أسعار المنازل العالمية تنتعش وسط توقعات بنقطة تحول

ت + ت - الحجم الطبيعي

أظهر تحليل «فاينانشال تايمز» لبيانات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، تلاشي الانخفاض واسع النطاق لأسعار المنازل العالمية إلى حد كبير، ما يقود خبراء اقتصاد، إلى توقع أن يمثّل بلوغ أعمق انكماش لقطاع العقارات منذ عقد نقطة تحول.

وزادت الأسعار الإسمية للمنازل بنسبة 2.1% في الربع الثالث من 2023 على أساس فصلي في أنحاء الدول الصناعية الـ 37 لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، مرتفعة من مستويات قريبة من الجمود في بداية العام.

وأفادت ثلث هذه الدول بانخفاض على أساس فصلي في الفترة الأخيرة، بتراجع من نحو النصف في بداية العام الماضي، بحسب تحليل «فاينانشال تايمز».

وذكر أندرو ويشارت، كبير خبراء الاقتصاد المعنيين بالعقارات لدى «كابيتال إكونوميكس»: «تشي البيانات الأخيرة ببلوغ انخفاضات أسعار المنازل نقطة القاع في غالبية الدول»، وتابع: «اعتقد أننا شهدنا تصحيحاً لأسعار العقارات». وتضررت أسعار المنازل في نهاية 2022، بعدما رفعت المصارف المركزية في غالبية الاقتصادات أسعار الفائدة، بأسرع وتيرة منذ عقود كبحاً للتضخم. وفي بلدان منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، ارتفعت أسعار المنازل بنسبة 0.6% فقط على أساس فصلي في نهاية 2022، وهي أدنى معدل إسمي منذ 2012. ومع ذلك، انحسر هذا التراجع، أو ربما انعكس اتجاهه، في الكثير من الاقتصادات، وسط توقعات بخفض المصارف المركزية لتكاليف الاقتراض هذا العام، ما ساعد فوائد الرهن العقاري على التراجع. وأدى نقص العقارات المعروضة للبيع، إلى تعزيز التقييمات، فعادت الأسعار الحقيقية عبر بلدان المنظمة إلى النمو في الربع الأخير.

وتزداد أسعار المنازل، أو تشهد استقراراً، في أغلب الدول المتقدمة، في حين تشهد بلدان أخرى انخفاضات بوتيرة أبطأ.

ومن المُرجح استمرار انخفاض الأسعار في بعض الدول، مثل ألمانيا والدنمارك والسويد، وهي التي تتمتع بأسواق إيجارات أكبر. ونوّه أندرو ويشارت، بأنه «حتى في هذه الاقتصادات، نعتقد أن غالبية تراجعات الأسعار صارت من الماضي».

ويرى توماش فيلاديك، الخبير الاقتصادي لدى شركة تي رو برايس للاستثمار، أن أسعار المنازل قريبة من القاع في الكثير من الأماكن، كما تتعافى في الكثير من الأماكن الأخرى. وقال فيلاديك، إن الهجرة وقيود تصاريح التخطيط في كثير من البلدان، مثل المملكة المتحدة وكندا وأستراليا، أبقت على الضغوط على أسعار المنازل.

وستواصل الأسر مواجهة تكاليف رهن عقاري أعلى، مع انتهاء أجل عقودها ذات الفائدة الثابتة، لكن سيتمتع الكثير منهم بشروط أفضل مقارنة بالعام الماضي. 

وفي حين ارتفعت معدلات الرهن العقاري بكل من المملكة المتحدة والولايات المتحدة في فبراير، لكنها تظل دون القمم المُسجلة في 2023.

وصمدت أسعار المنازل على نحو أفضل بالولايات المتحدة، حيث أسهمت قوة النمو الاقتصادي والوظائف، في ارتفاع الأسعار الإسمية للمنازل بنسبة 5.2% في العام المنتهي في نوفمبر.

وعلى النقيض شهدت ألمانيا، حيث تلقي الصعوبات الاقتصادية والمبالغة في تقييم العقارات والسوق الأكبر للإيجارات بظلالها على القطاع، انكماشاً سنوياً قدره 10.2% في العام الماضي، وكان هو الأسوأ في اقتصادات الاتحاد الأوروبي، باستثناء لوكسمبورغ.

وفي أستراليا ونيوزيلندا، عادت أسعار المنازل إلى النمو من جديد، بحسب البيانات الوطنية، فيما استقرت أسعار المنازل في كوريا الجنوبية بعد انخفاضها الشديد في منتصف 2023. 

وعلى صعيد الاتحاد الأوروبي، ارتفعت الأسعار بمعدل إسمي قدره 0.8% على أساس فصلي في الأشهر الثلاثة المنتهية في سبتمبر، لتعاكس الانخفاضات المُسجلة أوائل هذا العام، وفقاً لبيانات وكالة «يوروستات»، لكنها مع ذلك تظل أقل بنسبة 1% على أساس سنوي.

وقال سيلفاين بروير، كبير خبراء الاقتصاد في أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا لدى «ستاندرد آند بورز غلوبال»: «نعتقد أن تصحيح أسعار المنازل في أوروبا لم ينقضِ بعد، لكننا شهدنا الأسوأ بالفعل من هذا التصحيح». ورجح استمرار التصحيح ببعض الدول، لأن مدفوعات الرهن العقاري ما زالت مرتفعة، متوقعاً انخفاض تكاليف التشييد التي أبقت على ارتفاع الأسعار. ومع ذلك، لفت بروير إلى أن ما تبقى من التصحيح «سيكون معتدلاً».

وكان الانخفاض العالمي لأسعار المنازل أكثر اعتدالاً بصفة عامة مقارنة بالمُتوقع. وتشير تقديرات «فيتش» حالياً، إلى نمو الأسعار الإسمية بنسبة 6% في الولايات المتحدة بالعام الماضي، بانخفاض من التوقعات السابقة التي ذهبت إلى انكماش قدره 5%. 

وفيما يتعلق بالمملكة المتحدة، تتوقع الوكالة انكماشاً أكثر اعتدالاً قدره 2% في 2023، مقابل تقديراتها السابقة بانكماش حتى 7%. ويُرجع خبراء اقتصاد، التوقعات الأفضل، جزئياً، إلى إخفاء التضخم المرتفع لحجم الانخفاض.

وأبدت السوق في بعض الاقتصادات، بينها الولايات المتحدة وأستراليا والمملكة المتحدة، مرونة مفاجئة، ولم يُطِح تصحيح أسعار المنازل بالمكاسب الكبيرة التي حققتها أثناء جائحة فيروس كورونا، سواء من حيث القيمة الإسمية أو الحقيقية. لكن المشهد مختلف في بعض البلدان خارج منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. ففي الصين، التي تشهد انكماشاً حاداً للإسكان، ترجح «فيتش» استمرار انخفاض أسعار المنازل في العامين المقبلين، محذرة من أن الطلب الاستثماري «تلاشى غالباً»، بعد انكماش قدره 7% على مدى العامين الماضيين.

كلمات دالة:
  • FT
Email