كيف يمكن لعملية نقل الثروة أن تصنع أو تحطم شركة عائلية؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

إن نقل تريليونات الدولارات من الثروة إلى الجيل القادم، في ملايين من الشركات العائلية حول العالم، يمكن أن يعرض الصفقات التجارية والإيرادات والوظائف للخطر، إذا لم تتم إدارتها بشكل صحيح، وفقاً لأرقام الصناعة.

وتقول ريبيكا جوتش رئيسة قسم الرؤى في شركة «ديلويت برايفت»، التابعة لمجموعة «بيج فور» الاستشارية: «في حين أن بعض العائلات كانت تقوم بإعداد الجيل القادم لعقود من الزمن لتولي أدوار قيادية، فإن البعض الآخر يفتقر إلى الخطط الكافية للخلافة». و«بالنظر إلى أن 90 % من الشركات على مستوى العالم مملوكة لعائلات، فقد يتسبب ذلك في حدوث اضطرابات في النظام المالي إذا لم تتم معالجة التخطيط للخلافة بشكل مناسب».

وتشير جوتش إلى أن الأداء الضعيف أو الانهيار يمكن أن يكون له تداعيات أوسع على الاقتصادات والصناعات التي تعتمد على هذه المجموعات العائلية في خلق فرص العمل والابتكار والتجارة.

يقول جيسون هولاندز المدير الإداري لشؤون الشركات في إيفلين بارتنرز لإدارة الثروات «أنت بحاجة إلى أفضل الأشخاص للتقدم وتولي المسؤولية. وهذا يعني أنك بحاجة إلى التخطيط بعناية، بدلاً من البحث عن خلفاء. يمكن أن يحدث فرقاً بين النجاح أو الفشل».

ويشير هانز هوفمان الرئيس العالمي لمجموعة المكاتب العائلية في بنك سيتي، إلى أن «الثروة أصبحت أكثر تعقيداً، ما يعني أنه قد يكون هناك اضطراب إذا لم يتم تنفيذ التخطيط بشكل صحيح».

وسيتم نقل نحو 18.3 تريليون دولار من الثروة إلى الجيل القادم بحلول عام 2030، وفقاً لتقرير شركة «ويلث إكس».

ركز هذا التقرير «الحفاظ والخلافة: تحويل الثروة العائلية 2021» على الأفراد الذين تزيد ثرواتهم الصافية على 5 ملايين دولار، والتي يبلغ مجموعها نحو 3 ملايين فرد، يمتلكون أصولاً تزيد قيمتها على 62 تريليون دولار في جميع أنحاء العالم.

لكن حتى أغنى العائلات تخطئ في عملية النقل هذه، وينتهي بها الأمر بخسارة ما بنته. وتقول جوتش: «هناك مقولة مشهورة: لعنة الجيل الثالث». «وهذا يسلط الضوء على المخاوف بشأن التآكل المحتمل لثروة الأسرة مع مرور الوقت».

وتم تسليط الضوء على أهمية التحويلات الناجحة إلى النظام المالي الأوسع، من خلال بحث أجرته شركة الإعلام والبيانات «فيجوال كابيتاليست» في ديسمبر الماضي، والذي أظهر أن 90 % من جميع الشركات، على مستوى العالم، تسيطر عليها العائلات. ويصل عددها إلى مئات الملايين، استناداً إلى بيانات من شركة «ستاتيستا»، التي قدرت إجمالي عدد الشركات في جميع أنحاء العالم بنحو 333 ملايين في عام 2021.

وغالباً ما تكون الخطوة الأكثر صعوبة بالنسبة للشركات العائلية، هي الانتقال بين الجيل الثاني والثالث، عندما لا يكون المؤسس مشاركاً في الإدارة.

يقول إيوان ويست، الذي يقود أعمال المؤسسات الخاصة لدى «كيه بي إم جي» في المملكة المتحدة: «إن أكثر الشركات العائلية نجاحاً، هي التي تخصص قدراً معقولاً من الوقت للتخطيط للخلافة. وغالباً ما نجد أن المرحلة الأكثر صعوبة هي بين الجيل الثاني والثالث، حيث تكون العائلة بعيدة عن المؤسس.

وإحدى الشركات التي تقترب من الانتقال من الجيل الثاني إلى الجيل الثالث، هي مجموعة ريجبي، وهي شركة تكنولوجيا وعقارات مقرها في ستراتفورد أبون آفون في المملكة المتحدة. ويرأسها الرئيسان التنفيذيان المشاركان ستيف وجيمس ريجبي، وقد تم تأسيسها في عام 1975، على يد الأب بيتر، الذي يرأس المجموعة الآن.

ليس لدى ستيف، البالغ من العمر 51 عاماً، أي شك في أن الشركة، التي توظف 8500 شخص في أوروبا، ويبلغ حجم مبيعاتها السنوية 4 مليارات إسترليني، يمكنها تحقيق الانتقال إلى الجيل التالي. ويقول «لقد تم إضفاء الطابع المهني على العمل في العقدين الماضيين، ونحن واثقون من أن عملية التسليم يمكن أن تكون سلسة».

ومع ذلك، يرجح أن الجيل القادم سيتبع نهجاً مختلفاً في الحياة والأعمال. وقال «أنا وأخي لدينا 6 أطفال. قد يرغب بعضهم في الحضور والمشاركة في العمل، وقد لا يرغب البعض الآخر في ذلك. غالباً ما يتبع جيلي خطى الأب أو الوالد. لكن الجيل القادم يريد المزيد من التوازن بين العمل والحياة. وهذا قد يعني أن العمل سيتولاه مدير خارجي، وليس الأبناء».

شركة عائلية أخرى من الجيل الثاني، هي «نيورول»، وهي منصة توظيف عبر الإنترنت مقرها لندن، وتضم 30 موظفاً. ويدير أوليفر كامينجز، البالغ من العمر 39 عاماً، الشركة بصفته الرئيس التنفيذي، بعد أن تولى المنصب من والدته سوزي، التي أسست الشركة عام 2014.

ويقول كامينجز، الذي بدأ حياته المهنية في بنك الاستثمار الأمريكي جولدمان ساكس، قبل انضمامه إلى شركة العائلة: «أعتقد أن هناك مقولة، إذا كان لديك أحد أفراد العائلة يخلف فرداً آخر في منصب الرئيس التنفيذي، فإنك تحصل على نتيجة أقل جودة».

ويقول نيل ديفي الرئيس التنفيذي لمنظمة «فاميلي بيزنس يو كيه»، وهي منظمة غير ربحية تأسست عام 2001 لجمع الشركات معاً، إن أعضاء المجموعة الذين يزيد عددهم على 200 عضو، مستعدون إلى حد كبير للخلافة، فضلاً عن مواكبة التغيير التكنولوجي، وهو أمر حيوي آخر من متطلبات النجاح والربح.

ويضيف أن أعضاء المنظمة الذين تتراوح إيراداتهم السنوية بين 4 ملايين و5.5 مليارات جنيه إسترليني، ومن بينهم الجيل الثاني عشر من بنك «سي هور»، أقدم بنك في المملكة المتحدة، الذي أسسه السير ريتشارد هور عام 1672، لن يتمكنوا من البقاء إذا فشلوا في التخطيط للجيل القادم، والتكيف مع التكنولوجيا الجديدة.

باتريشيا ميلنر، التي تقدم المشورة للشركات العائلية بشأن الخلافة والضرائب في شركة ويذرز للمحاماة في لندن، تتفق مع ديفي. وتقول «لقد نجحت بعض أفضل الشركات على مدار أجيال. وفي بعض الأحيان وصلوا للجيل الخامس أو السادس. وكان عليهم أن يكونوا مستعدين للخلافة، وأن يتبنوا التكنولوجيا ليكونوا قادرين على المنافسة. لا يمكن للأعمال التجارية أن تدوم لمئات السنين، ما لم تتم إدارتها بشكل جيد، ومستعدة للتغيير».

كلمات دالة:
  • FT
Email