جهاد أزعور لــ «سي إن إن»: دول الخليج تتعافى ومرشحة لمزيد من النمو العام المقبل

ت + ت - الحجم الطبيعي

أكد جهاد أزعور مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي، أن دول الخليج المصدرة للنفط، تمر بمرحلة من التعافي الاقتصادي الجيد، بفضل سرعة التلقيح التي ساهمت في الخروج من أزمة جائحة «كوفيد 19»، وتوقع أن يستمر هذا الزخم العام المقبل.

وأجرى أزعور مقابلة مع القسم العربي من شبكة «سي إن إن»، بمناسبة إصدار تحديث أكتوبر 2021، لسلسلة تقارير «آفاق الاقتصاد الإقليمي»، التي يُصدرها الصندوق بصفة دورية

وقال أزعور: «ثمة تحسن تشهده المنطقة في عام 2021، مقارنة مع الأزمة الكبيرة التي واجهت المنطقة في العام الماضي. وكمعدل وسطي، سترتفع مستويات النمو 4.2 % هذا العام، و4 % في عام 2022».

وأكد أزعور أن عودة النمو إلى ما قبل الجائحة، مرهونة بسرعة الإصلاحات، لكن ستستعيد بعض الدول الخليجية، ما خسرته في الجائحة خلال العام المقبل، كما ستبقى دول المنطقة ككل على المدى المتوسط، تقل بنسبة 2.5 % عن معدل النمو الذي سجلته قبل الأزمة.

وأشار أزعور إلى التفاوت الكبير بين الدول التي سارعت في اتخاذ الإجراءات الوقائية، كتأمين اللقاحات المُضادة للجائحة، واتخاذ سياسات اقتصادية، وكان لها الدور الأسرع في الخروج من الأزمة، مقارنة بالدول الأخرى في المنطقة، التي تواجه تحديات لعدم قدرتها على اتخاذ سياسات تساعدها في عملية النهوض، أو لا تزال تعاني من عدم قدرتها على التطعيم باللقاحات.

وأضاف أزعور: «يبقى العنصر الأهم، أن تتم عملية الخروج من الأزمة، بموازاة التحضير المستقبلي للتحول الاقتصادي الكبير، الذي من شأنه أن يعالج المشاكل الكبرى، كارتفاع مستويات الدين والبطالة، كما أنه يعالج التشوهات الاقتصادية، ويسهم برفع مستويات النمو، التي تبقى الأهم والأساس لتوافر فرص العمل، وأيضاً لتحسين المستوى المعيشي للمواطنين».

ولم تكن دول الخليج، بمنأى عن تداعيات أزمة جائحة «كوفيد 19»، حيث شهد اقتصادها انكماشاً في معدلات النمو العام الماضي. لكنها ستستفيد من تعافي الطلب العالمي، وارتفاع أسعار النفط، بحسب ما جاء في آخر تقرير للصندوق.

وقال أزعور: «على سبيل المثال، دول الخليج التي حققت مستويات مرتفعة من التطعيم، وصلت اليوم إلى مرحلة من التعافي الجيد، يضاف إلى ذلك، التطورات الاقتصادية التي شهدها هذا العام، وأهمها ارتفاع الأسعار والانتعاش الاقتصادي الذي أثر في الأسواق، وارتفاع أسعار النفط، التي تضاعفت، مقارنة عما كانت عليه مطلع العام».

نظرة أقرب على دول الخليج

تنقسم دول الخليج بين من يتمتع باحتياطات مرتفعة، مثل السعودية وقطر والإمارات والكويت، وتلك التي تملك احتياطات أقل، ونسبة ديون مرتفعة، مثل البحرين وعُمان، داعياً إياها إلى أن تكون أكثر دقة وحذراً.

وحول هذا الموضوع، قال أزعور: «رأينا أن عُمان في المرحلة الأخيرة، اتخذت مجموعة من الإجراءات لتحسين الوضع المالي العام، لمعالجة مشكلة العجز في الميزانية، إضافة إلى رفع مستوى الملاءة المالية العامة. مؤخراً، رأينا أن البحرين اتخذت مجموعة من الإجراءات لتحسين الأداء المالي، ومن الضروري الاستمرار بهذا المسار، الذي يسهم بتخفيف عبء الدين على الاقتصاد، ويستقطب الاستثمارات التي تذهب أكثر للقطاع الخاص، كما أنه يعزز القدرة على النهوض».

وأعاد الصندوق رفع توقعاته بشأن السعودية، أكبر اقتصاد في المنطقة، حيث من المتوقع أن ينتعش القطاع غير النفطي، ويصل إلى نمو بنسبة 4.7 % لهذا العام، وهو ارتفاع كبير، مقارنة بما كانت عليه الأوضاع الاقتصادية في العام الماضي. كما أن هذا المعدل، هو أعلى من توقعات الصندوق في أبريل، حين توقع بأن يبلغ نمو القطاع غير النفطي بنسبة 3.9 %.

وكان معدل النمو أكبر في القطاع غير النفطي من القطاع النفطي، نظراً لاتفاقية مجموعة «أوبك +»، التي حددت مستويات الإنتاج ومستويات التصدير.

وقال أزعور في هذا الإطار: «من المتوقع أن يكون هناك رفع تدريجي للقدرة الإنتاجية، وتصدير النفط السعودي، ما سيسهم باستمرار زخم عملية النهوض للعام المقبل، وهذا ما نراه أيضاً في دول أخرى في الخليج، حيث إن التوقعات الاقتصادية لهذا العام، أو التحسن الاقتصادي، كان نتيجة ارتفاع مستويات التطعيم، التي ساهمت في إعادة تنشيط الدورة الاقتصادية بشكل أكبر في هذه الدول».

واعتمدت السعودية استراتيجية تنويع اقتصادي، تتمثل برؤية 2030، بدأت نتائجها تظهر بالفعل، وفقاً لما أشار إليه أزعور، إذ قامت الحكومة باتخاذ «مجموعة من الإجراءات، التي وسعت رقعة مداخيل الدولة، كوضع ضريبة على القيمة المضافة، ووضع إجراءات أخرى، رفعت مستوى الإيرادات غير النفطية، وهذا عنصر مهم، إلى أن يتم فصل مسار المالية العامة ومسار سعر النفط».

واعتبر أزعور، أن قاطرة النمو الأساس في المستقبل بالسعودية ودول الخليج الأخرى، تبقى بيد القطاع الخاص، لتوسيع حجم الاقتصاد غير النفطي، الذي يؤمن مسيرة طويلة الأمد للنمو، بصرف النظر عن تقلبات أسعار النفط.

كما ساعدت الاستثمارات المتعلقة بالأحداث، مثل «إكسبو 2020 دبي»، واستضافة قطر لكأس العالم، في تنشيط الاقتصاد. ويبقى الأهم، زيادة حجم القطاع غير النفطي، كالاستثمار بقطاع التكنولوجيا، والقطاعات الصديقة للبيئة، التي توفر فرص العمل.

وأكد أزعور أن دول الخليج، مدعوة إلى النظر في عملية التحول الكبير، التي تشهدها أسواق الطاقة عالمياً، والتي تتطلب إجراءات بحاجة إلى سنوات، قائلاً: «بالطبع، هذا عمل يحتاج إلى الوقت، لذا، من الضروري الإسراع فيه».

Email