عالم أعمال ما بعد الجائحة يحتاج أكثر لمتعددي الوظائف

ت + ت - الحجم الطبيعي

كل منا لديه فريق من اللاعبين الداخليين نحتاج إلى تدريبهم لنستخدم مهاراتهم وتحقيق أعلى مستويات الأداء.

عندما يسأل الناس «كيف الحال؟»، أحياناً نضطر للتوقف والتفكير. فالرد المتوقع يكون إما «بأحسن حال» في أفضل الأيام، أو «بخير.. شكراً» في الأيام الأخرى. لكن لا يزال بعض البريطانيين يفضلون الرد التقليدي «لا بأس» كملخص شامل مناسب لتقلبات الحياة.

لكن بدلاً من إيجاد الرد المناسب، فإن ما يجعلني أتوقف عنده هو معرفة أي «نسخة مني» تتلقى هذا السؤال. قد تكون بعض الجوانب سواء في العمل أم البيت تسير على نحو جيد. بينما تميل جوانب أخرى عكس ذلك، مع الشعور أحياناً بأن «مرحلة منتصف العمر عبارة عن فوضى عارمة» أو أن «أحلامي باتت بطعم الرماد في الفم».

ويعزى جزء من ذلك إلى حالة الفوضى في حياتنا بعد الجائحة. لكن الاتجاه المعاصر نحو تطوير الوظائف الجانبية، بالإضافة إلى ممارسة وظائف متنوعة يعني أن العديد منا لديه مهن ذات فروع متعددة - فنحن يجب أن نكون جميعاً «متعددي الوظائف» نوعاً ما. وقد قرأت منذ بضعة أيام بعض الكلمات الحكيمة لرياضي بارز سابق دفعتني لطرح هذا السؤال: «إذا كنا جميعاً نؤدي العديد من الأدوار، فكيف يجب أن نقرر أي منهم له الأسبقية؟».

لقد بات مايك بريرلي، الذي كان يقود سابقاً فريق الكريكيت الإنجليزي المتميز، الآن محللاً نفسياً. ويقول إن كل واحد منا لديه فريق من اللاعبين الداخليين، نحتاج إلى تدريبهم حتى نتمكن من استخدام مهاراتهم كافة لتحقيق أعلى مستوى من الأداء – والعثور على توازن بينهم من أجل حياة سعيدة. وأضاف خلال مقابلة أجرتها معه مجلة خريجي جامعة كامبريدج أخيراً: «لدينا جميعاً جانب متسامح، وجانب مرح، وجانب جاد، وجانب ملتزم بالعمل، وشخصية متمنعة أو ذات ضمير قوي».

وفي بعض الأحيان يتحول الأمر إلى منافسة داخلية، وصراع ليكون لاعباً متألقاً، خصوصاً بالنسبة لأشخاص مثل بريرلي الذين لديهم اتجاهات متعددة (بالإضافة إلى كونه رياضياً دولياً بارزاً وعمله لاحقاً كمحلل، فقد كان محاضراً في الفلسفة). وعلى غرار سخرية الرياضيين من المثقفين، فإن «كل طرف يميل إلى احتقار الطرف الآخر، وتشعر أنك غبي أو مذنب عند تبني ما يبدو أنه فكر أو سلوك غريب».

وبدلاً من الخلاف مع أنفسنا والانغماس فيما يشبه العراك داخل غرفة تغيير الملابس، كانت نصيحته في كتاب نشر العام الماضي، تتلخص في «قيادة أنفسنا، مثل قيادة الفريق، تتطلب استعداداً لإفساح المجال للأفكار والمشاعر». ويقترح «التشجيع بدلاً من الإجبار» لتعزيز فعالية هذه الجوانب من أنفسنا.

وحتى بالنسبة للذين لن يصلوا أبداً إلى دور قيادي داخل منتخب وطني أو قيادة الآخرين للنجاح، فإن هذه النظريات مفيدة. فبوسعنا جميعاً إدراك الشعور بالانجذاب نحو اتجاهات مختلفة، بالإضافة إلى رسائل «الالتزام بالحدود» التي تمنع الموظفين من بذل أقصى ما في إمكانهم أو تطوير مواهب جديدة. وفي أفضل الأحوال، فإن أسلوب بريرلي ينطوي على الاستفادة من جميع جوانب شخصياتنا ومهاراتنا كافة؛ للتغلب على هذا النوع من الاتجاهات المقيدة في العمل.

رغم ذلك، فالأمر شاق بعض الشيء. فأنا لم أجد الألعاب أبداً، وفكرتي عن التدريب الرياضي تتضمن معلمي التربية الرياضية الساديين الذين يجبروننا على لعب كرة الشبكة في البرد القارس. فعندما يقول أصحاب العمل إنه يتعين على الموظفين الشعور بالراحة لكي «يكونوا على طبيعتهم في العمل»، واستحضار ذواتهم، فهل يمكن أن تزداد الأمور عبثاً؟

ومع ذلك، إذا كان كل واحد منا لديه مهارات أشبه بالفريق الرياضي، من المحتمل أن نتمكن من اختيار أي أشخاصنا سنتركها على مقاعد البدلاء وأيها سنعلب بها عند ظهور تحديات مختلفة. وبطبيعة الحال، عندما يتعين علينا اتخاذ قرارات مهنية، قد نضطر إلى إقصاء بعض طموحاتنا – بل وحتى التخلي عن البعض الآخر.

وقد أبدى صديق حكيم كان يفكر في اتخاذ قرار مهم، ملاحظة مماثلة ذات مرة: نحن جميعاً مثل «حشد يجوب المكان، مع دوافع ورغبات مختلفة». وربما تتعرقل طموحاتنا العملية والشخصية بسبب الارتباك الذي قد يحدث، على الرغم من نصائح بريرلي. فليس لدى كل لاعب الفرصة لنيل كل الفضل أو حيازة لقب نجم أو نجمة المباراة. والتنازلات لا مفر منها. لذلك، ربما، أثناء تعلمنا كيفية إدارة وتحفيز فريقنا الداخلي، يجب التفكير بشكل مختلف بعض الشيء حيال ماهية «الفوز».

وكما يقدم آدم فيليبس، وهو كاتب عظيم في التحليل النفسي، حججاً مقنعة في مقالته عن النجاح بأن أهدافنا وطموحاتنا متعددة، وكتب: «لذواتنا المختلفة مشاريع مختلفة» – فإنه يقترح أنه إذا فشلت في جانب واحد من حياتك، فقد تنجح في شيء آخر. وهذه، على الأقل، تبدو فكرة رائعة لمن يحاولون لعب العديد من الأدوار في وقت واحد.

كلمات دالة:
  • FT
Email