يواجه هارولد هام مشكلة. فقد وجد هام، وهو أحد أقطاب صناعة النفط الصخري الأمريكي، نفسه مضطراً للتبرع بملايين الدولارات، لتمويل معهد للطاقة في جامعة ولاية أوكلاهوما، في ضوء إعراض الجيل الأصغر سناً، من القلقين بشأن التغير المناخي، عن العمل في صناعة النفط والغاز.

إن شركات الوقود الأحفوري ليست وحدها في هذه المشكلة، حيث تواجه مجموعة من القطاعات، التي قد يعتبرها الشباب كريهة لأسباب بيئية أو أخلاقية أو لأخرى لكنها تظل مهمة للاقتصاد، صعوبة في اجتذاب المواهب المستقبلية التي تحتاج إليها.

وتجابه الصناعات الاستخراجية مخاوف بشأن الاستدامة. ولطالما ساورت الشباب هواجس أخلاقية فيما يتعلق بالمصنعين في قطاع الدفاع. أما شركات اللوجستيات وتلك المصنّعة للكيماويات التي تحتاج لمواهب شابة في المدن النائية، فتواجه صعوبة في التعيين لأسباب جغرافية. وفيما يتعلق بقطاعي الرعاية الصحية والتدريس، فيُنظر لها على أن أجورها زهيدة ومُتخمة بالعاملين. وتُعتبر ظروف العمل في الزراعة وصناعات الأغذية الزراعية سيئة، ومحدودة الإمكانات الوظيفية.

يزيد ذلك من الصعوبات أمام الشركات التي تجابه بالفعل نقصاً عالمياً في المهارات، ويزيد الأمور سوءاً تشديد كبرى الاقتصادات لإجراءاتها ضد الهجرة. ويُعد التصنيع والإنتاج، والعمليات واللوجستيات، وتكنولوجيا المعلومات والبيانات، والمبيعات والتسويق والهندسة، من بين المهارات الفنية التي تعاني نقصاً في المعروض، إذ أفاد 75% من أرباب الأعمال بأنهم يجدون صعوبة في إيجاد من يشغلون الوظائف لديهم.

وكشفت استطلاعات عن انجذاب الموظفين الشباب إلى أرباب العمل الذين تتوافق أغراض شركاتهم مع قيمهم الخاصة، لكنهم أيضاً يكونون أكثر ميلاً نحو وضع اختيارات أسلوب الحياة في اعتبارهم عند انتقاء محل العمل. ويسخر كثير من المسؤولين التنفيذيين من جيل «رقائق الثلج»، لكن الشباب، الذين لا يمكنهم الاعتماد على الأمن الوظيفي والامتيازات التي اعتبرتها الأجيال السابقة أموراً مُسلّماً بها، يجادلون وهم محقون إلى حد ما، بحقهم في أن يكونوا انتقائيين في اختيار أرباب عملهم.

وبحسب مسؤولين تنفيذيين ومستقطبي كفاءات، فإن الكثير من الصناعات لا تفقد المواهب لصالح القطاعات الأكثر بريقاً مثل التكنولوجيا فحسب، بل إن الطلاب لا يحوزون الدرجات العلمية «المناسبة» لمعالجة نقص المهارات، مثل الهندسة المدنية والتصوير بالأشعة. وبذلك، تفقد الشركات الأفضل والأكثر ذكاء منذ البداية.

وواحدة من سبل اكتساب الأفضلية في تأمين الجيل التالي من الموظفين هي ذاتها دوماً، التي تتمثل في إتاحة ظروف أفضل، ابتداء برواتب أعلى وانتهاء بفرص تعلم أثناء العمل، خاصة مع ازدياد تكلفة المعيشة. لكن الشركات قد تحتاج أيضاً لتسويق نفسها على نحو أكثر فعالية، في المدارس الثانوية وفي الحرم الجامعي، رغم حظر خدمات التوظيف لبعض من أرباب العمل المتخصصين في الوقود الأحفوري. ولا يدرك الكثير من الطلاب الاتساع الكبير لفرص الوظائف المتاحة، لكن المِنَح وخبرات العمل وبرامج الدراسات العليا يمكن أن تساعد كثيراً في هذا الصدد.

وتحظى صياغة الرسائل بأهمية أيضاً، حيث تحتاج الشركات لأن تشرح على نحو أفضل أسباب أهمية صناعاتها للمجتمع. وفي حين يحتاج العالم لنظام طاقة أكثر مراعاة للبيئة، فإننا سنظل معتمدين للغاية على الوقود الأحفوري لأعوام مقبلة. وكانت الحرب الروسية الأوكرانية بمثابة تذكير للجميع بضرورة التمتع بقطاع دفاع حصين وجيش قوي. كذلك، فإن تسارع النمو السكاني يزيد من الضغوط على إنتاج الغذاء.

ولأجل تغيير التصورات القائمة، عمدت شركات النفط إلى استغلال براعتها التكنولوجية. أما شركات التعدين، فتبرز نفسها باعتبارها في قلب التحوّل الأخضر. لكن هذه الرسائل بحاجة لأن تكون مدعومة بتغيير أصيل. ويواجه الشباب صعوبة في الوثوق بشركات، لها باع في سوء إدارة الأصول أو تلويث البيئة أو استغلال الموارد الطبيعية والمجتمعات، ما لم يكن بمقدورها تقديم أدلة دامغة على تغييرها لمعاييرها وسلوكياتها. وهكذا، فإن، صياغة الرسالة المناسبة مهمة، لكنها لن تؤتي ثمارها إلا بوجود أرضية من الثقة.