مصرفيون ومسؤولون يؤكدون أنها تفرض تحديات متزايدة على المصارف المركزية عالمياً وعربياً

العملات الرقمية خطر يُهدّد استقرار القطاعيـن المالي والمصرفي

  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

حذر خبراء ومصرفيون ومسؤولون محليون من مخاطر الانسياق وراء العملات الافتراضية لا سيما وأنها غير خاضعة لرقابة المصارف المركزية، وتشكل تحايلاً على المنظومة النقدية الرسمية الخاضعة للرقابة وقوانين مكافحة غسل الأموال ما يجعلها لا تلقى رواجاً عاماً أو قبولاً رسمياً لدى الجهات الرقابية بالدول الخليجية والعربية.

وقال هؤلاء لـ«البيان الاقتصادي»، إن هناك صعوبة كبيرة في تتبع العملات الرقمية وأبرزها «بيتكوين» من قبل السلطات الرقابية الدولية والمحلية، وبالتالي فإن أبرز المخاطر المرتبطة بتداولها هو إمكانية استخدامها في تمويل الإرهاب والجريمة المنظمة وغسل الأموال عبر التحويل من الحسابات المصرفية المعتادة إلى نظيراتها الإلكترونية الافتراضية.

وأشاروا إلى أن تنامي استخدام العملات الافتراضية بما في ذلك على صعيد التحويلات عبر الحدود، يضع مزيداً من التحديات على المصارف المركزية العربية، ويؤثر على استقرار القطاع المالي والمصرفي.

غير مشروعة

وقال الخبير المصرفي، أمجد نصر، إن العملات الرقمية مثل البيتكوين خرجت عن النطاق التقليدي للعملات الرسمية كونها غير مصدرة من قبل الحكومة ولا تتحرك أسعارها على أساس الأوضاع الاقتصادية في بلد معين لا سيما وأن أغلب مصدريها مجهولون حتى الآن.

وأشار نصر إلى أن العملات الرقمية قد تستخدم كأداة أو وسيط للتعاملات غير المشروعة بهدف تسهيل تحويل الأموال للإرهابيين، أو لاستخدامها في عمليات «غسل الأموال»، كما أنها قد تكون وسيلة للتهرب الضريبي في ظل غياب الرقابة عليها، فضلاً عن ارتفاع مخاطرها بشكل كبير مع تزايد عمليات المضاربة عليها.

ولا يستبعد نصر أن تكون العملات الرقمية مجرد فقاعة وقتية ستزول بمرور الوقت، مضيفاً: «من الوارد جداً أن يكون هذا الهوس بالعملات الافتراضي مجرد فقاعة وقتية سيدركها الجميع مع مرور الزمن».

وتابع نصر: «عندما نقوم بشراء عملات مثل الدولار الأميركي أو الفرنك السويسري فإننا نعلم جيداً من المصدر والضامن لهذه العملات وبالتالي نكون في مأمن من أي مخاطر قد تحدث لكن في حالات العملة الإلكترونية لا يوجد ضامن وبالتالي فأنت معرض للخطر بنسبة 100% في ظل غياب التشريعات والقوانين المنظمة لهذا النوع من العملات».

ولفت الخبير المصرفي إلى وجود انقسام كبير حول العالم بين مؤيد ومعارض لهذه العملات إذ إن هناك بعض الدول تؤيد التعامل بهذه العملات، بينما هناك دول أخرى تحارب بشراسة انتشارها، منوهاً إلى مخاطر انجراف صغار المستثمرين والباحثين عن الربح السريع نحو هذا النوع غير المضمون من الاستثمار بهدف تحقيق عوائد ضخمة وكبيرة في فترات زمنية أقل وهو ما قد يعرضهم لخسارة جميع أموالهم.

تحولات متسارعة

وقال الدكتور عبدالرحمن الحميدي، المدير العام ورئيس مجلس إدارة صندوق النقد العربي، إن هناك تحولات متسارعة حول العالم ناتجة عما يعرف بالثورة الرقمية وتنامي استخداماتها، التي باتت تشكل متغيراً مهماً في الصناعة المالية والمصرفية والخدمات والمنتجات المرتبطة بها، ومنها استخدام العملات الافتراضية.

وقدر الحميدي أن تتجاوز تداولات عملة «البيتكوين» على سبيل المثال ما قيمته مئة مليار دولار عن عام 2017، منوهاً إلى أن تنامي استخدام العملات الافتراضية بما في ذلك على صعيد التحويلات عبر الحدود، يؤدي إلى تداعيات على استقرار القطاع المالي والمصرفي، ويفرض تحديات على المصارف المركزية.

ثورة رقمية

وقال مازن البستاني الشريك ورئيس الخدمات المصرفية والتمويل في مكتب «بيكر آند ماكنزي - حبيب الملا»، إن العملات الرقمية ومنها «البيتكوين» و«الايثريم» هي جزء لا يتجزأ من الثورة الرقمية والتكنولوجية التي تجتاح العالم اليوم ولاسيما في القطاع المالي والمصرفي، منوهاً إلى أن الغموض ما زال يكتنف تلك العملات وسط تحذيرات كبيرة من السلطات المصرفية والرقابية بشأنها.

وأشار البستاني إلى وجود مخاطر كبيرة جراء التعامل على هذه العملات خصوصاً وأنها ليست مصدرة عن مصرف مركزي ولا مسنودة بأية أصول كالذهب وغيره من الأصول الأخرى كالعملات التقليدية التي كانت تعتمد بشكل رئيسي على غطاء الذهب إلى أن تم الانتهاء من ذلك في أوائل السبعينيات من القرن الماضي عندما فكت الولايات المتحدة ارتباط عملتها بالذهب وأصبحت العملات تستمد قوتها من ثقة الجمهور بها وليس أكثر.

ونوه إلى أن العملات الرقمية اتخذت خطوة أمامية مقارنة بالعملات التقليدية، حيث أصبحت لا تعتمد فقط على الثقة بها بل أيضاً لا تصدر عن أي مصرف مركزي وليست مسندة بأي أصل. وأشار إلى أن هناك مخاوف متزايدة من استخدام العملات الرقمية في عمليات غير مشروعة كغسل الأموال وشراء مخدرات، لافتاً إلى أن السلطات الرقابية في عدة دول اتخذت بعض الخطوات الضرورية لتقنين وتنظيم تلك التعاملات.

وأشار البستاني إلى أن عملة «البيتكوين» بدأت في عام 2008 وهي تساوي في تداولات اليوم حوالي 4 آلاف دولار أميركي أي ما يعادل أكثر من ثلاث مرات قيمة أونصة الذهب، لكنها وغيرها من العملات الرقمية عرضة لتقلبات كبيرة في الأسعار إذ قد تخسر 10% من قيمتها في يوم وتربح نفس القيمة في اليوم التالي.

وتابع: «كذلك هذه العملات معرضة لأي تصريح أو تنظيم من قبل السلطات الرقابية والنظامية كما حصل مؤخرا مع تصريحات الرئيس التنفيذي لبنك جي بي مورجان الذي اعتبر أن البيتكوين احتيال، أو كما حدث مع قرار السلطات الصينية بمنع الطروحات الأولية للعملات الرقمية».

مخاطر ضخمة

وحذرت منى مصطفى، عضو اللجنة العلمية بالمجلس الاقتصادي الأفريقي، من توسع انتشار العملات الرقمية الإلكترونية، مشيرة إلى أن التعامل بالعملات غير الرسمية والقانونية قد يعرض لمخاطر ضخمة خصوصاً وأن تلك العملات غير نظامية وغير قانونية.

وأضافت منى أن العملات الرقمية انتشرت بشكل كبير في عالمنا العربي بالآونة الأخيرة، خصوصاً بعد اعتراف ألمانيا رسمياً بعملة البيتكوين وقيامها بفرض ضرائب على الشركات التي تتعامل بها، لكن الولايات المتحدة لم تعترف بها حتى الآن بالرغم من تعامل الكثير من المؤسسات الأميركية بها، مشيرة إلى أن ذلك يرجع إلى مخاوف الدول من عمليات القرصنة التي يمكن أن تقع بتلك العملة.

وأشارت منى إلى أن تلك العملات تعتبر لامركزية ولا وجود فيزيائي وبالتالي من الممكن أن تتسبب في الوقوع في شباك القراصنة أو أن تتسبب في خسائر ضخمة للمؤسسات سواء الخاصة أو الحكومية.

وأوضحت منى أن الغموض الذي يكتنف تداولات العملة الافتراضية، لا يزال مصدر القلق الأول للدول الخليجية والعربية من استخدامها في عمليات غير مشروعة، مثل تسهيل عمليات تحويل الأموال للإرهابيين، أو تسهيل عمليات «غسل الأموال» ونقلها بين الدول تحت ذريعة الاستثمار بمثل هذا النوع من الأدوات التي لم تلقَ قبولاً رسمياً لدى الجهات الرقابية.

Email