صالح لوتاه رئيس مجموعة صناعة الأغذية والمشروبات في دبي لـ « البيان الاقتصادي»:

القطاع الصناعي بحاجة لمعاملة وحوافز خاصة

ت + ت - الحجم الطبيعي

أكد صالح لوتاه رئيس مجموعة صناعة الأغذية والمشروبات التابعة لغرفة تجارة وصناعة دبي أهمية مواكبة رؤية الحكومة للنهوض بالقطاع الصناعي باعتباره مساهماً رئيسياً في الاقتصاد الوطني، مشيراً إلى ضرورة تفعيل الاستراتيجيات الحكومية الخاصة بالقطاع على أرض الواقع بشكل ملموس.

ودعا في حوار مع "البيان الاقتصادي" إلى طرح حوافز ومعاملة خاصة للمستثمر الصناعي في إطار أهمية معالجة التحديات التي تواجهها الشركات الصناعية.

واقترح لوتاه أن تقوم الهيئة الاتحادية للضرائب بتعيين منسقين لقطاعات الأعمال، بحيث يتولى كل منهم مسؤولية التواصل المباشر مع مجموعات العمل الخاصة بكل قطاع للإجابة عن الاستفسارات وتوضيح الإجراءات التي قد تختلف وفق طبيعة عمل ومتطلبات كل قطاع على حدة.

وتالياً نص الحوار :

كيف تقيمون تأثير ضريبة القيمة المضافة على مبيعات الأغذية والمشروبات وأنماط الاستهلاك، وهل استغل بعض التجار هذه الفرصة لرفع الأسعار بنسب أكبر من الضريبة ؟

شهد الربع الأخير من العام الماضي ارتفاعاً قياسياً في المبيعات في ظل إقبال المستهلكين على الشراء قبل تطبيق الضريبة وتخزين بعض المنتجات بهدف التوفير، فيما سجل الربع الأول من العام الجاري استقراراً في الأداء، وبادر بعض التجار لتقديم عروض متنوعة فيما قام آخرون بالإعلان عن تحمل الضريبة عن المستهلك للحد من أي تغير في نسب المبيعات.

وفي البداية أحدثت الضريبة نوعاً من الارتباك لدى المستهك والتجار والمصنعين، لكن بدأ الجميع لاحقاً بالتأقلم مع الواقع الجديد.

وفي استطلاع أعدته مجموعة صناعة الأغذية والمشروبات قبيل البدء بتطبيق الضريبة بالتعاون مع شركة نيلسن بعنوان "السلوكيات والانطباعات: فهم صناعة الأغذية والمشروبات"، أجمع المشاركون في الاستطلاع على أن ضريبة القيمة المضافة ستسهم في تخفيض استهلاكهم لبعض المنتجات وخاصة المشروبات الغازية، حيث أفاد 68٪ أنهم يعتزمون استهلاك كميات أقل من هذا المنتج مستقبلاً، تليها الشوكولاتة بنسبة 52.1%، ثم الآيس كريم بنسبة 47.2%، تليها المواد الغذائية المجمدة بنسبة 41.7%.

وتوقع المشاركون ارتفاعاً في معدلات استهلاكهم للمنتجات الأخرى لدى دخول الضريبة حيز التنفيذ، حيث توقع 21.7٪ منهم أنهم سيستهلكون المزيد من المياه، رغم أن 70٪ منهم لا يتوقعون أن تؤثر ضريبة القيمة المضافة على استهلاكهم للمياه على الإطلاق، في حين قال 18٪ إنهم سوف يستهلكون المزيد من الأغذية الصحية، وأفاد 17.8٪ أنهم سيستهلكون الفواكه والخضروات، بينما قال 17.7٪ أنهم سيستهلكون الأسماك والمأكولات البحرية.

ولم يسجل الاستهلاك بشكل عام تراجعاً ملحوظاً لكن بعض شرائح المستهلكين بدأت بالتحول نحو المنتجات الأرخص من حيث السعر بهدف التوفير.

وبالفعل سجلت بعض المنتجات الغذائية المصنعة محلياً ارتفاعات سعرية، إذ إن التاجر يترقب أية فرصة لزيادة السعر في ظل ارتفاع التكاليف والقوانين المقيدة لرفع الأسعار، لكن مستقبلاً ستشهد السوق توازناً في الأسعار إلى حد ما إذ سيلجأ التجار إلى تعديل أسعارهم في حال تأثرت مبيعاتهم سلباً بهذه الارتفاعات.

إن تحديد الأسعار في الأسواق المتقدمة يعتمد على معادلة العرض والطلب، لكن أسواقنا المحلية لم تصل بعد إلى مرحلة النضوج والشفافية.

آليات الضريبة

كيف تأثرت عمليات شركات الأغذية والمشروبات بالنظام الضريبي؟

أثرت الضريبة على آليات التعاقد بين الشركات ومنافذ البيع الصغيرة فيما يتعلق بالأرقام والسجلات الضريبية، إذ إن العديد من البقالات العاملة في المناطق البعيدة لم تستصدر أرقاما ضريبية ولا تستطيع مواكبة متطلبات النظام الضريبي من حيث الأنظمة المحاسبية والتقنية وغيرها، فبعض التجار الصغار لم يستوعبوا بعد العملية الضريبية.

ومن جانب آخر، من الضروري تسريع آليات ومعاملات حركة السلع والمنتجات مع دول مجلس التعاون، فبالرغم من أن الضريبة لا تشمل الصادرات، إلا أن عملية التقييم الجمركي لتحديد قيمة البضائع المصدرة، والتي بدأ تطبيقها ضمن النظام الضريبي لتحديد آليات الاسترداد، تتسبب في تأخير حركة التصدير والشحن.

كيف يمكن برأيكم تعزيز عملية الامتثال الضريبي؟

نقترح أن تقوم الهيئة الاتحادية للضرائب بتعيين منسقين لقطاعات الأعمال، بحيث يتولى كل منهم مسؤولية التواصل المباشر مع مجموعات العمل الخاصة بكل قطاع للإجابة عن الاستفسارات وتوضيح الإجراءات التي قد تختلف وفق طبيعة عمل ومتطلبات كل قطاع على حدة.

وفي ظل أهمية تفعيل التواصل السريع والواضح مع قطاعات الأعمال، سيساهم تعيين منسقين للقطاعات في الإجابة عن تساؤلات الشركات والتجار وتوضيح العمليات الضريبية وفق واقع ومتطلبات كل قطاع على غرار الإنشاءات والصناعة والأغذية والمشروبات وغيرها وذلك بالتنسيق مع مجموعات العمل المنضوية تحت غرفة التجارة والصناعة.

ومن جانب آخر، ظهرت بعض الاختلافات بمبالغ بسيطة بين السجلات المحاسبية المقدمة من قبل الشركات وبين ما يتم تسجيله من قبل الضريبية، وبالرغم من أن هذه التباينات قد لا تتجاوز بعض الدراهم إلا أنها قد تتسبب في حدوث إشكاليات عند التسوية بعد تراكم السجلات وارتفاع الفروقات بين السجلات المالية، إذ قد تختلف آليات الحساب المعتمدة، فعلى سبيل المثال، يحسب التاجر تكاليف النقل ضمن السجلات الضريبية لكن الهيئة قد لا تحتسبها.

مبادرات حيوية

كيف تنظرون إلى قضية ارتفاع تكاليف ممارسة الأعمال ؟

جاء اعتماد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي "رعاه الله" قرار عدم زيادة الرسوم الاتحادية لمدة 3 سنوات، كمبادرة حيوية جداً تصب في مصلحة مختلف قطاعات الأعمال، وكذلك الأمر بالنسبة لدراسة تكلفة ممارسة الأعمال التي أعدتها غرفة تجارة وصناعة دبي بهدف تطوير مؤشر جديد لقياس وتتبع تكلفة الأعمال التجارية في دبي، والتي اطلع عليها أخيراً مجلس الشؤون الاستراتيجية التابع للمجلس التنفيذي في اجتماع برئاسة سمو الشيخ مكتوم بن محمد بن راشد آل مكتوم نائب حاكم دبي النائب الأول لرئيس المجلس التنفيذي.

وتأتي هذه الخطوات في الوقت المناسب في ظل ارتفاع التكاليف التشغيلية مما يؤكد ضرورة تعزيز مكانة دبي باعتبارها مركزاً مثالياً للتجار والاستثمار بتكاليف متوازنة مع سهولة ممارسة الأعمال وخدمات متميزة وبنية تحتية متطورة، إذ إن الارتفاع المتواصل في التكاليف قد يؤثر على استقطاب الشركات والمستثمرين الذين يبحثون عن وجهات بديلة لأعمالهم بتكاليف أقل.

وتبرز هنا أهمية مواكبة رؤية الحكومة للنهوض بالقطاع الصناعي باعتباره مساهماً رئيسياً في الاقتصاد الوطني، لذا فمن الضروري بمكان تفعيل الاستراتيجيات الحكومية الخاصة بالقطاع على أرض الواقع بشكل ملموس.

إن ارتفاع التكاليف على التجار، مع إلزامهم بعدم رفع أسعار منتجاتهم في إطار حماية المستهلك، يضغط على هوامش الربح، وهنا يجب وضع آليات حكومية لإحداث توازن في سلسلة الإمداد في قطاع الأغذية، إذ إن رسوم العرض على الرفوف التي تفرضها منافذ التجزئة الرئيسية التي تستحوذ على 60 إلى 70 % من مبيعات التجزئة في الدولة تستمر في الارتفاع مما يضغط على الشركات المصنعة والموزعة للمنتجات الاستهلاكية بشكل عام وفي مقدمتها الأغذية والمشروبات، مما يفرض ضبط رسوم تأجير الرفوف بالتنسيق مع الجهات الحكومية المعنية بحماية المستهلك من جانب والعاملين في قطاع التجزئة من جانب آخر لتحقيق التوازن في القطاع.

ومن أجل الوصول إلى مستويات متوازنة وعادلة لأسعار المنتجات من الضروري إيجاد حلول لمسألة زيادة التكاليف، إذ لا يمكن إجبار التاجر أو المصنع على عدم رفع الأسعار في حين تستمر التكاليف في الارتفاع بالتوازي مع زيادة رسوم تأجير الرفوف بشكل غير منظم مما يحدث خللاً في التوازن بآليات السوق، فزيادة ضغوط ارتفاع التكاليف على الشركات والمصنعين بالتزامن مع منعهم من رفع الأسعار سيؤثر على عملياتها وتوسعاتهم وقد يدفع البعض إلى الخروج من السوق.

اقتراحات

كيف يمكن معالجة هذه التحديات ؟

من الضروري الاهتمام بمعاجلة التحديات التي تواجهها الشركات الصناعية وطرح حوافز ومعاملة خاصة للمستثمر الصناعي فيما يتعلق برسوم الإقامة وأسعار الطاقة والخدمات الأخرى بالإضافة إلى إيجارات الأراضي التي سجلت ارتفاعات كبيرة، ومنح المستثمرين في القطاع مهلة إعفاء من بعض هذه الرسوم لمدة تتراوح بين عام أو عامين. ويأتي ذلك في ظل دور الشركات الصناعية في رفد الاقتصاد الوطني بالمزيد من فرص العمل وتنويع مصادر الدخل.

ومن المهم أيضاً توحيد الأنظمة والإجراءات الناظمة للعمل التجاري وحركة المنتجات والسلع على المستوى الاتحادي، على غرار عملية التأكد من سلامة البضائع ومطابقتها وتصاريح العروض التجارية وغيرها من الإجراءات المطلوبة من الجهات المحلية المعنية والتي على الشركات تنفيذها في كل إمارة بشكل منفصل.

كما أن القطاع بحاجة لتفعيل تمويل الاستثمارات الصناعية من خلال مصرف الإمارات الصناعي الذي اندمج تحت مظلة مصرف الإمارات للتنمية وذلك من أجل توفير التسهيلات التمويلية اللازمة للشركات الجديدة وتلك التي تعمل حالياً في القطاع. وتساهم هذه المقترحات، في حال تطبيقها، بتعزيز جاذبية وتنافسية القطاع الصناعي التي تأثرت في الفترة الأخيرة بضغط من عدة عوامل بالتزامن مع طرح بعض دول المنطقة لحوافز مغرية للمستثمر التي تشمل توافر التمويل عبر المصارف الصناعية وأراض بأسعار زهيدة وغيرها مما يعني احتدام المنافسة على استقطاب الاستثمارات.

وتأتي هذه الطروحات في إطار تحفيز توجه المستثمر المواطن نحو القطاع الصناعي وخاصة صناعة الأغذية والمشروبات التي تكتسب أهمية خاصة ضمن سياسة الأمن الغذائي.

ما هي الفئات الأكبر ضمن قطاع الأغذية والمشروبات وما أبرز أسواق التصدير؟

تشكل كل من صناعة وتجارة المشروبات واللحوم النسبة الأكبر بين باقي فئات قطاع الأغذية والمشروبات، أما أكثر فئات القطاع تصديراً فهي المشروبات والسكر. وتأتي دول الخليج في مقدمة وجهات التصدير بالنسبة لشركات الأغذية والمشروبات في الإمارات بحكم القرب الجغرافي وتشابه واقع ومعطيات الأسواق الخليجية من حيث القوانين والتشريعات وتواجد سلاسل التجزئة ذاتها على المستوى الإقليمي مما يدعم سهولة انتشار المنتج الوطني، أما باقي الأسواق العربية فأنظمتها وقوانينها ليس من السهل التعامل معها بالنسبة للمصدرين. وتتمثل الفرص الواعدة أمام الصادرات الوطنية في أفريقيا وبعض دول آسيا الوسطى.

خطط عمل

بدأت مجموعة صناعة الأغذية والمشروبات منذ مطلع العام الجاري تنظيم سلسلة من اللقاءات والاجتماعات وورش العمل التي تجمع صناع القرار بقطاعات الأغذية الفرعية بالدولة، وذلك ضمن جهود المجموعة لتعزيز أواصر التعاون وتوسيع شبكة العلاقات بين أصحاب المصلحة والمعنيين من القطاعات. وجاء تنظيم الاجتماعات استكمالا لجهود المجموعة الرامية إلى تحديد التحديات التي يواجهها قطاع الأغذية والمشروبات.

منصة البيانات الذكية تعزز الشفافية

تشكل البيانات الواقعية والدقيقة عاملاً حيوياً يساعد في تعزيز الشفافية لتعزيز ثقة المستثمر والمساعدة على اتخاذ القرار في مختلف قطاعات الأعمال.

تهدف المنصة إلى دمج أبرز اللاعبين في سلسلة القيمة الغذائية من مختلف الجهات الحكومية والجهات التنظيمية ضمن منظومة عمل متكاملة تقدم القيمة المثلى عبر استخراج البيانات الدقيقة وبالتالي سهولة في ممارسة الأعمال في صناعة الأغذية. ويمكن تفحص المنصة الذكية لبيانات الأغذية عبر تطبيق ذكي ومن خلال الموقع الإلكتروني المخصص لهذا الغرض وتضم المنصة تحت مظلتها مجموعة متنوعة من الجهات الحكومية إلى جانب 650 شركة ومستثمرا في صناعة الأغذية وما لا يقل عن 4000 تاجر متصل بشكل مباشر وغير مباشر بصناعة الأغذية..

كما تهدف المنصة الذكية لبيانات الأغذية التي جاءت نتيجة بحوث ودراسات وعمليات تطوير استغرقت أكثر من 18 شهرا إلى تحويل دبي الى مركز عالمي لصناعة المواد الغذائية، ورئيسي للغذاء على مستوى المنطقة والعالم أجمع. ويتطلب تحقيق هذا الهدف تسخير التقنيات الذكية مثل الذكاء الاصطناعي وتقنية البلوك تشين في سبيل تعزيز وتحسين الكفاءات على امتداد سلسلة توريد الأغذية عبر الحد من هدر الغذاء والقيمة والطاقة.

وستوجد المنصة ثقافة جديدة للتعاون وتبادل المعلومات في صناعة الأغذية بحيث تصبح نموذجا يحتذى به للصناعات الأخرى في دولة الإمارات كما ستوفر أداء بين مختلف الجهات الحكومية والجهات الخاصة.. وبإمكان المشترين العالميين الاطلاع على البيانات المتوفرة ومعرفة احتياجاتهم..

وتعمل مجموعة صناعة الأغذية والمشروبات في إطار التزامها الراسخ تجاه دفع عجلة التنمية والتطوير في هذا القطاع الحيوي بوصفها داعما رئيسيا للجهود الحكومية، آخذة بعين الاعتبار مصالح الاقتصاد الوطني. ومن هنا تأتي أهمية منصة الأغذية المفتوحة التي ستجمع بين الرؤية الطموحة والابتكار في ضوء رؤية حكومتنا الرشيدة لتعزيز التنمية والازدهار عبر تطبيق أحدث التقنيات، وضمان استدامة سلسلة القيمة الغذائية لإمارة دبي وإرساء دعائم أمنها الغذائي.

وستساهم المنصة في زيادة نوعية في سرعة إنجاز الأعمال على المدى القصير والطويل حيث ستذلل المنصة العقبات التي كانت تواجه الشركات. وستعمل المؤسسة بشكل وثيق مع مجموعة صناعة الأغذية والمشروبات على إيجاد مساحة سوقية على صعيد كبرى منافذ البيع في دبي ودولة الإمارات بشكل عام، بالإضافة إلى الأسواق العالمية. دبي ــ البيان

Email