اختتمت رحلتها التاريخية حول العالم في مطار البطين

«سولار إمبلس2» تصنع المستقبل من الإمارات

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

لمشاهدة الجرافيك بالحجم الطبيعي اضغط هنا

شهد مطار البطين في أبوظبي في تمام الساعة الرابعة وخمس دقائق من فجر أمس حدثاً تاريخياً غير مسبوق بثته كبريات المحطات الفضائية ووكالات الأنباء والصحف العالمية تمثل في الإنجاز التاريخي لأول طائرة دارت حول العالم لتحط في أبوظبي، وهو نفس المكان الذي بدأت منه رحلتها في التاسع من مارس 2015 في جولة قطعت 43 ألفاً و109 كيلومترات في 445 ساعة على مدار 18 يوماً ونصف يوم طيران في 17 محطة بتسع دول تمثل غالبية قارات العالم.

وبمجرد هبوط الطائرة هتف الطيار الطبيب السويسري بيرتراند بيكارد مؤسس وصاحب فكرة سولار إمبلس2 قائلاً: «سلام عليكم أبوظبي.. عدنا أخيرا إلى أبوظبي.. تحقق حلمي الذي حلمت به منذ خمسة عشر عاما.. قطعنا أكثر من 40 ألف كيلومتر ودرنا حول العالم بطائرة سولار إمبلس2 الشمسية بدون التزود بنقطة وقود واحدة.. اليوم نصنع المستقبل في أبوظبي ونقول للعالم جميعا المستقبل في الطاقة النظيفة».

قال الطيار السويسري ذلك، والعرق يتصبب منه، وهو يحتضن رفيقه السويسري الملاح الجوي الطيار أندريه بورشبيرغ بعد أن فتح باب قمرة قيادة طائرة سولار إمبلس2 التي ظلت مغلقة على بيكارد لمدة يومين و37 دقيقة طوال الرحلة السابعة عشرة والأخيرة للطائرة من القاهرة إلى أبوظبي.

استقبال كبير

تم ذلك وسط استقبال رسمي وشعبي كبير مصحوب بالأهازيج والأغاني الشعبية التي تؤكد ريادة أبوظبي، حيث استمرت مراسم استقبال الطائرة منذ الثالثة فجرا إلى السادسة صباحا، كما شهد مراسم الاستقبال عدد من كبار الشخصيات الدولية، يتقدمها أمير موناكو ألبير الثاني؛ ودوريس ليوتار نائبة رئيس الاتحاد السويسري؛ ومعالي الدكتور سلطان أحمد الجابر، وزير دولة ورئيس مجلس إدارة شركة أبوظبي لطاقة المستقبل «مصدر»، الشريك الرسمي المستضيف لطائرة «سولار إمبلس2» ومعالي ثاني الزيودي وزير التغير المناخي والبيئة، ومعالي الدكتور أحمد بالهول وزير الدولة لشؤون التعليم العالي، ومحمد جميل الرمحي الرئيس التنفيذي لشركة مصدر وعدد من كبار الشخصيات من حكومة أبوظبي وأعضاء الفريق الفني والإداري للطائرة المكون من أكثر من 150 مهندسا وفنيا وأكثر من 250 إعلاميا من كبريات المحطات الفضائية ووكالات الأنباء والصحف العالمية والمحلية.

وحرص الطياران بيرتراند بيكارد وأندريه بورشبيرغ بعد تعانقهما على سلالم الطائرة، وهما يزفان لتاريخ البشرية نجاح أول طائرة كهربائية تعمل بالطاقة الشمسية على ألا ينسبا الفضل لهما في هذا الإنجاز غير المسبوق، وطلبا أن يصعد إليهما نخبة من الشخصيات الدولية التي دعمت هذا المشروع غير المسبوق، وكان أولهم معالي الدكتور سلطان أحمد الجابر الذي تعهد المشروع ودعمه، ثم ألبير الثاني أمير موناكو الذي تبنى المشروع كفكرة وقدم دعما غير مسبوق له؛ ودوريس ليوتار نائبة رئيس الاتحاد السويسري وعدد من مسؤولي المراقبة والتحكم في موناكو.

وبعد انتهاء مراسم الاستقبال انعقد مؤتمر صحفي في الخيمة الكبيرة التي أقامتها شركة مصدر في مطار البطين، وبدأت فعاليات المؤتمر بفيلم تناول قصة الطائرة وكيف اخترع وأسس ثلاثة أشخاص منهم طبيب وملاح جوي ورجل أعمال مشروع الطائرة، واستعرض الفيلم المحطات البارزة في رحلة الطائرة بدءا من أبوظبي وانتهاء بها أيضا.

وتحدث معالي الدكتور سلطان أحمد الجابر في بداية المؤتمر الصحفي مؤكدا اهتمام دولة الإمارات بدعم الابتكارات الاستثنائية وتشجيعها، وذلك في ظل التوجيهات السديدة لصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله؛ وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة.

دعم وتشجيع

وأوضح أن المشروع حظي بمتابعةٍ ودعمٍ وتشجيعِ كبير من صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، مما ساهم في اختيار أبوظبي لتكون نقطة انطلاق وختام هذه الرحلة التي سجلت علامة فارقة في تاريخ الطيران، فضلاً عن ترسيخ مكانة أبوظبي كمركز عالمي للطاقة المتجددة والتكنولوجيا النظيفة والاستدامة.

ورحب خلال كلمته بهذه المناسبة بعودة قائدي الطائرة سولار إمبلس الدكتور برتراند بيكارد وأندريه بورشبيرغ بأمانٍ وسلامٍ إلى أبوظبي بعد هذه المبادرة الجريئة، وبعد النجاح المتميّز في التحليق حول العالم دون استخدام قطرة وقود واحدة.

وقال معاليه إن يوم 26 يوليو 2016 سيظل يوما تاريخيا في تاريخ البشرية وللإمارات وأبوظبي، كما أن أهمية هذا اليوم تتعاظم لصناعة الطيران في العالم.

وقال مخاطباً قائدي الطائرة: «لقد ألهمتم العالم بروحِ الريّادة التي لديكم، ونقلتم هذه التكنولوجيا إلى مستويات متقدمة، وساهمتم في اكتشاف آفاق جديدة، والأهم من ذلك أنكم قد استحوذتم على اهتمام العالم وساهمتم في نشر رسالة مهمة، رسالة المستقبل المستدام الذي سيزدهر بفضل التكنولوجيا النظيفة».

وأضاف معالي الجابر: عندما بدأت «سولار إمبلس» رحلتها من أبوظبي تساءل الكثير هل من الممكن أن تحقق هذه الطائرة النجاح في جولتها حول العالم باستخدام الطاقة الشمسية فقط؟ واليوم، أثبتت «سولار إمبلس» قدرتها على ذلك، وأنه لا وجود للمستحيل وأن الابتكار لا حدود له.

رؤية مشتركة

وتابع معاليه: إن أبوظبي و«مصدر» و«سولار إمبلس» تجمعهما رؤية مشتركة وأهداف متقاربة، فنحن نؤمن بروح الابتكار والالتزام بتطوير التكنولوجيا النظيفة المبتكرة التي من شأنها أن تدعم عملية التنمية المستدامة، وإننا في دولة الإمارات فخورون بمشاركة «مصدر»، كشركة وطنية متميزة في مجال تطوير مشاريع الطاقة المتجددة المبتكرة والتكنولوجيا النظيفة، في هذه المبادرة الرائدة، خاصةً وأنها ملتزمةٌ بدعم المبادرات التي تساعد على فتح آفاق جديدة، وتسهم في بناء مستقبلٍ أكثرَ استدامة.

وأوضح أن «سولار إمبلس» أثبتت أهمية الإمكانات والتطبيقات العملية للطاقة الشمسية، كما أن «سولار إمبلس» أضافت بُعداً مهماً لتطبيقات الطاقة الشمسية، فضلاً عن توفير بيانات قيّمة من شأنها إحداث تحسينات كبيرة في مجالين رئيسيين هما، تخزين الطاقة وتعزيز كفاءتها. وتتطلع «مصدر» إلى الاستمرار في تطوير تقنيات الطاقة الشمسية ولعب دور رئيسي في دفع عجلة التقنيات الجديدة والانتقال بها إلى مزيد من التقدم.

مغامرة

وفي كلمته، أشاد أمير موناكو، بعبقرية وإبداع مشروع «سولار إمبلس2» الذي أسهم في نشر الوعي حول إمكانات الطاقة النظيفة والدور المهم الذي لعبته إمارة أبوظبي. وقال: أنا سعيد جدا لوجودي في أبوظبي التي دعمت مشروع الطائرة، وبلا شك فإن هذا المشروع كان مغامرة وتخوفنا منه كثيرا لكنه حقق اليوم النجاح الكامل، واستطاعت طائرة «سولار إمبلس2» أن تنشر رسالة الأمل إلى الناس في كافة أرجاء العالم، وستسهم في دفع وتيرة الابتكار في القطاع وتطوير الطاقة المتجددة والتقنيات النظيفة وتطبيقها على أرض الواقع.

وأضاف: لقد أسَرَت الصور الرائعة للطائرة مخيلة الملايين من الناس حول العالم، خاصة وهي تحلّق فوق معالم عالمية معروفة مثل تمثال الحرية في نيويورك وأهرامات مصر، وبلا شك فإن الإنجاز الذي حققته الطائرة ليس في المسافة التي قطعتها حول العالم، ولكن في الترويج للطاقة النظيفة، وبلا شك فإن التكنولوجيا الجديدة في مجال الطاقة المتجددة ستغير العالم كثيرا خلال السنوات المقبلة.

نجاح كبير

وألقت دوريس ليوتار، نائبة رئيس الاتحاد السويسري كلمة ذكرت فيها أن هبوط الطائرة في مطار البطين يوم مميز في تاريخ البشرية، وبلا شك فقد دخلت الطائرة وأبوظبي التاريخ من أوسع أبوابه، وإن النجاح الذي حققته الطائرة يشكل بارقة أمل للعالم الذي عاش خلال الأسابيع الماضية حالات يأس.

وأكدت أن الشجاعة والابتكار والمعرفة هي الكلمات التي سيتردد صداها إلى الأبد في سويسرا هذا العام، فعقب احتفالنا بتدشين نفق «جوتهارد»، أطول وأعمق نفق في العالم، أثبتت سولار إمبلس للعالم أنه من خلال الاستثمار في التعليم والطاقات المستدامة، يمكن أن تصبح كل أحلامنا حقيقة. وقد تبين هذا بوضوح من خلال الدور الفعال الذي لعبته الجامعات السويسرية في هذه المغامرة، ومن أبرزها مدرسة البوليتكنيك الفدرالية في لوزان.

ونوهت إلى أن استضافة دولة الإمارات لمعرض إكسبو 2020 يؤكد الدعم الكبير الذي تقدمه دولة الإمارات ودبي للتعايش والاستفادة من بين دول العالم خاصة وأن المعرض يعقد تحت عنوان الروابط بين العقول، ونحن ممتنون لدور الإمارات الريادي في نشر الطاقة المتجددة والتعايش بين دول العالم.

طاقة موثوقة

أكّد عدنان أمين، مدير عام الوكالة الدولية للطاقة المتجددة (آيرينا) التي تتخذ من أبوظبي مقراً لها، في بيان له أن طائرة «سولار إمبلس2» غيّرت المفاهيم السابقة حول الطاقة الشمسية، وخاصة في ما يتعلق بقدرتها على تزويد إمدادات طاقة موثوقة ومستمرة ليلاً ونهاراً. وقال: يسعدني أن أتقدم بالتهنئة لفريق عمل طائرة سولار إمبلس على رحلتهم الرائدة حول العالم بالاعتماد بشكل كامل على الطاقة الشمسية. فهذا إنجاز رائع ليس فقط على الصعيد التكنولوجي، ولكنه أيضاً يشكل إشارة واضحة لدخولنا عصر الطاقة المتجددة.

Email