فجوة كبيرة في تقديرات تأثير الذكاء الاصطناعي في النمو

ت + ت - الحجم الطبيعي

أعترف بأنني تجاهلت قدراً كبيراً من الجدل الدائر حول ما إذا كان الذكاء الاصطناعي سيقضي علينا جميعاً. وحتى إذا حولني السادة الرقميون في النهاية إلى مشبك ورق، فسأكون قد استمتعت على الأقل بلحظاتي الثمينة الأخيرة كإنسان، وسأقضيها في تأمل جانب مختلف من الجدل يتعلق بمدى تأثير الذكاء الاصطناعي في النمو. ورغم أن الخطورة تتضاءل نسبياً، لا يزال ثمة مستوى عالٍ من الخلاف، ما السبب؟

إن صميم المناقشات يتمحور حول نطاق الذكاء الاصطناعي وحجمه وسرعته، هل سيكون الذكاء الاصطناعي قوة تؤدي إلى تسارع عمليات الأتمتة، أم سيعزز الابتكار أيضاً؟ وهل سيكون تأثيره كتأثير قطاعة الأفوكادو، أم تأثير الميكرويف؟

إضافة إلى ذلك، ثمة خطر يتمثل في رغبة خبراء التكنولوجيا في التحرك سريعاً وتحطيم العوائق، في حين يفضل مديرو الشركات نمط حياة أكثر استقراراً. وقد تم بذل محاولات عدة لتقييم تأثير الذكاء الاصطناعي التوليدي في نمو الإنتاجية السنوي، وكانت النتائج متباينة إلى حد كبير. ففي العام الماضي، أشارت تقديرات غولدمان ساكس إلى قدرته على المساهمة بنحو 1.5 نقطة مئوية على مدى عقد في الدول الغنية.

وبعد فترة وجيزة، توقعت ماكنزي نطاقاً يتراوح بين 0.1 و0.6 نقطة مئوية خلال عامي 2023 و2040. وأخيراً، توقع دارون عاصم أوغلو من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا زيادة محتملة قدرها 0.2 نقطة مئوية على مدى العقد المقبل.

وتنبع الفجوة بين هذه الأرقام أساساً من الاختلافات في السرعة والحجم. ويحاول كل تحليل قياس مدى تأثر المهام الحالية بالذكاء الاصطناعي التوليدي، إضافة إلى التوفير المحتمل في التكاليف. ويقترح عاصم أوغلو، على سبيل المثال، أن نحو 5 % من المهام خلال العقد المقبل سيتم استبدالها أو تعزيزها بربح من خلال الذكاء الاصطناعي، (سأجادل هنا بأن مسؤولي التحرير الذين أعمل معهم يتعين عليهم التمسك بي وإلا فقد تصبح المقالات مضحكة حقاً).

وحتى ذلك الحين، قد يصل متوسط التوفير في التكلفة عبر هذه المهام إلى نحو 15 % فقط، أو أقل حال واجه الذكاء الاصطناعي صعوبات في إحلال المهام الأصعب، حيث تتطلب القرارات الكثير من السياقات أو تفتقر إلى المقاييس الموضوعية للنجاح (وقد بلغني أن كتابة المقالات صعبة للغاية).

وتقول ماكنزي إن لديها منظوراً واضحاً بشأن وتيرة الانتشار، استناداً إلى الأدلة التاريخية التي تشير إلى أن التقنيات تستغرق قرابة 27 عاماً حتى تبلغ مرحلة التبني بعد أن تصبح متاحة تجارياً، ولكن يبدو أنها أكثر تفاؤلاً من عاصم أوغلو حيال إمكانية أتمتة المهام. وفي تقرير منفصل، تقدر ماكنزي أنه في الولايات المتحدة، يمكن للذكاء الاصطناعي التوليدي أتمتة 8 % من ساعات العمل بحلول 2030.

كذلك يعتقد محللو غولدمان ساكس أن حصة كبيرة من العمل قد تتأثر بالذكاء الاصطناعي، ومع ذلك فإن التحول الأكبر يكمن في التوقيت، ويستشهدون بالمحرك الكهربائي والحوسبة الشخصية بوصفهما إنجازات أدت إلى طفرة إنتاجية في الولايات المتحدة بنحو 1.5 نقطة مئوية سنوياً على مدى عشر سنوات، ومن عجيب المفارقات أن الأمر يستغرق 20 عاماً حتى يتحقق ذلك، بعبارة أخرى، الطفرة المتوقعة ستحدث «على مدى عقد»، لكن ليس العقد الحالي.

ويستشهد محللو غولدمان ساكس في المذكرة الأخيرة باستطلاعات تقترح أن أقل من شركة واحدة من بين كل 20 شركة، تقر بـ«استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي ضمن عمليات الإنتاج العادية»، ويؤكدون أن غالبية الزيادة في الناتج المحلي الإجمالي العالمي ستتحقق بعد عام 2030.

في حين أن الأسئلة المتعلقة بالسرعة والحجم مهمة، إلا أن السؤال الأهم يتعلق بنطاق الذكاء الاصطناعي.

وانتقد تايلر كوين، من مجموعة جورج ميسون، مؤخراً، ورقة عاصم أوغلو البحثية لإغفاله إمكانية قيام الذكاء الاصطناعي بمهام جديدة أو إنتاج أشياء جديدة «ألق نظرة على روبوتات الدردشة التي تنتحل شخصية شكسبير أو إيلون ماسك». ومع ذلك، فإن حجة عاصم أوغلو هي أن تركيز الصناعة ينصب في مكان آخر، مثل الإعلانات الرقمية.

قد تكون هناك مزايا أكبر في المستقبل، فعلى مدى العقود الماضية، ضخ العالم حصة متزايدة من الموارد في الابتكار، مع تراجع العوائد، ووجدت دراسة نشرت في عام 2020 أن الإنتاجية البحثية للاقتصاد الأمريكي قد انخفضت بمعدل 41 مرة منذ الثلاثينيات.

ويشير المتفائلون إلى أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يزيد هذه العائدات ويسرع من معدل اكتشافنا لأفكار جديدة، فخلال هذا الأسبوع كشفت غوغل ديب مايند عن نموذج ذكاء اصطناعي يمكنه مساعدة الباحثين في العثور على عقاقير جديدة.

ويقول بن جونز، من جامعة نورث وسترن، إن التأثير على الإنتاجية يمكن أن يتجاوز حتى أكثر التقديرات تفاؤلاً استناداً إلى اتجاهات الأتمتة السابقة. وفيما يتعلق بالتغييرات التي أحدثها الذكاء الاصطناعي، يقول عاصم أوغلو: «وجود قدر من عدم اليقين أمر صحي بالطبع، لأننا لا نزال في البداية»، وهذا يعني وجود الكثير من الأسئلة المهمة الأخرى التي يجب التفكير فيها، بما في ذلك كيفية تقاسم مكاسب أي نمو.

عموماً، سأسمح لنفسي بالتساؤل عن إمكانية وجود نموذج ذكاء اصطناعي يوماً ما يكون ضليعاً لدرجة تحويله مشابك الورق إلى بشر مرة أخرى.

كلمات دالة:
  • FT
Email