بيل جيتس يعتزم بناء أول محطة نووية من الجيل الجديد في أمريكا

ت + ت - الحجم الطبيعي

أعلنت شركة «تيرا باور»، التي أسسها بيل جيتس، نيتها بدء بناء المحطة الأولى من سلسلة محطات طاقة نووية من الجيل الجديد في أمريكا بحلول يونيو المقبل، لتدخل مع روسيا والصين في السباق على بناء وتطوير وتصدير مفاعلات نووية منخفضة التكلفة.

وقال كريس ليفيسك الرئيس التنفيذي لـ«تيرا باور»، إن الشركة ستتقدم بطلب للجهات التنظيمية الأمريكية هذا الشهر للحصول على تصريح لبناء مفاعلها النووي، الذي يعتمد في تبريده على الصوديوم السائل بدلاً من الماء.

وأشار إلى أن مفاعلات «تيرا باور» التي تحمل علامة «ناتريوم» يمكن بناؤها بنصف تكلفة المفاعلات التقليدية المبردة بالماء، والتي كانت الركيزة الأساسية لصناعة الطاقة النووية منذ منتصف القرن العشرين.

وفي ديسمبر الماضي، أبرمت «تيرا باور»، التي جمعت تمويلات بنحو مليار دولار من القطاع الخاص، اتفاقية مع مؤسسة الإمارات للطاقة النووية، لاستكشاف إمكانية استخدام مفاعلات «الناتريوم» لتوليد الكهرباء وإنتاج الهيدروجين في الإمارات، كما نجحت الشركة في الحصول على تعهدات من الحكومة الأمريكية بنحو ملياري دولار للمساعدة في استكمال تطوير محطتها النووية الأولى في مينة كيميرر بولاية وايومنج.

وقال ليفيسك، الذي عمل ضابطاً سابقاً على غواصة نووية، إن أعمال بناء المحطة النووية ستبدأ في يونيو المقبل قرب موقع محطة لتوليد الكهرباء بالفحم، وذلك بغض النظر عن حصول «تيرا باور» على تصريح من اللجنة التنظيمية النووية بحلول هذا الموعد أم لا.

وأوضح أن جزءاً كبيراً من أعمال البناء الأولية يركز على الأنشطة غير النووية، ويرجع ذلك إلى التصميم المبتكر لمفاعل الناتريوم، مضيفاً أن شركة «تيرا باور» تخطط لتشغيل المحطة بحلول عام 2030.

واستطرد «عندما تستخدم الصوديوم السائل كمبرد بدلاً من الماء، فإنه كفيل بتغيير قواعد اللعبة»، مضيفاً أن درجة الغليان العالية تقريباً عند 900 درجة مئوية للمعدن السائل، أسهمت في توفير تكاليف ضخمة مقارنة بالماء.

وأردف «ستتكلف محطات الناتريوم نصف تكلفة محطات مفاعلات الماء الخفيف.. ونحن نمضي قدماً في مشروعنا بقوة وإصرار».

و«تيرا باور» واحدة من عشرات الشركات التي تتنافس لتطوير جيل جديد من المفاعلات النووية الأصغر حجماً والأكثر كفاءة، والتي يروج لها أنصار الطاقة النووية على أنها عنصر حاسم في محاربة تغير المناخ. وغالباً ما يشار إليها باسم المفاعلات المعيارية الصغيرة، وعادة ما تكون ذات قدرة كهربائية تصل إلى 300 ميجاواط أو أقل، ويمثل ذلك قرابة ثلث قدرة المحطات التقليدية.

وتحاول الشركات الأمريكية اللحاق بالشركات المنافسة التي تسيطر عليها الدولة في روسيا والصين، التي نفذت محطتين لتوليد الكهرباء مجهزتين بمفاعلات معيارية صغيرة، وهما محطة طاقة عائمة توفر الكهرباء لبلدة بيفيك الروسية، ومحطة في خليج شيداو (شيداو باي) بالصين. وتواجه الصناعة الأمريكية تحديات بسبب ارتفاع أسعار الفائدة، والتكاليف المتزايدة، ووجود عجز في اليورانيوم عالي التخصيب اللازم لتشغيل الجيل الجديد من المفاعلات.

وخلال شهر نوفمبر، اضطرت نيوسكيل، شركة منافسة مقرها ولاية أوريجون، إلى التخلي عن خطط بناء أول مفاعل معياري صغير في أمريكا بسبب معارضة شركات الكهرباء لمقترح قدمته نيوسكيل لزيادة أسعار الكهرباء بنسبة 50 % بهدف تغطية التكاليف المتزايدة.

في حين لم تكشف شركة «تيرا باور» عن تقديرات للأسعار التي ستفرضها مقابل توليد الكهرباء بوساطة مفاعلات الناتريوم.

وفي أكتوبر 2022، قالت شركة «تيرا باور» وشريكتها بقطاع الخدمات العامة «باسيفي كورب»، وحدة تابعة لشركة بيركشير هاثاواي المملوكة لرجل الأعمال الأمريكي وارن بافيت، إنهما ستدرسان إمكانية تنفيذ 5 مفاعلات ناتريوم إضافية بحلول عام 2035.

ويرى آدم شتاين، مدير برنامج الابتكار في الطاقة النووية بمعهد بريكثرو، مركز أبحاث مقره واشنطن، أن شركة «تيرا باور» كانت في وضع أفضل من العديد من منافسيها في أمريكا لأنها تتمتع بتمويل مضمون ولا تعتمد على الأسواق العامة، ولديها تصميم تنافسي لمفاعلها النووي.

وتابع «تعمل المفاعلات المبردة بالصوديوم عند ضغط منخفض، ما يتطلب أنظمة سلامة أقل.. وهذا يقلل المشاكل التي قد تحدث في المحطة ويحد التكاليف لأنه يمكن بناؤها باستخدام مواد أقل تعقيداً مع ضمان استيفاء معايير السلامة».

ويعد مفاعل «تيرا باور»، الذي تم تطويره بالشراكة مع شركة «جي إي هيتاشي نيوكلير إنرجي»، أكبر قليلاً من معظم المفاعلات المعيارية الصغيرة بقدرة تصل إلى 345 ميجاواط. كما يحتوي على نظام تخزين للكهرباء يعتمد على الملح المنصهر، ما يعزز الإنتاج عند الحاجة إلى 500 ميجاواط لمدة تزيد على 5 ساعات ونصف الساعة.

بدوره، قال ليفيسك، الذي سيحضر قمة نووية في بروكسل هذا الأسبوع: «نحن نخزن الحرارة في خزانات كبيرة من الملح المنصهر، مثل محطات الطاقة الشمسية، ويمثل ذلك بطارية حرارية ضخمة.. فمحطة الناتريوم التي يمكنها التأقلم بسرعة كبيرة مع نظام تخزين الطاقة المدمج يجعلها ذات قيمة كبيرة».

وأضاف أن شركة تيرا باور واجهت بعض الانتقادات بسبب ارتفاع مستوى التمويل الحكومي لمشروعها في ولاية وايومنج، لكنه أوضح أن القيمة الاستراتيجية لمفاعل ناتريوم للولايات المتحدة كانت كبيرة.

واختتم بقوله «تتمتع الطاقة النووية بسمات تجارية ضخمة، لكن لديها أيضاً مميزات جيوسياسية هائلة. لذا يجب علينا مراقبة المنافسة في الصين وروسيا، اللتين تنظران إلى أفريقيا وإندونيسيا وأماكن أخرى بمثابة أسواق مستقبلية».

كلمات دالة:
  • FT
Email