صناديق التنمية تتسابق للحصول على تمويل

ت + ت - الحجم الطبيعي

يصارع صنّاع السياسات في اجتماعات الربيع للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي هذا الأسبوع، من أجل الحصول على المزيد من الأموال للدول المثقلة بالديون، وتحقيق أهداف التنمية؛ حيث تؤدّي الأزمات العالمية إلى إرهاق ميزانيات المساعدات.

تقود المؤسسة الدولية للتنمية، ذراع البنك الدولي لإقراض أفقر دول العالم، والبالغ قيمتها 200 مليار دولار، حملة لجمع التبرعات هذا العام من أجل تجديد حقوق الملكية التي تدعم المنح والقروض اللازمة لمساعدة البلدان التي تكافح من أجل سداد ديون تراكمت على مدى عقد من الاقتراض من الصين وسوق السندات.

ولكن هذا العام، يهدف عدد قياسي من المنظمات والبرامج الإنمائية الأخرى، من بينها: منظمة الصحة العالمية، وتحالف غافي الذي يطرح أول لقاح ضد الملاريا، إلى زيادة مساهماتها من الحكومات الغربية المنشغلة بالانتخابات الداخلية والحروب في أوروبا والشرق الأوسط.

وقالت كليمنس لانديز، زميلة السياسة البارزة في مركز التنمية العالمية، وهو مركز أبحاث: «ثمّة كمّ قياسي من الاحتياجات وعدد قياسي من الصناديق التي تتقدم للمساعدة، وفي الوقت نفسه، ينصب تركيز المجتمع الدولي في مكان آخر، والحقيقة هي أن هذه الصناديق تحتاج إلى تجديد رأس المال لتجنب الفقر والأزمات الصحية وغيرها، ومن غير الواضح ما إذا كان هناك دعم سياسي كامل للوصول إلى الأموال المطلوبة».

وفقاً لبيانات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية الصادرة الأسبوع الفائت، ارتفعت ميزانيات مساعدات التنمية الخارجية، التي تستخدمها الدول الغنية عادةً لتخصيص الأموال لبنوك التنمية والصناديق متعددة الأطراف، إلى مستوى تاريخي مرتفع العام الماضي، ولكن تعدد النزاعات في أوكرانيا والشرق الأوسط وأفريقيا يستنزف الميزانيات، على الرغم من أن المصادر متعددة الأطراف هي واحدة من الطرق القليلة التي يمكن من خلالها للبلدان النامية الحصول على أموال جديدة لسداد الديون والعمل المناخي.

ارتفع إجمالي مساعدات التنمية بنسبة 46% بالقيمة الاسمية منذ عام 2018 إلى 223 مليار دولار، وفقاً لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. يعود جزء كبير من هذا النمو إلى زيادة 28 ضعفاً في المساعدات المقدمة لأوكرانيا منذ عام 2022.

في الوقت نفسه، وفقاً لمجموعة الدعوة لمناهضة للفقر «الحملة الواحدة»، لم تزد المساعدات المقدمة إلى الصناديق متعددة الأطراف، مثل: المؤسسة الدولية للتنمية، والشراكة العالمية من أجل التعليم إلا بنسبة 17% منذ عام 2019، ويعكس ذلك جزئياً انخفاضاً في الفترة من 2021-2022 حيث أصبحت الأموال المخصصة لأوكرانيا ذات أولوية بالنسبة للدول الغنية.

أما آليات تمويل الدول الفقيرة الأخرى فهي إما صدئة أو تنحدر للوراء. وتمكن عدد قليل من الدول الأفريقية هذا العام من الاستفادة من أسواق السندات الدولية، بعد تجميد لمدة عامين وسط ارتفاع أسعار الفائدة، لكنهم يدفعون مقابلاً باهظ الثمن لهذا الامتياز.

على سبيل المثال، أصدرت كينيا أخيراً سندات بالدولار الأمريكي بعائد يقارب 10%، انتهت أيضاً طفرة القروض من الصين، أكبر دائن ثنائي للدول الفقيرة خلال العقد الماضي.

وقال جاي شامبو، وكيل وزارة الخزانة الأمريكية للشؤون الدولية، الأسبوع الماضي، إنه «بالنسبة لأكثر من 40 دولة منخفضة ومتوسطة الدخل، فإن صافي التدفقات التراكمية للديون من الدائنين الصينيين منذ عام 2019 أصبحت الآن سلبية»، مما يعني أن الدول تسدد للصين ديوناً أكثر مما يتم صرفه.

وبصرف النظر عن الزيادات في التمويل الإنساني لمناطق الحرب مثل غزة، من المرجح أن يقدم الممولون الرئيسيون للمؤسسة الدولية للتنمية، وغيرها من الصناديق رأسمالاً أقل في العام المقبل.

تدفع الانتخابات في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، ومطالب الميزانية المتنافسة في دول مانحة أخرى مهمة، مثل ألمانيا التي تعاني من الركود الاقتصادي، الصناديق إلى إعادة التفكير في كيفية استخدام الرافعة المالية للديون، أو طرق أخرى جديدة لجمع الأموال.

وعلى الرغم من تقلّص حصتها من ميزانيات الجهات المانحة، فقد تكاثرت الصناديق متعددة الأطراف في السنوات الأخيرة، لا سيّما تلك التي تعنى بقضية واحدة، مثل: الصحة أو الزراعة.

وقال برايت سيمونز، نائب رئيس الأبحاث في مركز أبحاث إماني الغاني: «ثمّة مشكلة ازدواجية، حيث يبدو أنّ هناك الكثير من الصناديق تلاحق قضايا متشابهة، دون تنسيق استثماراتها».

وأضاف أن هذا يؤدي إلى زيادة الأعباء العامة، حيث تقوم العديد من البيروقراطيات «بتسويق مجموعة محيرة من حلول التمويل ضعيفة التمييز إلى الدول النامية المثقلة في الديون».

في حين أن بعضاً من عدد الصناديق المزدهرة يمكن أن تستوعب مصادر استثمار خاصة بديلة، مثل الأموال الخيرية، فإن معظمها لا يسمح بذلك قانوناً، بالإضافة إلى ذلك، فإن عدداً قليلاً نسبياً من صناديق التنمية لديه تاريخ في الاستفادة من أسواق رأس المال لجمع الأموال، فعلى الرغم من حجمها وتصنيفها الائتماني (إيه إيه إيه) إلا أنّ مؤسسة التنمية الدولية لم تصدر سندات بانتظام إلا منذ عام 2018.

ويقارن إصدارها لنحو 30 مليار دولار من السندات منذ ذلك الحين بالعديد من عشرات المليارات الأخرى التي باعها البنك الدولي للإنشاء والتعمير، ذراع الإقراض للبنك الدولي للدول متوسطة الدخل.

كما اعتادت المؤسستان إصدار هذا الدين بآجال استحقاق تقل عن 10 سنوات، وهو ما يعني أنهما تواجهان الآن مشكلة أخرى، ففي السنوات القليلة المقبلة، ستستبدلان السندات المستحقة بدفع أسعار فائدة عالمية لبيع سندات جديدة، تماماً كما يزداد الطلب على قروضهما.

وبسبب أن قدراً كبيراً من دعم مؤسسة التنمية الدولية على شكل منح بدون فوائد، فإنها تتأثر بشكل خاص بهذا التفاوت، ومن المقرر أنّ تصل إلى حدود الاقتراض بشكل أسرع مما كان متوقعاً قبل بضع سنوات فقط.

ويدعو آخرون الدول الغنية إلى استخدام الأصول الاحتياطية التي يوزعها صندوق النقد الدولي، أو حقوق السحب الخاصة التي تعادل مئات المليارات من الدولارات الأمريكية، لدعم المزيد من مبيعات البنك الدولي للسندات بتكلفة أقل.

ولا تستطيع الحكومات استخدام حقوق السحب الخاصة بها لوضع المزيد من رأس المال في البنوك بشكل مباشر، ولكن يمكنهم من الناحية النظرية شراء السندات المقومة بحقوق السحب الخاصة.

وقال براد سيتسر، وهو زميل بارز في مجلس العلاقات الخارجية: «هناك مبررات مقنعة للغاية لاستخدام سندات حقوق السحب الخاصة لسد بعض فجوات التمويل في المؤسسة الدولية للتنمية على وجه الخصوص».

وأضاف أن هذا من شأنه أن يساعد في خفض تكلفة إصدار سندات طويلة الأجل تتناسب يشكل أفضل مع قروض المؤسسة الدولية للتنمية التي تمتد لعدة عقود.
وقال سيتسر: «لقد نضب الإقراض السياسي الصيني بشكل أو بآخر».

لقد انفتحت سوق السندات، ولكن بسعر مرتفع؛ إن بنوك التنمية المتعددة الأطراف في الوقت الحالي هي الخيار الوحيد المتاح حالياً.

كلمات دالة:
  • FT
Email