من المتوقع أن يزداد النمو التجاري العالمي بأكثر من الضعف هذا العام مع انحسار التضخم ومساعدة الاقتصاد الأمريكي المزدهر في دفع النشاط، وفقاً لمنظمات دولية.
وتتوقع منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية وصندوق النقد الدولي ومنظمة التجارة العالمية انتعاشاً حاداً في تدفق السلع العالمية هذا العام بعد تباطؤ عام 2023 مدفوعاً بارتفاع الأسعار وارتفاع معدلات الفائدة وضعف الطلب. وبحسب منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، فمن المتوقع أن ترتفع التجارة العالمية في السلع والخدمات بنسبة 2.3% هذا العام و3.3% في عام 2025، مقارنة بنمو بلغ 1% فقط العام الماضي.
وأرجعت كلير لومبارديللي، كبيرة خبراء الاقتصاد لدى منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، غالبية النمو القوي المتوقع إلى «انتعاش دوري»، مع تزايد التجارة جنباً إلى جنب مع النمو الاقتصادي الأوسع. وأضافت أن الصين ودول شرق آسيا ستكون محركات مهمة للنشاط.
وساعد تزايد التجارة بالفعل على تعزيز النمو في بعض من أكبر اقتصادات الاتحاد الأوروبي في الربع الأول من 2024. وارتفع إجمالي النمو في منطقة اليورو بواقع 0.3% في الربع السابق، وهو أعلى معدل نمو منذ الربع الثالث من 2022. وقالت كلير: «لدينا بيانات أقوى بشأن التجارة للعامين الجاري والمقبل. ولقد شهدنا تطورات إيجابية للغاية على صعيد التجارة».
ونمت الصادرات الألمانية بنحو أسرع من المتوقع في مارس، بزيادة 0.9% عن الشهر السابق، وفق البيانات المنشورة مؤخراً، ما أسهم في نمو ربع سنوي بنسبة 3.2%. كما ازدادت واردات أكبر الاقتصادات الأوروبية 0.3% في مارس و1.7% في الربع الأول.
وفي أحدث نسخة من تقرير آفاق الاقتصاد العالمي، توقع صندوق النقد الدولي وصول نمو أحجام التجارة العالمية إلى 3% في 2024. أما منظمة التجارة العالمية، التي لا تقدم توقعات بشأن تجارة الخدمات، فقد رجحت ازدهار تجارة السلع 2.6% في 2024، بعد انخفاضها 1.2% في العام الماضي.
وقال نيل شيرينغ، كبير خبراء الاقتصاد لدى «كابيتال إكونوميكس»: نرى بعض براعم التعافي للتجارة العالمية، مضيفاً أن «ركود التصنيع» الذي عاناه نشاط التجارة في 2023 وانخفاض الطلب «قد انتهى الآن». وأشار شيرينغ إلى التعافي المبدئي في أوروبا، التي تعتمد على التجارة على وجه الخصوص، مع استفادة الدول الجنوبية من انتعاش السياحة.
وعلى سبيل المثال، استفادت إسبانيا من حلول عطلات عيد الفصح في مارس بدلاً من أبريل، ما عزز النمو في الربع الأول. وقال مكتب الإحصاء الإسباني إن الطلب الخارجي أسهم بنسبة 0.5 نقطة مئوية، فيما أضاف الطلب المحلي 0.2 نقطة مئوية. وأعلنت ألمانيا وإيطاليا أن ارتفاع صافي الصادرات عزز النمو خلال الربع الأول.
وزادت الصادرات الفرنسية من البضائع 2.9% في مارس على أساس شهري، ليتراجع العجز التجاري لثاني أكبر اقتصادات الاتحاد الأوروبي إلى أدنى مستوياته منذ ثلاثة أعوام، بحسب بيانات نشرت يوم الثلاثاء.
وقال سالومون فيدلر، الخبير الاقتصادي لدى «بيرنبرج»: «كنا نتوقع انتعاش التجارة الخارجية لمنطقة اليورو هذا العام، وإن كانت المؤشرات تشير إلى أن الانتعاش، خاصة في الصادرات، جاء في وقت أقرب مما كنا نظن سابقاً».
وسلّط تقرير مرصد التجارة العالمي الذي نشره المكتب الهولندي لتحليل السياسة الاقتصادية، الضوء على عودة النمو لتجارة البضائع في شهر فبراير، وذلك للمرة الأولى منذ عام.
وساعدت التوسعات في الصين والولايات المتحدة على ارتفاع النمو السنوي لتجارة البضائع إلى 1.2% في الشهر الثاني من العام، بزيادة من انكماش قدره 0.9% في الشهر السابق، ما يشكل انتعاشاً حاداً من الانكماش البالغ 3.5% في سبتمبر 2023.
ورغم التحسن، فما زال من المستبعد عودة نمو التجارة العالمية إلى مستويات ما قبل الجائحة هذا العام، حيث أظهرت بيانات صندوق النقد الدولي نمو أحجام تجارة البضائع والخدمات بمعدل سنوي قدره 4.2% في المتوسط بين عامي 2006 و2015.
وحذرت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية وصندوق النقد الدولي ومنظمة التجارة العالمية من المخاطر التي تجابه التجارة بسبب التوترات الجيوسياسية والنزاعات الإقليمية وعدم اليقين الاقتصادي، مع تركيز الحكومات على الأمن القومي والاكتفاء الذاتي ودعم الشركات المحلية. وحسب منظمة التجارة العالمية، فإن التدفقات التجارية بين تكتلات الدول المتحالفة جيوسياسياً تنمو بوتيرة أبطأ بنسبة 4% مقارنة بالتجارة داخل تلك التكتلات منذ بدء الحرب بين روسيا وأوكرانيا.
وقال نيل شيرينغ إن الانتخابات الأمريكية تضاف إلى قائمة أوجه عدم اليقين التي تكتنف التجارة العالمية في العام المقبل. فقد تعهد دونالد ترامب، الرئيس الأمريكي السابق والمرشح الجمهوري المحتمل، بزيادة التعريفة الجمركية بنسبة 10 نقاط مئوية على كافة الشركاء التجاريين للولايات المتحدة إذا أُعيد انتخابه رئيساً للبلاد، وألمح إلى إقرار عقوبات أكثر حدة على الواردات الصينية.