يقلل التكاليف ويزيد الأرباح ويحسن الخدمات

القطاع المصرفي نحو مزيد من الإنفاق على الذكاء الاصطناعي

البنوك تزيد الإنفاق على الذكاء الاصطناعي للارتقاء بخدمة العملاء | من المصدر

ت + ت - الحجم الطبيعي

يتجه القطاع المصرفي المحلي بقوة نحو مزيد من الإنفاق على الاستثمار في تقنيات الذكاء الاصطناعي لاعتماده بشكل رسمي في مختلف ممارسات الأعمال، بما يتماشى مع استراتيجية الإمارات للذكاء الاصطناعي، الهادفة لأن تكون حكومة الدولة الأولى في العالم في استثمار الذكاء الاصطناعي بمختلف قطاعاتها الحيوية.

وقال مصرفيون وخبراء، استطلعت «البيان الاقتصادي» آراءهم، إن البنوك الوطنية عمدت خلال الفترة الماضية على زيادة إنفاقها على الذكاء الاصطناعي وحلوله وتطبيقاته بما يسهم بشكل كبير في تقليل النفقات التشغيلية في القطاع المصرفي بنسب قد تصل إلى أكثر من 50%، مشيرين إلى أن جميع المؤسسات المالية تتجه بقوة نحو الذكاء الاصطناعي لتعزيز التفاعل مع العملاء وتحقيق قيمة مضافة لهم، وبناء علاقات أكثر متانة، وزيادة الإيرادات والربحية.

أولوية كبيرة

وكان اتحاد مصارف الإمارات قد وضع في نهاية العام الماضي الذكاء الاصطناعي على رأس أولويات البنوك خلال العام 2018، وتضمنت قائمة الأولويات التي شارك في وضعها رؤساء 19 لجنة فنية منبثقة عن الاتحاد تطبيق مبدأ «اعرف عميلك» في تقنية «بلوك تشين» وإنشاء كتيب خاص بتمويل الشركات الصغيرة والمتوسطة والتحديات التنظيمية ومنصة لمشاركة معلومات الاحتيال المالي.

وأضاف المصرفيون والخبراء إن تطبيق الذكاء الاصطناعي في القطاع المصرفي سيسفر عن 5 إيجابيات رئيسية تتمثل في: تقليص تكاليف العمليات وتعزيز الكفاءة التشغيلية وبالتالي زيادة الأرباح، فضلاً عن تسهيل خدمات العملاء، إلى جانب التوظيف السلس للبيانات الضخمة التي تمتلكها البنوك والمصارف.

وبحسب بيانات رسمية، فإن تقنيات الذكاء الاصطناعي قادرة على تحفيز الناتج المحلي الإجمالي للدولة بواقع 35% حتى 2031، إضافة إلى خفض النفقات الحكومية بنسبة 50%، فيما تستهدف الإمارات أن تصبح مركز الذكاء الاصطناعي في العالم بحلول العام 2030.

تحول سريع

وقال الخبير المصرفي، أحمد يوسف، إن هناك اهتماماً كبيراً من قبل البنوك الوطنية نحو التحول والاعتماد على الذكاء الاصطناعي، بما يتوافق مع رؤية حكومة الدولة نحو التحول الإلكتروني، مشيراً إلى أن هناك الكثير من البنوك قطعت شوطاً كبيراً في هذا الصدد وكثفت استثماراتها التقنية في هذا المجال خلال الأشهر الماضية.

وأضاف يوسف إن الذكاء الاصطناعي سيسهم بشكل كبير في تقليل تكاليف العمليات للبنوك مما يسهم في رفع الأرباح، إضافة إلى تسهيل الخدمات التي تقدم للعملاء، فضلاً عن تنفيذ المعاملات المالية في وقت قليل وبمجهود بسيط مما يسهم في رفع كفاءة البنوك التي ستكون حينها تقدم خدماتها لجميع عملائها على مدار 24 ساعة.

ويرى يوسف أنه على الرغم من هذا التحول السريع نحو الذكاء الاصطناعي، لكن يجب أن تعمل البنوك على التصدي بشكل كامل لعمليات القرصنة والهجمات الإلكترونية عبر استخدام أنظمة متطورة لحماية عملائها، مشيراً إلى وجود عدة بنوك رقمية في الوقت الحالي تقدم خدماتها بالكامل للعملاء عبر الإنترنت والموبايل.

قيمة مضافة

من جانبه، قال الدكتور فينود فاسوديفان، الرئيس التنفيذي لشركة «فلاي تكست» لتقنيات التفاعل الذكية، إن هناك بنوكاً عدة عمدت إلى تطبيق الذكاء الاصطناعي بشكل كبير على الخدمات المالية، بدءاً من اختيار المنتج، ووصولاً إلى الاستشارات الاستثمارية وكشف محاولات الاحتيال والتلاعب بالأسواق، مبيناً أن جميع المؤسسات المالية تلجأ حالياً إلى الذكاء الاصطناعي لتعزيز التفاعل مع العملاء وتحقيق قيمة مضافة لهم، وبناء علاقات أكثر متانة، وزيادة الإيرادات والربحية.

وأضاف فينود إن الإمكانات الأخرى للذكاء الاصطناعي في القطاع المصرفي تتمثل أيضاً في القدرة على تقديم الاستشارات المالية للعملاء، وتمكينهم من الحصول على الخدمات ذات الصلة مثل التأمين وبطاقات الائتمان والرهن العقاري، وذلك وفقاً لعدد من الاعتبارات، بما في ذلك الأهداف المالية والمناسبات المهمة في الحياة، ويتحقق ذلك من خلال الجمع بين تكنولوجيا التعلّم الآلي والتحليلات التنبؤية، ودمجها في نماذج اتصال أو تفاعل مشابهة للبشر.

وأوضح أنه يمكن تقسيم الشركات المواكبة للذكاء الاصطناعي إلى فئتين تشملان شركات تحصد بالفعل منافع الذكاء الاصطناعي وأخرى لا تزال في مرحلة استكشاف ميزاته ونطاقات استخدامه، حيث ترى الفئة الأولى أن الذكاء الاصطناعي يتيح أتمتة المهام اليدوية، وإنجازها في وقت قليل جداً وبمستوى أداء لا يمكن للبشر مجاراته، ونتيجة لذلك، يتم توجيه الأفراد لأداء المهام التي لا يستطيع الذكاء الاصطناعي القيام بها مثل تطوير منتجات وخدمات جديدة.

وتابع فينود: «بدلاً من توظيف فريق بشري وتحمل تكاليفه للقيام بالمهام المتعلقة بتحديد شرائح العملاء التي ينبغي استهدافها لمنتج أو خدمة معينة، وتحديد الحجم المستهدف والسعر أو معدل الفائدة، يمكن للذكاء الاصطناعي القيام بذلك لملايين الأشخاص مع الأخذ في الحسبان جميع أنواع البيانات المتاحة، الأمر الذي يمكّن من تطوير عرض دقيق ينسجم مع مستوى المخاطر الذي يتقبله المصرف ويلبي توقعات العملاء».

منفعة مضمونة

وأشار إلى أن الذكاء الاصطناعي يمثل منفعة مضمونة بالنسبة للمصارف، وذلك من ناحية خفض التكاليف وتقليص حالات خسارة العملاء لصالح المصارف المنافسة، لتتمكن بالتالي من زيادة صافي إيراداتها. ولكن هناك بعض الاعتبارات التي ينبغي أخذها في الحسبان أيضاً، ولا سيما تلك المتعلقة بالجوانب القانونية للمؤسسات المالية التي تعتمد تطبيقات الذكاء الاصطناعي. فعلى سبيل المثال، تحتاج الشركات للتأكد من أن عمليات الذكاء الاصطناعي لا تنتهك قوانين خصوصية البيانات.

وتوقع فينود أن يكون الذكاء الاصطناعي جزءاً لا يتجزأ من مستقبل قطاع الخدمات المالية، مشيراً إلى أن القطاع مستعد تماماً لمواكبة التوجهات المستقبلية على هذا الصعيد ويتمتع بالإمكانات اللازمة للاستفادة من الذكاء الاصطناعي وتحقيق المنافع المنشودة للعملاء، وهذا ما يعتبر بمثابة محفز للأفراد لاستكشاف منتجات القروض والبحث عن المنتج المناسب الذي لم يكونوا على دراية مسبقة بأنه الخيار الأفضل لتلبية احتياجاتهم بالشكل الأمثل.

توفير الوقت

وقال الخبير المصرفي مالك الزعبي، إن بنوك الإمارات تخطو بخطى ثابتة نحو تطبيق الذكاء الاصطناعي، مشيراً في هذا الصدد إلى «بنك دبي الإسلامي» الذي يُحضر لإطلاق أول «روبوت» مدرب على الشريعة في الإمارات بحلول 2019.

وأضاف الزعبي إن الذكاء الاصطناعي يسهم في توفير المزيد من التكاليف والوقت، وكذلك الحد الأدنى من معدلات الخطأ، بالإضافة إلى تحسين الامتثال للصناعة التنظيمية، فضلاً عن استقطاب عدد أكبر من العملاء، وذلك لسهولة التعامل والثقة الكبيرة بين العميل والخدمة البنكية المقدمة رقمياً.

 

70 %

كشفت نتائج استبيان أجرته شركة «بيكر ماكنزي» شمل 424 من كبار المديرين التنفيذيين في قطاع الخدمات المالية، أن 70% من المشاركين بالدراسة يعتبرون أن البيانات الضخمة والتحليلات المتقدمة والذكاء الاصطناعي أو تقنية تعلم الآلات بمثابة التقنيات الأكثر أهميةً بالنسبة لمؤسساتهم خلال الأعوام الثلاثة القادمة.

Email