الخطوة أتاحت للمزارعين الاستفادة من القدرات المتاحة

إلغاء الدعم ينعش القطاع الزراعي في نيوزيلندا

ت + ت - الحجم الطبيعي

حققت الزراعة وتربية الحيوانات في نيوزيلندا نجاحاً كبيراً منذ أن ألغت الحكومة الدعم الزراعي للمزارعين، وهو الشيء الذي تخشاه كل الحكومات الأخرى وتعتبره سياسياً واقتصادياً أمرا مستحيلاً.

وقالت صحيفة «نيويورك تايمز» إن المزارعين تضرروا لكن ليس لفترة طويلة، والان لا تزال الزراعة هي شريان حياة الاقتصاد النيوزيلندي، حتى بعد إلغاء الدعم الزراعي منذ عام 1984، ولا يزال هناك اعداد متزايدة من الخراف والابقار، التي تمد البلاد بحاجتها من اللحوم والألبان والصوف، وأكبر مصدر لعائدات الصادرات أيضاً.ولا تزال غالبية المزارع مملوكة للعائلات، لكن دخولها ارتفعت كما ارتفع إنتاجها أيضاً.

وقال راي جولد برج استاذ الزراعة بكلية هارفارد للتجارة ان الامر كان قاسياً على اقتصاديات المزارعين، لكنهم خرجوا بعده أكثر قوة وصحة وأثبتوا انه من الممكن رفع الدعم الحكومي.

وقال مالكوم لومسدين صاحب مزرعة في نيوزيلندا ان الزراعة هناك أصبحت مهنة صعبة لكن المزارعين استفادوا كثيراً. وتعتمد الزراعة في نيوزيلندا على الحشائش، والابقار تحولها إلى البان، على عكس الوضع في أميركا وأوروبا حيث تعتمد تربية الحيوانات على الحبوب.

وليس المزارعون في نيوزيلندا هم الوحيدين الذين يقتنعون بان رفع الدعم هو فكرة جيدة، أو على الأقل تخفيضه. وتخفض استراليا الدعم الزراعي أيضاً، في الوقت الذي يكافح فيه خبراء الاقتصاد لإقناع أميركا برفع الدعم الزراعي بسبب فشل المحادثات حول حرية التجارة العالمية. ويعتبر الاقتصاديون أن نيوزيلندا واستراليا، مثالان يجب أن تحتذيها أميركا وأوروبا.

ويتفق خبراء الاقتصاد على أن الدعم التقليدي يشجع المزارعين الكسالى أو غير الأكفاء بصفة عامة على زراعة محاصيل غير مربحة أكثر من حاجة المستهلك لان الحكومة سوف تحميهم من الخسائر. لكن هذا الدعم يجعل الأمر صعباً جداً على المزارعين في الدول الفقيرة لأنهم لا يستطيعون منافسة المزارعين في الغرب. ويقول الخبراء ان رفع الدعم سوف يحرر أفضل المزارعين في كل مكان في العالم بحيث ينتجون ما يحتاجه المستهلك فعلاً.

ويقول تشارلي بيدرسون رئيس اتحاد مزارعي نيوزيلندا عندما لا يحصل المزارع على دعم لإنتاج ما لا يحتاجه المستهلك والسوق، لابد ان يبحث عما يريده هذان ولا ينتج غيره.

وهناك جدل حول ما يمكن أن تتعلمه أميركا من نيوزيلندا. فإن نيوزيلندا صغيرة ودعمها وتعريفتها الجمركية كانت قليلة، على عكس أميركا، التي يتم استهلاك غالبية انتاجها في السوق المحلية سواء كان من الألبان أو اللحوم أو الصوف، لكن نيوزيلندا تصدر جل إنتاجها.

وقال توم بويز رئيس اتحاد المزارعين الوطني في واشنطن ان هناك اختلافات كثيرة بين نيوزيلندا وأميركا، فالأولى تصدر إنتاجها وهذا عكس أميركا تماماً.وإذا حذت أميركا حذو نيوزيلندا سوف تسيطر شركات على غالبية المزارع لأن المزارعين الصغار سوف يفلسون.

ومهما كانت الاختلافات فإن استجابة صناعة الألبان في نيوزيلندا لرفع الدعم لابد أن تكون ملهمة للدول الأخرى. وقد ارتفع الإنتاج خمسة أضعاف في نيوزيلندا منذ إلغاء الدعم مما جعل البلاد تفيد من طفرة الطلب على منتجات الألبان من كل من الصين والهند.

واستطاع منتجو الألبان ومنتجاتها في نيوزيلندا الاستمرار بعد رفع الدعم باستغلال البيئة المتاحة لهم لأن هناك أراضي قابلة تصلح لزراعة الحبوب والمناخ معتدل في الشتاء ولا توجد حيوانات مفترسة في نيوزيلندا. ولذلك يستطيع المزارعون ترك ماشيتهم وأغنامهم في العراء طوال العام اللهم إلا من الأسوار القصيرة للسيطرة عليها.

وقال كيفين ودنج ان سبب نجاحنا أننا خففنا تكلفة الإنتاج، وهو السبب الرئيسي السابق لجمعية مربي الأبقار في نيوزيلندا. وأضاف انهم حافظوا على نظام الرعي على الحشائش. وقال ودنج ان المزارعين وفروا تكاليف الوقود الغالي لنقل العلف وقال مزارعون آخرون إن الرعي على الحشائش يؤدي إلى مواش ذات صحة أفضل.

وكانت نيوزيلندا قد طبقت الدعم بعد أن أصبحت غنية في مطلع القرن العشرين وليس من أجل حماية الزراعة لكن في إطار خطة لعزل المصنعين المحليين عن المنافسة العالمية. وعوضت المزارعين عن التعرفة الجمركية المرتفعة بالدعم. لكن الزراعة تشكل نسبة كبيرة من اقتصاد نيوزيلندا، وليست كنسبتها في الاقتصاد الأميركي بل قطاع الزراعة هو الأكبر والأهم في اقتصاد نيوزيلندا.

وقال جون بيسلي المسؤول التجاري السابق والآن باحث اقتصادي في معهد الأبحاث في ولنجتون من سيدفع هذا الدعم؟

ولاحظ المزارعون أنهم هم الذين سوف يدفعون الدعم واستجابوا لرفع الضرائب بتعظيم الدعم. وقال ودنج كانت الضرائب تعويضاً للحكومة عن الدعم الذي تدفعه. وبحلول الثمانينات خلق عدم توازن هذا النظام أزمة في المدفوعات للبلاد. وقررت حكومة ديفيد لانج تغيير هذا النظام إلى الاقتصاد الحر ورفع الدعم كان أولى الخطوات.

ترجمة: أشرف رفيق

Email