«المواطن الرقمي» يحتاج إلى تدريب وتأهيل

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

قال جميل عزو، مدير عام مؤسّسة «أي سي دي إل- العربية» إن التطوّر التكنولوجي الذي يشهده العالم ساهم إلى حد كبير في إحداث نقلة نوعية طالت مجالات عدة، بما فيها التوظيف.

وفي ظل الطفرة الرقمية المتسارعة، برزَ مصطلح «المواطن الرقمي»، الذي أطلقه الأستاذ الجامعي مارك برينسكي، ليشير إلى الأفراد الذين ولدوا ونشأوا في عصر التكنولوجيا المتقدّمة الذي شكلت أجهزة الكمبيوتر وألعاب الفيديو والهواتف المحمولة أبرز الملامح المميزة له.

ولفت إلى أن «الأشخاص الرقميين» اليوم يمثلون الشباب الملمّين باستخدام التكنولوجيا الحديثة على نطاق واسع في إطار الحياة اليومية سواء لأغراض الدراسة أو التواصل الاجتماعي أو التسوّق أو الترفيه أو التسلية. وبالمقابل، ظهرَ مصطلح «المهاجر الرقمي» ليدلّ على كلّ من وُلِد قبل الثورة التكنولوجية ومعاصرة التكنولوجيا المتقدمة.

اعتماد

ويرى عزو أنه على الرغم من التقدّم المتسارع للتكنولوجيا الحديثة، فقد بات الاعتماد الكلي والمتزايد على شبكة الإنترنت يمثل مصدر قلق اجتماعي. إذ بات «الأشخاص الرقميون» اليوم أكثر ميلاً للتواصل عبر شبكات الإعلام الاجتماعي وإرسال الرسائل النصية القصيرة ورسائل البريد الإلكتروني بدلاً من الرسائل التقليدية، واستخدام المحادثات الصوتية بدلاً من الهاتفية..

وممارسة ألعاب الفيديو الإلكترونية بدلاً من النشاطات الرياضية والبدنية. ولكن تشير المعطيات الراهنة إلى أنّه ليس كل من ولد في عصر المعلومات يمتلك المهارات اللازمة لمواكبة التطور التكنولوجي.

إذ يمتلك الجيل الشاب حالياً الإمكانات اللازمة لاستخدام أجهزة الكمبيوتر والهواتف الذكية ووسائل التواصل الاجتماعي، ولكن يفتقر في أحيان كثيرة إلى القدرة على توظيف التكنولوجيا الحديثة بالشكل الأمثل في دفع عجلة تنمية المجتمعات المحلية.

دراسات

وتشير نتائج الدراسة الإحصائية التي أجراها أخيراً «معهد تشارترد لتكنولوجيا المعلومات» البريطاني، إلى أن 81 في المئة من المديرين والموظّفين العاملين في إدارة الموارد البشرية يعتبرون الكفاءة الرقمية شرطاً أساسياً للحصول على وظيفة.

ووفقاً للدراسة، جاءت إدارة البريد الإلكتروني (97 في المئة) في مقدمة المهارات التكنولوجية الأكثر أهمية، تلاها استخدام برامج معالجة الكلمات (92 في المئة)، وإعداد الجداول الحسابية (89 في المئة)، واستخدام شبكات التواصل الاجتماعي (71 في المئة).

وعلى الرغم من تأكيد 51 في المئة من العينة المشارِكة في «معهد تشارترد لتكنولوجيا المعلومات» أنّ الكوادر البشرية العاملة في مؤسّساتهم وشركاتهم يتمتعون بالمهارات الرقمية اللازمة لمواكبة التحدّيات المستقبلية، إلاّ أنّ المخاوف تتزايد في الوقت الحالي فيما يتعلق بتحوّل الشباب إلى «أيتام رقميين» يفتقرون إلى المهارات الأساسية والخبرات اللازمة لدخول أسواق العمل التي تتزايد التنافسية بها.

الابتكار

وفي الوقت الذي تشكل فيه التكنولوجيا الرقمية دعامة أساسية لتحفيز الابتكار والإبداع والتعلّم ودفع عجلة التنمية الاقتصادية، فإنّها تمثل أيضاً بوابة للدخول إلى الفضاء الإلكتروني الواسع الذي يتّسم بالشمولية والانفتاح بعيداً عن التشريعات والقوانين، وهو ما يتيح للجميع إمكانية استخدامه بصورة حرّة وتحت هوية مجهولة. لذا فإنّ «الإنسان الرقمي» ما لم يكن مسلحاً بالمعرفة المعمّقة والدراية الكافية..

فمن المرجح أن يجد نفسه عاجزاً عن مواكبة تطور المجتمع الرقمي وبالتالي يصبح أكثر عرضة لأشكال الجرائم الإلكترونية. وتؤكّد هذه المعطيات أهمية الحصول على التدريب الاحترافي والتثقيف الرقمي اللازم الذي يمنع الاستغلال الإلكتروني الذي يترك آثاراً سلبية على المستويين الشخصي والمهني.

السلامة الرقمية أولاً

تدفع التطورات المتلاحقة إلى التشديد على أهمية السلامة الرقمية والأمن المعلوماتي باعتبارهما دعامة أساسية لضمان الاستفادة من العالم الرقمي الذي لم يعُد مقتصراً على الاستخدام الفعال للكمبيوتر والإنترنت، وإنما يتطلّب الوعي المعرفي للوصول إلى الاستخدام الآمن الذي يضمن الحماية من المخاطر المتزايدة. وتحقيق هذه الغاية يتطلب تضافر الجهود بين أولياء الأمور وقطاع التعليم ومجتمع الأعمال وصناع القرار لتوفير التدريب عالي المستوى

Email