احتدام تحركات الجمهوريين لحظر اللحوم المصنعة في المعامل الأمريكية

ت + ت - الحجم الطبيعي

يسعى مشرعون في الولايات المتحدة الأمريكية إلى كبح تطوير لحوم التونا وألوان أخرى من البروتين الحيواني المصنعة معملياً، أي داخل المعمل، ليتخذوا بذلك موقفاً ضد تكنولوجيا غذائية حديثة يدعمها مستثمرون مثل بيل غيتس وجيف بيزوس.

وقدم جمهوريون في سبع ولايات على الأقل، تشريعات منذ بداية العام، ترمي إلى حظر مبيعات أو توزيع اللحوم المصنعة معملياً، وهي نوع من أنواع البروتين الصالح للأكل ولكنه مصنوع من خلايا حيوانية.

وحصل المنتج الأول، وكان لحوم دجاج مُصنعة معملياً، على موافقة فيدرالية في العام الماضي باحتسابها آمنة للاستهلاك البشري، ولم تكن مُتاحة إلا في مطعم حاصل على تصنيف ميشلان في سان فرانسيسكو، ومطعم آخر في ولاية واشنطن تعود ملكيته إلى الطاهي خوسيه أندرياس.

ومع ذلك، صارت اللحوم المزروعة في المختبر مشكلة ذات صلة باللحوم الحمراء تقضّ مضاجع الساسة، واستغل بعض المحافظين مثل رون دي سانتيس، حاكم ولاية فلوريدا، اللحوم المُصنعة لشن هجمات ضد الأجندة السياسية لليبراليين وتُدعى «ووك» (استيقظ)، وربطها آخرون بالمخاوف إزاء اللقاحات.

وقال باد هالسي، الممثل عن ولاية تينيسي، في جلسة استماع للجنة فرعية عُقدت في الشهر الماضي عن التشريع الخاص باللحوم المُصنعة: ربما يود بعضهم تناول الحشرات مع بيل غيتس، ولكني لست منهم.

وتابع هالسي، دعماً لحظر زراعة اللحوم المُصنعة معملياً، أعتقد بأن قانون نورمبرج تم إعداده وصوغه بالكامل كي لا يتم إجراء اختبارات على البشر بوساطة منتجات وتجارب جديدة من دون خضوعها أولاً للتجربة ومعرفة ما الذي قد تسببه، وأردف: مررنا لتونا بجائحة فيروس كورونا بجرعات تجريبية كان بها كثير من المشكلات التي لا يرغب أحد في التحدث عنها.

وبعث كونغرس فلوريدا في مارس بتشريع يحظر بيع اللحوم المُصنّعة معملياً إلى دي سانتيس، الذي قال في فبراير: لن نأكل اللحوم المزيفة، وإن ذلك لا يجدي نفعاً. ورفضت ناطقة بلسان الحاكم التعليق عمّا إذا كان سيوقع مشروع القانون.

ويأتي تشريع الولاية الأمريكية بعد خطوة مماثلة في إيطاليا، التي حظرت زراعة اللحوم، أو إنتاج اللحوم المُصنّعة معملياً، في قانون قدّمته الحكومة اليمينية التي تتزعمها رئيسة الوزراء، جورجيا ميلوني. ومع ذلك، قد يواجه القانون تحديات قضائية في داخل الكتلة، إذ فشلت روما في الامتثال لإجراءات السوق المُوحّدة للاتحاد الأوروبي.

وذكر بول شابيرو، الرئيس التنفيذي لشركة «بيتر ميت» التي تتخذ من ولاية كاليفورنيا مقراً لها وتنتج ألواناً بديلة من البروتين أن بعض الأشخاص يرغبون في قتل هذا الرضيع في مهده، لافتاً إلى أن دولاً أخرى تأخذ الصناعة الوليدة على محمل الجد.

وأصدرت وزارة الزراعة والشؤون الريفية الصينية خطة زراعية خمسية في سنة 2022، اشتملت على تبني اللحوم المُصنّعة معملياً.

وقال شابيرو: بدأ الناس في مجال الأمن القومي يتساءلون: هل سنسمح لآسيا بالفوز في ميدان التكنولوجيا الغذائية المستقبلية؟

ومثلما كان الوضع في إيطاليا، ينطوي رد الفعل الأمريكي السلبي ضد اللحوم المُصنّعة معملياً على رسائل سياسية وحمائية محلية، وقرر أصحاب مزارع الأبقار والمزارعون دعم قوانين حظر اللحوم المُصنّعة معملياً التي تقدمها الولايات، وحصل تشريع ولاية أيوا الذي يتضمن حظراً جزئياً للحوم المُصنّعة معملياً، على دعم صناعات لحوم الخنزير والذرة وفول الصويا العاملة في الولاية.

وواجهت اللحوم المصنعة معملياً تساؤلات أيضاً عما إذا كانت مشابهة للحوم التقليدية. وأعلنت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة في ديسمبر الماضي أن اللحوم المُستزرعة من الخلايا لا يمكن احتسابها مماثلة للأغذية ذات المصدر الحيواني، الذي يهدفون إلى استبداله في نهاية المطاف، ويعود ذلك في الأساس إلى الاختلافات في جودة الغذاء.

ودفعت شركات اللحوم المُصنّعة معملياً بخضوعها لتدقيق شديد من إدارة الغذاء والدواء ووزارة الزراعة الأمريكيتين قبل السماح بتناول هذه المنتجات، ولكن يعد شون إدجيت، كبير المسؤولين القانونيين لدى شركة «أبسايد فودز» للحوم المُصنّعة معملياً، التشريعات المُقترحة في الولايات مفاجئة وقصيرة النظر، وتُعد «أبسايد فودز» إحدى الشركتين اللتين فازتا بموافقة حكومية في العام الماضي من أجل بيع لحوم الدجاج المُصنّعة معملياً.

وذكر إدجيت أن هذه القوانين تتسم بشفافة في ما يتعلق بالحافز وراءها، وهو حماية الصناعة التقليدية المهمة للولاية، ولا يختلف أحد على هذا، وأضاف: إن الطريقة التي يحمون بها الصناعة القائمة إنما هي أيضاً خيار للمستهلكين.

وأشار إدجيت إلى ازدياد الطلب العالمي على اللحوم، لافتاً إلى أن الزراعة التقليدية لا يمكنها تلبية الطلب وحدها، وأسهب: لطالما نظرنا إلى أنفسنا باحتسابنا بديلاً، ولا يتعلق الأمر بوضع حد للحوم التقليدية، وإنما يتعلق بإيجاد بدائل.

وجمع قطاع اللحوم المُصنعة معملياً 896 مليون دولار من المستثمرين في سنة 2022، لتحصل الصناعة على ما مجمله 2.8 مليار دولار منذ سنة 2016، بحسب آخر التقديرات الصادرة عن منظمة «ذا غود فود إنستيتيوت» غير الهادفة للربح وتدافع عن البروتينات البديلة.

وحصلت «أبسايد فودز» التي تتخذ من مدينة بيركلي بولاية كاليفورنيا مقراً لها، في سنة 2022، على تمويل بقيمة 400 مليون دولار من «تيماسيك» وصندوق أبوظبي للتنمية، و«بيلي غيفورد» و«سوفت بنك» وبيل جيتس وجون دوير، رئيس مجلس إدارة «كلاينر بيركنز»، وتعهد صندوق بيزوس الخيري للأرض الذي يموّله جيف بيزوس، مؤسس «أمازون»، هذا الشهر، بمبلغ 60 مليون دولار للبحث الأكاديمي وتطوير البروتينات البديلة، التي تشمل أيضاً اللحوم الوهمية المصنوعة من النباتات، مثل: البازلاء، وفول الصويا.

وقال شابيرو: لديك صناعة لحوم تخشى الابتكار وتسعى إلى الضغط على المشرعين لحظر هذا الابتكار، سيكون الأمر مشابهاً للضغوط التي مارستها بلوكباستر على المشرعين لحظر بث الفيديو عبر الإنترنت.

كلمات دالة:
  • FT
Email