أساليب انتهازية لشركات إدارة الأصول الكبرى في معارك الديون المتعثرة

ت + ت - الحجم الطبيعي

في عام 2018، عندما اشترت شركة إنفيسكو، حصة ضخمة بقيمة 620 مليون دولار من القروض منخفضة المخاطر، التي أصدرتها شركة روبرتشو المصنعة لقطع غيار أجهزة التدفئة ومكيفات الهواء، بدا الأمر وكأنه مجرد استثمار تقليدي من بين استثمارات عدة قامت بها شركة إدارة الأصول الأمريكية.

كانت شركة إنفيسكو بصفتها مستثمراً تقليدياً رئيسياً تبحث عن دين من المحتمل أن يتم سداده بالكامل أو «بالقيمة الاسمية»، عند الاستحقاق، مع تقديم عائد جذاب أيضاً، على عكس صناديق الاستثمار «الانتهازية» التي تشتري الديون عادة بأسعار منخفضة للغاية بهدف الدخول في نزاعات قانونية معقدة.

لكن بعد 6 سنوات، أصبحت شركة إنفيسكو الآن اللاعب الرئيس في واحدة من أبشع معارك الديون المتعثرة التي شهدها التاريخ الحديث، حيث خاضت بالفعل 4 دعاوى قضائية مختلفة في تكساس ونيويورك.

في إحدى الشكاوى التي رفعتها شركة وان روك، المالكة للأسهم الخاصة لشركة روبرتشو، ودائنون تحالفوا سابقاً مع إنفيسكو، تم اتهام مدير الأصول بمحاولة «إجبار شركة روبرتشو على تقديم طلب إفلاس سريع بموجب الفصل 11، واستغلال الوضع المالي الحساس لشركة روبرتشو لتعزيز عوائدها الخاصة».

والخلافات بين المطالبين في الشركات المتعثرة ليس بالأمر الجديد. لكن المشاركين في السوق يلاحظون تحولاً جوهرياً في عمليات إعادة هيكلة الديون المتعثرة في السنوات الأخيرة، حتى مع كبار المقرضين، الذين كان بإمكانهم تاريخياً تجنب المعارك الشرسة التي تدور بين شركات الأسهم الخاصة وحاملي السندات عالية المخاطر الأقل منهم مرتبة. أما الآن، فيتم جرهم إلى دائرة الصراع ليصطدموا بدائنين آخرين.

ومع وجود شركات ذات تصنيفات ائتمانية منخفضة وروافع مالية عالية ناجمة عن ارتفاع أسعار الفائدة وانخفاض استرداد القروض، يلجأ مديرو الأصول التقليديون مثل شركة إنفيسكو الآن إلى تكتيكات مشابهة لتلك التي يستخدمها المختصون التقليديون في الديون المتعثرة مثل شركتي أبولو وإليوت مانجمنت. ويجادل المديرون التقليديون بأنه ليس لديهم خيار سوى التصرف بشكل دفاعي في مثل هذه المواقف وذلك من منطلق واجبهم تجاه عملائهم.

وقال فينسنت إنديليكاتو، الشريك القانوني في شركة بروسكاور روز الذي يدير قسم إعادة الهيكلة: «على عكس صناديق الائتمان الانتهازية، التي تكتسب الديون عمداً بعد أن تم تداولها بالفعل بخصم كبير، يواجه حاملو الأسهم الاسمية مواقف صعبة عن طريق الصدفة». وأضاف:«لقد أدركوا أنه إذا لم يكن لهم مقعد على الطاولة، فسوف يجدون أنفسهم على قائمة الطعام».

ووفقاً لتصنيفات ستاندرد آند بورز العالمية، بلغ متوسط استرداد القروض المخصومة لعامي 2022 و2023 نحو 61.5 سنتاً فقط لكل دولار، وهو ما يقل بنحو 12 نقطة مئوية عن متوسطها طويل الأجل حتى نهاية سبتمبر.

وبعد المعاناة عقب جائحة فيروس كورونا بسبب اضطرابات سلسلة التوريد وارتفاع تكاليف التشغيل، تمكنت شركة روبرتشو من جمع ما يقرب من 100 مليون دولار من الديون الجديدة من خلال قرض جديد في الربيع الماضي.

وقدمت 4 شركات، «إنفيسكو»، و«باين كابيتال»، و«كانيون كابيتال»، و«إيتون فانس»، القرض الجديد، إلا أنها في المقابل قامت باستبدال قروض قائمة بقيمة تزيد على 400 مليون دولار فيما يعرف باسم «التبادل الأعلى»، لتستحوذ على المطالبة الأقدم بضمانات روبرتشو، تاركة وراءها أقلية من المقرضين الحاليين.

ورفعت شركة غارديان لايف إنشورانس، وهي جهة إقراض تمتلك قروض روبرتشو من خلال ما يسمى بالتزام القرض المضمون، دعوى ضد الشركة ومجموعة المقرضين بقيادة إنفيسكو في محكمة ولاية نيويورك، بحجة أن الوثائق القانونية للديون تمنع شركة غارديان لايف من التراجع عن ترتيب الأولويات.

لكن بينما كانت الدعوى التي رفعتها غارديان لايف تشق طريقها عبر المحكمة العام الماضي، أجبرت العمليات المتعثرة التي تواجهها «روبرتشو» الشركة على البحث عن المزيد من السيولة

في الوقت نفسه، انهار التحالف بين «إنفيسكو» والمقرضين الثلاثة الآخرين وشركة روبرتشو تماماً، واستحوذت إنفيسكو على حصة أغلبية عبر شريحتين من قروض روبرتشو. وبحلول أواخر الخريف، بدأ مدير الصندوق في فرض سلطته، محاولاً إجبار الشركة على إعادة هيكلة ديونها بالشروط المفضلة لـ«إنفيسكو».

وكتبت شركة إدارة الأصول في أوراق المحكمة مشيرةً إلى حسن نيتها: «عملت شركة إنفيسكو بلا كلل على اكتساب هذه الحقوق، فيما يتعلق بالشركة لقد رعت سلسلة من معاملات التمويل المصممة لإبقاء الشركة واقفة على قدميها».

رغم ذلك، اتخذت شركة روبرتشو وجهة نظر مغايرة في إفادتها، حيث كتبت أنه «أصبح من الواضح أن شركة إنفيسكو تخلت عن أي ادعاء بالتفاوض بحسن نية بشأن أي حل آخر غير تقديم طلب إفلاس بموجب الفصل 11»، حيث قالت الشركة إن إنفيسكو ستستحوذ على الملكية.

تعقدت الأمور أكثر في شهر ديسمبر، حيث تعاونت شركة «روبرتشو» مع «باين» و«كانيون» و«إيتون فانس»، المستثمرين الثلاثة الذين كانوا قبل شهور فقط زملاء في فريق إنفيسكو لتحييد مدير الصندوق الرئيسي. وجمع المقرضون الثلاثة والشركة تمويلاً معقداً، حيث مارسوا حقهم في إعادة شراء القروض التي تحتفظ بها إنفيسكو بعلاوة، ما أدى إلى إخراج المستثمر ضد إرادته من ديون روبرتشو.

من جانبها، ردّت إنفيسكو بمقاضاة الشركة والمستثمرين الثلاثة في محكمة ولاية نيويورك، ووصفت التمويل الذي دفعها للخروج بأنه «خدعة» تنتهك عقد القرض. وفي فبراير، تقدمت روبرتشو بدعوى إشهار إفلاس في محكمة فيدرالية في تكساس بدعم من شركات باين وكانيون وإيتون فانس.

ورفعت دعوى قضائية على الفور ضد كل من «غارديان لايف» و«إنفيسكو» في محكمة الإفلاس للتحقق من صحة تمويلات مايو 2023 وديسمبر 2023 على النحو الوارد أعلاه وأنها لا تنتهك شروط عقد القرض، كما ادعت شركتا «غارديان» لايف و«إنفيسكو».

وقامت شركتا روبرتشو وغارديان لايف بتسوية نزاعتهما القضائية الشهر الماضي. فيما رفضت كل من «روبرتشو»، و«ون روك»، و«باين»، و«كانيون»، و«إيتون فانس»، و«غارديان لايف»، و«إنفيسكو» التعليق.

عندما كانت أسعار الفائدة منخفضة للغاية، وكان الحصول على التمويل أسهل، تمكنت الشركات ورعاة الأسهم الخاصة من التفاوض على اتفاقيات ائتمان أقل صرامة، ما منح المقترضين مرونة للمناورة المستقبلية.

كما غذت فترة الأموال الرخيصة موجة من الاقتراض، حيث قامت شركات الاستحواذ بتحميل الشركات بديون منخفض الجودة. ويقول المشاركون في السوق إن التكتيكات التي يستخدمها الدائنون الآن في العديد من حالات التعثر الأخيرة هي نتيجة لتدهور الحماية المقدمة للمستثمرين في وثائق الديون. وقال أحد مديري المحافظ: «هذه هي الداروينية، أليس كذلك، عليك التطور، فالسوق يتغير، وكذا اللعبة تتغير».

كلمات دالة:
  • FT
Email