النقابات العمالية لاعب جديد على صانعي الصفقات الأمريكيين مواجهته

ت + ت - الحجم الطبيعي

لطالما اعتاد صانعو الصفقات التعامل مع مستثمري صناديق التحوط النشطة الذين يسعون إلى إجبار الشركات على التفكك، أو إقالة رئيس تنفيذي، أو الفوز بمقعد في مجلس الإدارة.

ولكن بات لدى وسطاء وول ستريت لاعب جديد تجب مواجهته؛ ألا وهو النقابات العمالية، فقد استفادت النقابات الأمريكية من الشعبية المتزايدة لإيصال أصواتها إلى ما هو أبعد من المعارك التقليدية المتعلقة برفع الأجور وظروف العمل إذ يقدم ممثلو العمال مطالب جديدة تتنوع بين عرقلة الاندماج غير المرغوب فيه أو منع المستثمرين النشطين الفوز بمقاعد في مجالس الإدارة.

وقالت ليز شولر، رئيسة ائتلاف «الاتحاد الأمريكي للعمل» و«كونغرس المؤسسات الصناعية»، لصحيفة فايننشال تايمز: «لقد كنا، نحن الحركة، عنصراً استراتيجياً في ما يخص الاستفادة من نقاط قوتنا، وثمّة أمثلة عديدة تمكنا فيها من التأثير في إمكان حدوث اندماج محتمل من عدمه».

ويتعين على عمالقة وول ستريت الاهتمام بالأمر أكثر من أي وقت مضى. وأوضح فرانك أكويلا، الشريك الخبير في الاندماج والاستحواذ لدى شركة المحاماة سوليفان آند كرومويل، قائلاً: «تشهد النقابات انتعاشاً ملموساً في الولايات المتحدة، دعاها إلى استعراض عضلاتها، ويشمل ذلك التأثير في الصفقات التي تعتقد أنها قد تهدد مصالح أعضائها وهذا الاتجاه الجديد تراقبه مجالس الإدارة من كثب».

ولدى النقابات الأمريكية باع طويلة في مواجهة الشركات حيال الأجور وظروف العمل، والتهديد بالإضرابات لانتزاع ما يريدونه من الإدارة. ومع ذلك، فقد تبنت هذه النقابات علناً في الآونة الأخيرة استراتيجيات يستخدمها مستثمرو صناديق التحوط النشطة، مثل كارل إيكان وبول سينغر، اللذين يضغطان على مجالس الإدارة للمطالبة بتغييرات تعزز قيمة السهم.

وقدمت شركة ستاربكس تنازلات لمصلحة الجماعات العمالية التي تدعو إلى تحسين عقود العمال، وهذا جزء من صفقة لإنهاء حملة نقابة صانعي القهوة (باريستا)، لتوفير 3 مقاعد في مجلس إدارة سلسلة المقاهي.

كما أدى اتحاد عمال الصلب المتحد دوراً محورياً في حث الرئيس جو بايدن على منع استحواذ شركة «نيبون ستيل» اليابانية على شركة «يو إس ستيل» وبقيمة 15 مليار دولار تقريباً، بهدف حماية الوظائف الأمريكية والأمن القومي.

وكذلك، قدم ائتلاف «الاتحاد الأمريكي للعمل» و«كونغرس المؤسسات الصناعية» الدعم لإدارة سكك حديد نورفولك ساوثرن لمواجهة محاولات أنكورا، وهو مستثمر نشط يسعى للحصول على مقعد في مجلس الإدارة.

وقالت لين ويندهام، المديرة المساعدة لدى مبادرة كالمانوفيتز للعمال والفئة الفقيرة العاملة في جامعة جورج تاون، إن النقابات بدأت اتباع نهج حاملي الأسهم النشطين في السبعينيات. وأضافت ويندهام، التي تعمل منظماً أيضاً: «ما هو مختلف أن أفكار الجمهور عن العمل والعمال قد تغيرت وباتت أكثر إيجابية».

ويظهر استطلاع أجرته مؤسسة غالوب أن النقابات شهدت انتعاشاً مستمراً منذ أزمة سنة 2009، حينما بلغت معدلات التأييد أدنى مستوى لها عند 48 %، وزادت شعبية النقابات إلى 67 %، أي تقترب من المستوى المسجل في منتصف الستينيات. وأشارت ويندهام إلى أنه بعد الجائحة، حينما أشاد الملايين بالشريحة العاملة التي تخاطر بحياتها لمساعدة الأشخاص المحتاجين، عاد الكثيرون إلى وظائفهم حيث لم يشعروا بالتقدير الكافي، ما دفعهم إلى تنظيم ودعم النقابات.

إضافة إلى ذلك، فإن الأجواء السياسية الأمريكية داعمة للنقابات، إذ سعى كل من بايدن ودونالد ترامب لاستمالة دعم الطبقة العاملة قبل الانتخابات الرئاسية. وكان بايدن، على نحو خاص، صريحاً في دعمه، فانضم إلى مجموعات الاعتصام، ووقف بجانب اتحاد عمال الصلب المتحد في بيتسبرغ، معلناً أن شركة «يو إس ستيل» يجب أن تظل «مملوكة للأمريكيين، وتديرها نقابات عمال الصلب الأمريكية الأفضل في العالم».

وعلق برايان دن، أستاذ زائر في كلية العلاقات الصناعية والعمالية في جامعة كورنيل، قائلاً: «ربما يكون العامل الأكبر الوحيد الذي ساعد النقابات في الآونة الأخيرة وجود إدارة أكثر تفضيلاً للتنظيم وهذا منحهم الشجاعة على الانطلاق وممارسة الضغط على الشركات».

وقالت ويندهام إنه سيكون ثمة مطالب متنامية من النقابات للحصول على مقعد دائم في مجالس الإدارة، كما هو الحال في ألمانيا.

وسبق أن اقترحت السيناتور التقدمية إليزابيث وارن تشريعاً للسماح للموظفين بتمثيلهم في مجالس الإدارة، ولكن نظراً للانقسام الشديد في الكونغرس، ثمة قلة يعتقدون بأن هذا يمكن تحقيقه في المستقبل القريب. والبديل، وفقاً لدن، أن تبحث الشركات طوعاً عن أساليب للتأكد من استشارة العمال بانتظام في المسائل الاستراتيجية، وهذا يمكن أن ينظر إليه بصورة إيجابية من قبل المستهلكين، إضافة إلى المستثمرين المدركين للأبعاد الاجتماعية.

وأضاف فرانك أكويلا لدى شركة سوليفان آند كرومويل إنه «في نهاية المطاف سيقوم المساهمون باتخاذ قرار إتمام الصفقة أو لا».

ومع ذلك، يبدو أن ثمّة اتفاقاً بين الجميع، مفاده أنه من غير المرجح تهميش النقابات كما حدث في الثمانينيات، حينما كان تعظيم الأرباح الشعار الوحيد لـ«وول ستريت».

كلمات دالة:
  • FT
Email