التكامل الصناعي العربي قاطرة التنمية المستدامة والازدهار

ت + ت - الحجم الطبيعي

تمثل الشراكة التكاملية الصناعية بين الإمارات ومصر والأردن والبحرين أولى خطوات تحقيق التكامل الصناعي العربي، بداية من توحيد الموارد والقدرات التنافسية وتحويلها إلى صناعات ذات قيمة مضافة للاقتصادات الوطنية في دول الشراكة، والتي تمتلك قوة شرائية وبشرية كبيرة تقدر بنحو 122 مليون نسمة، مع توفر الجهود والعمل الجماعي، بما يؤدي إلى تعزيز أداء ومرونة سلاسل الإمداد وخلق المزيد من فرص العمل وتحقيق الاكتفاء الذاتي في الصناعات الحيوية وذات الأولوية في هذه الدول.

وتستعرض وكالة أنباء الإمارات في التقرير التالي جهود ترسيخ دعائم التكامل الصناعي العربي سعياً نحو توطين وتعميق القدرات الصناعية الوطنية والعربية، على اعتبار أنها قاطرة رهان النمو في الأعوام المقبلة ونواة التنمية الاقتصادية المستدامة، مع استهداف مضاعفة مساهمة قطاع الصناعة في الناتج المحلى الإجمالي وزيادة حجم الصادرات ذات التنافسية العالية، بجهود تكاملية مع الدول الأربع أعضاء الشراكة لصنع فارق تنموي يستند إلى ما تملكه هذه الدول من مقومات خصوصاً مع تقديرات بلوغ قيمة الناتج المحلي الإجمالي للدول الأربع الإمارات والبحرين ومصر والأردن بحوالي 800 مليار دولار خلال الفترة المقبلة.

وتسهم الشراكة الصناعية التكاملية لتنمية اقتصادية مستدامة في القيمة الصناعية المضافة للشرق الأوسط من 106.26 مليارات دولار إلى 112.56 مليار دولار وهو ما يمثل 30% من القيمة الصناعية المضافة في الشرق الأوسط، وبانضمام مملكة البحرين مؤخراً إلى الشراكة، تضيف البحرين 2.3 مليار دولار من قيمة خامات الحديد التي يمكن استخدامها في التنمية الصناعية في البلدان الأربعة، وتمتلك البحرين قطاعاً صناعياً قوياً يضم أكثر من 9500 شركة صناعية و55000 موظف في الصناعة و4.3 مليارات دولار من الاستثمار الأجنبي المباشر المحدد لقطاع الصناعة.

وأكد زايد بن راشد الزياني وزير الصناعة والتجارة بمملكة البحرين في تصريح لوكالة أنباء الإمارات أن انضمام مملكة البحرين للشراكة الصناعية التكاملية مؤخراً بجانب الإمارات ومصر والأردن يأتي ترجمة لتوجيهات الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء البحريني، لبلوغ تنمية اقتصادية مستدامة شاملة الأبعاد وخلق الفرص النوعية الواعدة وهو ما ينسجم مع استراتيجية قطاع الصناعة 2022 ـ 2026 والتي تندرج ضمن أولوية تنمية القطاعات الواعدة بخطة التعافي الاقتصادي.

وقال: إن التعاون وتضافر الجهود وتكاملها بين الدول يعد ممكّناً أساسياً لاستقرار وتنمية المجتمعات، ونسعى في مملكة البحرين للاستفادة من مجالات التكامل والمزايا التنافسية والإمكانات لدى الدول الشقيقة المشاركة من أجل بناء قاعدة اقتصادية صناعية مستدامة تؤكد عليها الأهداف الاستراتيجية بزيادة مساهمة القطاع في الناتج المحلي وزيادة صادرات القطاع الصناعي وطنية المنشأ وزيادة نسبة البحرينيين في القطاع الصناعي.

وأشار إلى أن هذه الشراكة جاءت كضرورة وفرصة لمواجهة التداعيات السلبية للأزمة الاقتصادية الناتجة عن جائحة «كورونا»، والتي عكست أهمية تعزيز الشراكة الإقليمية بين الدول وتفعيل دور القطاع الخاص كمحرك رئيسي في تنفيذ خطط التنمية المستدامة عبر ركائزها الاستراتيجية بالتحول نحو الثورة الصناعية الرابعة وتطبيق مفهوم الاقتصاد الدائري للكربون والحوكمة البيئية والاجتماعية وتشجيع الاستثمار في البنى التحتية ورقمنة التصنيع وزيادة كفاءة سلاسل الإمداد والتوريد عبر التكامل الصناعي.

من جهته، أكد يوسف الشمالي، وزير الصناعة والتجارة والتموين في الأردن، أن الدول الأربع الشقيقة تجمعها علاقات متميزة ووثيقة بفضل توجيهات قياداتها على كافة المستويات، وتأتي هذه المبادرة امتداداً لهذه الشراكة لتعميق التنسيق والتعاون والتكامل الاستراتيجي بما يعود بالنفع على اقتصاداتنا وعلى مستوى المعيشة لشعوبنا انطلاقاً من مبدأ تحقيق المنفعة المتبادلة ويفتح الفرص أمام القطاع الخاص لاستغلال الإمكانات المتاحة، وذلك سينعكس إيجاباً على الوضع الاقتصادي خصوصاً ما بعد جائحة «كورونا» وسعي الدول للتعافي من آثار الجائحة.

وقال إن هذا التعاون بين الدول الشقيقة سيحد من آثار الاضطرابات في سلاسل التوريد العالمية «تحديات الإمدادات العالمية»، بما سيزيد من الترابطات لسلاسل القيمة بين دولنا مما يسهم في تحقيق الأولويات الاستراتيجية كالأمن الغذائي والدوائي وتطوير الصناعات في القطاعات الرئيسية وتسهيل الاستثمارات المشتركة وتحقيق التكامل الصناعي بما يدعم الاكتفاء الذاتي والتنوع الاقتصادي.

وأشار إلى أن هذه الشراكة تهدف إلى تعزيز نقاط القوة لهذه الدول وتطوير صناعات قادرة على المنافسة عالمياً وتحقيق سلاسل توريد مضمونة ومرنة السعي لتحقيق نمو قائم على الاستدامة وتعزيز نمو وتكامل سلاسل القيمة والتجارة بين بلداننا وتعزيز قطاعات التصنيع ذات القيمة المضافة.

ولفت إلى أن مساهمة القطاع الصناعي في الناتج المحلي الإجمالي للأردن في عام 2021 بلغت 21.5%، مضيفاً أن شركة المدن الصناعية الأردنية تعمل على إنشاء وتطوير وإدارة المدن الصناعية على نطاق يشمل كافة محافظات المملكة بالمفهوم الشمولي لهذه المدن والذي يمزج ما بين توفير الخدمات الأساسية وخدمات البنية التحتية من مياه وكهرباء وطرق واتصالات وخدمات مساندة تمثل الداعم الرئيس للعمليات الإنتاجية الصناعية وتنويعها، منوهاً إلى أن عدد القطاعات الصناعية يبلغ حوالي 10 قطاعات رئيسية.

من جهته؛ أكد عبدالله محمد المزروعي، رئيس مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة أبوظبي، أن الشراكة تؤسس لمرحلة جديدة من النمو والازدهار، بما ينعكس إيجاباً على النمو الاقتصادي ومسيرة التنمية المستدامة لجميع الأطراف. كما تسهم في تعزيز الاستفادة من المزايا التنافسية والممكّنات التي توفرها للشركاء وبخاصة دولة الإمارات التي تتمتع ببنية تحتية وتشريعية متينة، نجحت في تحقيق نهضة صناعية شاملة وإنجازات غير مسبوقة لجذب الاستثمارات الصناعية ذات الأولوية وزيادة مساهمة القطاع الصناعي في الناتج المحلي الإجمالي الوطني.

وأضاف: أن الشراكة تعكس التزام دولة الإمارات بتعزيز التعاون مع جميع دول العالم تماشياً مع طموحات رؤيتها الرامية لتعزيز دور القطاع الصناعي وربطه بالتكنولوجيا المتقدمة، وفي هذا الإطار تحرص غرفة أبوظبي خلال الفترة القادمة على تعزيز الجهود الرامية إلى استكشاف فرص استثمارية جديدة وتقديم كافة أشكال الدعم لمجتمع الأعمال المحلي، فضلاً عن التعريف بالإمكانات الاقتصادية الصناعية الهائلة التي تتمتع بها الإمارة باعتبارها وجهة عالمية رائدة للمستثمرين والشركاء في مختلف القطاعات الحيوية وفي مقدمتها قطاع الصناعة.

من جانبه؛ قال المهندس فتحي الجغبير رئيس غرفتي صناعة الأردن وعمّان، إن الشراكة ذات أهمية كبيرة لإطلاق قدرات الصناعة في الدول المشتركة، حيث تمتلك كل من هذه الدول الأربع ميزات تنافسية صناعية فريدة يمكن البناء عليها لتحقيق تكامل صناعي وتحقيق مكاسب مشتركة تسهم في تنمية القطاع الصناعي في هذه الدول ويرفع تنافسيتها كما يمكنها من اختراق الأسواق العالمية وبما يعود بالمحصلة على تنمية اقتصادياتها الوطنية.

وأضاف الجغبير أن الشراكة تشكل فرصة مهمة لإنشاء صناعات تكاملية قائمة على أساس التميز والتنافسية في كل بلد، حيث تمتلك الدول الأربع مجموعة من الموارد والمزايا التنافسية الفريدة التي تشمل توفر المواد الأولية والخام، مثل موارد الطاقة في كل من الإمارات والبحرين والأراضي الزراعية الخصبة في مصر والمعادن في كل من مصر والأردن، لما لذلك من أهمية في خفض كلف الإنتاج وتعزيز تنافسية هذه الصناعات بالإضافة إلى تحقيق الأمن الاقتصادي والغذائي لها.

بدوره؛ قال المهندس سعيد غمران الرميثي الرئيس التنفيذي لمجموعة حديد الإمارات أركان: إن الشراكة الصناعية تأتي في صميم جهود دولة الإمارات الرامية إلى تطوير وتحفيز القطاع الصناعي والتي تتجلى في مستهدفات «مشروع 300 مليار» - الاستراتيجية الوطنية للصناعة والتكنولوجيا المتقدمة، وتشكل هذه الشراكة خطوة نوعية في مسيرة تحقيق التعاون والتكامل بين أربعة من أبرز الاقتصادات في المنطقة من خلال إقامة مشاريع صناعية ضخمة من شأنها المساهمة بفعالية في تسريع مسار التنمية المستدامة وزيادة الناتج المحلي الإجمالي وتنويع الاقتصاد، بالإضافة إلى خلق فرص عمل جديدة تعود على مجتمعاتنا العربية بالنفع.

جدير بالذكر أن مساهمة القطاع الصناعي في إجمالي الناتج المحلي الإجمالي للدول الأربع، تبلغ 30% من مساهمة قطاع الصناعة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وفي 2019 وصلت القيمة الإجمالية لصادراتها الصناعية إلى 65 مليار دولار فيما يبلغ إجمالي عدد السكان في هذه الدول 122 مليون نسمة يمثلون 27% من سكان منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا من بينهم 49% من الشباب دون سن 24 عاماً، بما يشكل ركيزة رئيسة لتحقيق تكامل صناعي عربي يحقق التنمية المستدامة والازدهار.

Email