ما السر وراء صعوبة التعاقب الناجح للرؤساء التنفيذيين؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

يعرف كونور تيسكي، رئيس مجلس إدارة «بروكفيلد أسيت مانجمنت» البالغ من العمر 36 عاماً والخليفة المتوقع لشركة الاستثمار العالمية، باسم «بروس التالي»، ويقصد بذلك الرئيس التنفيذي بروس فلات. وترقى تيسكي في 2022 إلى مركز قيادي بارز بجانب اثنين آخرين، على أمل تولي أحدهم قيادة دفة الشركة. واتخذت الشركة قراراً بعد عامين، ويستعد فلات لتولي منصب رئيس مجلس الإدارة التنفيذي. وبذلك، تسير الأمور على ما يرام.

يحبذ القائمون على التوظيف الحديث عن محاسن عمليات التعاقب جيدة التخطيط التي تستغرق أعواماً للتنفيذ. فبصفة عامة، أسفرت تحديات الاقتصاد الكلي والقلاقل الجيوسياسية ووقوع المؤسسات في عثرات عن حالات الرحيل المبكر للرؤساء عن مراكزهم.

لكن هل من خطوات يمكن للشركة اتخاذها لزيادة احتمالات النجاح؟ وهل تحول عمليات التعاقب التي تستغرق أعواماً دون الفشل؟ تتمثل الإجابة المختصرة عن هذه التساؤلات في نعم، ومع عظيم الأسف، لا. يتصف عالم الاستثمار بسمات تجعل من تخطيط الخلافة للرؤساء التنفيذيين على المدى الطويل أمراً أكثر ترجيحاً. يضخ الشركاء محدودي المسؤولية النقد لغرض الاستثمار على مدى فترات زمنية غير مُحددة، لذا يحتاجون إلى وضوح بشأن القيادة. وبات جوناثان غراي من «بلاك ستون» متحيناً لفرصة الحصول على وظيفة ستيفن شوارتزمان طيلة أعوام.

لكن بخلاف هذا القطاع، فإما تختار الشركات أو تجد نفسها مجبرة على التفكير حيال القيادة التالية في وقت أبكر مما اعتادوا عليه، مع مطالبة المساهمين بمزيد من التبصر. وتتعرض مجالس الإدارة لضغوط لإعلان توجيهات قبل الموعد بخمسة أعوام، بدلاً من الإفصاح عن خطط قبل موعد ترك المسؤول لمنصبه بعامين، بحسب مسؤولي توظيف. ومثلما صار من الطبيعي إخضاع استراتيجيات المؤسسات وخططها لاختبارات الضغط تحسباً لأي سيناريو، صارت الشركات تفعل الأمر ذاته مع عمليات التعاقب.

هل يحتاجون إلى شخص يبقي على الوضع القائم، أم يسعى إلى النمو، أو يجري تغييراً شاملاً للاستراتيجية؟ من شأن هذا أن يفضي إلى إعداد ثلاثة أشخاص مختلفين في حال التغير المفاجئ للظروف.

وبحسب باتريشيا لينكوف، الخبيرة في حوكمة المؤسسات وعمليات الخلافة فيها، فـ«يتعلق الأمر بإدارة الخطر واستمرارية العمل في البيئة السائدة اليوم. إنهم بحاجة إلى خطة ثانية وثالثة أيضاً». لا ترغب أي شركة في التعاطي مع عواقب عمليات الخلافة الكارثية مثل تلك التي منيت بها «مايكروسوفت» في 2013، حينما أعلن ستيف ميلر استقالته على حين غرة، أو تكرار عودة هوارد شولتز إلى قيادة «ستاربكس».

تشير إحدى الدراسات التي كثيراً ما يستشهد بها إلى فشل 40 % من عمليات انتقال الرؤساء التنفيذيين في غضون 18 شهراً. ويُشار أيضاً إلى تراجع أمد بقاء الرؤساء في المناصب.

ومع ذلك، فإن الاستهلال المبكر لعمية إيجاد الخليفة التالي ليست سوى البداية. يتيح هذا للشركات مراكمة المهارات قيد الإعداد؛ تفادياً للتشتيت وتكلفة التعيين من الخارج. ولا يقل هذا أهمية عن ذلك عملية اختيار الرؤساء التنفيذيين وتنفيذ عملية الخلافة.

وبالنسبة لكبرى المؤسسات، فثمة حاجة إلى صقل مهارات المُرشحين للخلافة في أدوار تمنحهم خبرة واسعة، سواء على المستوى الجغرافي أو من خلال مختلف خطوط الأعمال. يحتاج المرشحون أيضاً إلى متسع من الوقت الذي يشهدون فيه تنفيذ المشروعات، حتى يتسنى لمجالس الإدارة تقييم أدائهم وإخضاعهم للفحص بالطريقة الملائمة. تجدر الإشارة أيضاً إلى أهمية التواصل الداخلي والخارجي بشأن كيفية إدارة عملية الخلافة.

وغالباً ما يصطف الموظفون وراء مرشح بعينه إذا ما أعلنت الخطط في وقت مبكر للغاية، مما يسفر عن انقسامات في مكان العمل ومما يكثف من التوترات بين المسؤولين التنفيذيين المتلهفين لنيل المنصب الأعلى.

وبمجرد الاستقرار على الخليفة التالي، تحتاج الشركات إلى تحديد إطار زمني لضمان استمرار حماس المرشح الناجح والحد من الشعور بالإحباط. استغرق الأمر وقتاً طويلاً حتى نال غوردون براون منصب رئاسة الوزراء خلفاً لتوني بلير في المملكة المتحدة. لكن الانتظار طويلاً في عالم الشركات ربما يؤدي إلى قبول المرشحين للمنصب بعروض من شركات أخرى.

يتعين على مجالس الإدارة أن تتصرف بالنحو المناسب مع الخاسرين، إما بإيجاد حوافز لهم للحؤول دون مغادرتهم أو بضمان رحيلهم دون بغضاء. اختار «مورغان ستانلي» في العام الماضي منح مكافآت متساوية لثلاثة مرشحين، على الرغم من نيل أحدهم لأعلى منصب. كما قرر المصرف منح أدوار بارزة للمرشحين الخاسرين، مما تسبب في وجود نموذج قيادة أكثر توزعاً.

وتصبح الأمور أكثر تعقيداً في بعض الحالات بمجرد حصول أحد الأشخاص على المنصب الأعلى. قال نافيد ناتزيمان، مدرب المسؤولين التنفيذيين: «بإمكانك في بعض الأحيان أن تجري تخطيط مناسب، لكن سينتهي الأمر على نحو كارثي مع ذلك».

وأضاف: «مع الأسف، لا يكون الأداء السابق مستشرفاً دائماً للأداء المستقبلي». تعتقد شينيد تشارلزوورث، المستشارة لدى شركة سبنسر ستيوارت للبحث التنفيذي، أن بقاء المسؤول طويلاً في منصبه قد يصعّب من عملية الانتقال، لافتة إلى أن المرشح الداخلي سيكون قد تدرب على أيدي المسؤول الحالي. وتابعت: «يمكن أن يكون اتخاذ هذا الشخص لاختيارات استراتيجية صعباً في كثير من الأحيان، دون إشراف من سلفه».

ويكون الأمر صعباً على وجه الخصوص إذا كان المسؤول الجديد مفتقراً إلى دعم مجلس الإدارة أو رئيس مجلس الإدارة التنفيذي، الذي ربما يرغبون في تغيير رؤيته. ويعد السجال الذي دار بين بوب إيغر وخليفته بوب تشابيك خير مثال على ذلك.

قد يضطر الرؤساء الجدد إلى العمل على تطوير العلاقات على مستوى الأقسام التي لم يكونوا على اتصال كبير بها فيما سبق، مع محاولة كسب ولاء من كانوا زملاء يوماً ما، بالإضافة إلى الموظفين على نطاق واسع.

غالباً ما يكون الوصول بسفينة الخلافة إلى بر الأمان أمراً مشحوناً بالتوتر، لكن بإمكان مجلس الإدارة اتخاذ خطوات تضمن ألا يكون الفشل مصيرها المحتوم.

كلمات دالة:
  • FT
Email