هل يؤدي سريان آلية العرض والطلب إلى تراجع الإيجارات ؟

أبراج الريم ترسم ملامح التغيير في عقار أبوظبي

  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

يفتح القرار الذي أصدرته حكومة أبوظبي مؤخرا، بأن يكون تقدير قيمة الايجارات وفق إرادة المتعاقدين وتحكمها قواعد العرض والطلب السارية في السوق العقاري بالإمارة، الباب لتساؤلات كثيرة حول مستقبل الإيجارات السكنية والتجارية في أبوظبي، وهل ستتعرض لانخفاض أم لاستقرار أم لارتفاع مرة أخرى؟

وعلى الرغم من وجود شواهد ومؤشرات عديدة تؤكد أن سريان آلية العرض والطلب في سوق أبوظبي العقاري سوف تؤدي لا محالة إلى تراجع حقيقي وكبير في الإيجارات السكنية، خاصة بعد توافر المعروض وتزايده بصورة شبه يومية في المدينة وضواحيها عكس ما كان موجودا من عام 2006 إلى 2010.

حيث ارتفعت الإيجارات بشكل مبالغ فيه وصل في بعض المناطق السكنية إلى 300%، خاصة خلال عامي 2007 و2008، إلا أن واقع السوق والقوى التي تحركه تجعل هذا الانخفاض الكبير أملا بعيد المنال، ولن تزيد نسبة التراجع في الإيجارات إلا بنسب محدودة تتراوح بين 5% و10% إن حدث هذا التراجع.

وطوال السنوات الثلاث الماضية كانت توقعات الخبراء العقاريين ومسؤولي الشركات العقارية تشير إلى أن السوق مقبل على تراجع كبير، وأن الإسكان الفاخر سوف يواجه كسادا لا محالة، لكن ذهبت هذه التوقعات أدراج الرياح، فالمشاريع الجديدة في مناطق عديدة في الإمارة، وبصفة خاصة في مناطق التملك الحر.

لاقت إقبالا من المستأجرين، وحددت الشركات العقارية المالكة للأبراج السكنية الجديدة وشركات التأجير حدودا دنيا للقيمة الإيجارية لا ينبغي التنازل عنها، وأثبتت الأيام أن الشركات لم تتخل قيد فلس عما حددته من قيم إيجارية.

لكن هل يختلف الوضع في السوق العقاري اليوم وخلال الشهور القليلة المقبلة؟

مرافق خدمية

يتوقع الدكتور عماد الجمل، رئيس اللجنة الفنية الاستشارية في جمعية المقاولين وأستاذ التحكيم الدولي، أن تستقطب مشاريع أبراج جزيرة الريم الكثير من المســتأجرين من أبوظبي، موضحا أن المرافق الخدمية التي يوفرها كل برج من أبراج الجزيرة لا تقل قيمتها في السنة الواحدة عن 15 ألف درهم.

كان يدفعها المستأجر في المدينة لنوادي السباحة وكمال الأجسام وإدارة مواقف في أبوظبي، إضافة إلى تكاليف الصيانة، بمعنى أنه إذا كانت قيمة الوحدة السكنية غرفة وصالة في أبوظبي 60 ألف درهم، فإن ذات الوحدة في جزيرة الريم أرخص إذا كانت قيمة إيجارها 70 ألف درهم.

كما أن الجزيرة تقدم أسلوب معيشة راقيا، وموقع أبراجها على الخليج العربي رائع، وهي هادئة، وتتوفر فيها كافة مقومات الحياة، وبها جامعة السوربون، وبجوارها مستشفى أبوظبي كليفلاند، أكبر مستشفى في الإمارة، وكل هذه المؤسسات الجديدة توظف عمالة، وهذه العمالة لن تجد أفضل من أبراج جزيرة الريم للسكن فيها، حتى لو كانت قيمة إيجارها أعلى قليلا.

ويضيف: أعتقد أن قرار تقدير قيمة الايجارات وفق قواعد العرض والطلب لن يؤدي إلى تراجع كبير في الإيجارات، وهذا التراجع لو حدث فسوف يكون في حدود نسبة 5% أو 10% على أكثر تقدير، وللوحدات التي تقع في الأدوار السفلية والتي لا تمتاز بموقع متميز.

عدم وجود إحصائيات

لكن عتيبة العتيبة، رئيس مجموعة العتيبة الاستثمارية ورئيس لجنة العقارات السابق في غرفة تجارة وصناعة أبوظبي، يرى أن القول بارتفاع أو انخفاض الإيجارات خلال الفترة الماضية تنجيم، ويقول: إننا في أبوظبي منذ سنوات نسمع أن السوق مقبل على انهيار وكساد وتراجع كبير، لكن ما يحدث ليس كذلك، فالإيجارات مازالت إلى حد كبير مستقرة بعد تراجع محدود، ومازال الطلب في أبوظبي قائماً.

وأضاف: لا يستطيع اليوم أي خبير عقاري في أبوظبي أن يتوقع ما سوف يحدث لقطاع العقار والتأجير لسبب بسيط، وهو عدم وجود إحصائيات دقيقة عن الوحدات الجديدة المطروحة، أو عن الطلب الحقيقي، وطوال السنوات الماضية سمعنا عن أرقام كبيرة جدا للوحدات التي ستنزل السوق، وتهيأنا لأن الأسعار ستنهار لا محالة، لكن الوحدات التي دخلت السوق دخلت ببطء وبشكل متدرج، وبعضها مازال يدخل السوق اليوم وسوف يدخل غدا.

ملاك لا مستثمرين

يتفق عبد الرحمن الشيباني، رئيس مجلس إدارة شركة منابع العقارية، مع القائلين إن إيجارات أبوظبي لن تشهد تراجعا بسبب سريان آلية العرض والطلب.

ويقول: لدينا طلبات كثيرة تزداد يوما بعد الآخر من مسـتأجرين راغبين في السكن في جزيرة الريم، وغالبية هؤلاء المستأجرين كانوا يسكنون مع عائلات أخرى في فيلات سكنية داخل وخارج المدينة، وقد حظرت عليهم بلدية أبوظبي هذا السكن المشترك العشوائي، وهم يرغبون في السكن في مكان هادئ وجديد ولا يجدون أفضل من جزيرة الريم بسبب قربها من أبوظبي.

ويكشف الشيباني عن أن نسبة ليست قليلة من ملاك وحدات مشاريع جزيرة الريم ليسوا من المستثمرين، بل هم ملاك وافدون يرغبون في الإقامة في وحداتهم السكنية، سواء لهم أو لأبنائهم، وبالتالي فإن الإيجارات لن تشهد تراجعا في الجزيرة.

لا تراجع

ويتفق مسعود العور، الرئيس التنفيذي لشركة تسويق للاستشارات والتسويق العقاري في أبوظبي، مع القائلين بعدم حدوث تراجع حاد في الإيجارات، موضحا أن التراجع لو حدث فسوف يكون طفيفا، وسوف ينصب على مساكن البنايات القديمة في أبوظبي، لكن الإسكان الجديد سوف يظل مستقرا.

ومن جانبه يقول وائل الطويل، العضو المنتدب في شركة تلال كابيتال: السوق بصفة عامة يسير نحو مزيد من الاستقرار، والتراجع لن يكون كبيرا مع تزايد المعروض لأن السوق فيه طلب كاف، وهذا الطلب يزيد مع المشاريع الجديدة التي تطرحها وتنفذها أبوظبي في غالبية القطاعات.

تحكم الملاك في قيمة الإيجارات يعطل آلية العرض والطلب

يعتقد رضا مسلم، الخبير الاقتصادي في أبوظبي، أنه لو تركت آلية العرض والطلب تعمل في سوق العقارات السكنية والتجارية في أبوظبي فسوف تنخفض الإيجارات لا محالة بنسب تصل إلى 25%، لكن هذا القول المتفائل ليس متواجدا على أرض الواقع، طبقاً لرؤيته، لأن الطرف الأقوى في السوق هم الملاك المؤجرون، وهم الذين يتحكمون في قيمة الإيجارات، وقد حافظ هؤلاء الملاك خلال السنوات الماضية على ارتفاع قيمة الإيجارات في السوق.

وينوه مسلم إلى أن جزيرة الريم قد تحدث تغييرا حقيقيا في أوضاع السوق لأن نسبة كبيرة من المالكين للوحدات السكنية فيها من المقيمين، الذين اشتروا وحدات فيها وفي غيرها من مناطق التملك الحر، مثل منطقة شاطئ الراحة، وغالبية هؤلاء الملاك المقيمين اشتروا الوحدات بتمويلات من البنوك، وقد تضطرهم ظروفهم المالية للإسراع في تأجير الوحدات التي يتملكونها حتى لا تظل فوائد البنوك عامل ضغط عليهم.

التراجع المتوقع طفيف

ويقول مسلم: أتوقع أن تنخفض الإيجارات في وحدات الريم وشاطئ الراحة، لكن الانخفاض لن يكون كبيرا، حيث إن قيمة إيجارات الوحدات منافسة جدا، وتقترب إلى حد ما من الوحدات الموجودة داخل المدينة.

65% من العاملين

ويشير إلى أن وحدات مشاريع الريم، وغيرها من المشاريع الجديدة، لن تواجه الكساد، ويقول: نسبة كبيرة قد تصل إلى 65% من العاملين في أبوظبي هم موظفون في هيئات وشركات ومؤسسات الحكومة، وهؤلاء يحصلون على مخصصات سكنية من جهات عملهم، وهذه المخصصات تتراوح بين 200 ألف درهم و400 ألف درهم، وبالتالي فهم سيفضلون السكن في وحدات الريم، حتى لو كان سعرها مرتفعا، طالما أن جهة العمل تمنحهم مخصصات سكن مرتفعة.

 

خفض المخصصات

يتوقع رضا مسلم أن تنخفض الإيجارات في أبوظبي فعلا إذا خفضت الهيئات الحكومية قيمة مخصصات السكن التي تمنحها لموظفيها، ولو حدث هذا فإن الإيجارات سوف تتراجع، وبدون ذلك لن يحدث تراجع حقيقي في الإيجارات، وسوف نظل نتحدث عن نسب تراجع قليلة قد تصل إلى 5 % أو 10 % على أكثر تقدير.

ويلفت إلى أن مشاريع أبراج جزيرة الريم سوف تحدث تغييرا في إيجارات المساكن القديمة داخل المدينة، مشيرا إلى أن غالبية سكان هذه البنايات القديمة راغبون في تركها بسبب تدني أعمال الصيانة فيها، ولو توفر لهم السكن الجديد بسعر مناسب فسوف ينتقلون إليه على الفور، ويتركون البنايات القديمة التي تدر دخولا جيدة على مالكيها بعد أن سددوا كافة القروض المستحقة عليهم ورصدوا لها مبالغ متدنية جدا لأعمال الصيانة.

مؤشر مهم

أشار خالد الراجحي، مدير إدارة المشاريع في شركة الدار العقارية، إلى مؤشر مهم، وهو أن سوق أبوظبي العقاري يشهد منذ فترة تحسنا ملحوظا ظهر جليا في مناطق كثيرة في المدينة وخارجها.

منوهاً إلى أن التنافس في الأسعار سوف يكون الشعار المسيطر على السوق في الفترة المقبلة، وأن الاعتقاد بأن إيجارات الأبراج الشاهقة في جزيرة الريم، وخاصة مشروع أبراج البوابة، مرتفعة اعتقاد خاطئ، مؤكداً أنها إيجارات تنافسية للغاية، حيث إن قيمة تأجير الوحدة السكنية المؤلفة من غرفة وصالة بالمشروع تقدر حالياً بنحو 75 ألف درهم.

ونحو 120 ألف درهم للوحدة المؤلفة من غرفتين وصالة، و160 ألف درهم للثلاث غرف، وأسعار التأجير تختلف حسب المساحات والإطلالة، فيما يقدر متوسط سعر بيع القدم المربعة بنحو 1500 درهم، كما أن متوسط تأجير التاون هاوس بالمشروع بمساحة تتراوح بين 180 و205 أمتار مربعة يقدر بنحو 200 ألف درهم.

3533 وحدة سكنية جديدة تدخل السوق

ضخت شركة الدار العقارية خلال الأسبوع الماضي 3533 وحدة سكنية جديدة في مشروع أبراج جزيرة الريم إلي السوق العقاري في أبوظبي، كما أوشكت على الاكتمال أعمال التشطيبات النهائية في 23 برجا في الجزيرة.

منها 8 أبراج بجوار أبراج البوابة و15 برجا في المنقطة الواقعة بالجزيرة مقابل جزيرة السعديات وبجوار شارع الشيخ خليفة تضم نحو 3500 وحدة سكنية، وإذا أضفنا إلي هذا العدد النسبة المتبقية من الوحدات السكنية، التي لم يتم تأجيرها في أبراج مارينا سكوير الثلاثة عشر وبرجي صن وسكاي تاوز.

وهي في حدود 30 %، فإن السوق العقاري في أبوظبي سوف يستقبل نحو 7500 وحدة سكنية على الأقل من جزيرة الريم، وكان السوق قد استقبل من مشاريع الجزيرة سابقا أكثر من 4000 وحدة ليصل إجمالي مشاريع الجزيرة حتى الان أكثر من11 ألفاً و500 وحدة سكنية.

إضافة إلى مشاريع البنايات السكنية الجديدة داخل المدينة وخارجها في مدن محمد بن زايد وخليفة أ وب وغيرها من ضواحي المدينة بإجمالي، كما رصدته شركة جونز لانغ لاسال للاستشارات العقارية، 13 ألف وحدة سكنية بنهاية العام الجاري، فهل هذا العدد الكبير قادر على أن يحدث تغييرا حقيقيا وكبيرا في الإيجارات بحيث تعود قيمة الإيجارات كما كانت قبل الطفرة العقارية التي حدثت في عام 2006؟

Email