الابتكار.. ضرورة حتمية لنمو الأعمال

ت + ت - الحجم الطبيعي

يتيح الابتكار لمالكي الأعمال التجارية والموظفين فيها آفاقاَ هائلة للنمو، ويوفر لهم وسائل جديدة لتعظيم ربحية أعمالهم لم تكن مطروحة أمامهم من قبل. وقد يتأتى ذلك بابتكار مُنتَج جديد، أو آلية جديدة للتشغيل وإدارة عملية الإنتاج، أو منهجية غير مطروقة للتسويق والدعاية، أو شركاء جدد، وغيرها من الأدوات المؤسسية التي تصب في نهاية الأمر في تحسين أداء الأعمال التجارية وزيادة ربحيتها.

وعلى مستوى الاقتصاد الكلي، يزود الابتكار الاقتصاد بقناة جديدة لخلق فرص عمل وضخ موارد جديدة في خزائن الدول. ولمن يريد الدليل على ذلك، فلينظر إلى حجم المكاسب الهائلة التي جنتها الولايات المتحدة نتيجة نجاح الشركات التقنية الأمريكية التي ظهرت بشكل متتابع على مدى العقود الأربعة الأخيرة وقدمت للعالم أجمع منتجات أو خدمات مبتكرة لم يكن يعرفها من قبل.

ومن أبرز هذه الشركات: «مايكروسوفت» التي ابتكرت نظامي تشغيل الحواسب المكتبية «دوس» ثم «ويندوز» بإصداراتهما المتتالية، ثم ابتكرت وسائط تخزين ونقل البيانات كالأقراص المرنة والأسطوانات المدمجة.

وبعد ذلك ظهرت «غوغل» ومحرك البحث عبر شبكة الإنترنت الذي يحمل نفس اسم الشركة وأدى للبشر خدمة جليلة تمثلت في تسهيل وصولهم إلى المعلومات المختلفة التي يرغبون بمعرفتها عن أي موضوع.

وجاء دور «فيسبوك» التي كانت بداية لزلزال رهيب اجتاح العالم أجمع نعرفه الآن باسم مواقع التواصل الاجتماعي، ويكفي أن الموقع اقتحم عالم السياسة، بل وتسبب في سقوط رؤساء وحكومات.

ثم ظهرت شركة «آبل» بأجهزتها الذكية التي نقلت العالم إلى جيل جديد من أجهزة الاتصالات وصارت منتجاتها من الأجهزة الذكية مثل «الآيفون»، «الآيباد»، «الآيبود» وغيرها في أيدي المليارات من سكان الكرة الأرضية.

ولا ننسى شركة «أمازون» التي ابتكرت مفهوم التسوق الشبكي وصارت شركات أخرى حول العالم تحاكيها في تَبَني هذا المفهوم. وإذا عرفنا أن صافي ربح كل شركة من هذه الشركات سنوياً لا يغادر مطلقاً فئة الأصفار التسعة، ثم احتسبنا الضرائب التي تدخل الخزينة الأمريكية سنوياً على هذه الأرباح، لأدركنا حجم الفائدة التي يجلبها الابتكار للاقتصادات الوطنية، وليس فقط الأعمال التجارية الخاصة.

ويتذكر العديد من سكان القاهرة في جيل الستينات متجراً لبيع الحلوى في أحد الأحياء الراقية بالمحافظة. صاحب المتجر كان رجلاً بسيطاً وعادياً، لكن الله وهبه ذهناً متقداً وعقلية ألمعية قادرة على توليد الأرباح من أفكار بسيطة.

كان هذا الرجل معجباً بعمود يومي يكتبه عملاق الصحافة الراحل مصطفى أمين في جريدة «أخبار اليوم» بعنوان «فكرة»، وكان يحرص على قراءة العمود بصفة يومية. وتصادف أن اقترب موعد المولد النبوي، وكان يبيع حلوى المولد في متجره في كل عام.

وتفتق ذهنه عن فكرة تعبئة حلوى المولد في عبوة جديدة ذات شكل وتصميم مُبتَكَرَين، وأن يكتب على كل عبوة اسم «فكرة»، تيمناً باسم المقال اليومي لمصطفى أمين.

كان لتصميم عبوات الحلوى المٌبتَكَر واسمها الغريب وقع السحر على عملاء المتجر، فأقبلوا بصورة هائلة على شراء حلوى المولد ذات العبوة المٌبتَكَرَة من المتجر. وأمام الإقبال الجنوني، طرح الرجل عبوات إضافية من الحلوى، وجنى أرباحاً خرافية.

وكرر الرجل الأمر في أعياد المولد النبوي التالية، وغير في تصميم العبوات، إلا أنه احتفظ بنفس الاسم «فكرة». وفي كل مرة، كانت الحلوى تحظى بنفس الإقبال من العملاء، وصار مليونيراً في غضون سنوات قليلة. تؤكد قصة هذا الرجل أن الابتكار يصنع الفارق في حياة البشر وأن الفكرة رزق من الله، تماماً كالمال، بل إن الفكرة قد تكون إحدى أهم الوسائل لجني المال.

Email