الكثير من الأموال تتدفق على مختبرات أبحاث السرطان حول العالم

ت + ت - الحجم الطبيعي

ثمة أخبار سارة تتوالى من مختبرات أبحاث السرطان حول العالم، إذ يكشف الباحثون عن نتائج مشجعة للتجارب السريرية التي تنطوي على مجموعة متنوعة من العلاجات الجديدة، ويشمل ذلك لقاحات لعلاج السرطان، إلى جانب طرق جديدة للتشخيص. وتظهر أساليب العلاج المناعي المتنوعة، والتي تتضمن تكييف جهاز المناعة للمريض لتدمير الخلايا السرطانية، نجاحاً ملحوظاً في إطالة عمر الأفراد المصابين بأورام مقاومة للعلاج.

وأحد العوامل المساهمة في هذا التقدم السريع هو زيادة تدفقات الأموال المقدمة من جانب الصناعات والحكومات والجمعيات الخيرية لأبحاث السرطان مقارنة بالأمراض الأخرى، حيث يتم تخصيص قرابة 40 % من إجمالي استثمارات البحث والتطوير في مجال الأدوية لعلم الأورام السريري.

ولم يغفل العلماء العاكفون على أمراض مختلفة، مثل الخرف والأمراض المعدية، هذا المثال المشجع لمدى فعالية تمويل البحث العلمي، في ظل تزايد الاحتياجات الطبية التي لم تتم تلبيتها بعد، إلا أن الاستثمار أقل نسبياً. وهم محقون في الإشارة إلى أبحاث السرطان كنموذج لما يمكن تحقيقه من خلال زيادة الموارد الموجهة للبحث والتطوير.

وسيتطلب تسريع نقل الإنجازات في أبحاث السرطان إلى الممارسات السريرية المعتادة وجود هيئات تنظيمية مرنة ومقدمي خدمات الرعاية الصحية سريعي الاستجابة. ولا يتعين عليهم توفير المرافق العلاجية المناسبة فقط، بل سيتطلب ذلك أيضاً توفير خدمات التشخيص اللازمة للكشف عن الأورام في أسرع وقت ممكن، عندما تكون فرص الشفاء أعلى.

قد تكون مجموعة العلاجات الشخصية الجديدة مكلفة عند طرحها في البداية، فغالباً ما تتجاوز تكلفة العلاجات المناعية الـ 100 ألف دولار لكل مريض. ولا مفر من تعرض شركات الأدوية لضغوط لحملها على خفض السعر المبالغ فيه. ورغم ضرورة خضوع أسعار الأدوية لبعض المراقبة، يجب أن تظل عوائد الاستثمار في الصناعة مرتفعة بالقدر الكافي لدعم الجهود المكثفة والمثمرة في أبحاث السرطان. وبمرور الوقت، تتضاءل تكاليف التقنيات الطبية الجديدة مع تزايد استخدامها على نطاق واسع.

وأصبحت الحاجة إلى سرعة التشخيص وتحسين العلاجات أكثر أهمية من أي وقت مضى، مع استمرار ارتفاع معدلات الإصابة بالسرطان على مستوى العالم. ومن المثير للقلق أن معدلات الإصابة تتزايد بسرعة أكبر بين الشباب، لأسباب بدأ العلماء فهمها، وهو أمر يتطلب إجراء تحقيقات عاجلة. ووفقاً لمؤسسة بحوث السرطان الخيرية ببريطانيا، ارتفعت معدلات الإصابة بالسرطان بين الأفراد الذين تتراوح أعمارهم بين 25 و49 عاماً بنسبة 24 % منذ عام 1995.

ورغم أن السرطان لا يزال في الغالب مرضاً يصيب كبار السن، ولا يمثل الأشخاص الذي تقل أعمارهم عن 50 عاماً أكثر من 10 % من إجمالي المرضى، فإنهم يمثلون نسبة أعلى بكثير من حيث عدد سنوات الحياة الصحية المفقودة بسبب المرض.

ويعتقد الخبراء أن الزيادة السريعة في السمنة خلال العقود الأخيرة هي أحد العوامل المهمة وراء ارتفاع معدلات الإصابة بالأورام، مثل سرطان الثدي والقولون والمستقيم بين الشباب. وتشير البيانات الصادرة عن المؤتمر الأخير للجمعية الأمريكية لعلم الأورام السريري في شيكاغو إلى أن تناول أدوية إنقاص الوزن الشائعة، مثل «أوزمبيك» و«ويجوفي»، يمكن أن يقلل من خطر الإصابة بالعديد من الأورام الشائعة، رغم تأكيد المدافعين عن قطاع الصحة العامة على أهمية معالجة السمنة من خلال تغيير النظام الغذائي بدلاً من الأدوية. وبخلاف السمنة، يدرس العلماء بوادر محتملة مسببة للسرطان ضمن العديد من التغيرات المناخية وأنماط الحياة التي طرأت في العقود الأخيرة.

ومع تزايد انتشار المرض، يعيش المصابون لفترة أطول في المتوسط بعد التشخيص، وذلك على الرغم من بطء التقدم الحالي. وتعني طبيعة علم الأحياء البشري أن السرطان سيرافقنا طويلاً. لكن أدوات التشخيص والعلاجات الجديدة التي تخرج من المختبرات في جميع أنحاء العالم ستؤدي إلى تسريع إطالة معدلات البقاء على قيد الحياة، ما يجعل علم الأورام مثالاً بارزاً للقيمة العالية لزيادة الإنفاق على الأبحاث الطبية الحيوية.

كلمات دالة:
  • FT
Email