خبراء: تطوير حلول حكومية لتقاعد المقيمين مكسب حقيقي للإمارات

لمشاهدة الجرافيك بالحجم الطبيعي اضغط هنا

قال خبراء في حلول التأمين والتقاعد، إن تطوير برامج تقاعد للمقيمين في الإمارات بإشراف حكومي، هو مكسب حقيقي للدولة، لأنه يؤكّد من دون شكّ ، موقع أبوظبي ودبي كمركزين إقليميين للابتكار في الخدمات المالية في دول الخليج.

وفيما أقّر خبراء مكاسب إنشاء صناديق للتقاعد بإشراف حكومي، كتوفير المزيد من الاستقرار الاجتماعي والمالي للوافدين، ودعم الثقة والاستقرار في الاقتصاد المحلي وسوق العمل، واستثمار أموال تلك الصناديق في مشاريع طويلة الأجل، إلا أن آخرين استبعدوا إمكانية طرح نظام للمعاشات التقاعدية للقطاع الخاص بإشراف حكومي في الوقت الراهن وذلك لأن الإمارات لا تفرض ضرائب على الدخل، وصعوبة الربط بين الضرائب وصندوق المعاشات، كما هو الحال في معظم الدول الأوروبية.

واقترح الخبراء إمكانية أن تقوم الشركات بتمويل صندوق استثماري على هيئة منتج لتأمين الموظفين، لافتين إلى أنه ربما يكون ذلك خطوة أولى تمهّد لإنشاء برنامج معاشات مسؤول للموظفين الوافدين في الدولة، فيما استصعب آخرون الخطوة، مشيرين إلى وجود بنوك تتيح برامج للتقاعد لمن يملك رأس المال الكافي أو إمكانية الادخار لتوفير التقاعد.

وأشار الخبراء أن نتائج استطلاع البيان الإلكتروني حول طرح برامج تقاعد للوافدين، تعكس وجود مخاوف طبيعية لدى المقيمين من مواجهة ضائقة مالية خلال فترة تقاعدهم، بالإضافة إلى نقصان الوعي بمعنى الادخار والاستثمار واستيعاب أهمية التخطيط المالي السليم، ومدى قدرته على مضاعفة المدخرات.

برنامج رائع

وقال ويم ديمز مدير حلول التأمين والتقاعد في صن غارد الشرق الأوسط: «نعلم أن لدى المواطنين في الإمارات برنامج معاشات حكومياً، يشتمل على منافع تقاعدية محددة، حيث يحصل الإماراتيون على معاشات التقاعد بعد استقطاع دفعات من مداخيلهم بصورة دورية لصالح هذا البرنامج. وأعتقد أن الحكومة الإماراتية قامت بعمل رائع في هذا الخصوص، حيث يتمتع صندوق المعاشات الإماراتي بالتنظيم، ويوفر نظام معاشات متميزة للإماراتيين.

إلا أن برنامج المعاشات الحكومي لا يشمل الوافدين، ولهذا من الناحية النظرية يرى كثيرون أن الوافدين مرشحون بقوة للمشاركة في برامج للتقاعد، ولكن الواقع مختلف. والسبب في ذلك يعود إلى أن الإمارات لا يوجد فيها ضريبة دخل، ومن المستحيل الربط بين الضرائب وصندوق المعاشات، كما هو الحال في معظم الدول الأوروبية. الأمر الآخر أن المقيمين سيعودون إلى بلدانهم في نهاية الأمر، وبعضهم لا يحبذ فكرة ترك معاشاتهم أو أصول أخرى في دولة الإمارات بعد مغادرتهم. ولهذا، ربما علينا أن نكون منطقيين، وأن نبحث في النظام المعتمد في الإمارات، لنرى فيما إذا كان بالإمكان تعديله ليصب في النهاية في نفس خانة صناديق المعاشات.

الخيار الأسهل

وأضاف ويم أن الخيار الأسهل، ربما هو النظر في إمكانية تعديل قانون نهاية الخدمة، ليكون أشبه ببرنامج للادخار. وفي هذه الحالة، يقوم صاحب العمل بتمويل صندوق استثماري، الذي يمكن أن يكون على هيئة منتج لتأمين الموظفين. وكما كان الأمر بالنسبة للتأمين الطبي الإجباري، يمكن للحكومة أن تقوم بتعديل قانون العمل، وإضافة تشريعات تلزم صاحب العمل بتحويل تعويض نهاية خدمة الموظفين بشكل دوري إلى طرف خارجي، وعدم ترك هذا المال كالتزام في الميزانية حتى ترك الموظف العمل.

إضافة هذه القانون يمكن أن يتيح الفرصة أمام البنوك وشركات التأمين لتوفير منتجات خاصة بتعويض نهاية الخدمة. ولدى شركات التأمين الخيار في إضافة ميزات أخرى إلى البرنامج، كالتأمين على الحياة أو تغطية العجر على سبيل المثال، أو خيارات أخرى، مثل دفعات طوعية إضافية من أصحاب العمل والموظف. ربما تكون هذه الخطوة الأولى في إنشاء برنامج معاشات مسؤول للموظفين الوافدين في دولة الإمارات.

مميزات

وأضاف أن المميزات التي يمكن أن توفرها برامج التقاعد، هي إمكانية استثمار الأقساط في صناديق تقاعد خاصة بالموظف في بلده الأصلي، فمن خلاله يمكن للمقيم إضافة فترة خدمة معينة، ويكون مؤهلاً مرة أخرى لتعويض تقاعدي في بلده. وهذه طريقة بديلة، يمكن من خلالها تأسيس صندوق تقاعدي للمقيمين في الإمارات. فمن المخاوف الرئيسة التي تواجه نظام تعويض نهاية الخدمة الحالي، هو إمكانية الحصول على التعويض في حال إفلاس الشركة.

ويمكن لهذه المنتجات، بدعم من التشريعات الحكومية اللازمة، معالجة هذه المشكلة. علاوة على ذلك، يمكن للجهات المعنية أن تطلب من شركات التأمين أو البنوك، أن توظف هذه الأموال في استثمارات في دولة الإمارات، ما يوفر إضافة كبيرة إلى الاقتصاد المحلي.

صعوبات عملية

وحول إمكانية تطوير برنامج التقاعد، قال ديم إن هناك عدداً من الصعوبات العملية التي قد تواجه تطوير برنامج تقاعد للمقيمين في الإمارات. وأضاف: «إذا غادر الموظف الدولة، فعلى الجهة المزودة للخدمة أن تتابعه لضمان تسديد دفعات الراتب التقاعدي في حال تغير حسابه البنكي أو عنوانه، وهناك مشكلة ثانية ربما تكون أهم، تتجسد في كيفية تعامل الضرائب مع الدفعات الدورية القادمة من الإمارات، فقد تخضع هذه الدفعات للضرائب في البلد الأم للعميل.

الأمر الثالث أنه سيكون هناك تكاليف بنكية عالية ومتكررة لهذه الدفعات، وهناك عقبة أخرى بخصوص تحديد سن التقاعد لمختلف جنسيات المقيمين، بالتوازي مع سن التقاعد في بلدانهم الأصلية».

تخطيط التقاعد

وقال مارتن ماكغيغان، شريك في «ماكلاجان» الشرق الأوسط وأفريقيا و«أيون هيويت» الشرق الأوسط المحدودة للاستشارات، إن نتائج استطلاع البيان الإلكتروني حول طرح برامج تقاعد للوافدين، تعكس وجود مخاوف طبيعية لدى المقيمين من مواجهة ضائقة مالية خلال فترة تقاعدهم، بالإضافة إلى نقصان الوعي بمعنى الادخار والاستثمار واستيعاب أهمية التخطيط المالي السليم، ومدى قدرته على مضاعفة المدخرات.

وأضاف أن الإمارات بالنسبة للمغتربين، لم تعد مجرد بلد يسكن فيه لفترة ثمّ يغادرون، بل باتت الدولة موطناً لفترة طويلة من الزمن للكثيرين، ولذلك، يشكّل التخطيط للتقاعد جزءاً أساسياً من اتفاقيات العمل. ومع أنّ منافع نهاية الخدمة تعتبر بالغة الأهمية، إلا أنها لا تزيد إلا مع ارتفاع راتب الموظّف، وبالتالي، لا يستفيد الموظّفون من الزيادات المتعلّقة بالاستثمار.

وأضاف: «والأهمّ في المسألة أنّ الحاجات المتزايدة إلى التمويل، يجب أن تضع مكاسب نهاية الخدمة في قلب مخططات البنوك وشركات التمويل، إذ إنّ الشركات عبر دفع شيك مموّل بالكامل عند انتهاء خدمة الموظّف، تسهم في بروز مشكلة في المكاسب، فيما باقي دول العالم تلجأ إلى تأمين التزامات التقاعد شهرياً، باستخدام خطط مساهمة محدّدة».

وأضاف أن الحكومة في الواقع ربّ عمل واسع النطاق. من هذا المنطلق، يمكنها أن تدير المخاطر، مثلما تديرها شركات القطاع الخاص. لكنّ المكسب الحقيقي للإمارات، هو أن تكون أول من يتبنّى هذه المقاربة، ما سيؤكّد من دون شكّ موقع أبوظبي ودبي كمركزين إقليميين للابتكار في الخدمات المالية في دول الخليج. وأضاف: «لا شكّ في أن التغيير لا مفر منه، لكن يجب إدارته جيداً، وتعميمه بعناية، والحدّ من الخطر المترتّب على الموظّفين بأكبر قدر ممكن».

حل مؤقت

وأضاف أن الكثيرين يعتقدون أن تعويض نهاية الخدمة هو حلّ يظهر من العدم ليموّل تقاعدهم، لكنّهم لا يُدركون أنّه محدّد ويستند إلى راتبهم الأساسي، وليس المدفوعات المضمونة. من هذا المنطلق، على الموظّفين أن يخطّطوا للمستقبل، وألا يتّكلوا على مكاسب نهاية الخدمة، إذ إنّ نظام الضمان الاجتماعي في موطنهم قد لا يدعمهم إذا كانوا قد أقاموا في الخارج معظم مسيرتهم المهنية.

حلول مرنة

ولفت ماكيغان إلى أن «أيون هيويت» طورت حلاً مرناً للتقاعد، يسمح لأرباب العمل بتأمين التزاماتهم شهرياً، ويتيح للموظّفين زيادة مكاسبهم، عبر المساهمة في زيادة هذه المكاسب، واختيار منتج استثماري يتلاءم مع قدرتهم على المخاطرة. ويشبه هذا الحل، خطط المساهمة المحدّدة العادية المستخدمة في الأسواق الأوروبية عادةً، وهي خطط قابلة للتحويل بالكامل، وتتبع الموظّف بمرونة طوال مسيرته.

وأضاف: «نتوقّع من الشركات أن تدير مخاطر موازنتها والانتقال إلى هذه المنصة بملء إرادتها قبل أن تصبح إلزامية»، وأضاف أن «أيون هيويت» جاهزة ومستعدّة لطرح هذه البرامج على أرباب العمل الذين يريدون تقديم هذه البرامج ضمن عروض منافع مرنة، ستجعل من أرباب العمل هؤلاء الخيار المفضّل لدى الموظّف.

إيجابيات وسلبيات

وحول إيجابيات وسلبيات طرح مثل هذا النوع من البرامج، قال ماكيغان: «من إيجابيات هذه البرامج للموظّفين، أنّها تمنحهم قدرة التحكّم وقدرة إدارة مخاطر استثماراتهم، حسب مكانتهم في الحياة أو مسيرتهم المهنية. أما لأرباب العمل، فمع هذه البرامج يستطيعون إدارة مخاطرهم من دون الاضطرار إلى زيادة مكاسب نهاية الخدمة للموظّف، لتتناسب مع معدل راتب نهاية الخدمة. أمّا سلبيات هذه البرامج، فهي صعوبة تغييرها، وهي تفرض على أرباب العمل أيضاً أن يشرفوا إشرافاً دقيقاً على البرامج، من خلال اختيار شركات استثمارية عالمية موثوقة لإدارة موجودات موظّفيهم.

وقال ديفيد بيرنز نائب رئيس مجلس إدارة مجموعة الأعمال البريطاني في دبي، إن غياب الثقة بين أصحاب العمل والموظفين الدافع، هي أحد أهم العوامل وراء ضعف وجود صناديق التقاعد في القطاع الخاص.

وأضاف أنه لا يشعر بالاستغراب من نتائج الدراسة الأخيرة التي خلص إليها بنك «إتش إس بي سي البريطاني»، والتي وجدت أن غالبية المقيمين في الإمارات هم الأقل جاهزية عالمياً لفترة التقاعد، بسبب طبيعة السكان في الإمارات، حيث إن 98 % هم من المهاجرين والعمالة الوافدة والموجودين هنا لكسب المال بشكل رئيس، وغالباً ما يصبح الادخار أمراً يمكن فعله في وقت لاحق.

وأضاف: «اقترحت في الماضي نظاماً للتقاعد، بحيث يشمل هذا النظام أصحاب العمل والعاملين على حد سواء، التخطيط للتقاعد هو دائماً أمر جيد، وليس هناك نقص في الخبراء في هذا المجال في المنطقة. في المملكة المتحدة، على سبيل المثال، تدير الحكومة البريطانية نظام تقاعد يثق به الناس عموماً، ولسوء الحظ، عدد قليل من الشركات المشكوك فيها تنفق أموال التقاعد، وتترك الناس بلا أموال. برأيي أنه يكاد يكون من المؤكد غياب الثقة بين أصحاب العمل والموظفين الدافع وراء ضعف وجود صناديق التقاعد في القطاع الخاص، مقارنة بشيوعها في القطاع الحكومي، إضافة إلى أن مكافآت العمل يتحكم فيها عادة رب العمل، وتمثل التسوية النهائية، والتي غالباً ما يصعب تحصيلها.

رقابة مشددة

وأكّد بيرنز وجوب أن يكون هناك وكالة حكومية ورقابة مشددة جداً ومستقلة تماماً لإدارة اشتراكات التقاعد. ومع ذلك، وحتى تتغير القوانين حين يتمكن السكان من اختيار إمكانية البقاء في البلاد لفترات تزيد على العامين، فإنه من غير المرجح انطلاق نظام للمعاشات التقاعدية للقطاع الخاص ترعاه الحكومة، وهناك بالطبع العديد من المخططات الخاصة المتاحة لأي شخص لديه رأس المال الكافي أو إمكانية الادخار لتوفير التقاعد.

وأضاف: «برأيي أن مسألة الادخار برمتها، وكذلك تملك العقارات وتخطيط التقاعد، هي مفاهيم جديدة نسبياً بالنسبة للإمارات، مقارنة مع الدول الأخرى في العالم، حيث إن صناديق وخطط التقاعد شائعة في الغرب وآسيا، وليست بهذا الشيوع في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لكون تلك الصناديق والخطط موجودة، ويعمل بها الناس منذ زمن أطول في الغرب وآسيا. اليوم هناك قائمة طويلة من الشركات البريطانية المتخصصة في تقديم الاستشارات المالية في الإمارات، وهناك الكثير من المستشارين الماليين في الإمارات، أعضاء في مجموعة الأعمال البريطانية، ويبقى تعيين مستشار شخصي للخدمات المالية خياراً شخصياً، وهناك مسؤوليات تقع على عاتق على أي شخص يقدم توصيات من هذا النوع».

آثار إيجابية

وقال وليد طبنجي شريك في بين آند كومباني، إن الوقت حان بالنسبة للوافدين لأخذ هذه السياسة بعين الاعتبار، نظراً لأثرها الإيجابي المحتمل في سوق العمل، وحماية مصلحة الموظف والحصول على صناديق معاشات تدار باحترافية. وسيكون من المفيد وجود مثل هذه النظم التي تدار على المستوى الاتحادي، ما يسمح بانتقال سلس للعمالة الوافدة في مختلف أنحاء الدولة الإمارات.

تجارب عالمية

وأفاد طبنجي أنه يمكن تنفيذ مثل هذه البرامج والاستفادة من تجارب العديد من الدول التي لديها بالفعل مثل هذه النظم، مع مراعاة الأهداف المحددة للإمارات وحكومتها في هذا السياق. وأضاف: «في الواقع، فإن نظم المعاشات التقاعدية سوف تحل محل نظم «مكافأة نهاية الخدمة» المعمول بها حالياً. ويجب الأخذ بالاعتبار عدداً من المعطيات في ما يتعلق بالتطبيق (الإلزامي أم الطوعي)، منها تسديد المستحقات (الموظف مقابل رب العمل)، وإدارة الصندوق (هيئة محلية أم اتحادية)، لكن مرة أخرى، هناك كم هائل من التجارب حول العالم، والتي يمكن للإمارات الاستفادة منها في هذا الشأن.

استقرار اجتماعي

وأشار طبنجي إلى أن برامج التقاعد توفر استقراراً اجتماعياً ومالياً، لا سيما بالنسبة للموظفين الوافدين، كما أنها تزيد الثقة والاستقرار في الاقتصاد المحلي وسوق العمل. وتسهم تلك البرنامج أيضاً في تحرير أرباب العمل من واجب إدارة نظم مكافأة نهاية الخدمة مع حماية الموظفين من مخاطر إعسار رب العمل.

وبالإضافة إلى ذلك، فإن لنمو صندوق المعاشات التقاعدية أثر إيجابي وهام في النمو الاقتصادي، وتأثيرات إيجابية في أسواق رأس المال والسيولة. وعلى وجه الخصوص، تتيح صناديق المعاشات التقاعدية إمكانية الحصول على تمويل طويل الأجل بالنسبة للشركات المحلية.

ويبدو من الواضح أن مثل هذه البرامج، يمكن أن تزيد من تكلفة ممارسة الأعمال (على غرار نظم التأمين الإلزامي)، لكن في حال تم تصميمها بعناية، فإنه يمكن احتواء مثل هذا التأثير السلبي وتجاوز انعكاساته من خلال مختلف المزايا الأخرى لبرامج المعاشات التقاعدية، وخاصة أن الشركات المحلية لا تخضع للضريبة في الإمارات.

وقال غيفورد ناكاجيما رئيس قسم تطوير الثروات الإقليمية، في الإمارات ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، في بنك إتش إس بي سي: «على الرغم من صعوبة توقّع بعض الأحداث في الحياة، إلا أنّه يمكن استباق بعض الأحداث الأخرى التي قد تنعكس على القدرة على الادّخار، مثل شراء منزل أو تسديد رهن عقاري، أو تسديد أقساط تعليم أولادهم، أو إنشاء عائلة. فعلى سبيل المثال، بيّنت دراستنا أنّ 1 % فقط من أولياء الأمور يموّلون تعليم أطفالهم عن طريق خطط تعليم محدّدة». وأضاف ناكاجيما: «إذا بدأ الأشخاص بالادّخار باكراً وأعدوّا خطة مالية مستدامة بإمكانهم الالتزام بها، يستطيعون مواجهة معظم أحداث الحياة المهمّة أثناء الاستعداد للتقاعد، إلا أنّ دراستنا كشفت أنّ التخطيط لهذه المرحلة من الحياة يتأجّل أكثر وأكثر مع مرور الأيام».

سيناريو السوق

وقال دنكان كريرار رئيس امتيازات الموظفين في «نيكزس جروب» للاستشارات المالية المستقلة بمنطقة الشرق الأوسط، بأن الدراسة الأخيرة لبنك إتش إس بي سي، تشير إلى سيناريو السوق في الإمارات، فمعظم العمالة الوافدة لم تعد مؤهلة حالياً كي تندرج ضمن نظام الضمان الاجتماعي أو المعاشات التقاعدية في أوطانهم، لأنه يتم إلغاء أهليتهم للتمتع بخدمات هذا القطاع بعد مغادرتهم أوطانهم لفترة زمنية معينة، ويميل الناس في الدولة إلى تأجيل خطط الادخار الخاصة بمستقبلهم.

سياسة الادخار مرتبطة بمستوى الثقافة والوعي

قال دنكان كريرار إن سياسة الادخار بدأت تكتسب أهمية متزايدة في يومنا هذا، فالكثير من الناس يشعرون بضرورة وبجدية خيار الادخار، وذلك بسبب ارتفاع مستوى الثقافة والوعي لديهم تجاه المستقبل. لكن مما أرى وأقرأ، أعتقد بأن الثقافة السائدة حالياً ترتبط بمفهوم «عش اللحظة» و«عدم القلق من الغد»، لذات الأسباب المذكورة سابقاً.

وبالنسبة لمجموعة نيكزس تنقسم خدمات الشركة على مستويين، المستوى الأول يدور حول برامج المعاشات التقاعدية وخطط التقاعد للأفراد، حيث توفر شركة نيكزس مجموعة واسعة من الحلول لمساعدة الناس على اختيار خطط الادخار، أو برامج المعاشات التقاعدية المناسبة، ما يساعدهم بشكل جوهري على تأمين مستقبلهم. ومن جانب آخر، فإننا نعمل من خلال المستوى الثاني مع الشركات التي ترغب في إنشاء نظام للادخار أو برنامج للمعاشات التقاعدية خاص بها، وهو ما ينطوي على توسيع نطاق صلاحيات الموظف ومساهمة صاحب العمل. وبإمكان مثل هذه الخطط، تقديم الكثير للموظفين، بحيث تتعدى قيمتها وأهميتها نظام المكافآت، فبالإمكان استخدامها كأداة قوية للاحتفاظ بالموظفين الموهوبين أو تعيين الجدد منهم، وخاصة في بيئة الأعمال التنافسية التي نشهدها اليوم.

ومن الجدير بالذكر، أنه غالباً ما ينفق صاحب العمل قدراً غير كافٍ من المال لإعالة الموظف بعد التقاعد، لذا، فإن خطة التقاعد الفردية يمكن أن توفر قدراً أكبر من الدعم المالي.

صناديق التقاعد الحكومية تعزز قنوات التمويل

قال دنكان كريرار إن بناء هيكلية متكاملة لنظام الضمان الاجتماعي، يتم من خلاله اقتطاع مبالغ معينة من الرواتب، كي توضع تحت تصرف صندوق الحكومة المركزية، من شأنه تعزيز نمو الأسواق، كونك تملك نطاقاً واسعاً من قنوات التمويل، الأمر الذي من شأنه توسيع حجم السوق وتحسين قدرته، ما يؤدي بالنتيجة إلى استقرار حركة السوق. وأضاف أن السؤال الجوهري هنا هو، ما طبيعة القوانين التي ستحيط بنظام المعاشات التقاعدية التي ستديرها الحكومة؟ وهي مشكلة تعاني منها العمالة الوافدة، جراء ممارستها للعديد من الأعمال والمهن في عدة دول مختلفة، حيث سينتهي بها المطاف إلى تجزئة معاشاتها التقاعدية إلى مبالغ ضئيلة يتم استيفائها من عدة دول منتشرة في جميع أنحاء العالم. وعندما يأتي الوقت المحدد لجمع هذه المعاشات، فإنهم سيواجهون كافة أنواع التحديات المتعلقة بكيفية حصولهم على الدفعات، وبأسعار صرف العملات، فضلاً عن أن كمية هذه المعاشات هذه لا ترقى في كثير من الأحيان إلى أي قيمة حقيقية.

وأضاف: ولهذا السبب، لا أظن أن «نظام المعاشات التقاعدية الحكومي» الإلزامي، سيشكل الحل الأمثل للعمالة الوافدة، نظراً لطبيعة الأعمال الانتقالية لهم ضمن العديد من الأسواق. بالمقابل، نجد أن الخطط الأمثل المقدمة من قبل القطاع الخاص إلى جانب المساهمات الإلزامية للشركة، تتيح للشركات إمكانية تطبيق سياسات ادخار وخطط للمعاشات التقاعدية الخاصة بها، وهو ما سيشكل طرحاً أكثر جاذبية واستقطاباً من «نظام المعاشات التقاعدية الحكومي» الإلزامي.

القدرة على الادخار

قال غيفورد ناكاجيما رئيس قسم تطوير الثروات الإقليمية، في الإمارات ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، في بنك إتش إس بي سي: «على الرغم من صعوبة توقّع بعض الأحداث في الحياة، إلا أنّه يمكن استباق بعض الأحداث الأخرى التي قد تنعكس على القدرة على الادّخار، مثل شراء منزل أو تسديد رهن عقاري، أو تسديد أقساط تعليم أولادهم، أو إنشاء عائلة. فعلى سبيل المثال، بيّنت دراستنا أنّ 1 % فقط من أولياء الأمور يموّلون تعليم أطفالهم عن طريق خطط تعليم محدّدة».

وأضاف ناكاجيما: «إذا بدأ الأشخاص بالادّخار باكراً وأعدوّا خطة مالية مستدامة بإمكانهم الالتزام بها، يستطيعون مواجهة معظم أحداث الحياة المهمّة أثناء الاستعداد للتقاعد، إلا أنّ دراستنا كشفت أنّ التخطيط لهذه المرحلة من الحياة يتأجّل أكثر وأكثر مع مرور الأيام».

نقص قنوات الاستثمار

قال دنكان كريرار إن هناك العديد من الموظفين من ذوي «الدخل المنخفض» أو «محدودي الدخل»، الراغبين في الادخار، وقد تلقينا العديد من الطلبات والاستفسارات في هذا الشأن، لكن عدم وجود الخيارات المناسبة والمتاحة أمامهم، يُصعّب هذا الأمر علينا بدرجة كبيرة.

وأضاف: "نحن بحاجة لوجود قنوات استثمارية تستهدف فئة «الدخل المنخفض» أو «محدودي الدخل» من الناس، وأرى أن هناك نقصاً عاماً لوجود خيارات متنوعة متاحة أمام هذه الفئة من أصحاب «الدخل المنخفض» أو «محدودي الدخل»، كما أنه من الصعب جداً بمكان، طرح الحلول المناسبة لهذه الفئة، ويعود ذلك بالدرجة الأولى إلى كمية الأموال التي تستطيع هذه الفئة ادخارها.

لذا، تعتبر عملية بناء هيكلية اقتصادية متوازنة وجديرة بالاهتمام، تحدياً حقيقياً.

عدا عن أن بعض الأفراد يفضلون الاستثمار في أوطانهم."

خطط المعاشات التقاعدية مرتبطة بنظام فرض الضرائب

 

قال دنكان كريرار رئيس امتيازات الموظفين في «نيكزس جروب» للاستشارات المالية المستقلة بمنطقة الشرق الأوسط، أن معظم برامج وخطط المعاشات التقاعدية في الغرب، مرتبطة بنظام فرض الضرائب، والفائدة الحقيقية تتمثل في الحصول على إعفاء ضريبي يعادل قيمة المساهمة في هذه الصناديق، مشيراً إلى أن تلك البرامج المعاشات التقاعدية تخضع لسياسات إلزامية، حيث ينبغي على الجميع تطبيقها، لافتاً إلى أن الجانب السلبي لهذه الأنظمة والبرامج، يتعلق بمستوى القواعد والقيود المفروضة على كيف ومتى سيحصل المرء على دفعات الرواتب التقاعدية في نهاية المطاف.

وأضاف أن الدراسة الأخيرة لبنك إتش إس بي سي، والتي أظهرت أن غالبية المقيمين في الدولة هم الأقل جاهزية عالمياً لفترة التقاعد، بسبب سوء أو انعدام التخطيط المالي لديهم، والتي أظهرت أيضاً أن أكثر من نصف السكان في سن العمل لم يتحضروا لفترة التقاعد، وبأن نحو 9 من بين إجمالي 10 أشخاص في الدولة لا يعتبرون الادخار من أولوياتهم، تشير إلى سيناريو السوق في الإمارات، فمعظم العمالة الوافدة لم تعد مؤهلة حالياً كي تندرج ضمن نظام الضمان الاجتماعي أو المعاشات التقاعدية في أوطانهم، لأنه يتم إلغاء أهليتهم للتمتع بخدمات هذا القطاع بعد مغادرتهم أوطانهم لفترة زمنية معينة.

وبفضل توافر الفرص المعيشية المثالية في الإمارات، فضلاً عن مناخها الجميل ونمط حياتها المزدهر، يميل الناس إلى مواصلة العيش في هذا البلد، وتأجيل خطط الادخار الخاصة بمستقبلهم. وبطبيعة الحال، يجب أن ننوه هنا إلى أن هذا التوجه ما هو إلا استجابة طبيعية لواقع الحال، فحتى ضمن المجتمعات الغربية، على سبيل المثال، حيث توجد بنية ضخمة وراسخة لأنظمة وبرامج التقاعد، لا يزال الناس يميلون إلى تأجيل خطط الادخار حتى فوات الأوان. ومع توفر كافة سبل الرفاهية ومغريات العيش في الإمارات، يتفاقم إيقاع هذه المشكلة العالمية.

وأضاف: «في ما يتعلق بإن كان الوقت قد حان للترويج خطط التقاعد بين المقيمين في الإمارات والمنطقة بشكل عام، فأعتقد بأن هذه المسألة لا تزال تشهد الكثير من التذبذب على جدول أعمال المنطقة، إلا أن التركيز حالياً ينصب على قطاع التأمين الصحي، لأنه يشكل ضرورة أكثر إلحاحاً.

وبما أن خطط المعاشات التقاعدية ليست إلزامية، فإن العديد من الشركات لا توفر هذه الخدمات لموظفيهم. أما المشكلة التي نواجهها على مستوى الأفراد، فتتمثل في انتظارهم الشخص المناسب لتوفير هذه الخدمات لهم، وهو ما يؤدي للانتظار طويلاً. ونصيحتي تعكسها طبيعة الحال، فعلينا جميعاً الاعتناء بأنفسنا من خلال المبادرة بشكل شخصي للاستثمار بالخطط المناسبة. فإذا تمكنا من إنجاز ما أردنا فهو المنشود، أما إذا لم نتمكن من ذلك، فإننا نحرص على ادخار ما يكفي للمستقبل، وهذه مسائل شخصية يجب علينا الوقوف عندها وحلها.

وقال كرايرر: «أعتقد بأن ما نشهده في هذه المنطقة، يتمثل في أن الغالبية العظمى من فرص العمل والأعمال تندرج ضمن قطاع الشركات الصغيرة والمتوسطة، وعندما لا يتم تطبيق برامج وأنظمة المعاشات التقاعدية في بيئة الأعمال هذه، لا يتم طرح هذا الموضوع كأولوية قصوى، ذلك أن المؤسسات ستركز بالدرجة الأولى على القضايا الحالية، على سبيل المثال، الرعاية الصحية، تليها الإصابات الجسدية، ومن ثم الخسائر في الأرواح. فإذا ما تعرض أحد موظفي الشركة لحادث ما، أو فقد حياته أثناء العمل، ما الذي سيحدث؟ يجب أخذ هذه المسائل بعين الاعتبار، كونها تحدث في غمضة عين.

وعندما يصل الموظف إلى المرحلة الثالثة من برنامج الفائدة، حينها فقط تقوم الشركات بالنظر في خطط التقاعد الخاصة به، وبما أن هذه التدابير غير إلزامية، فإنها المسألة الأخيرة التي تتطرق إليها الشركات، بعد أن تنتهي من معالجة باقي القضايا الأخرى.

استراتيجية الشركات

يعتمد تأسيس صندوق للتقاعد إلى حد بعيد على استراتيجية الشركات، فإذا كانت الشركة موجودة على الساحة منذ فترة طويلة، فإنها سترغب في الاحتفاظ بموظفيها، وستصبح خطط المعاشات التقاعدية من المسائل التي تركز عليها. ولكن في حال كان صاحب العمل يهدف إلى الكسب السريع، ومن ثم بيع الشركة، فإن توفير خطط المعاشات التقاعدية ستصبح عائقاً أمام استثماره. وبصفة عامة، تقوم معظم الشركات متعددة الجنسيات بتطبيق برامج وأنظمة للمعاشات التقاعدية من أجل مواكبة المعايير والسياسات العالمية. ويقوم الكثير من الموظفين في الدولة بتحويل أموالهم إلى أوطانهم، على الرغم من عدم تأكدهم من كيفية استثمار هذه الأموال هناك، لذا، ستعاد لهم الطمأنينة إذا ما احتفظوا بهذه الأموال في متناول أيديهم وتحت نظرهم.

توزيع ديموغرافي

ينطوي بنظام المعاشات التقاعدية الإلزامي في المجتمعات الغربية على حقيقة أن التوزيع الديموغرافي يشير إلى تنامي أعداد كبار السن بين السكان، وهناك هاجس عام يجتاح هذه المجتمعات حول من سيقوم برعاية وخدمة هذه الشريحة من المجتمع في حال عدم قدرتهم المالية على العناية بأنفسهم. فإذا ما وصل هؤلاء الأفراد إلى سن التقاعد دون التسلح بأي برنامج أو خطة مالية لإعالة أنفسهم، فإنهم سيستنزفون الاقتصاد.

متغيرات عالمية

تقوم معظم الشركات متعددة الجنسيات بتطبيق برامج وأنظمة للمعاشات التقاعدية من أجل مواكبة المعايير والسياسات العالمية». فالكثير من المقيمين يقومون بتحويل أموالهم إلى أوطانهم، على الرغم من عدم تأكدهم من كيفية استثمار هذه الأموال هناك، لذا، ستعاد لهم الطمأنينة إذا ما احتفظوا بهذه الأموال في متناول أيديهم وتحت نظرهم. بالإضافة إلى ذلك، هناك قلق ينتاب هؤلاء الأفراد في ما إذا كان سيبقى لديهم أي مبالغ كافية من هذه التحويلات على المدى الطويل.

الأكثر مشاركة