اختفت طرازات سيارة إنفينيتي الفاخرة التابعة لشركة نيسان اليابانية من واجهة معرض للسيارات في ضواحي شنغهاي، بعد عملية تجديد استمرت عدة شهور هذا العام، وفي مكانها حلت داخل صالة العرض الأنيقة الجديدة، سيارات سيدان ورياضية متعددة الاستخدامات تنتجها شركة زيكر، وهي علامة تجارية فرعية للسيارات الكهربائية تابعة لمجموعة جيلي الصينية لصناعة السيارات.

والمتجر الجديد في شنغهاي ليس الأول الذي يتم تحويله إلى معرض لسيارات زيكر خلال العام الماضي من قبل شركة يونغدا أوتو، رابع أكبر سلسلة لوكلاء السيارات في الصين من حيث الإيرادات.

هناك أيضاً منشأة أخرى، تقع في مدينة تشانغتشو الشرقية، كانت توزع سابقاً سيارات تحت العلامة التجارية روي التي تم إنشاؤها في عام 2006 من أنقاض شركة صناعة السيارات البريطانية إم جي روفر.

وتقدم يونغدا مثالاً عملياً على تأثيرات تحول الصين من السيارات التي تعمل بالبنزين إلى المركبات الأكثر اخضراراً.

وهكذا يواصل تجار السيارات الصينيون التخلي عن العلامات التجارية الأجنبية التي تستجيب ببطء للتحول الكهربائي، بينما يتجهون إلى صانعي السيارات الكهربائية المحلية الذين يستحوذون على حصة السوق بوتيرة سريعة، كما يتكيف التجار أيضاً مع طرق جديدة لبيع هذه المركبات.

وقال صن تيانيا، المدير العام لوحدة السيارات الكهربائية في يونغدا: «إن أرباح ومبيعات إنفينيتي وروي تتراجع سنوياً». وأضاف: «نحن نقوم بإغلاق أولئك الوكلاء الذين يتكبدون خسائر ونحولهم بسرعة إلى منافذ لعلامات تجارية للسيارات الكهربائية التي نعتقد أنها واعدة».

وأشار إلى أن الشركة أنهت أعمالها مع العديد من العلامات التجارية الأجنبية التي تركز على محركات الاحتراق الداخلي، بما في ذلك شيفروليه. وسبقت مجموعة هايبينغ، وهي سلسلة وكلاء إقليمية يقع مقرها الرئيسي في مقاطعة جيانغسو الشرقية، شركة يونغدا.

جددت الشركة محفظة علامتها التجارية منذ عام 2021، وذلك بعد فترة وجيزة من تجاوز معدل اختراق السوق للسيارات الكهربائية والهجينة القابلة للشحن في الصين 5%.

وأغلقت شركة هايبرينغ ستة معارض لبيع سيارات أجنبية تعمل بمحركات الاحتراق الداخلي وأضافت 27 متجراً محلياً لعلامات تجارية صينية للسيارات الكهربائية إلى شبكة مبيعاتها على مدى السنوات الثلاث الماضية.

وشهدت المجموعة انخفاضاً بنسبة 20% في الأرباح التي حققتها من تجارة سيارات محركات الاحتراق الداخلي في عام 2023 مقارنة بالعام السابق، بينما تضاعفت إيراداتها من السيارات الكهربائية بأكثر من الضعف.

وقال هو بينج تشينج، رئيس شركة هايبينج: «لو كنا قد اخترنا البقاء في قطاع سيارات محركات الاحتراق الداخلي، لتقلصت قاعدة عملائنا بنسبة 30% حتى الآن». وأضاف: «نحن، كوكلاء تجاريين، نحتاج إلى التكيف مع التغير الصناعي وتعلم كيفية مواكبة التيار».

أظهرت بيانات رابطة تجار السيارات الصينية انخفاضاً بنسبة 2.7% على أساس سنوي في عدد وكلاء سيارات محركات الاحتراق الداخلي في الصين في عام 2023، مقارنة بارتفاع بنسبة 17.2% في معارض السيارات الكهربائية.

وقال ستيفن داير، الشريك والمدير التنفيذي في شركة الاستشارات إليكس بارتنرز في شنغهاي: «حجم مبيعات العلامات التجارية الأجنبية يتراجع بسبب خسارة حصة السوق لصالح السيارات الكهربائية الصينية التي تعمل بالبطاريات».

وتابع: «من وجهة نظرهم، يأملون ألا يصبح الأمر حلقة مفرغة حيث يكون لديك عدد أقل من التجار، وبالتالي تحصل على مبيعات أقل، ثم يقل عدد التجار وتقل المبيعات».

ويعاني التجار الصينيون الذين تمثل مبيعات سيارات محركات الاحتراق الداخلي مصدر إيراداتهم الرئيسي حتى الآن من انخفاضات حادة في الأرباح.

أعلنت سلسلة الوكلاء الصينية المدرجة في هونغ كونغ، مجموعة صنفوندا والتي تدير منفذاً واحداً فقط للسيارات الكهربائية من بين 43 علامة تجارية، انخفاضاً بنسبة 41.3 في المئة في الأرباح الإجمالية في عام 2023، مشيرة إلى «بيئة الاقتصاد الكلي» و«المنافسة الشرسة» في سوق السيارات.

ولم تستجب شركات إنفينيتي وروي وشفروليه وسونفوندا لطلبات التعليق. وقال تشانغ شيانغ، محلل السيارات في منتدى الاقتصاد الرقمي العالمي: «الجميع يخفض الأسعار وسط طاقة إنتاج فائضة في جميع أنحاء الصناعة». «لقد أجبر ضغط المخزون الهائل التجار على بيع السيارات بهامش ربح ضئيل للغاية أو حتى بخسارة». كان على التجار أيضاً التكيف مع نماذج أعمال متغيرة لبيع السيارات.

بدأ صانعو السيارات الكهربائية الجدد باستبعاد التجار من خلال المبيعات المباشرة للمستهلكين، مثلما كانت شركة تسلا رائدة، لكنهم سرعان ما اكتشفوا أنهم يخسرون الكثير من الأموال لتوسيع شبكاتهم. والآن هناك اتجاه نحو العمل مع التجار لتوسيع قنوات المبيعات الخاصة بهم.

من جانبه، قال دانييل كولار، خبير السيارات في شركة إنترالينك الاستشارية: «لن تحصل شركات السيارات الكهربائية الأصغر على دفعات من الأسهم الجديدة كما حدث قبل عامين». مضيفاً: «ليس لديهم القدرة على الوصول إلى رأس المال، ليس لديهم القدرة على بناء خدمات ما بعد البيع، والحفاظ على شبكات التسويق هذه أمر مكلف، لذلك يتعين عليهم الاعتماد على هؤلاء الشركاء لضمان قدرتهم على التعامل بشكل صحيح مع العملاء». وتشير تقارير إلى أن شركة نيو البارزة في صناعة السيارات الكهربائية، والتي تشتهر بخدمة العملاء الفخمة ونموذج البيع المباشر للمستهلكين، تخطط للدخول في شراكة مع التجار لبناء شبكات مبيعات لعلامتها التجارية الاقتصادية الجديدة أونفو.

وأخبرت الشركة صحيفة فايننشال تايمز أنها ملتزمة بالمبيعات المباشرة للمستهلكين لسيارات أونفو ورفضت التعليق على التقارير. في الوقت نفسه، تختلف شراكات وكلاء شريكة زيكر ومنافستها إكس بينغ عن نموذج الامتياز التقليدي، حيث يتعين على تجار السيارات شراء مخزونهم من الشركات المصنعة، ولكن لديهم مرونة في التسعير.

تدفع شركة إكسبنغ للوكلاء عمولة بناءً على نسبة مئوية ثابتة من سعر بيع كل سيارة بموجب نموذج «وكيل المبيعات». وتستأجر شركة زيكر فقط مساحة من التجار، وتضع موظفي خدمة العملاء الخاصين بها لإدارة المبيعات والتسليم والتمويل. كما تمنح كلتا العلامتين التجاريتين التجار الحق في تقديم خدمات إصلاح السيارات لعملائهم.

في السياق نفسه، صرح جيسون لين، نائب رئيس شركة زيكر الذي يشرف على شبكات المبيعات الخاصة بها قائلاً: «يتطلب نموذج البيع المباشر للمستهلك أن نقوم بضخ 100% من الاستثمارات، ما سيؤدي إلى إبطاء سرعة توسعنا». وتابع: «نحن بحاجة إلى موازنة التكاليف».

وقال داير من شركة أليكس بارتنرز: «ما نراه هو قيام الشركات بالمقايضات، لديهم متاجر مباشرة للمستهلكين ومجالات محورية يحاولون فيها بناء العلامة التجارية والمبيعات التي يمكن أن تدعمها. وأتصور شبكة هجينة في معظم شركات السيارات في المستقبل، قد تكون هناك بعض الاستثناءات، لكنها الطريقة الفعالة من حيث التكلفة للقيام بذلك».