارسة أعمالها بتلك المنطقة.

وتتولى أعمال توسعة الميناء، شركة شفا النهضة، التي لديها خبرة واسعة في المجال، فقد تولت أعمال توسعة ميناء داكار في السنغال، وكذلك ميناء مابوتو في موزمبيق، ومن المنتظر أن تباشر الشركة، ومقرها دبي، خلال الأسابيع القليلة المقبلة، تحديد المعدات المخصصة لإنجاز عمليات الإنشاء المستهدفة لمشروع توسعة المرحلة الأولى في الميناء.

وتفتح أعمال التطوير في الميناء، آفاقاً أوسع في حركة الشحن والخدمات اللوجستية، وزيادة معدلات التجارة، لا سيما أن الميناء يصدر في الوقت الحالي، الأغنام والإبل إلى الشرق الأوسط، ويستورد الغذاء وسلعاً أخرى.

والمرحلة الأولى جزء من اتفاق توسعة تم توقيعه مع موانئ دبي العالمية في 2016، وتبلغ قيمته الإجمالية 442 مليون دولار. وبموجب الاتفاقية، تحتفظ موانئ دبي بحصة 51 % في المشروع، وهيئة الموانئ في أرض الصومال بحصة 30 %، والنسبة المتبقية لإثيوبيا، التي ستستثمر في تطوير البنى التحتية لمشروع الممر التجاري.

مرحلة مهمة

وبدوره، أكد موسى بيحي عبدي رئيس جمهورية أرض الصومال، أن مشروع تطوير وتوسعة ميناء بربرة، يتمتع بأهمية استراتيجية لأرض الصومال بشكل خاص، ويؤذن بمرحلة مهمة في دعم الاقتصاد، ودفع عجلة التنمية إلى الأمام، علاوة على تسهيل التجارة الدولية للمنطقة ككل.

وقال إن هذا اليوم يعد يوماً تاريخياً، حيث نضع حجرَ أساس معلَم رئيس لتطوير الاقتصاد الوطني والاستثمار في البنية التحتية للبلاد، وهناك قدرة على مواصلة النمو من أجل مصلحة أرض الصومال والإقليم، والدول العربية، لافتاً إلى أن التواصل التجاري مع المنطقة، سيعزز العلاقة القوية القائمة حالياً، ويجعل من بلاده لاعباً مهماً في التكامل الاقتصادي والنمو في المنطقة.

وأضاف أن أهمية الميناء، كونه بوابة للبحر الأحمر لمنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، أصبح الآن حقيقة، ما يفتح إمكانات البلاد كمركز تجاري، وخلق فرص العمل في جميع أنحاء البلاد.

ووصف رئيس الجمهورية، أعمال التوسعة الجديدة، بأنها تعد أكبر مشروع في البنية التحتية في أرض الصومال، جنباً إلى جنب مع المنطقة الحرة في بربرة والمطار والطريق السريع بين بربرة ووجالي، ويعد كل هذا جزءاً أساسياً من التنمية الاقتصادية في البلاد، ويرتبط بشكل مباشر مع النمو والتنمية الاقتصادية للمنطقة ككل.

وأضاف أن هذا المرفق سيسهم في زيادة حجم التجارة الدولية بين أرض الصومال والعالم، ويخلق فرص العمل لآلاف الشباب، نتيجة أعمال التطوير، عبر فتح آفاق جديدة أوسع في مجالات التجارة الإقليمية في المنطقة، ويرفع مستوى المعيشة، فضلاً عن تحسين القدرة التنافسية للدولة، عن طريق تحويلها إلى مركز تجاري إقليمي، بما يخلق تنمية مستدامة للأجيال المقبلة، وسيسهم بشكل مباشر في مجالات إنمائية أخرى، كالسياحة والصناعة.

وأكد موسى بيحي عبدي، أن السلام والاستقرار في أرض الصومال وموقعها الاستراتيجي، قد جذب الإمارات، وشركة موانئ دبي العالمية، للاستثمار في الميناء. وأضاف أن الإمارات عملت على توطيد هذه العلاقة، بمساعدة بلاده في استعادة استقلاله، وبناء البنى التحتية، والمساعدة في انفتاح البلاد على العالم الخارجي، وذلك بجلب الاستثمارات المختلفة على أرض الواقع، مؤكداً فتح جميع الأبواب أمام استثمارات الإمارات الحكومية والخاصة.

وعن أهمية استثمار «موانئ دبي» في تطوير «ميناء بربرة»، قال رئيس جمهورية أرض الصومال، إن اتفاقية تطوير الميناء مع شركة ذات سمعة عالمية مثل موانئ دبي، سيدعم سعي بلاده لتحقيق الاعتراف الدولي، حيث كانت جريئة في الحضور إلى أرض الصومال، الأمر الذي يشجع المزيد من الشركات على أن تحذو حذوها.

وأكد أن المشروع ينقل العلاقات الثنائية مع الإمارات إلى مستويات غير مسبوقة من التعاون المشترك، مشيداً بجهود دولة الإمارات في تأسيس مشاريع تنموية وخدمية في أرض الصومال، متوقعاً أن تشهد العلاقات التجارية والاستثمارية بين البلدين، تطوراً متواصلاً، بعد اكتمال تطوير ميناء ومطار بربرة.

وتوقّع موسى بيحي عبدي، أن يتجاوز إجمالي الاستثمارات المقدرة في ميناء بربرة 400 مليون دولار، مع انتهاء العمل من مرحلتي التوسعة والتطوير في ميناء بربرة، إضافة إلى إنشاء منطقة اقتصادية حرة تتكامل مع المشروع، ليصبح ميناءً محورياً، ومعبراً لمختلف البضائع المستوردة من الأسواق الإقليمية والعالمية.

فتح اقتصادي

وقال نائب رئيس جمهورية أرض الصومال، عبد الرحمن عبد الله السيلعي: إن المشروع يعتبر فتحاً اقتصادياً للبلاد، حيث يستهدف جذب عدد كبير من الشركات العاملة في قطاعات متنوعة، مثل التخزين، والخدمات اللوجستية والأعمال الأخرى ذات الصلة.

وأضاف أنه يجري بالتزامن مع توسعة الميناء، إنشاء مطار مدني وتجاري جديد للشحن والسفر، إلى جانب مشروعات للبنية التحتية في بربرة، ما يوفر فرصاً استثمارية متنوعة أمام المستثمرين.

وأوضح السيلعي، أن موانئ دبي العالمية، تحظى بمكانة عالمية في تلبية حاجات السوق وشركات الملاحة والتجار عموماً، ونجحت في جذب المزيد من التجار وشركات الملاحة إلى دبي، التي باتت مركزاً محورياً للتجارة والشحن البحري، ونستلهم هذا النموذج الناجح في ميناء بربرة.

وبحسب توقعات وزير التجارة والصناعة والسياحة في أرض الصومال، محمود حسن سعيد، يشهد حجم التجارة عبر ميناء بربرة بعد تطويره، زيادة كبيرة، من 600 مليون دولار، إلى أكثر من 4 مليارات دولار، لا سيما أنه سينعش التجارة بين أرض الصومال وإثيوبيا ومنطقة القرن الأفريقي ككل.

وقال سعد، إن هناك العديد من المشروعات الحيوية المصاحبة لتطوير الميناء، منها إنشاء طريق سريع بطول 300 كيلومتر، يربط بين ميناء بربرة وإثيوبيا، بالإضافة إلى تنفيذ مشاريع للمياه الجوفية، وأخرى خاصة بخدمات التعليم والصحة، ومشروع محطة للطاقة الكهربائية.

وأضاف أن مشروع التوسعة الجديد، يتضمن تطوير منطقة اقتصادية، وتم تخصيص مساحة قدرها 12.2 كيلومتراً مربعاً لها، حيث تستهدف قطاعات مثل الصناعات التحويلية والخدمات اللوجستية.

 

ومن جهته، وصف سلطان بن سليّم رئيس مجلس الإدارة، الرئيس التنفيذي لمجموعة «موانئ دبي العالمية»، انطلاق أعمال البناء في ميناء بربرة، بأنه علامة فـــارقة في تاريخ أرض الصومال وموانئ دبي.

تحوُّل

وتوقع تحولاً واضحاً في الطاقة الاستيعابية للميناء خلال السنوات القليلة المقبلة، وذلك بعد تطويره وتوسعته، ما سيخدم الدولة والقرن الأفريقي، حيث سيوفر لهم بوابة بديلة للأسواق العالمية، ويوفر للسكان فرص العمل.

وأوضح أن المشروع يعد جزءاً من رؤية «موانئ دبي»، في أن تكون شركة فاعلة في مجال التجارة العالمية، إضافة إلى تشجيع التنمية والنمو، ومساعدة الدول الأفريقية على تطوير اقتصاداتها، وتسهيل وصولها إلى الأسواق العالمية.

وأضاف سلطان بن سليم أن الاستثمار في هذا الميناء بمياهه العميقة، سيحقق نمواً للدولة وللمنطقة، ويوفر الكثير من فرص العمل، خاصة أننا، إضافة إلى تطوير الموارد المادية، نركز على تطوير الموارد البشرية من خلال التدريب وتطوير المهارات.

قفزات

ومن جهته، قال عدنان العبار نائب رئيس مجموعة «موانئ دبي العالمية» للتخطيط وإدارة المشاريع، إن المجموعة حققت قفزات نوعية، منذ أن تسلمت إدارة الميناء في مارس 2017، من خلال تعزيز إنتاجيته وتطويره، ليصبح ميناء إقليمياً محورياً، ومعبراً رئيساً للتجارة في المنطقة، مضيفاً أن المرحلة الأولى تستهدف رفع الطاقة الاستيعابية للميناء إلى 450 ألف حاوية من 150 ألف حاوية حالياً.

ولفت إلى أن أعمال التوسعة تشمل بناء مرسى إضافي في الميناء، وتزويده بمعدات ورافعات جديدة، تعزز من فعالية عملياته وإنتاجيته، إضافة إلى ترقية المرافق القائمة، بما يدعم قدرة الميناء على استيعاب كميات أكبر للحاويات من مختلف الدولة، ويعزز من الخدمات المقدمة لحركة التجارة في المنطقة.

وأشار إلى أن حجم التكلفة الاستثمارية للمرحلة الأولى لعملية التوسعة، يصل إلى نحو 101 مليون دولار، فيما تبلغ فترة إنجازها بالكامل 22 شهراً، موضحاً أن المجموعة تخطط لبدء العمل في مرحلة توسعة ثانية في المستقبل القريب، ولكن سيتم تحديد تفاصيلها خلال فترة لاحقة، بعد انتهاء المرحلة الأولى.

وأشار إلى أن بدء العمل في تطوير ميناء بربرة، يسهم في تدعيم عمل الميناء، كونه محوراً إقليمياً ومعبراً رئيساً لمختلف عمليات التجارة واستيراد البضائع، بما يساعد على جذب المستثمرين، وتعزيز تنويع اقتصاد جمهورية أرض الصومال، وتوفير المئات من فرص العمل.

ويجذب مشروع «موانئ دبي بربرة» الحيوي، المزيد من خطوط الشحن إلى منطقة شرق أفريقيا، التي تضم 22 دولة، وتشتمل على عدة مناطق، منها القرن الأفريقي، ويبلغ عدد سكانها أكثر من 500 مليون نسمة، ويزداد بشكل مستمر، حيث إنه من المتوقع أن يصل إلى 890 مليوناً في عام 2050.

أهمية خاصة

كما يمثل المشروع الاستراتيجي، أهمية خاصة لدى الجارة إثيوبيا، التي تفتقر إلى منفذ على أي ساحل بحري، وهو ما تحاول تعويضه بإيجاد موطئ قدم لها مع جيران تستفيد من موانئهم البحرية، في ظل تجارتها المتزايدة، وعدد سكانها البالغ 100 مليون نسمة، وهو ما دفع أديس أبابا للمبادرة في الدخول طرفاً ثالثاً في الاتفاق بين «موانئ دبي» وأرض الصومال، بحصة قدرها 19 %، حيث يشمل الاتفاق، الاستثمار في ترميم طريق سريع بطول 300 كيلومتر، يصل بربرة بحدود إثيوبيا، لنقل البضائع إلى الأخيرة.

ولا تقتصر فوائد المشروع على إثيوبيا، بل تمتد أيضاً إلى كل دول المنطقة التي لا تمتلك سواحل بحرية في القرن الأفريقي، في ظل بناء منطقة اقتصادية حرة، تهدف إلى تأسيس مركز تجاري إقليمي، تكون محوراً لتجارة المنطقة.

وكانت «موانئ دبي العالمية»، فازت العام الماضي بعقد امتياز لمدة 30 عاماً، مع تمديد تلقائي لمدة 10 أعوام، لإدارة وتطوير مشروع ميناء متعدد الاستخدامات في بربرة. وتم تأسيس مشروع مشترك لإدارة «ميناء بربرة»، والاستثمار فيه، بالشراكة مع حكومة جمهورية أرض الصومال.

وفي مطلع مارس الجاري، وقّعت «موانئ دبي العالمية»، وكل من حكومة أرض الصومال وحكومة إثيوبيا، اتفاقية لتطوير مشروع منطقة اقتصادية حرة، تتكامل مع مشروع تطوير ميناء بربرة.

 

الميناء والمطار والتحويلات أبرز مصادر الدخل

تملك أرض الصومال موارد حيوية تدر دخلاً على الحكومة، ومن أهمها ميناء بربرة الاستراتيجي، الذي يعتبر المورد الأكبر لمصادر الدخل إلى جانب تحويلات أبنائه المغتربين ويصل عددهم إلى ما يقارب مليون ونصف المليون مغترب في أوروبا وأميركا الشمالية والخليج، يحولون نحو مليار دولار سنوياً، وهو مبلغ هائل بالنسبة إلى بلد صغير، بالإضافة إلى مطار عقال الدولي في مدينة هرجيسا في شمال البلاد.

وتملك أرض الصومال ثروة حيوانية قدرت -وفق آخر الإحصائيات غير الرسمية- بأكثر من 21 مليون رأس، توزّعت على نصف مليون رأس بقر ومليوني رأس إبل وتسعة ملايين رأس ماعز وتسعة ملايين رأس ضأن.

ويتركز الجانب الأكبر من موارد أرض الصومال في قطاع الرعي وتصدير الماشية وأنشطة الإنتاج الحيواني بما قيمته أربعة مليارات دولار أميركي، وساهم في الدخل الوطني بنسبة 28.4%. ويبلغ عدد مزارع الألبان 46 مزرعة، ومزارع الدواجن 30 مزرعة فقط، في حين أن مزارع تسمين المواشي تبلغ 4 مزارع حسب إحصاء 2014.

وتقدر مساهمة القطاع الزراعي في اقتصاد أرض الصومال بنسبة 11.40% من الدخل الوطني تعادل 181 مليون دولار، وتعتمد الزراعة على الأمطار الموسمية، وتشغل حقول الذرة البيضاء 70% من حقول الزراعة البعلية للحبوب، في حين تشغل الذرة 25%، أما بقية الحقول فيقتسمها الشعير والفول السوداني والبقوليات.

وبلغت مساحة الأرض المزروعة 48 ألف هكتار وأنتجت من الحبوب 54 ألف طن تشكل الذرة البيضاء منها نسبة 80.7%، في حين شكلت الذرة منها 19.3%، وقد ارتفع إنتاج الهكتار من الحبوب رغم اعتماده في المجمل على الأمطار، وبلغ بالمتوسّط 5.20 أطنان/‏هكتار للذرة، و12,10 طناً/‏هكتار للذرة البيضاء.

 

الاستثمـارات الإماراتـــية تـوجه الأنظار إلى بلادنا

على عكس المألوف من الخوف والحذر، الذي تبديه الكثير من الشعوب تجاه الشركات الأجنبية، تجد ترحيباً وتقديراً واسعاً على المستويين الشعبي أو الحكومي بـ «دي بي ورلد» كما يحلو لأبناء أرض الصومال ذكرها، قلما يتحقق لشركة من خارج البلاد.

أكد مواطنون من أرض الصومال، في لقاءات مع «البيان الاقتصادي» أن مشروع تطوير وتوسعة ميناء بربرة غير شكل الحياة الاقتصادية والاجتماعية في البلاد ويساعد في توجيه الأنظار العالمية تجاه أرض الصومال، كما أن المشروع يشجع الشركات والمؤسسات الأخرى على المجيء للاستثمار في البلاد العطشي للاستثمار بكافة أنواعه.

وقال سعيد عبدي عبدالله، ويعمل مسؤولاً للشؤون العربية في رئاسة جمهورية أرض الصومال، إن تطوير وتوسعة ميناء بربرة لا يعتبر مجرد مشروع اقتصادي فقط ولكنه يلعب دوراً في تغيير شكل الحياة الاقتصادية والاجتماعية في البلاد بعد أن ساهم في تحسين ظروف العمل وأوضاع العاملين من حيث الرواتب والتأمين الصحي.

وأضاف: «زاد متوسط الراتب إلى 600 دولار أميركي شهرياً مقارنة بخمسين دولاراً في السابق، كما تم تحديد ساعات العمل بدلاً من أنها كانت غير محددة في السابق بالإضافة إلى توفير عوامل الأمن والسلامة المهنية، وكذا خطط التدريب وتكوين الكوادر البشرية واستخدام أحدث التقنيات، حيث تتم جميع العمليات إلكترونياً لأول مرة في بربرة. وأشار إلى أنه منذ قدوم «موانئ دبي» إلى أرض الصومال تم توفير المئات من فرص العمل، حيث يمثل أكثر من 95% من عمالة ميناء بربرة محلية، ويبلغ إجمالي عددهم نحو 800 وظيفة.

 

نتائج إيجابية

ويقول جامع إسماعيل نور، الذي يعمل باحثاً ومستشاراً في التنمية الدولية، إن استثمار موانئ دبي العالمية في أرض الصومال يحقق العديد من الفوائد وله نتائج إيجابية في عدة جهات، حيث يعتبر استثماراً دولياً مطلوباً في الوقت الراهن لتعزيز شرعية البلاد، ووضعها على خريطة الملاحة الإقليمية والعالمية كما يؤكد موقعها كونها غير معترف بها حتى الآن.

وأضاف إن المشروع يخلق عدة آلاف من فرص العمل في ظل انتشار الفقر والبطالة بنسبة 75%، ما يساعد في التنمية الاقتصادية.

وأكد أن المشروع يحمل بعض أوجه التشابه مع بدايات إمارة دبي في تطوير الموانئ قبل عقود لتضع نفسها مركزاً عالمياً للشحن والقاعدة التجارية اليوم، ما يؤكد أن أرض الصومال على الطريق الصحيح لتحقيق النهوض الاقتصادي.

 

سمعة راسخة

وقال فيصل عبدي، مواطن من أرض الصومال ويعمل في فنلندا، إن خطوة موانئ دبي تشجع الشركات والمؤسسات الأخرى على المجيء للاستثمار في البلاد في ظل ما تتمتع به المجموعة من سمعة راسخة ونظراً للموثوقية العالية ولاحتفاظها بمكانة كبيرة في إدارة صناعة الموانئ بجميع أنحاء العالم.

وأضاف: إن مشروع توسعة ميناء بربرة سيلعب دوراً في النهوض بواقع البلاد الخدمي والعمراني، إضافة إلى عوائده الكبيرة على الاقتصاد المحلي، علاوة على تفعيل مشاريع ذات علاقة مثل المنطقة الحرة المحتملة، ما يجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية ويفتح آفاقاً أوسع في مجالات التجارة.

تنشيط

ويرى عبدالله إبراهيم علمي، الذي يعمل مترجماً، أن منذ قدوم موانئ دبي تغير كل شيء في بربرة فالمشروع يعتبر «فتحة خير» حيث ساعد في تنشيط الحياة الاقتصادية بشكل كبير ليس في محافظة بربرة فحسب، بل في كل أنحاء الجمهورية.

وأكد أن الشعب لن ينسى الدعم اللامحدود من الإمارات خصوصاً في أوقات الأزمات ويتجلى بمختلف الأشكال من جانب مؤسسة خليفة الإنسانية وجمعية الشارقة الخيرية في توزيع مساعدات عاجلة، كالغذاء والكساء وتوفير الأدوية والعلاج للحالات المرضية وإنشاء السدود والآبار التي أنعشت العديد من المناطق الزراعية ودعمت عمليات التنمية في البلاد.

إضاءة

تعتبر أرض الصومال منطقة حكم ذاتي تقع في القرن الأفريقي، على شاطئ خليج عدن، وتَعتبِر نفسها دولة مستقلة برغم عدم حوزها الاعتراف الرسمي من جانب الأمم المتحدة. وعاصمتها هرجيسا وتحدها من الجنوب والغرب إثيوبيا ومن الشمال جيبوتي وخليج عدن، ومن الشرق إقليم بونتلاند الصومالي.

وحكومة أرض الصومال تعتبر نفسها دولة خلفاً لمحمية أرض الصومال البريطانية،والتي كانت مستقلة في 1960، قبل التوحد مع بقية الأقاليم الصومالية. وعقب انهيار الحكومة المركزية في عام 1991، أعلنت الحكومة المحلية بقيادة الحركة الوطنية الاستقلال عن بقية الصومال، وكان ذلك في 18 مايو من العام نفسه. ومنذ إعلانها الاستقلال من طرف واحد في 18 مايو 1991 تتمتع بنظم إدارية وسياسة مستقلة.

 

النقود بالكيلو

جولة تسوق قصيرة في أحد الأسواق تحتاج منك إلى حقيبة مليئة بالنقود من العملة المحلية (الشلن)، حيث تصل قيمة الدولار الأميركي إلى 10 آلاف شلن، فيما يثيرك كغريب عن البلاد منظر فريد قد لا يتكرر في أي مكان آخر من العالم، حيث يجلس البائعون أمام أقفاص قديمة في الشوارع لبيع العملة من دون وجود حراس أو لصوص، فالبلاد أمان، كما أن المبالغ الموضوعة أمامهم على ضخامتها لا تساوي في الواقع ثروة.

لا يقتصر الاندهاش على ذلك بل يمتد إلى طريقة نقل الأموال من خلال موزعين يدفع كل منهم عربة صغيرة من النوع الذي يستعمل في أعمال البناء في بلدان أخرى، وقد كدس فوقها متراً مكعباً من الأوراق النقدية المحلية.

 

ذهب على الرصيف

مشهد آخر لا يختلف عن بيع النقود في الشوارع يثير الانتباه، حيث يمكن شراء الذهب من خلال أحد البائعين الذي يفترش الرصيف وراء فاترينة متوسطة الحجم للعرض ووضع بها ميزان لقياس وزن الذهب، للوهلة الأولى تعتقد أنه الذهب الفالصو ولكن مع مناقشة البائع تجد أنه حقيقي من جميع الأعيرة وبأشكال متعددة، هذا إلى جانب الذهب الذي يباع في المحلات التقليدية.

 

ثروة في الشوارع

يبقى اسم أرض الصومال مرتبطاً بالثروة الحيوانية، حيث تعتبر من أهم مصادر الناتج المحلي الإجمالي، وتلعب دوراً لا يستهان به في اقتصاده، كما يعتبر مصدر رزق لكثير من أهل الأرياف، أهل الرحل والتنقلات للبحث عن الكلأ وأماكن توافر المياه.

وتعتمد شريحة كبيرة من الشعب على هذه الثروة ما جعل الحكومة تعطيها أهمية بالغة، وتضعها في أولى أولوياتها، لذلك ليس غريباً أن تجد أسراب الخراف والماعز في كل مكان سواء في العاصمة أو البادية.

 

مطار واحد وأربعة خطوط طيران

يستقبل مطار هرجيسا إيغال أربع شركات طيران فقط، نصفها قادم من الإمارات، وهي جوبا للطيران الوطنية، الخطوط الجوية الإثيوبية من أديس أبابا، وكذا فلاي دبي من دبي والعربية للطيران من الشارقة. ويوفر الربط الجوي مع الإمارات فرصة لحركة النقل الجوي بين أرض الصومال والعالم، ما يسهم في تعزيز مكانة هرجيسا كوجهة سياحية وتجارية لقطاع واسع من الزوار.

 

إقبال على الدفع عبر الهاتف

تشهد أرض الصومال إقبالاً لا مثيل له على أنظمة الدفع عبر الهاتف المحمول، حيث حققت نمواً في مجال التحويلات المالية رغم غياب المصارف المعترف بها دولياً والأنظمة الرسمية، حيث يوجد 3 بنوك فقط منها بنكان أجنبيان.

ووفرت شركتا «زاد» التي تأسست في عام 2009، ومن بعدها «أي-دهب»، الخاصتان، اقتصاداً بديلاً يقوم على تقديم الخدمات المصرفية عبر الهاتف، إذ تُودع الأموال لدى الشركات التي تقدم خدمات التحويلات المالية عبر الهاتف، وتُختزن في حساب المستخدم.

 

دعم الإمارات.. محل تقدير

تحظى دولة الإمارات بتقدير وإعجاب شعب أرض الصومال في ظل الدعم اللامحدود والمتواصل منذ أيام الجفاف والحرب التي امتدت لوقت طويل.

ويحتل المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، مكانة متميزة في قلوب وعقول شعب أرض الصومال، حيث تجد صوره منتشرة في جميع أنحاء البلاد وتجدها كملصقات تزين السيارات.

 

Email